عرض مشاركة واحدة
قديم 02-08-2012, 09:59 AM   #1 (permalink)
بيت العائلة
عضو شبكة الدراما والمسرح
 
 العــضوية: 14703
تاريخ التسجيل: 04/04/2012
المشاركات: 187
الـجــنــس: أنثى

Arrow مذكرات أسير كويتي في المعتقلات العراقيه


الحمد لله وبعد …

فهذه قصتي مع الأسر أرويها لكم وسأجعلها على شكل حلقات

وهذه هي الحلقة الأولى

مذكرات أسير (1)

إرهاصات ومقدمات :

جريمة الإحتلال :-




كان إقدام العراق على احتلال الكويت جريمة هزت الضمير

والوجدان ، وشرخت جدار الأمة العربية والإسلامية المشروخ

أصلا ، لكن زادته تلك الفعلة النكراء تصدعا فوق تصدعه ، وكانت

فتنة جعلت الحليم حيران ، فبعد أن قام الشعب الكويتي في أواسط

الثمانينات بجميع فئاته ضد قرار مجرد رفع العلم الأمريكي فوق

ناقلات النفط الكويتية ، وجد الشعب الكويتي نفسه بعد ذلك بأربع

سنوات مضطرا لطلب المساعدة من دول كان يرفض بتاتا مجرد

رفع علمها على ناقلة نائية لا يعدو تأثير هذا الرفع عن أن يكون

معنويا في الظاهر إلا أنه كان يحمل في طياته سابقة خطيرة تفتح

الباب لتغلغل أكبر ومزاحمة للنفوذ بل وربما السيادة على الأرض

في الشئون المحلية والدولية ، ولذلك فطن الشعب الكويتي الواعي

ورفض ، لكنه مكر الليل والنهار والفتنة التي تجعل الحليم حيران

واليد التي في النار والتي تلومها الأيادي الباردة ، " وقد فصل

عليكم في الكتاب ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه " ذلك المكر

جعل من الشعب الكويتي يقلب موقفه مضطرا وهو يرى بأم عينه

ويلمس عيانا ضياع العرض والأرض والمال فكان أمام خطرٍ

محدق واقع في مقابل خطر متوقع ، فاختار الأمر الأقل مرارة

كالمضطر لأكل الميتة . وليس من إنسان شريف يعاين هتك عرضه

ونهب أرضه وقتل أهله وتعذيب ناسه وترويع ءامنيه ، ثم يجد من

يناصره لأي دافع كان إنساني ، مادي ، مصلحي ، …. ثم يرفض

نصرته ، خصوصا في شهود العالم كله على رفض الظلم المتحقق


،عدا القلة المخدوعة أو المتمصلحة على حساب العدل والحق .


قضيت سبعة أشهر وحدي دون أهلي :

بعد أسبوعين من الاحتلال البعثي البغيض ، بدأ دواء والدي ينفد ،

وأصبح شحيحا في الصيدليات ، إن تجده في هذه لا تجده في تلك ،

وهنا قرر الأهل الخروج إلى السعودية وقد اعتدنا أن نقول أن من

خرج أبان الاحتلال خرج معذورا ومن بقي بقي مأجورا ، كما قال

شيخ المرابطين الشيخ الدكتور جاسم الياسين ، وبقيتُ في البيت

وحدي ، طوال فترة الاحتلال ولم أخرج مع أهلي ، وكنت خلال

هذه الفترة أتردد على بيت عمتي جزاهم الله خيرا وكان يتابعني

على الدوام ويهتم بي العم النوخذة مقدم بحري عبدالله رحمه الله

( شايل همي ويقول أنت تحوس وايد) وقد تشاجر عدة مرات مع

العراقيين لمنعهم من سرقة سيارتي الجيب تويوتا فور رنر الذي

سرق أخيرا عندما خبأته في بيت المياس ، كما أقمت فترة عند

الأخ الصديق بوفهد الذي كان لوحده في البيت هو الآخر، بقيت في

الكويت ولم أخرج إذ كان لا بد من بقائي لأجل المساهمة في إدارة

العمل المدني ، ضمن حركة " المرابطون " وبالتحديد لجنة التكافل

، في منطقتنا ، وقد قمت خلال فترة الاحتلال بالسفر إلى بغداد أربع

مرات وذلك لزيارة أخي الأسير العقيد بالجيش . وكانت الزيارة

الخامسة الاضطرارية حيث أخذت أسيرا .

