المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فن الهجاء


نوره عبدالرحمن "سما"
11-06-2010, 02:23 AM
مرحبا أحبتي ،،اليوم أتيت لكم بفن الهجاء وهو فن الإبتسامة والضحك

كما يقول جرير في وصيته: (( إذا هجوت فأضحك )).




الهجــــــاء


وهو ضد المدح، وكلما كثرت أضداد المديح في الشعر كان أهجى؛ وعندما أتحدث عن الهجاء كفن فلا أقصد به ذلك السباب والشتم الذي لا يتعدى أن يكون ركيكاً منحطاً بل أقصد به " هجاء الأشراف " وذلك بسلب فضائلهم دون الغوص في أمور الله المستعان بها.

أ- في العصر الجاهلي:

تولّد الهجاء في الشعر نظراً لطبيعة البشر فهناك الصالح والطالح منهم والإنسان مبني على الفطرة وهو أن ينظر للناس أول الأمر على أنهم مكتملوا الأخلاق من كرم وشجاعة وفصاحة وغيرها حتى إذا ما تعرف على الرجل أو القوم وصدم بالضد من ذلك سنَّ سلاح اللسان إما ناصحاً أو هاجياً من أجل النصيحة أو هاجياً ليشفي غليله منهم خاصة عند توفر مواقف لهم عنده؛ وإذا نظرنا لمن عاش متاحترمباً على المديح فإننا نجده غالباً يهجو من لا يجد منه أعطيه، ولعل هذا يذكرنا بأشهر الهجائين في هذا العصر وهو طرفة بن العبد الذي قُتل بسبب هجائه الملك عمرو بن هند بحجة أنه لم يجد منه الخير والمال كما كان ينتظر. وغير طرفة كثير أبرزهم الأعشى الذي يكرمه الناس خوفاً من هجائه ولم يكن زهير بن أبي سلمى بأقل شأناً من الأعشى في هذا الفن وإن كنت أرجح زهير على الأعشى في فن الهجاء لأن هجاء الأعشى صريحاً قبيحاً أما هجاء زهير بليغ خطير.

ب- في العصر الإسلامي والأموي:


برز في هذا العصر الهجاء بصورة غير معهودة وأصبح طاغياً على المديح بصورة كبيرة خاصة في العصر الأموي، فإذا بحثنا في العصر الإسلامي وجدنا الحطيئة وهو الذي إذا لم يجد أحداً أخذ بهجاء أمه وأبيه وأقربائه بل وحتى نفسه ولو نظرنا لأحد أهاجيه لوجدنا مدى تفصيله للخصلة التي يذمها وكأنه قد سَعِدَ بإكتشافها وهذا يبيّن مدى وحدته في هذا المجال أيام عصره.
أما العهد الأموي فقد برز الثلاثي الخطير (( جرير والفرزدق والأخطل )) دون غيرهم رغم أن العديد من الشعراء قد اتخذ هذا الفن فنه الأوحد؛ ولعل ظهور الخلافة الأموية هو ما شجعهم على ذلك فهم يشغلون الناس عن ما يدور حولهم ويزيدون في النعرات القبلية لزيادة تمسكهم بالحكم وهو ما تم وهذا ما يفسِّر إغراق مجالس الخلفاء الأمويين بتلك القصائد الهجائية المدوية.

ج- في العصر العباسي وما تلاه:

برز هجائين كثر هنا وقد سلكوا مسالك غريبة في الهجاء وطريقة إلقائه. فبشار بن برد كان إذا غضب وأراد أن يقول هجاءاً صفّق بيديه وبصق عن يمينه وعن شماله. كذلك لا ننسى هنا دعبل الخزاعي والذي يلقّب بـ"هجّاء الملوك" فكلما تولى خليفة الحكم أرسل له عوضاً عن التهنئة هجاءاً بدءاً بالأمين ومن ثم المأمون وهو يقول عن نفسه: (( أحمل خشبة منذ كذا سنة لا أجد من يصلبني عليها )) حتى بدأ بهجاء المعتصم فصلبه المعتصم على خشبته. كذلك ابن الرومي قتله الهجاء وقد أجاد فيه. وابن بسام كان يهجو أهله وأقاربه كالحطيئة، وابن الحجاج والذي يلقب " بخبيث العراق ". وفي القرن السادس ظهر أبو القاسم الشميشي الأندلسي ولم يكتفي بهجاء الناس بل جمع هجاءه في ديوان سماه (( شفاء الأمراض في أخذ الأعراض ))، وفي القرن السابع كان علي بن حزمون هجَّاء المغرب وعاصره ابن عينين هجّاء مصر وله ديوانه (( مقراض الأعراض )).
أما في عصرنا الحديث فقد ندر الهجاء بشكل كبير عدا بعض المحاولات التي كانت بين شوقي وحافظ. وربما كانت بعض ألوان الشعر السياسي والإجتماعي التي تهاجم الأوضاع السياسية والإجتماعية قد حلت محل شعر الهجاء بمفهومه القديم.



