المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : البطالة ..و معضلة التنمية


نوره عبدالرحمن "سما"
30-06-2010, 12:18 PM
البطالة ..و معضلة التنمية

http://fnkuwait.com/nup//uploads/images/fnkuwait-af2372e028.jpg

البطالة.. لفظة أصبحت مألوفة في قاموس البلدان النامية بل وصارت تأخذ مساحة واسعة في لغة العامة . مفردة استهلكتها جميع المجالس مهما صغرت أو كبرت واختلفت درجة رسميتها بل و أكثر من ذلك أصبحت تشكل خطرا فادحا يحدق بشبابنا يدفعهم نحو بؤر الانحراف وربما مكامن الإرهاب وقد اضطلعت بعض الجهات بالقيام بإنشاء مكاتب لتوفير فرص عمل تحد من انتشار هذه الظاهرة أو تقويضها ولكن هناك طرفا آخر في المعادلة، دفة القيادات التشريعية والتنفيذية ثمة علاقة بينهما لتحويل تلك الأهداف واقعا ملموسا .والقضية جادة لقد دقّ ناقوس خطر مثلث الإدمان/ الإرهاب/ البطالة . في ظل تغييب الهدف و الفراغ جراء البطالة مهد لبراثن الشر والانحراف و تظليل الفكر والإرهاب



البطالة و معضلة التنمية :


تشكو كثير من الدول المتخلفة من البطالة وشدة وطأتها خصوصا على الشباب من خريجي الجامعات . و لا ريب أن الإحباط الذي يغمر الشباب ، كبير ، و خاصة أن التوقعات كانت كبيرة و الطموحات كبيرة وللشهادة الجامعية بريقها المعنوي في مجتمعات الدول المتخلفة التي تغشي الأمية أكثر ساحتها

و قد يكون الإحباط أكبر بالنسبة للشابات اللاتي نلن الدرجة الجامعية ذلك أن البريق المعنوي أكبر والتوقعات والطموحات أكبر في محيط للأمية أكبر بين النساء .

و كثير من الدول المتخلفة يفتقر إلى السياسات والاستراتيجيات الخاصة بالاستخدام الأمثل للموارد البشرية ، و هو جوهر التنمية . و قد لا تكون لديها خطط للقوى العاملة مع أنه حتى بوجود هذه الخطط ، قد لا تكون هذه الخطط سليمة المضمون ، أو تفتقر إلى الموضوعية ، أو لا تجد طريقها إلى التطبيق .



و من هنا تتجه أنظار بعض الشباب إلى الدول المتقدمة التي تشكو هي ذاتها من البطالة في كثير من الأحيان و إن كانت قادرة على استيعابها و تقليصها في إطار مجتمع اقتصادي حيوي متحرك منتج قادر على زيادة معدلات النمو ، وقادر على زيادة العطاء والمردود ، و ربما تتجه نظرة بعض الشابات إلى الدول المتقدمة و إن كانت فرصة الهجرة أمامهن أضيق في كثير من الأحيان .

والدول المتقدمة لا ترحب بالضرورة بهجرة العمالة من الأقطار العربية إليها .
ذلك أنها تضع في الاعتبار أثر ذلك على البطالة لديها ، و أثر ذلك على النسيج المجتمعي .

و إن كانت الدول المتقدمة تفتح الأبواب على مصارعيها بكل حفاوة للعقول العربية القادرة على العطاء والإبداع أو ذات التأهيل العالي في مجالات مرغوبة .

و لكن بعض الدول ذات القاعدة السكانية المحدودة والموارد البشرية المحدودة مع توافر الموارد المالية كما هو شأن أقطار الخليج العربي تواجه البطالة في وضع يبدو فيه أنها يفترض أن تكون قادرة على استيعاب القوى البشرية لديها و في حاجة إلى استقطاب قوى بشرية من خارج الحدود ، مثل هذا الوضع ، يعني أن هناك خللا كبيرا تضيع مسألة تلمسه و تلمس إصلاحه بين تحميل كل جهة المسؤولية على الجهة الأخرى و إن حمل التعليم الوزر الأكبر باعتبار مخرجاته غير مناسبة لمتطلبات سوق العمل و يظل التعليم يراوح مكانه ، وتظل القضية تراوح مكانها .