في طريق العودة من بغداد :

عُدت من زيارتي الرابعة لأخي من بغداد ليلة الخامس عشر من

يناير عام 1991 م حيث كانت المهلة الأخيرة للقوات العراقية

للإنسحاب من الكويت وإلا واجَهَت الحرب ، قام السيد أبو علاء

المدير السابق لأحد أفرع البنك الوطني وصديق الأخ الكبير أبو

أيمن وهو من العراقيين الشرفاء الذين أقاموا في الكويت مدة من

الزمن بحجز مقعدين في سيارة الجمس الخضراء التابعة للسفريات

كي نعود إلى الكويت وأرسل ولده معي إلى الكويت في هذا الوقت

الحرج جدا ، حيث كان من المتوقع نشوب الحرب بين ساعة

وضحاها ، وذلك ليقوم ابنه للبحث عن وساطة لدى مسئول عراقي

صديق قديم لوالده عليه فضل وعنده مكانة خاصة ، وكان هذا

المسئول قد تبوء منصبا في الكويت ، وذلك كي يقدم ما يستطيع

لابن عمي الأسير زكريا ، الذي لم يستطع أحدٌ زيارته ، من أجل أن

يرد بعض الجميل لصديقه القديم الذي دلني عليه ، في الطريق كان

معنا شخصان يتحدثان باللهجة الفلسطينية ، أحدهما فلسطيني

مقيم بالكويت في مدينة الأحمدي منذ الأربعينات جلس بجانبي في

الكرسي الخلفي، وجلس الثاني في الأمام بجانب السائق وهو

أمريكي من أصل فلسطيني وهو دكتور له عيادة خاصة وأخبرني

أنه يملك مزرعة في أمريكا مساحتها 2كم مربع ، وفي الخلف

جلس علاء.

في الطريق كنت والدكتور نتجاذب أطراف الحديث حول الأحداث ،

وأثناء حديثنا أخرج كاميرا فيديو من حقيبته ،

فبادرته قائلا : دكتور خبيء الكاميرا ، أما تدري أن من ضبط

ومعه كاميرا فمصيره الإعدام ،

فرد علي قائلا : أي إعدام ، أنا عندي عدم تعرّض موقع من

الرئيس صدام شخصيا ،

قلت له : دكتور الموضوع لا يحتمل المزاح ، لا تعرّضنا للمشاكل

، قال : ألا تصدّق

، وأخرج من جيبه ورقه أراني إياها ، وفيها ما مضمونه بأمر من

السيد رئيس الجمهورية يمنع التعرض لحامل هذه الورقة فلان

…. مراسل شبكة سي أن أن التلفزيونية … وفيها توقيع وختم

الرئيس العراقي .

خيّم الصمت للحظات وكأنها دقيقة حداد ، ثم سرحتُ مع نفسي

معاتبا : " يا سلام عليك وانت طايح له بالريّس من مساع وماخذ

راحتك " .

أفقت من سرحاني وانتبهت بعد برهة من غفلتي وشرود ذهني

على سؤال منه :

هل صدّقت الآن؟

قلت : نعم .

قال : هل رأيت

المقابلة مع الرئيس صدام يوم أمس ؟

قلت : نعم

قال : لقد ذكَرني

في حديثه أمس عندما سُئِل عن اتهام الجيش العراقي بسرقة

حاضنات الأطفال من المستشفيات وإخراج الأطفال الخدّج من

الحاضنات المشغولة وأخذها معهم .

قلت له : وهذا ما حصل

قال : كلا

قلت : إذن أنت مراسل السي أن أن الذي ذكره الرئيس في مقابلته

يوم أمس

وقال : إن مراسل السي أن أن الأمريكي هو

الذي نفى صحة هذا الكلام قبل أن ننفيه نحن ،

قال : نعم أنا هو .

قلت : وكيف نفيت هل تأكدت بنفسك؟

قال : نعم ، ذهبت إلى كل

مستشفيات الولادة في الكويت وسألتُ بنفسي الأطباء الكويتيين ،

دون غيرهم وهم أكدوا أن ذلك لم يحدث ،

قلت له : وبالطبع كان معك جنود عراقيون مدججون بالسلاح

قال : نعم هم يرافقونني في جولاتي لحمايتي

قلت : وهل تظن أنه وأمام الجنود المسلّحين سيجرؤ أحد أن يقول

كلمة سوء أو أي شيء ضد العراق ؟ هل هذا معقول ، وقتل

الإنسان عندهم أهون من قتل الدجاجة ؟

وقلت له : إنني رأيت الشيخ راشد الغنوشي التونسي وهو يدخل

فندق عشتار

شيراتون ببغداد وتوجهت إليه مباشرة لأبدي استغرابي من موقفه

ووقفته مع الظالم ضد المظلوم ، لكني وبعد دخوله مباشرة رأيت

الجنود المسلّحين يمشون خلفه فأعرضت عنه كأني لم أعرفه .

