المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : برغم الاستنفار الدولي للتصدي لها.. ظاهرة القرصنة مازالت تتحدى


الفنون
04-02-2009, 04:10 AM
أخبار القرصنة وخطف السفن التجارية المختلفة في خليج عدن وقبالة السواحل الصومالية التي تصدرت في الماضي القريب عناوين الصحف في العالم بدت وكأنها تراجعت بشكل ملحوظ مؤخرا إثر انحسار نشاط القراصنة هناك وذلك حسب تقديرات أوساط استخباراتية وبحرية مطلعة التي ارتأت أن بشائر التغلب على تلك المعضلة قد بانت في الأفق.
ولوهلة بدا وكأن القوة الدولية لمكافحة القرصنة التي تشارك فيها قطعات بحرية للجيش الألماني الاتحادي قد أفلحت في تحجيم ذلك الخطر وسيطرت على التهديد الذي يجول عرض البحر مهددا سلامة النقل البحري ومتسببا بخسائر اقتصادية ومالية. غير أن بارقة الأمل سرعان ما تلاشت إذ تعرضت الخميس، التاسع والعشرون من كانون الثاني (يناير) المنصرم، الناقلة، لونغ شامب، التي كانت تنقل الغاز السائل، إلى هجوم القراصنة الصوماليين برغم أنها كانت تبحر برفقة فريق حماية دولي، الخبر الذي أكده احد منتسبي مجموعة شركات الملاحة "بيرنهارد شولته" في هامبورغ وكذلك المتحدث باسم اتحاد ممولي السفن في تلك المدينة الميناء الذي يملك حصة في الناقلة المختطفة علما أن شركة الملاحة هذه كانت قامت بتأجير تلك الناقلة إلى شركة ملاحة ليبيرية.

وبرغم وجود طاقم الحراسة الأمني الذي كان يرافقها في رحلتها البحرية استولى القراصنة في ساعات الصباح الأولى من اليوم المذكور على الناقلة التي تتسع لنقل 3500 طن حمولة في الوقت الذي رفض قبطانها طلبا من البحرية الهندية بالصعود إلى ناقلته وتحريرها بالقوة من أيدي الخاطفين.

الممر المائي العالمي الذي يربط باب المندب على مدخل البحر الأحمر بقناة السويس حيث تمر مئات السفن يوميا قادمة من شرق آسيا في طريقها إلى أوروبا والولايات المتحدة وبالعكس، هذا الممر يعد من أهم الطرق البحرية للملاحة في العالم إذ تمر عبره 25 ألف سفينة تجارية سنويا، ويمكن في ضوء هذا العدد الكبير تصور حجم الأذى الاقتصادي الذي يمكن أن يلحق بالتجارة العالمية من جراء استمرار الهجمات على السفن في حال أخفقت وحدات القوة الدولية البحرية في التصدي بشكل فعال لهذا الخطر القابع قبالة السواحل الصومالية لاسيما وان الأسواق العالمية تعتمد اليوم أكثر من أي وقت مضى على نقل البضائع التجارية بطريق البحر حيث يجري نقل قرابة 92 بالمائة من مجمل الإنتاج العالمي للبضائع التجارية بهذه الواسطة.

مجموعة شركات الملاحة الكبيرة بقيادة العملاق البحري الدنمركي، ماريسك، أخذت تبعث سفنها التجارية البطيئة أصلا بسبب ثقل الحمولة عبر ممر أطول للالتفاف حول رأس الرجاء الصالح متحمّلة بذلك نفقات إضافية تبلغ مليون دولار للناقلة الضخمة الواحدة بسبب التأخير الذي يصل إلى ثلاثة أسابيع. التكاليف الإضافية طالت حتى السفن التي ظلت تستخدم الممر المائي الخطر وذلك بسبب القفزة الجنونية في أسعار بوالص التأمين ليتناسب مع حجم الأخطار المحتملة المحدقة بالسفن وحمولتها وغير ذلك من ارتفاع تكاليف الشحن إلى جانب النقص، بسبب هذا الإرباك، في تزويد الأسواق بحاجتها من البضائع والمواد الحيوية.

الاتحاد الأوروبي كان وضع، ضمن خطته لمحاربة القرصنة، أربع سفن بضمنها فرقاطة ألمانية وثلاث طائرات استطلاعية للاضطلاع بهذه المهمة وضمان سلامة السفن. وعلى نفس الصعيد قامت عشر دول أخرى منها الهند بإرسال سفن حربية إلى تلك المنطقة بهدف حماية سفن الشحن الضخمة والناقلات من هجمات القراصنة في خليج عدن، الطريق التجاري الأهم بين شبه الجزيرة العربية وآسيا عموما وبين أوروبا. وعلى نفس الصعيد أعلنت البحرية الفرنسية حديثا أنها ألقت القبض على تسعة قراصنة في خليج عدن. وحسب المصادر العسكرية الفرنسية فقد تم إلقاء القبض على سبعة وخمسين قرصانا منذ شهر نيسان (أبريل) الماضي وحتى الآن وهو عدد يبدو ضئيلا جدا قياسا بعدد وضخامة البوارج والسفن الحربية الموجود هناك.

خدمات شركات الملاحة من شحن الحاويات مختلفة الأحجام وشحن البضائع بكميات هائلة لتجد طريقها عبر البحر إلى الأسواق العالمية ستتأثر أكثر فأكثر إذا اخفق المجتمع الدولي في التوصل إلى تشخيص واقعي وصادق لحقيقة هذا التحدي وبالتالي اتباع استراتيجية فعالة في مقدمتها تجفيف مصادر حصول القراصنة على المعلومات وتشخيص الجهات التي تقوم بمدهم بالمال والأسلحة الحديثة والقوارب السريعة لتنفيذ هجماتهم وتحرير عصب التجارة المائي الحيوي الذي لا غنى لأحد عنه وللحيلولة دون تحويل المنطقة إلى ترسانة عسكرية لأساطيل الناتو وغيره أو من أن تصبح ظاهرة القرصنة هذه حجة أخرى وواجهة لترسيخ الوجود العسكري الأجنبي في المنطقة سعيا لتحقيق أجندات اقتصادية وسياسية وعسكرية قديمة تتم في الغالب على حساب دول وشعوب المنطقة.

http://www.alriyadh.com/2009/02/04/article407184.html


الاربعاء 9 صفر 1430هـ - 4 فبراير2009م