القضية ذات أبعاد متععدة ، فمخرجات التعليم بصر النظر عن مدى ملائمتها للتطورات في سوق العمل ، يتسبب أكثرها في زيادة تدفق الخريجين و زيادة الأعداد الباحثة عن فرص عمل .

و لا يمكن تناول القضية من حيث وطأتها على الساحة و على الأعداد الباحثة عن فرص عمل و التي يضيق بها الحال و ربما يفضي بها المآل إلى أن تكون نقمة على المجتمع و ليس مجرد عبء عليه .

ومعروف أن قضية البطالة بين الخريجين لم تكن معروفة قبل أمد وجيز .

وكان الحديث مكررا و مركزا حول البطالة المقنعة ، و البطالة المرفقة ، حتى أطلت البطالة الفعلية بسرعة وتعاظمت بسرعة . و ستظل مؤسسات التعليم تقذف بمخرجات كمية كبيرة إلى سوق العمل ، و سيظل سوق العمل قاصرا عن استيعاب هذه الأعداد المتزايدة . فالقطاع الحكومي يبدو أنه تشبع إلى الدرجة التي غلب عليه فيها منذ أمد التضخم الوظيفي ، و إن كان هذا التشبع أو التضخم في قطاعات معينة ومجالات معينة في الوقت الذي يكون فيه نقص أو قصور في قطاعات أخرى و مجالات أخرى .

و من الملفت للنظر أن الاتجاه الغالب في التعليم ، و التعليم العالي على وجه الخصوص ، هو الدراسات النظرية ، و متطلبات القطاع الخاص الذي يعتمد اعتمادا محوريا على العمالة الوافدة الأقل كلفة ، و الأكثر كفاءة و انضباطا حسب زعمه . (أسامة، 2006: 115-118).





البطالة أنواع :


البطالة المقنعة والبطالة المرفهة


البطالة أنواع وكان الحديث عن البطالة يقتصر على ما يسمى بالبطالة المقنعة و البطالة المرفهة .وبالطبع البطالة المرفهة حسب مدلولها برزت في الأقطار النفطية ، التي أدى زخم النفط فيها و تعاظم إيراداته إلى وجود أعداد كبيرة ، قد لا تؤدي عملا ، و يغلب ذلك على أكثر العمالة المواطنة التي كانت تتكل على العمالة الوافدة في أداء الأعمال ، اتكالا كبيرا ، و منذ الهزة في الإيرادات النفطية و تقلص فرص العمل في القطاع العام ، و كذلك القطاع الخاص برزت مشكلة بطالة فعلية حتى بين خريجي الجامعات ، و في مجالات كان من المتصور أن الحاجة إليها كبيرة كالإدارة مثلا ، ناهيك عن بعض المجالات الأخرى ، التي كانت الحاجة أصلا إليها أقل ، و ربما ما كانت هناك حاجة إلى بعضها ، و رغم العودة المفروضة على العمالة المواطنة برزت بعض ملامحها و لا يعني ذلك أنه تلاشت البطالة المقنعة و ربما المرفهة ذلك أن القطاع العام ، تضخم لدرجة كبيرة في وقت ساعدت فيه إيرادات الزخم النفطي على هذا التضخم ، و القطاع العام بطبيعته لا يمكن أن يتخلص من العمالة الزائدة أن كانت عمالة مواطنة ، و هو قد يستطيع إلى حد ما التخلص من نسبة من العمالة الوافدة ، ولا يعني التخلص من نسبة من العمالة الوافدة ، أن القطاع العام – إن استمرت الهزة النفطية و مضاعفاتها – و هذا يعني بالنسبة للأعداد المتعاظمة من خريجي الجامعات ، أن عددا ليس بالقليل منهم سوف لا يجد الفرصة للعمل في القطاع العام ، ولو طرق هذا العدد أبواب القطاع الخاص فيسجد أكثرها موصدا ، و حتى ما يجده مفتوحا سوف لا يجد لديه غالبا الفرص للعمل ، و النتيجة في كل الأحوال ، أن عددا من خريجي الجامعات الذين كان القطاع العام حتى عهد قريب ، يتلهف إليهم ، سواء وضعهم في المكان المناسب ، أو غير المناسب ، أصبح يحاول قدر الإمكان أن يوصد السبل أمامهم ، و إن كان لا يستطيع أن يعلن عن توجهه هذا ، فهو توجه تبرزه الممارسات ، المتمثلة في كثير من العوائق التي يواجهها العديد من خريجي الجامعات حينما يطرقون أبواب القطاع العام ، و المسألة ليست مسألة أن القطاع العام لا يرغب استيعاب هذه الأعداد المتعاظمة ، إذ أنه – كما سبقت الإشارة إلى ذلك – ميال بطبيعته إلى التضخم ، و لكن الظرف النفطي ، فرض على القطاع العام ، هذا التوجه الجديد ، أما القطاع الخاص ، فإن الظرف النفطي تركه يعاني من الآثار و المضاعفات ، و هو في غمرة هذه الآثار و المضاعفات ، غير قادر أن يكون لديه توجه أصلا .