قال : لا لو كان الأمر قد حدث لأخبروني

وعندما هممت أن أكمل معه الحوار حول هذه النقطة غمزني ذلك

الأخ الذي كان يجلس بجانبي ونصحني عندما نزلنا في أحد

المحطات ألا أخوض معه وأن أحذر من السائق فغالبا ما يُجنّد

سُوّاق السفر من قبل المخابرات وأذكر أنه قال بلهجته العامية "

أنتِ شو عَرّفَك هاظا أبصَر أيش مخابرات والا مُصيبِة زركة " .

وقال الدكتور: أنه أول صحافي يُسمح له بدخول الكويت للتصوير

وذلك في شهر سبتمبر9 ، وبعدها قال الدكتور : إنه نصح المندوب

الكويتي في هيئة الأمم المتحدة في ضوء تجربته هو مع ضياع

قضية فلسطين ، وقال: قلت للمندوب الكويتي لا تكرروا غلطة

منظمة التحرير ، ودارت حوارات حول جوانب القضية من عدة

زوايا ، طلبت من الدكتور رقم تلفونه في أمريكا فأخرج الكرت

الخاص به وهم بإعطائي إياه ، لكنه تردد ثم في النهاية لم يعطني

إياه .

في أحد وقفاتنا لملء السيارة بالوقود رمقت بعيني لوحة على

مدرسة كُتب عليها بخط كبير هذه الجملة " إذا قال صدام قال

العراق " فذكرت قول فرعون " ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا

سبيل الرشاد " ، قريبا من البصرة توقفنا بجانب نسوة يبعن

السمك ، وما إن وقفنا حتى وجاءت بنتٌ إلى سائق السيارة

وقالت له : تتزوجني . بصيغة طلب ،

فأصيب السائق بإحراج شديد ونظر إلي وهو يُميل رأسه باليمين

بإيماءةٍ تشير إلى أنه لا ذنب له وأنه يستغرب هذا الكلام ، بدايةً لم

أستوعب كيف تعرض امرأةٌ الزواج على رجلٍ بهذه الطريقة وفي

هذا المكان ، فأخذت أُلِحُّ على الرجل أن يخبرني

ما الحكاية ؟

هل هي مجنونة ؟

هل هو يخدعها ويعدها بالزواج ؟

كونه يمر من هنا كثيرا ،

قال : كلا هؤلاء نسوة قُتِلَ

أزواجهن في الحرب مع إيران ، وهن يتاجرن ببيع السمك ،

وبزواج المتعة ، وأعرف أن هذا أمر حرام لكن ماذا أفعل ، عسى

الله أن يغفر لنا . الآن فهمت ، إنها كانت تعرض عليه زواج المتعة

، وأن الأخ " رايح راد " ،وأشار إلى شبرة على الطريق تقام فيها

هذه الزيجات المؤقتة التي هي زنا صريح ودعارة بمسمى الزواج

، ومن يطلع على كتاب الدكتورة شهلا الحائري يعرف كيف هو

الفساد باسم المتعة . نصحتُه فأظهر القبول ، قاتل الله المفسدين

في الأرض " .

وصلت إلى الكويت وذهبت لأقيم عند خالي الذي كان يُحضّر

الدكتوراه آنذاك وأتلف العراقيون مختبرات أبحاثه ، وحرقوا

أوراق بحوثه ، ضمن ما أحرقوه وأتلفوه بشكل متعمّد ، أقمت

عنده وما هي إلا ليلة والتي تليها إذا بالحرب الجوية تبدأ ، وبقيت

عنده مع خالي الآخر وعديل خالي الأخ بويوسف ، حيث كانت

مدرسةً علمية تربوية إداريةً ، تبادلنا فيها خبراتنا ، كلّ في مجال

تخصصه ، وقبل المعركة البرية والتحرير بثلاثة أيام وبالتحديد

يوم الخميس جاءني أخي بوعمر الخليفي الذي كان معي عند

دخولي للكعبة المشرفة ،

وقال : نريدك أن تخطب الجمعة عندنا غداً أيضاً ،

قال : فوافقتُ ،

وكنتُ قد خطبت الجمعة الماضية في مسجدهم

ودعوتُ في قنوت النوازل بالدعاء الذي اشتهر أثناء تلك الأزمة "

اللهم ارم الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بين أيديهم سالمين " .

ماذا حدث ليلة الجمعة ؟

كيف اعتقلوني وأنا في طريقي لإلقاء خطبة الجمعة ؟


في المخفر . سجن الأحداث في الفردوس .


هذا ما سنعرفه في الحلقة القادمة .

 

 

بيت العائلة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 
7 9 244 247 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 289 290 291 292