المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة اغتيال صحفي


محمد العيدان
28-01-2012, 01:12 PM
http://tayyarcanada.org/news/Salim_19.jpg_200_-1.jpgسليم اللوزي





لأنه
قال لا.. كان لابد أن يختفي سليم اللوزي ويخرس قلمه.. ولانه رفع صوته في وجه المخابرات السورية التي تسيطر علي بيروت. كان لابد أن يدفع الصحفي اللبناني المعروف صديق الرؤساء حياته ثمنا لمقالاته الملتهبة في مجلة الحوادث التي تجرأ فيها علي الحكم في دمشق.. وبعد تعذيبه أياما في منطقة مهجورة أطلقوا الرصاص عليه وأذابوا يده اليمني التي يكتب بها بالحامض، وكان اغتيال اللوزي رسالة تحذير إلي اللبنانيين الذين يعارضون التدخل السوري! وقيد الحادث ضد مجهول!
كان سليم اللوزي من ألمع الصحفيين اللبنانيين وأكثرهم جرأة في فتح ملفات القضايا الساخنة وكان محبا لمصر وتربطه صداقة مع الرئيس عبدالناصر ومع الرئيس السادات وأجري معهما أحاديث صريحة عن الهموم العربية.. وحينما نشبت الحرب الأهلية في لبنان وتعرض مبني الحوادث للحريق، إضطر اللوزي إلي الخروج والإقامة في لندن بسبب التهديدات بقتله.. ولكنه لم يتخل عن قلمه الساخن في مواجهة الفتنة الطائفية، وكانت القوات السورية قد دخلت لبنان مع 'قوات الردع' لوضع حد للإقتتال الذي استمر سنوات وراح ضحيته الآلاف، وتم بعد ذلك الانتشار العسكري والمخابراتي السوري في بيروت، وكان اللوزي يشعر بالألم النفسي لما آل إليه حال لبنان، وكان يعبر عن ذلك خلال مقابلاتنا في القاهرة ويقول: إنهم يريدون تخويفنا لنكون موالين لهم!
وانفجرت الأزمة عندما اتهم سليم اللوزي عملاء المخابرات السورية بقتل شقيقه مصطفي بالرصاص في طرابلس* علي شاطيء البحر* لتصفية الحسابات بسبب تقرير نشر في مجلة 'الحوادث' * التي كانت تصدر وقتها من لندن* عن فساد زعيم حركة الشباب العلوي الموالية لسوريا.. وكان سليم يشعر بالذنب عن مصرع شقيقه.. وأخذ يكشف في مقالاته أوضاع الحكم في سوريا علي صفحات مجلته وكان يستمد معلوماته من أحد أعوان رفعت الأسد وآخرين من الهاربين السوريين في جلسات طويلة في بيته في لندن* حدث ذلك في أواخر 79* وكتب اللوزي المقال الأول تحت عنوان: '.. وغدا إذا ما إغتالتني المخابرات العسكرية (السورية) أكون قد استحققت هذا المصير لإنني أحب بلدي وأخلص لمهنتي'!
وبعدها إلتقي سليم اللوزي في باريس مع صلاح البيطار* الزعيم البعثي السوري المنفي الذي تم إغتياله* وحذره من الخوض في الممنوعات السورية وطلب منه أن يبعد عن الشر.. ولكنه لم يعد يسمع سوي نفسه وكتب مقالا ثانيا عنوانه: 'قال لي صديقي الدمشقي: كنت خائفا عليك من التصفية، فأصبحت خائفا عليك مما هو أشد وأقسي!' ونشر الحوار الذي دار بينه وبين البيطار وقال فيه: هل يمكن تجاهل القمع الدموي؟ هل يمكن المرور بالمجزرة التي وقعت في مدرسة المدفعية في حلب؟ لست وراء إسقاط النظام وأعرف الثمن الذي ستدفعه سوريا إذا استمر الصراع الدموي الدائر!
وكان هجوم اللوزي علي المخابرات السورية مفاجئا وهو ما جعلها ترسل إليه رسالة إنذار* عن طريق مدير مكتب الحوادث في بيروت* وقالوا فيها: قف مكانك.. إننا لم نقتل أخاك.. فلا تفقد عقلك؟! ولكنه لم يصدق رسالتهم واستمر في حملته وكان متأكدا انهم قرروا تصفيته، وفي ذلك الوقت كان غازي كنعان مدير المخابرات السورية في بيروت* وزير الداخلية الحالي* هو الحاكم بأمره ويفرض الهيمنة علي الأوضاع السياسية والداخلية اللبنانية بكل الوسائل وكان اسمه يثير الرعب والفزع!

