المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رأس مالك الحقيقي!


نوره عبدالرحمن "سما"
19-04-2011, 01:07 PM
رأس مالك الحقيقي

فهد عامر الأحمدي
لدي قناعة شخصية بأن الإنسان العاجز عن تنظيم أموره المالية عاجز عن تنظيم أي شيء آخر في حياته.. فالمال هو المقابل المادي لجهودنا في الحياة، وقيمتنا في المجتمع، وعجزنا عن موازنته والتحكم فيه يعني عجزنا عن التوافق مع أنفسنا وتحديد قيمتنا في المجتمع ...
وحين نراجع علم الاقتصاد نجد قوانين أساسية كثيرة (يمكن تبسيطها) لمساعدتنا على تنظيم أحوالنا المادية وفهم علاقتنا بالمال..
خذ مثلا قانون باركنسون القائل: "تتزايد المصاريف دائما بزيادة الموارد المتاحة".. فهذا القانون يعني أن مصاريفك تتوسع دائما للحاق بأي زيادة جديدة في راتبك أو دخلك المادي. فجميعنا تمنى لو زاد راتبه بنسبة معينة (ويتمتع بحرية أكبر في الصرف) ولكن معظمنا لاحظ أن أوضاعه المادية لا تتحسن بعد زيادة الراتب "لأن الطلب يتوسع دائما للحاق بالموارد الجديدة" .. وهذه الحقيقة نلاحظها حتى لدى الأثرياء ورجال الأعمال الذين صدق أو لاتصدق يعانون من نقص دائم في السيولة كون طموحاتهم تسبق دائما أرصدتهم في البنوك!!
... غير أن قانون باركنسون يمكن الحد منه بتبني قانون آخر يدعى "قانون الادخار".. وهذا القانون ينبهنا إلى أن أفضل طريقة لكسر حاجتنا الدائمة للمال، والشعور بالوفرة والاستقلال، هو ادخار 10% من دخلنا الشهري أو 25% من دخلنا السنوي (أيا كان حجمه ومقداره) !!
... أضف لهذا هناك "قانون الوفرة الخفية" الذي يلفت انتباهنا الى وجود الكثير من المال (حتى في أكثر المجتمعات فقرا) والذي يمكن استقطابه بتوفير الخدمات المميزة للناس.. وهذا يعني أن أي شخص قادر على فهم حاجات الناس الدقيقة يمكنه استقطاب حتى المداخيل البسيطة لبناء ثروته الخاصة!!
... وهذا القانون يذكرنا بقانون "تبادل المنافع والسلع" الذي يؤكد أن النقود ليست ثمينة بذاتها بل هي مجرد مقياس ووسيلة لتبادل المنافع بين الناس (وهو مايجب عليك إدراكه جيدا) . وللحصول على المزيد من النقود ماعليك سوى تنويع خدماتك وإقناع الناس بتميزها.. فالموظف يستلم راتبه نظير خدمة وحيدة (يمكن لغيره تأديتها) في حين يستقطب التاجر رواتب الموظفين من خلال بيعهم خدمات كثيرة مميزة!!
.. وهذا القانون يذكرنا بدوره بقانون رأس المال والاعتقاد الخاطئ بأنها "النقود"... فالنقود تأتي وتذهب، في حين تبقى خبرتك ومعرفتك رأس مالك الحقيقي الذي يترجم إلى نقود في أي مكان تذهب إليه، ومثال ذلك عبد الرحمن بن عوف الذي ترك أمواله في مكة وحين وصل إلى المدينة قال: دلوني على السوق...
.. أما القانون السادس فيتعلق بالبعد الزمني والنظرة طويلة الأجل ..
فالعامل الزمني مهم في جمع المال وبناء الثروة، وكلما كنت بعيد النظر زادت فرصتك في نيل أكبر قسم من "الكعكة".. فالشحاذون يحملون هم الكسب في كل ساعة، والعمال هم الكسب في كل يوم، والحرفيون هم الكسب بنهاية الاسبوع، والموظفون هم الكسب بنهاية الشهر، أما الأثرياء فيخططون (ويطبخون على نار هادئة) لجمع أول مليون خلال عام أو عامين!!
... أما قانوننا الأخير فيتعلق بنسبة تحفظك في صرف ماتكسب..
وهو قانون آخر مضاد لقانون باركنسون (القائل بحتمية تجاوز مصاريفنا مواردنا المتاحة) كونه يؤكد على ضرورة وجود قدر من التحفظ وكبح الذات لتوفير المزيد من المال.. فالعبرة ليست في مقدار ما تكسب بل في مقدار ما تدخره للطوارئ والاستثمار.. فالقادر على الادخار مستقر ماديا ويمكنه استغلال أي فرصة تلوح في الأفق في حين يشعر بالفقر كل من ارتفعت مصاريفه عن دخله ويبقى طوال عمره عاجزا عن استغلال أي فرصة للاستثمار واستقطاب المال!!
.. وهذه أيها السادة مجرد مبادئ بسيطة "استقطبتها" من قوانين اقتصادية عريقة خدمت طويلا أصحاب الدخل (غير المحدود).. ومعرفتك بها ضرورية، ليس فقط لبناء الثروة، بل وتنظيم شؤونك المالية وفهم علاقتك الشخصية بالمال ..
وفي حال نسيت هذا مستقبلا تذكر فقط بأن "المعرفة" هي رأس مالك الحقيقي !


http://www.alriyadh.com/2011/04/19/article625058.html