المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : توفيق الحكيم ( عدو المرأة )


نوره عبدالرحمن "سما"
13-04-2010, 03:52 PM
توفيق الحكيم


http://img102.herosh.com/2010/04/13/825105176.jpg

توفيق الحكيم ( عدو المرأة ) و هو صاحب هذه المقولة الشهيرة( إن عقل المرأة إذا ذبل ومات فقد ذبل عقل الأمة كلها ومات )

عجيب هذا الكاتب في مسرحياته الحقيقية جاءتني الحماسة الشديدة و أخذني شغفي بكتابة هذا الكاتب الذي عرف بأنه ( عدو المرأة ) أردت من مبحثي هذا أن أتبين من حقيقة المرأة في نظر كا تبنا هذا و سبب هذه النظرة .

بداية كاتبنا يعد أحد الرواد القلائل للرواية العربي و الكتابة المسرحية في العصر الحديث ، فهو من أحد العلامات البارزة في حياتنا الأدبية و الفكرية والثقافية في العالم العربي ، و قد امتد تأثيره لأجيال متعاقبة من الأدباء و المبدعين ، و هو أيضا رائد للمسرح الذهني و مؤسس هذا الفن المسرحي الجديد .
وهو ما جعله يعد واحدا من المؤسسين الحقيقين لفن الكتابة المسرحية ، ليس على مستوى الوطن العربي فحس و إنما أيضا على المستوى العالمي.

ولد توفيق الحكيم بضاحية الرمل بمدينة الاسكندرية عام ( 1898 ) لأب من أصل ريفي و أم من أصل تركي كانت ابنة لأحد الضباط الأتراك المتقاعدين .

عاش توفيق الحكيم في جو مترف ، حيث حرصت أمه على أن يأخذ الطابع الارستقراطي و من هنا تبدأ قصته مع المرأة و قسوة والدته وقد سعت منذ اللحظة الأولى إلى أن تكون حياة بيتها مصطبغة باللون التركي ، و ساعدها على ذلك زوجها ( والده) .
في هذا الجو المترف تعلقت نفس كاتبنا بالفنون الجميلة و خاصة الموسيقى، و كان قريبا إلى العزلة ، فأحب القراءة و بخاصة الأدب و الشعر و التاريخ ..قرر والده أن يلحقه بالمدرسة الثانوية فأراد أن يلحقه مع أعمامه بالقاهرة وعارضت والدته في البداية لكنها مالبثت إلا أن كفت عن معارضتها هذه بعد حين .

وقف الحكيم في شبابه موقفا سلبيا و رجعيا تجاه المرأة و تحررها ، إذ عدها رمزا لكل ما هو مادي و أرضي في الحياة و رأى فيها لهذا السبب عدوا خطيرا للفنان و العبقري و ذلك لأنها تحول بين الفنان و بين الإنتاج الفني الرفيع و لعل هذا الموقف من المرأة يعود إلى فشل تجاربه الأولى مع المرأة و قد جعل الحكيم هذا الموقف من المرأة سلسلة من المسرحيات و المؤلفات بدأها بمسرحية ( المرأة الجديدة ) في عام 1923م ففي هذه المسرحية يشن الحكيم هجوما ضاريا على المرأة و يقلل من دورها في الحياة و من نهضتها و تحررها و يرى أن في ذلك خطرا على كيان الأسرة و المجتمع و أن الاختلاط بين الجنسين يزعزع الحياة الزوجية ففي المسرحية نلتقي بسيدة متزوجة تدعى ( نعمت ) و فتاة تدعى ( ليلى ) و هما من المتحمسات لمبدأ تحرر و نهضة المرأة و نرى الأولى تتخلى بسهولة عن زوجها و تصادق رجلا آخر و الثانية لا تعترف بالزواج و إنما تنشد الصداقة بين الرجل والمرأة و تمر الاثنتان بسلسلة من المواقف الكوميدية التي يسخر فيها الحكيم من سلوك و فلسفة هاتين المرأتين المعتنقتين لمبدأ التحرر للمرأة و يعلن بانفعال أن تحرر المرأة كارثة كبرى على الأسرة و المجتمع .
بينما تجد في مسرحية ( الجنس اللطيف ) في عام 1935ثلاث نساء متحررات الأولى طيارة و الثانية محامية والثالثة صحفية يحملن قسرا زوج الطيارة على الطيران مع زوجته وواضح أن الحكيم يصور في المسرحية أيضا النتائج الوخيمة التي تنجم عن تحرر المرأة كالعبث بمصير الرجل و حمله على ما يكره .
و لا أظن أني هنا بحاجة إلى مناقشة مثل هذه الأفكار الرجعية المتعلقة بالمرأة و حسبي أن أقول بأن الأيام أثبتت و بجلاء بطلان مثل هذه الأفكار الاجتماعية و أصبح دور المرأة بارزا في المجتمع و لانغفل دور الإسلام في التعريف بحقوق المرأة و مكانتها ( و المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر) و نبينا الكريم ما زال يستوصي في النساء حتى قبيل وفاته ( استوصوا في النساء خيرا ) (ما أكرمهن إلا كريم و ما أهانهن غير لئيم ) (النساء شقائق الرجال ) فلا يعقل أن شق ينهض دون الشق الآخر ينهضان معاو سويا في تكامل و تعاون نحو النهضة و ارتقاء سلم الحضارة و العطاء .
و كل هذا الكلام نعرفه ولا أحد فينا يجهله لكن ما يهمنها ومن ناحية أخرى نجد أن للحكيم موقفاً آخر من المرأة هو نقيض الموقف الأول أعني الموقف الذي يتجسد فيه الإعتراف بدور المرأة الإيجابي في الحياة وإعتبارها المصدر الأول للإلهام الفني بالنسبة للفنان غير أن الموقف يبدو شأنه شأن الموقف الأول موقفاً مثالياً لايستند إلى أسس واقعية وموضوعية فمسرحية (( الخروج من الجنة )) تدور حو ل إمرأة من طراز غريب جداً يكاد لايكون لها وجود في الواقع، امرأة تعيش بكل حب ووئام مع زوجها الفنان إلا أنها تلجأ إلى اسلوب غريب وشاذ لجعل زوجها يبدع في الفن إذ تكتم حبها لزوجها وتتظاهر أمامه بأنها لم تعد تحبه وذلك حتى يكتوي الزوج بنار الألم فيكون ذلك حافزاً له على الإبداع عملاً بالمقولة القائلة: (( لاشيئ يجعلنا عظماء غير ألم عظيم )). ثم لاتكتفي الزوجة بكتمان حبها عن زوجها وإنما يصل بها الأمر إلى مطالبته بالطلاق وفعلاً تحصل على ما تريد وانذاك يحزن الزوج حزنا عميقاً ثم يصبح فناناً تطبق شهرته الأفاق بفضل هذه المرأة لاعن طريق حضورها وإنما عن طريق غيابها.