*****
ومضت شهور وتلقي اللوزي خبر وفاة أمه وهو في زيارة خاصة مع زوجته الصحفية 'أمية' في نيويورك، وقرر أن يعود إلي بيروت لتلقي العزاء بنفسه، وحاول الأصدقاء منعه من السفر وقالوا له: رأسك مطلوب.. الموت في إنتظارك!
ولكنه لم يستمع إليهم ورفض إقامة العزاء في لندن، وتوسلت إليه زوجته من أجل بناته الصغيرات، وأصر بعناده علي الذهاب إلي بيروت.. واقترحوا عليه التوجه إلي لبنان عن طريق الشام.. ولكنه عاود الإصرار علي الدخول من المطار.. وعندما وصل صباح 21 فبراير 1980 طلبه ياسر عرفات* وكان وقتها يتواجد في لبنان مع الفصائل الفلسطينية * وأبلغه: بأنه سيخصص له حراسة فلسطينية، ولكنه اعتذر وبقي بلا حراسة، واستمر العزاء ثلاثة أيام من جميع الطوائف اللبنانية!
كان المفروض أن يغادر سليم اللوزي مع زوجته أمية صباح السبت بطائرة الخطوط اللبنانية إلي لندن، ولكنه تلقي رسالة * عن طريق النائب رينيه معوض* بأن الرئيس اللبناني إلياس سركيس سيقابله السبت ولذلك أجل السفر إلي يوم الأحد.. وبكت أمية عندما عرفت بالتأجيل لان قلبها كان يستشعر الخطر علي زوجها خصوصا بعدما وضعوا حاجزا عسكريا أمام البيت، ويبدو أن ذلك كان جزءا من خطة الإغتيال المدبرة وبقائه يوما آخر لترتيب العملية! وانتظر سليم في البيت تحديد موعد مقابلة الرئيس صباح السبت ولكنه لم يتلق أية مكاملة تليفونية، ولم يطق الانتظار وخرج وحده* وبدون علم زوجته* وتجول في بيروت وكأنما يودعها ويلقي النظرة الأخيرة عليها.. وذهب إلي جريدة 'النهار' والتقي مع المحررين هناك.. وعاد متأخرا ورأي حاجزين للجيش (السوري) في الشارع..!

