المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عفتِ الديارُ محلُّها فمُقامُهَا ( معلقة ) لبيد بن ربيعة العامري


نوره عبدالرحمن "سما"
28-06-2010, 06:39 PM
::: عفتِ الديارُ محلُّها فمُقامُهَا :::


( معلقة )



بمنًى تأبَّدَ غَوْلُها فَرِجَامُهَا عفتِ الديارُ محلُّها فمُقامُهَا


خلقاً كما ضَمِنَ الوُحِيَّ سِلامُها فمدافعُ الرَّيَّانِ عرِّيَ رسْمُها

حِجَجٌ خَلَوْنَ حَلالُهَا وحَرَامُهَا دمِنٌ تَجَرَّمَ بعدَ عَهْدِ أنِيسِهَا

ودقُ الرواعدِ جوْدُهَا فرهامُها رزقَتْ مرابيعَ النُّجومِ وصابَهَا

وعشيَّة ٍ متجاوبٍ إرْزامُهَا منْ كلِّ سَارِيَة ٍ وغادٍ مُدْجِنٍ

بالجلهتين ظباؤهَا ونعامُها فَعَلا فُرُوعُ الأيْهُقَانِ وَأطْفَلَتْ

عُوذاً تَأجَّلُ بالفضَاءِ بِهَامُها والعينُ ساكِنة ٌ على أطْلائِها

ربرٌ تجِدُّ متونَها أقْلامُها وجَلا السُّيولُ عن الطّلُولِ كأنّها

كففاً تعرَّضَ فوقَهنَّ وشامُها أوْ رَجْعُ واشِمة ٍ أُسِفَّ نَؤورُهَا

صُمّاً خوالدَ ما يُبينُ كلامُها فوقفتُ أسْألُهَا ، وكيفَ سُؤالُنَا

منها وَغُودرَ نُؤيُهَا وَثُمَامُها عرِيتْ وكان بها الجميعُ فأبكرُوا

فتكنَّسُوا قُطُناً تَصِرُّ خِيَامُها شاقتكَ ظُعْنُ الحيِّ حينَ تحمّلُوا

زوْجٌ عليه كلَّة ٌ وفرامُهَا من كلِّ مَحْفُوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّهُ

وظِباءَ وجرَة َ عُطَّفاً آرَامُهَا زُجَلاً كأنَّ نِعَاجَ تُوضِحَ فَوْقَهَا

أجْزَاعُ بِيشة َ أثْلُهَا وَرُضَامُهَا حُفِزَتْ وَزَايَلَهَا السَّرَابُ كأنها

وَتَقَطَّعَتْ أسْبَابُهَا وَرِمَامُهَا بلْ ما تذكرُ منْ نوارَ وقد نأتْ

أهْلَ الحِجَازِ فأيْنَ مِنْكَ مَرَامُهَا مُرِّيَّة ٌ حَلَّتْ بِفَيْدَ وَجَاوَرَتْ

