المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لبحث عن القذافي يتحول إلى لغز.. ومساع للاستعانة بالأقمار الصناعية لاقتفاء أثره


الذهبي
28-08-2011, 09:39 AM
http://www.aawsat.com/01common/pix/Asharq-alawsat-logo.jpg
البحث عن القذافي يتحول إلى لغز.. ومساع للاستعانة بالأقمار الصناعية لاقتفاء أثره
رئيس المجلس الانتقالي يخطط لأداء صلاة عيد الفطر في طرابلس وسط مخاوف من خلايا نائمة
الاحـد 28 رمضـان 1432 هـ 28 اغسطس 2011 العدد 11961
جريدة الشرق الاوسط
الصفحة: أخبــــــار
بينما يستكمل الثوار الليبيون مسيرتهم العسكرية لاستكمال تحرير بقية المدن الليبية من قبضة الزعيم الهارب العقيد معمر القذافي، بدا أمس أن سكان العاصمة طرابلس الذين يجاهدون لاستعادة حياتهم اليومية بشكل طبيعي مجددا، غير مكترثين على الإطلاق بمكان اختفاء القذافي الذي تحول إلى لغز لم يتم كشف كل طلاسمه إلى الآن. وعلمت «الشرق الأوسط» أن تعليمات عسكرية وأمنية أعطيت لقوات خاصة من الثوار بتكثيف البحث عن القذافي، على أمل أن يتم اعتقاله في قبل انتهاء شهر رمضان المبارك حتى يتمكن رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل من الانتقال برفقة أعضاء المجلس إلى طرابلس للمرة الأولى منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية ض القذافي في شهر فبراير (شباط) الماضي.
وقال مسؤول بالمجلس لـ«الشرق الأوسط» إن عدم حسم مصير القذافي يعطل خطط انتقال المجلس برئيسه وأعضائه إلى طرابلس لأداء صلاة عيد الفطر المبارك في العاصمة المحررة. ولفت إلى أن هناك مخاوف أمنية كثيرة قد تعطل تنفيذ هذا البرنامج وسط شكوك في أن القذافي زرع خلايا نائمة في طرابلس لتنفيذ عمليات اغتيال ضد معارضيه لإفساد فرحتهم بالانتصار عليه وطرده من معقله الحصين داخل طرابلس.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن هناك اتجاها داخل المجلس الوطني الانتقالي لطلب الاستعانة بخدمات الأقمار الصناعية التي تمتلكها بعض الدول الغربية بغرض التجسس للمساعدة على اقتفاء أثر القذافي والمساهمة في تسريع وتيرة اعتقاله.
ودون اعتقال القذافي أو حسم مصيره يعتقد الكثيرون أن الثورة التي أطاحت بالرجل الذي كان على وشك الاحتفال في الأول من الشهر المقبل بالذكرى لـ42 لتوليه عرش البلاد، غير مكتملة.
ونفت الجزائر أمس تقريرا لوكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية عن دخول موكب سيارات إليها قادما من ليبيا. وبينما نسبت الوكالة المصرية إلى مصدر من المجلس الوطني الانتقالي في مدينة غدامس الحدودية قوله إن قافلة سيارات مدرعة عبرت الحدود صباح الجمعة وقام بتأمينها قائد وحدة صحراوية بدوية كانت تعمل تحت إمرة القذافي، مشيرا إلى أن القافلة ربما كانت تنقل مسؤولين ليبيين كبارا أو حتى القذافي نفسه، قال عمار بلاني الناطق باسم وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية إن «الجزائر مستهدفة منذ أشهر بوابل من الأخبار الكاذبة التي ظهر طابعها المضلل في الكثير من المرات»، مشيرا إلى أن «الأمر كذلك بالنسبة للخبر الذي بثته وكالة أنباء الشرق الأوسط بشأن سيارات مرسيدس يزعم أنها عبرت الحدود الجزائرية - الليبية». وأكد أن «هذا الخبر لا أساس له من الصحة ونفنده بشكل قاطع»، لكن هذا النفي الجزائري الرسمي لم يمنع البعض من داخل قيادات الثوار العسكرية من التكهن بأن القذافي ربما يكون بالفعل في نقطة ما على الحدود البرية المترامية الأطراف بين لبيا والجزائر.
