المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الكثير من الخلق اختلفوا !


نوره عبدالرحمن "سما"
04-07-2010, 03:54 PM
http://ahmadpictures.xxxs.com/mosque/1.jpg


الكثير من الخلق اختلفوا !



اخلفت الملائكة : ( فقد اختلفت ملائكة العذاب و ملائكة الرحمة على الرجل الذي قتل مئة نفس ) .

اختلفت الأنبياء : ( فقد اختلف سليمان و داوود عليهما السلام في الحكم على امرأتين تدعي كل منهما أمومة طفل ) .

اختلف الصحابة : ( فقد عرف عن ابن عمر الأخذ بالعزائم و عن ابن عباس الأخذ بالرخص و كلاهما من عظماء الصحابة ) ..بل إن الصحابة اختلفوا في أمور كثيرة و منها مثلا الخلاف المشهور بين أبو بكر و عمر في كيفية التعامل مع المرتدين و من يقرأ في السيرة يجد خلافات أخرى كثيرة لا يتسع المجال هنا لذكرها .

لماذا أورد كل هذه الأمثلة ؟ أوردتها كي أبين أن الاختلاف أمر مشروع ، و أمر متوقع ، و أمر بشري أراده الله سبحانه و تعالى حتى بين خير البشر .



و لكن هنا يأتي مربط الفرس و هو السؤال الآتي : كيف نتعامل مع هذا الاختلاف ؟ .



و لنأخذ مثلا عمليا : عندما تختلف مع شخص في رأي معين أو في قضية ما . هل يصل هذا الخلاف إلى حد البغضاء و العداوة و ربما أيضا الشتائم ؟ هل يصل إلى حد القطيعة ؟ هل يصل إلى حد اتهام الشخص في نيته أو في عقيدته أو في دينه ؟ إذا كان كذلك فهذا لم يكن منهج الصحابة في خلافهم و هو ليس المنهج الذي نريده لعزة الأمة ، فبينما نرى أن الصحابة اختلفوا في مسائل كثيرة و لكن كانت قلوبهم موحدة فلم يكفر بعضهم بعضا و لم يبغض بعضهم بعضا و لم يتهم أحدهم الآخر بسوء النية أو بالضلال ، فكان بينهم كل حب و احترام على الرغم من الاختلاف .

و هناك فرق بين الخلاف و الاختلاف .

- (اختلاف أمتى رحمة) و قوم تشابهوا ما أنتجوا ، لو كنا على درجة واحدة من التفكير و السلوك على نفس الاهتمامات و الميول و الطباع لما كان هناك ملكا و لا طبيبا و لا معلما و لا نجارا ...فاختلافنا رحمة لنتكامل و تعاون ، " و جعلنا بعضكم لبعض سخريا " و لذلك أرادنا ربنا و ابتلاءا و لكن منها لنعمر الأرض خيرا و سلاما و سعادة -

من مشاكلنا الأساسية أن بعض الناس هدفهم ألاّ نختلف أبداً ، هدفهم أن نتفق دائما و في كل الأمور بلا استثناء ، فإذا حدث خلاف و لو في أمور ثانوية كانت الكارثة ، و بدأت الاتهامات بالكفر و الزندقة ! و هدف ( عدم الاختلاف بتاتا ) هدف خاطئ و حالم و لن يتحقق أبدا فنحن بشر ، إذاً فما هو الهدف المنشود ؟ الهدف هو أن نتعامل مع الاختلاف باحترام ،و أن نطبق قول الإمام أبي حنيفة ( رأي صواب يحتمل الخطأ و رأي غيري خطأ يحتمل الصواب )
-يقول نبي الرحمة :
"ليس المسلم بالسباب , ولا باللعان , ولا بالفاحش ولا بالبذيء "-

الهدف أن نتعامل مع بعضنا بالقاعدة الذهبية ( نتعاون فيما اتفقنا عليه و يعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه ) .

للأسف في أوروبا طبقت هذا المبدأ و نحن لم نطبقه في هذا العصر ....على الرغم من اختلافاتهم اللغوية و البيئية و الدينية استطاعوا أن يتعاونوا فيما اتفقوا عليه فهام اليوم بعملة واحدة و تتجول بين دولهم بتأشيرة واحدة ! مع أن الأمور التي نتفق عليها نحن المسلمين أكثر بكثير من الأوربيين و لكن ماذا أقول ؟ فقه الخلاف الغائب !


أنا لست صوفيا و لا سلفيا و لا وهابيا و لا من الإخوان ولا من غيرهم من الجماعات ..أنا مسلم ..و أتعامل مع كل من يقول أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله على أنه مسلم ..و كفانا تنابذاً بالألقاب !

- ليس منا من دعا إلا عصبية و ليس منا من قاتل على عصبية و ليس منا من مات على عصبية -

-لن نؤلف القلوب .. لن نصلح المعمورة و نحن على خلاف ..-


من كتاب خواطر الجزء الثالث : خواطر للعقل و الفكر للاستاذ أحمد الشقيري


- مع بعض الإضافات - ...دمتم بخير