المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تمارين الوحش نبش للذاكرة


نوره عبدالرحمن "سما"
25-07-2010, 03:32 PM
إصدارات جديدة


تمارين الوحش نبش للذاكرة


http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures/2010/07/25/b7eed118-0503-4256-b77c-f28067cd7c98_main.jpg



بنفَس جديد وتجربة، كأنما الغابة الأولى والوحش الأول في عزلة المكان؛ صدرت للشاعر السعودي أحمد الملا مجموعته الشعرية الجديدة «تمارين الوحش» عن السلسلة الشعرية لمنشورات «الغاوون» في بيروت، في 126 صفحة، ولوحة غلاف للفنانة ريم البيات صممتها مايا سالم.
هي هذه التجربة الجديدة التي تجيء بعد ثلاث مجاميع، أصدرها الملا على التوالي: «ظل يتقصّف» (1995)، «خفيف ومائل كنسيان» (1997)، و«سهم يهمس باسمي» (2005)، بالإضافة إلى مخطوطتين شعريّتين تنتظران النشر. هما: «الهواء طويل وقصيرةٌ هي الأرض»، و«كتبتْنَا البنات»، لتشكل بخصوصيتها حالة جديدة في تجربة الملا، خصوصا أن نصوص هذه المجموعة كتبت بين شتاء 2009 وربيع 2010 في مدينة هيوستن الأميركية. يقول الملا من نص بعنوان «مزاج للتخريب»:

«لن تحكمني مشيئة الدرب،
ولا مآثر الأسلاف،
بخطى سكرانة،
أدوس،
كلما خطر لي،
وعنّت الرغبة».

والملا؛ إذ يدوس منطقة جديدة، في السفر وفي تجربته، تجد المكان حاضرا بظلاله، بثقافته، بالكائنات التي تتحرش برغبة بكر وتتفتق في نصه، بالذاكرة الأولى وتقاطع شريطها المشدود بوجوه وتفاصيل تمتد من نخلة في الأحساء حتى أبعد حانة في شوارع هيوستن:

«كنت البدوي
في الصّمّان،
والذئب الجريح في الربع الخالي،
بيني وبين النجوم، نسب ورفقة حداء.
(....)
في الأحساء،
تكلمت نخلة مثابرة في أحلامي،
سدرة خبأتني في كهرمانها،
وأغوتني في الظهيرة
فلقة رمان».

شريطه المتصل قد يمتد لأبعد.. لكن هيوستن، وحدها، القادرة على نبش الذاكرة وربط الصور من بعيدها لبعيدها في نص باذخ يشبه تمرينا قلقا في اللغة، واللغة الشعرية. ثمة العزلة، البرد، المساءات الوحيدة، ففي هيوستن:
«مكسيكيو المزاج وهسبان، موظفو شركات الزيت العابرين، شوارع متشابهة بلا مشاة، رعاة القلق بلغته الأم، ليل عنيد لا يروضه الجاز، حفر ومطبات ولا سيارات أجرة، طقس ينتكس كلما عنّ للغربان، غرباء يتبنون الحانات ويهجرونها بسرعة، منفيون بإرادة مازوشية..
هيوستن؛ بيوتها خشب يطفو، يزورها المرضى يحملون قبورهم، ومهاجرون استقروا على حافة الندم».
هكذا تتحول مجموعة الملا الجديدة إلى تمرين في اكتشاف العناصر كلها، وربطها بمشاهدات وظلال المكان في الأمكنة الأولى واللاحقة، كأنها النص الأول بكل بدائية اللحظة معجونا بأفق التجربة الممتدة.


المصدر (http://www.alqabas.com.kw/Article.aspx?id=624219&date=25072010)