وبينما تستمر حملة مطاردة القذافي وأبنائه وكبار مساعديه، نفى الساعدي أحد أنجال القذافي لقناة «الرأي» التي تبث من العاصمة السورية دمشق وتعتبر موالية للقذافي، بشدة، ما تردد من أنباء وصفها بأنها كاذبة وملفقة من أنه يعرض التفاوض والاستسلام. وقالت القناة عبر صفحتها الإلكترونية على الـ«فيس بوك» إن نجل القذافي أكد أن هذه الأخبار الملفقة لن تزعزع الروح المعنوية للمقاتلين.
في المقابل ما زال الثوار يقتفون أثر القذافي سعيا لاعتقاله قبل حلول عيد الفطر المبارك، بيد أن المسألة تحولت إلى لغز كما يقول مسؤولون عسكريون وسياسيون من المجلس الانتقالي والثوار.
وقال مسؤول عسكري لـ«الشرق الأوسط»: «إنه شيطان، بإمكانك أن تتوقع وجوده في كل الأماكن في وقت واحد، لا يساورنا أدنى شك في اعتقاله أو قتله، لكن معنويات الجنود المقاتلين تأثرت بهروبه وبعدم نجاحنا حتى الآن في حسم مصيره».
ولم تفلح التحقيقات والاستجوابات المكثفة التي خضع لها المئات من الأسرى الذين وقعوا في قبضة الثوار سواء من الكتائب الأمنية والقوات العسكرية الموالية للقذافي أو بعض مساعديه الشخصيين، في استخلاص معلومات دقيقة ومحددة حول طبيعة المكان الذي يؤوي القذافي ويعصمه من الاعتقال.
وقال مسؤول أمني من الثوار شارك في جانب من هذه الاستجوابات لـ«الشرق الأوسط»: «إنهم يعطون معلومات كثيرة لكنها متضاربة، اتضح لنا أن القذافي لم يكن يثق بأحد على الإطلاق، لا أحد يعرف يقينا أين هو الآن».
وعبر المستشار مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي عن هذا، بتأكيده أمس في مؤتمر صحافي عقده في معقل الثوار بمدينة بنغازي بشرق ليبيا، على أن قوات الثوار ليست لديها معلومات محددة عن مكان معمر القذافي أو أبنائه. وقال عبد الجليل: «لا توجد أي معلومات حقيقية عن وجود معمر القذافي وأبنائه حتى هذه اللحظة»، مشيرا إلى أن المجلس قد يدرس الاستعانة بشرطة من دول عربية أو إسلامية للمساعدة في إرساء الأمن في ليبيا، لكنه لا يريد وجودا للشرطة من أي دول أخرى.
وأعلن أن أي شخص عمل في منصب رفيع مع القذافي ولم ينضم حتى الآن إلى الثوار لن يكون له أي مكان في ليبيا المستقبل على الصعيد السياسي. وتابع أن قادة الثوار ما زالوا يتفاوضون مع الموالين للقذافي في محاولة لإقناعهم بتسليم السيطرة على مدينة سرت مسقط رأس القذافي الواقعة على بعد 500 كيلومتر شرق طرابلس.
وقلل متحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي من أهمية تكهنات بأن القذافي ربما يكون مختبئا في سرت، وأضاف أنه لن يكون في سرت على الأرجح لأن سرت مغلقة من ثلاث جهات وهناك البحر من الجهة الرابعة. وقال إنه لا يوجد مخرج له للهروب. وحين سئل عن الموعد الذي سينتقل فيه المجلس من بنغازي إلى طرابلس قال عبد المولى المتحدث باسم المجلس إن معظم أعضاء اللجنة التنفيذية للمجلس هم بالفعل الآن في طرابلس، لكنه قال إن السؤال الخاص بالموعد الذي سينتقل فيه عبد الجليل سيعتمد على اعتبارات أمنية.
إلى ذلك، قال مسؤولون في المجلس المحلي لمدينة طرابلس عقب اجتماع مطول دام بضع ساعات يعكس حجم المشكلات والتحديات التي بات على الليبيين أن يواجهوها في مرحلة ما بعد القذافي، إن سكان العاصمة مشغولون بما هو أهم من القذافي في اللحظة الراهنة، وهو تسيير شؤون حياتهم اليومية بشكل اعتيادي.