فَتَضَمَّنَتْهَا فَرْدَة ٌ فَرُخَامُهَا بمشارقِ الجبلين أو بِمُحَجَّرٍ

فيها وحافُ القَهْرِ أوْ طِلْخامُهَا فَصُوَائقٌ إنْ أيْمَنَتْ فَمَظِنَّة ٌ

ولَشرُّ واصلِ خُلَّة ٍ صَرَّامُها فاقطعْ لُبانَة َ مَنْ تَعَرَّضَ وَصْلُهُ

باقٍ إذا ضلعَتْ وزاغَ قوامُهَا واحبُ المُجَامِلَ بالجزيلِ وصرمُهُ

منها فأحنقَ صُلْبُها وسنامُها بِطَليحِ أسْفَارٍ تَرَكْنَ بقيَّة ً

وتَقَطَّعَتْ بعد الكَلالِ خِدَامُهَا وإذا تغالى لحمُها وتحسَّرتْ

صهباءُ خَفَّ مع الجنوبِ جَهَامُها فلها هبابٌ في الزِّمامِ كأنَّها

طَرْدُ الفُحول وَضَرْبُهَا وَكِدَامُهَا أو ملمِعٌ وسقَتْ لأحقبَ لاحَهُ

قَد رابَهُ عصيانُهَا ووحَامُها يعلوُ بها حدبُ الإكامِ مسحَّجٌ

قَفْر المَرَاقِبِ خَوْفُهَا آرامُهَا بأحِزَّة ِ الثَّلَبُوتِ يَرْبَأُ فَوْقَهَا

جَزءاً فطالَ صِيامُهُ وَصِيَامُها حتى إذا سَلَخَا جُمَادَى ستَّة ً

حصدٍ، ونجحُ صريمة ٍ إبرامُهَا رَجَعَا بأمرهما إلى ذي مِرَّة ٍ

ريحُ المصايِفِ سَوْمُهَا وسِهامُهَا ورمى دوابرَهَا السَّفَا وتهيَّجَتْ

كدخانِ مُشْعَلة ٍ يُشَبُّ ضِرَامُهَا فتنازعا سَبِطاً يطيرُ ظلالُهُ

كَدُخَانِ نارٍ سَاطِعٍ أسْنَامُها مشمُولة ٍ غلِثَتْ بنابتِ عرْفَجٍ

منه إذا هِيَ عَرَّدَتْ إقدامُها فمضى وَقَدَّمَهَا وكانتْ عادة ً

مسجورة ً متجاوراً قُلاَّمُهَا فتوسَّطا عرضَ السَّريَّ وصدَّعا

مِنه مُصَرَّعُ غَابة ٍ وقِيامُها محفوفة ً وسطَ اليراعِ يُظِلُّها

خذلتْ وهادية ُ الصِّوارِ قِوَامُها أفَتِلْكَ أم وحْشِيَّة ٌ مسبوعَة ٌ

عرضَ الشَّقائِقِ طوفُها وبغامُها خَنْساءُ ضَيَّعَتِ الفَريرَ فلمْ يَرِمْ

غُبْسٌ كواسِبُ لا يُمَنُّ طَعَامُها لِمُعَفَّرٍ قَهْدٍ تَنَازَعَ شِلْوَهُ

إنَّ المنايا لا تطيشُ سهامُهَا صَادَفْنَ منها غِرَّة ً فَأصَبْنَهَا

يروِي الخمائلَ دائماً تسجامُها باتَتْ وَأسْبَلَ واكفٌ من ديمة ٍ

في ليلة ٍ كَفَرَ النُّجومَ غَمَامُهَا يعدُو طريقة َ متنِهَا متواتِرٌ

بعجوبِ أنْقاءٍ يميلُ هُيَامُها تجتافُ أصْلاً قالِصاً متنبّذاً

كجمانَة ِ البحريِّ سُلَّ نظامُها وتُضيءُ في وَجْهِ الظلام مُنِيرة ً

بكرتْ تزلُّ عن الثَّرَى أزْلامُها حتى إذا انحسَرَ الظلامُ وَأسْفَرَتْ

سَبْعاً تُؤاماً كاملاً أيَّامُها عَلِهَتْ تَرّدَّدُ في نِهاءِ صَعَائِدٍ

لم يُبلهِ إرْضاعُها وفِطَامُها حتى إذا يَئسَتْ وأسْحَقَ حَالِقٌ

عن ظهرِ غَيْبٍ، والأنيسُ سَقَامُها وتوجسَّتْ رزَّ الأنيسِ فَرَاعَها

مَولى المخافة خلفُها وأمامُها فَغَدَتْ كلا الفَرجَينِ تَحْسَبُ أنَّهُ

غضفاً دواجنَ قافلاً أعْصامُها حتى إذا يئسَ الرُّماة ُ وأرْسَلُوا

كالسَّمهريَّة ِ حَدَّهَا وتَمَامُهَا فَلَحِقْنَ واعتكرتْ لها مَدْرِيَّة ٌ

أن قد أحمَّ مع الحتوفِ حمامُها لِتذَودَهُنَّ وَأيقنتْ إن لم تَذُدْ

بدمٍ وغودرَ في المَكَرِّ سُخَامُها فتقصدَتْ منها كَسابِ فضُرِّجتْ

واجتابَ أردية َ السَّرَابِ إكامُها فبتلْكَ إذْ رقَصَ اللوامعُ بالضُّحى