و القطاع العام ، حتى يحن يتخلص من نسبة العمالة الوافدة ، و حتى مع عدم إمكانية استيعاب الأعداد المتعاظمة من الخريجين من الجامعات ، يظل قطاعا متضخما ، و يظل قطاعا تتمثل فيه البطالة المقنعة إلى حد كبير و حتى البطالة المرفهة و لكن في حدود أقل ، و تظل مستوى إنتاجية متدنية ، مع وجود أعداد من غير القادرين على العطاء ، أو حسن الأداء ، في مناخ ربما ساعد أصلا على تدني الإنتاجية ، و قلة العطاء ، و القضية من حيث التنظير تبدو غير مستعصية على الحل ذلك أنه لو كان بإمكان القطاع العام أن يتخلص من الذين ليست لديهم القدرة على العطاء ، أو ليس لديهم الاستعداد لذلك و الذين يتمثل فيهم تدني مستوى الإنتاجية أو بمعنى آخر الطفيليات في مناخ القطاع العام ، و لو استطاع في ذات الوقت أن يستبقي من بين الأعداد المتعاظمة من الخريجين ممن لديهم القدرة والاستعداد للعطاء ، و لو غير مناخه بحيث يكون مناخا مشجعا على العطاء و حسن الأداء ، لكان ذلك هو الوضع الأمثل حتى لو كانت بطالة فعلية و لكن مثل هذا ، غير ممكن لمؤثرات داخلية في القطاع العام و مؤثرات محيطة به .

إن البطالة الفعلية ستمثل مشكلة لها أبعادها و آثارها و مضاعفاتها على الساحة المجتمعية ، و مثل هذه الأبعاد و الآثار والمضاعفات لا يمكن إغفالها ، لو كان بإمكان القطاع العام أن يغفل آثار و مضاعفات كل من البطالة المقنعة والبطالة المرفهة . (أسامة، 1987: 91-93).



المراجع :




1.عبدالرحمن ، أسامة . (2006). شظايا في الفكر و التنمية و الوطن . الشارقة : دار الخليج للنشر ، ص 115- ص 118.



2.عبدالرحمن ، أسامة . ( 1987) . عفوا أيها النفط : مقالات في التنمية .جدة : تهامة للنشر ، ص 91 -93.

3. البطالة و معضلة التنمية :متوافر على مدونة :

http://www.noura-alrasheed.com/?p=1037#more-1037 (http://www.noura-alrasheed.com/?p=1037#more-1037)