وقال فتحي بن عيسى مسؤول الإعلام والثقافة بالمجلس لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من طرابلس: «من المدهش أن السكان هنا غير مبالين بمصير القذافي، لا أحد بات يسأل عنه الآن، الكل مشغول بكيفية إعادة تسيير حياته التي ضاعت على مدى سنوات حكمه البالغة 42 عاما تقريبا». وبينما يشكو السكان من انقطاع الاتصالات الهاتفية معظم الوقت وسوء خدمات الإنترنت فإن مشكلات انقطاع الكهرباء والمياه النظيفة الصالحة للشرب بات مشكلة تؤرق المواطن الليبي العادي.
وقالت الناشطة والصحافية غيداء التويتي لـ«الشرق الأوسط» بعد جولة لها هي الأولى بالسيارة في شوارع العاصمة المحررة: «هناك تكاتف ليبي غير مسبوق، الليبيون يتسابقون في ما بينهم لتبادل الخدمات». ولفتت إلى أن الشعب الليبي بدا وكأنه يعيد اكتشاف نفسه وقدراته للمرة الأولى في ظل غياب نظام القذافي، مشيرة إلى أن السكان يتعاونون بشكل قال إنه أكثر من ممتاز للتغلب على المشكلات الحياتية التي يتعين عليهم التعامل معها. وأضافت: «من لديه بئر للمياه في منزله وضع صنبورا في الخارج بالشارع العام لكي يستفيد منه الجيران بلا مقابل».
وما زالت الحياة في طرابلس بعيدة عن كونها طبيعية، ويعاني سكانها البالغ تعدادهم مليوني نسمة من انهيار الخدمات الأساسية حتى مع احتفال الكثير منهم بالإطاحة بالقذافي. وفي أحد المستشفيات رقد الجرحى على الحشيات في ضمادات مشبعة بالدماء وسط رائحة الدم والعرق، كما تفاقمت مشكلات الإمدادات في طرابلس رغم الإعلان عن اكتشاف مخزونات ضخمة من الأغذية والأدوية في العاصمة ستقضي على أي نقص. وفي طرابلس تراكمت القمامة المتعفنة في الشوارع، وفي بعض المناطق أشعل الناس النار فيها لتجنب الأمراض. والكهرباء والمياه النقية شحيحة، بينما يحمل السكان حاويات إلى المساجد التي بها في الغالب آبار على أمل الحصول على مياه. وخارج مسجد كانت توجد لافتة كتب عليها أنه لم تعد توجد مياه. ويطالب المجلس الوطني الانتقالي القوى الأجنبية بالإفراج عن أموال ليبية مجمدة في الخارج للمساعدة في استعادة الأمن وتقديم الخدمات وإحياء الاقتصاد بعد ستة أشهر من الصراع.
إلى ذلك، تمكن الثوار أمس من دخول بلدة الجميل مسقط رأس رئيس الوزراء الليبي الدكتور البغدادي المحمودي، بعد مواجهة دامت خمسة أيام مع الموالين للقذافي الذين هربوا في نهاية المطاف من المدينة الصغيرة. وقالت تقارير من عين المكان أن نحو مائة مقاتل من الثوار على متن شاحنات صغيرة شوهدوا وهم يطلقون نيران أسلحتهم في الهواء ويشيرون بعلامة النصر.
ويعتقد أن أنصار القذافي فروا إلى البلدة بعد أن اجتاحت قوات المعارضة المناطق الواقعة إلى الجنوب في منطقة الجبل الغربي بليبيا في حملة قادتهم في نهاية المطاف إلى طرابلس. والجميل واحدة من عدد من جيوب الموالين للقذافي الذين ما زالوا في أجزاء من ليبيا رغم تقدم قوات المعارضة. وكانت الجميل معقلا للموالين للقذافي في الغرب ومسقط رأس رئيس الوزراء الليبي البغدادي علي المحمودي الذي تردد أنه موجود حاليا في جزيرة جربة بجنوب تونس.
ونقل إلى مستشفى البلدة اثنان من جرحى مقاتلي المعارضة للعلاج إلى جانب رجل كانت تحتجزه قوات القذافي قبل رحيلها.