وواضح أن مثل هذه الشخصية النسائية غير واقعية ومستحيلة الوجود إذ كيف يمكن أن تضحي المرأة بالواقع الحي على الأرض بفرح الحياة لحساب سماء تتصور به من أجل مطلق قد لايكون له وجود على الإطلاق وحتى الحكيم يعترف بهذه الحقيقة قائلا: (هذه المرأة العجيبة بطلة هذه القصة من صنع خيالي ولكم اتمنى لو توجد حقيقة ولو ألقاها يوما وجه لوجه لأني واثق أنها موجودة في الحياة على نحو ما).
وقد يتساءل أحدنا ..ترى ألم يغير الحكيم بمرور الزمن شي من أفكاره ومواقفه هذه ..والجواب نجده عند الحكيم نفسه، فعندما وجه إليه في مقابلة صحفية عام 1957 هذا السؤال : ما مدي ارتباطك اليوم بالأراء التي سبق وأن وافقت عنها في مسرحياتك ومقالاتك حول المرأة والفن والحياة وغيرها من القضايا الفنية والاجتماعية؟
كان جوابه : ) لم يطرا تغيير يذكر على أرائي السابقة في المرأة والفن والحياة والقضايا الاجتماعية لأن الظروف والأحداث لم تناقض تلك الأراء إلا في القليل) .
ثمة مسرحيات كتبها الحكيم بعد 23 يوليو تبدو فيها مواقف ايجابية وتقدمية حول المراة مثل مسرحية ايزيس وشمس النهار وغيرها غير اننا لا نستطيع ان نعد هذه المسرحيات مسرحيات صادقة تمثل حقيقة مواقف الحكيم وذلك لان الحكيم حسب اعترافه لم يكتب هذه المسرحيات الا ليرضي ضميره الانساني ويساهم بنصيبه في ضريبة المجتمع ويمكن أن نقول أيضا بأن الحكيم كتب هذه المسرحيات ليجاري التيار بعد ثورة 23 يوليو اعني انه كتب مثل هذه المسرحيات في عهد سادت فيه نظرية الأدب الملتزم وأدب الواقعية الاشتراكية .


وبعد هذا كله أجد مقوله رائعة هنا لـ (العماد الاصفهاني):

(اني رأيت أنه لا يكتب إنسان كتابا في يومه إلا قال في غده؛ لو غير هذا لكان هذا أحسن، ولو زيد هذا لكان يستحسن ولو قدم هذا لكان أفضل ولو ترك هذا لكان أجمل؛ وهو من أعظم العبر وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر).

رائع جدا و لمن على رغبة في الاطلاع و التوسع أكثر حول كاتبنا ( توفيق الحكيم ) نبذة عن حياته ، مسرحياته... هذا الرابط فريدا و اعتمدت عليه في مبحثنا هذا ...و هو بحث متكامل أعده إضافة لأدبنا العربي
http://www.brob.org/bohoth/bohoth/bohoth062.htm

طبتم و طاب يومكم ..مع أصدق المنى و أعطرها