أو أن يلومَ بحاجة ٍ لُوَّامُهَا أقضي اللُّبانة َ لا أفرِّطُ ريبة ً

وَصَّالُ عَقْدِ حَبَائِلٍ جَذَّامُها أوَلم تكنْ تدري نَوَارُ بأنَّني

أوْ يعتلقْ بعضَ النفوسِ حِمامُها تَرَّاكُ أمكنة ٍ إذا لم أرْضَهَا

طَلْقٍ لذيذٍ لَهْوُها ونِدَامُها بل أنتِ لا تدرين كم مِنْ ليلة ٍ

وافيتُ إذ رُفِعَتْ وَعَزَّ مُدَامُها قَد بِتُّ سامِرَها، وغَاية تاجرٍ

أو جَوْنَة ٍ قُدِحَتْ وفُضَّ خِتامُها أُغْلي السِّباءَ بكلِّ أدْكَنَ عاتقٍ

بموَتَّرٍ تأتالُهُ إبهامُهَا بصَبوحِ صافية ٍ وجذبِ كرينة ٍ

لأعَلَّ منها حينَ هبّ نيامُها بادرتُ حاجتَها الدّجاجَ بسحرَة ٍ

إذ أصْبَحَتْ بيدِ الشَّمالِ زمامُها وغداة ِ ريحٍ قَدْ وزعتُ وَقَرَّة ٍ

فرطٌ، وشاحي إذْ غدوتُ لجامُها ولقَد حميْتُ الحيَّ تحملُ شِكَّتي

حَرِجٍ إلى أعلامِهِنَّ قَتَامُها فعَلوتُ مرتقباً عَلى ذي هَبْوَة ٍ

وَأجَنَّ عَوْرَاتِ الثُّغُورِ ظَلامُها حتى إذا ألْقَتْ يداً في كافرٍ

جَرْدَاءَ يَحْصَرُ دونها جُرَّامُها أسْهلْتُ وانتصَبتْ كجذع منيفَة ٍ

حتى إذا سَخِنَتْ وَخَفَّ عظامُها رَفَّعْتُهَا طَرَدَ النَّعامِ وَشَلَّهُ

وابتلَّ من زَبَدِ الحمِيمِ حِزَامُهَا قَلِقَتْ رِحَالَتُهَا وَأسْبَلَ نَحْرُهَا

وِرْدَ الحمَامة إذ أجَدَّ حَمَامُها تَرْقَى وَتَطَعْنُ في العِنَانِ وتَنْتَحي

ترجَى نوافِلُها ويخْشَى ذامُها وكثيرة ٍ غُرَباؤهَا مَجْهُولَة ٍ

جنُّ البديِّ رواسياً أقدامُها غُلْبٌ تَشَذَّرُ بالذُّحُولِ كأنَّهَا

عندي، ولم يَفْخَرْ عليَّ كرامُها أنكرتُ باطلَها وَبُؤْتُ بحقِّها

بِمَغَالِقٍ مُتَشَابهٍ أجسامُها وَجزَورِ أيْسَارٍ دَعَوْتُ لحتفِها

بذلَتْ لجيرانِ الجميعِ لحامُها أدعُو بهنَّ لعاقِرِ أوْ مطفِلٍ

هبَطَا تبالَة َ مخصِباً أهْضَامُها فالضيفُ والجارُ الجنيبُ كأنّما

مِثْلُ البَلِيّة ِ قَالصٌ أهدَامُها تأوِي إلى الأطْنابِ كلُّ رذيَّة ٍ

خُلُجاً تمدُّ شوارعاً أيْتَامُها ويكلّلُونَ إذا الرياحُ تناوحَتْ

منّا لِزَازُ عظيمة ٍ جَشّامُها إنّا إذا التقتِ المجَامِعُ لم يَزَلْ

وَمُغَذْمِرٌ لحقوقِها هَضَّامُها وَمُقَسِّمٌ يُعْطِي العشيرة َ حَقَّهَا

سمحٌ كسُوبُ رغائبٍ غنّامُها فضلاً، وذو كرمٍ يعينُ على النَّدى

ولكلِّ قومٍ سُنَّة ٌ وإمامُهَا مِنْ معشرٍ سنَّتْ لهمْ آباؤهُمْ

فاقْنَعْ بما قَسَمَ المليكُ فإنّمَا إذ لا يميل معَ الهَوى أحلامُها

وإذا الأمانة ُ قُسِّمَتْ في مَعْشَرٍ قسمَ الخلائقَ بينَنا علاَّمُها

فبنى لنا بيتاً رفيعاً سمكُهُ أوْفَى بأوْفَرِ حَظِّنَا قَسّامُهَا

وَهُمُ السُّعَاة ُ إذا العشيرة ُ أُفْظِعَتْ فَسَما إليه كَهْلُهَا وَغُلامُها

وهمُ رَبيعٌ للمُجَاورِ فيهمُ وهمُ فوارِسُهَا وَهمْ حُكّامُها

وَهُمُ العَشيرة ُ أنْ يُبَطِّىء َ حاسدٌ والمرملاتِ إذا تطاولَ عَامُها

أو أن يميلَ معَ العدوِّ لئامُها




لبيد بن ربيعة العامري


أقرأ مزيدا لشاعرنا :



http://www.sh3r.info/poetid11.html