مقياس الهجاء:

يختلف قياس الهجاء بحسب الهاجي والمهجو ومدى ما كان بينهما. وفي ذلك عدة أنواع:


أ- الهجاء المقذع: وهو ذكر فضائل وسلب أخرى، وهذا له وقعه النفسي على المهجو أشد من غيره كقول الشاعر:
وكـاثــــر بـسـعـدٍ إن سـعـداً كـثـيـرةٌ ــــــــــ ولا تبغ ِ من سعدٍ وفاءً ولا نصرا
يروعك من سعد بن عمرٍو جسومها ــــــــــ وتـرهـد فـيـهـا حـيـن تقتلها خبرا
فقد مدح الشاعر هنا قبيلة سعد بن عمرو بفضيلتين عاديتين هما كثرة العدد وعظم الأجسام، ثم عاد وسلب منهم الفضائل الأجمل والأفخر وهي عدم الوفاء وعدم النصرة ومن ثم أن ليس لهم من الأجسام إلا صوراً وعندما تقاتلهم على أنهم رجال شجعان تجد عاحترم ذلك بل وتلوم نفسك على أنك قتلت أمثالهم.
ب- خير الهجاء: هو ما تنشده المرأة العذراء ولا يقبُح بمثلها قوله. كقول جرير:
لو أن تغلب جمَّعت أحسابها ــــــــــ يوم التفاخر لم تـَزن مِثقالا
ج- أشد الهجاء: ما كان بالتفضيل؛ لما فيه من إشعار للمهجو بأنه أقل من قوم معينين. وهذا يشعر المهجو بقمة الإنحطاط والسخرية ويوقع في النفس الأذى. كقول جرير أيضاً:
فغضَّ الطرف إنك من نمير ٍ ـــــــــ فلا كعباً بلغتَ ولا كلابا
يقول أبو عبيدة في شدة تأثير هذا البيت: (( صار الرجل من بني نمير إذا قيل له: ممن الرجل؟ قال: من بني عامر !! ))
كذلك قول الشاعر:
لشتان ما بين اليزيدين في الندى ــــــــــ يزيد سُليم والأغرُّ بن سالم
فَهَمُّ الفتى الأزدي إتلاف ماله ــــــــــ وهَمُّ الفتى القيسي جمع الدراهم
فالأول كريم والآخر بخيل.
د- أعف الهجاء: ما كان أصدقه. وهو من أقوى أساليب الهجاء أيضاً؛ لأن الشاعر عندما يذيع ما رآه من نقص في المهجو للناس فإنه يخيَّل للمهجو أن جميع الناس يصدقون الشاعر فيما قاله وفيما سيقوله عنه وهذا أشد إيلاماً له.
هـ- أبلغ الهجاء: هو ما جمع بين التصريح والتلويح وما قربت معانيه وسهل حفظه. كقول زهير في هجاء " آل حصن ":

وما أدري وسوف أخال أدري ــــــــــ أقوم آل حِصن ٍ أم نساءُ

وقول جرير في قبيلة " تيم ":

فإنك لو رأيت عبيدَ تيم ٍ ــــــــــ وتمياً، قلتَ: أيهم العبيد؟!

وقول شوقي في هجاء حافظ إبراهيم:


ولقد أودعت إنساناً وكلباً وديعة ــــــــــ فضيَّعها الإنسان والكلب " حافظ ُ"
و- جميل الهجاء: هو ما أصاب الغرض المقصود به مع الإيجاز. كقوله:
لو اطلع الغرابُ على تميم ــــــــــ وما فيها من السوءاتِ شابا

ومن جميل الهجاء طريقة الإجمال أيضاً. كقول الشاعر:

وإذا تسرُّك من تميم ٍ خصلةٌ ـــــــــــ فما يسوءك من تميم ٍ أكثرُ

ز- سكين الهجاء: هو ما كان احتقاراً واستصغاراً صرفاً كقول جرير في تيم أيضاً:


ويُقضى الأمرُ حين تغيب تيمٌ ــــــــــ ولا يُستأذنون وهم شهودُ






للاستزادة


كتاب - نقد الشعر لقدامة بن جعفر متوافر على :

http://www.islamicbook.ws/adab/nqd-alshar.html

و أيضا

http://arabdream.2forum.biz/montada-f12/topic-t64.htm