*****
وجاء يوم الأحد الأسود 25 فبراير وتم حزم الحقائب، وخرجت أمية في الصباح الباكر لتسدد الحسابات قبل المغادرة، وعند عودتها فوجئت بإنقطاع الكهرباء عن المبني وكان المسكن في الطابق العاشر وطلبت من الحارس أن يصعد ليطلب من زوجها النزول.. وتأخر سليم لانه كان في انتظار اثنين من زملائه لمرافقته إلي المطار ولم يحضرا.. وكان الجو يسوده التوتر والريبة من شيء مجهول.. وكما روت لي أمية بعد ذلك في لندن مأساتها الحزينة:
'إتجهنا إلي المطار في سيارتنا وجلست بجانب سليم في المقعد الخلفي، وتصحبنا سيارة مدير الإعلانات البيجو، وعلي جانبي الطريق إلي مطار بيروت كانت تنتشر قوات الردع، وعند الحاجز الرئيسي أوقفتنا مجموعة* ضابط وثلاثة جنود* وصوبوا اسلحتهم نحونا وطلب الضابط جوازات السفر وقال سليم: اعتقد انني المطلوب!
وأمرنا الضابط (السوري) بالنزول من السيارة، وأمر شقيقتي المرافقة بالعودة في سيارة مدير الإعلانات.. وبقيت مع سليم في عرض الطريق حتي جاءت سيارة أخري وداخلها شخصان مسلحان وسائق وأخذوني معهم واعطاني الضابط جوازات السفر، وبينما اخذوا سليم في سيارته بمفرده بعدما انزلوا السائق والحارس الخاص، ولاحظت ان السيارة الأخري مزودة بجهاز لاسلكي* ويبدو انها من سيارات المخابرات* وانطلقت السيارة التي تحمل سليم وسيارتنا تتبعها وبها المسلحين، واتجهنا إلي طريق خالدة وإلي الدامور ولم تغب عني سيارة سليم المرسيدس، وأيقنت انها عملية اختطاف من جانب المخابرات قبل وصولنا إلي مطار بيروت.
وعندما وصلنا إلي الدامور طلب الحارس ايقاف السيارة لشراء علبة سجائر، ولم اتصور انها خدعة للتعطيل.. وعندما عاد بعد فترة كانت سيارة سليم قد اختفت تماما من أنظارنا.. ولم أعرف إلي أين؟
واتجهنا إلي طريق عرمون وكانت حقيبة أوراق سليم مازالت معي، وتوقفنا عند الوادي وأنزلوني في منطقة منعزلة مليئة بالصخور والبرك الراكدة، وخطفوا الحقيبة وفتشوا أوراقها وسألوني: أين الملف؟ وجردوني من مصوغاتي وحقيبة يدي وكنت أرتدي جاكيت من الفراء ووضعوا رباطا علي عيني وفي يدي وبقيت هناك ست ساعات حتي المساء وتخلصت من قيودي ومشيت بلا حذاء وسط الأحراش حتي وصلت طريق عرمون * وكنت أخفيت الملف تحت الجاكيت* وأوقفت سيارة تاكسي متجهة من الجبل إلي بيروت، وجلست بين الركاب وسمعت في الراديو: ان الصحفي سليم اللوزي مازال مخطوفا!'

*****
وعادت أمية اللوزي إلي بيتها في حالة يرثي لها واتصلت بياسر عرفات ولكنها لم تعرف أية اخبار عن زوجها وعن مصيره؟
ووضع عرفات حراسة فلسطينية علي البيت، وفي الداخل كان هناك عدد كبير من رجال المخابرات والأمن، واقترح عرفات الاتصال بالرئيس سركيس للتدخل حتي لايتعرض اللوزي للتصفية.. وكان الرئيس صائب سلام قد طلب من سليم مغادرة بيروت للتمويه قبل سفره بيوم ولايلغي حجزالاحد بالطائرة ولكنه رفض.. وبعد ثلاثة أيام وجدوا سيارته المرسيدس أمام ملهي ليلي يملكه سركيس شلهوب وازداد الحادث غموضا واتجهت الشبهات إلي ان المختطفين من عملاء المخابرات السورية..!
وفي مساء الثلاثاء 4 مارس وجدوا جثة سليم اللوزي في منطقة 'عرمون' واكتشفها راعي غنم شاب وأبلغ مخفر الامن وابلغ وزير الداخلية مدير مكتب 'الحوادث' بالعثور عليها.. واذاع التليفزيون اللبناني الخبر وعم الحزن مدينة بيروت.. و'قيدت الجريمة ضد مجهول'.. ولكن تقرير المدعي العام يشير إلي الفاعل بدون تحديد وحسب توصيف الحادث:
فإن مجهولين اقدموا علي خطف الصحفي سليم اللوزي صاحب مجلة الحوادث بقوة السلاح *يوم 24 فبراير* ومن ثم قتله بإطلاق النار عليه من مسدس حربي غير مرخص وتعذيبه جسديا.. وتبين من تقرير الطبيب الشرعي: أنه تم اطلاق الرصاص علي رأسه من الخلف، ووضعوا يده اليمني* التي يكتب بها* في حامض فتاك لكي تذوب في السائل الحارق وتتآكل العظام والاربطة حتي أطراف الأصابع، وهناك كسور في الاضلاع الصدرية مما يدل علي أنه جري تعذيبه بوحشية علي مدي ثمانية أيام، وفي التقرير اشارة إلي رصاصة غير قاتلة نفذت من الخد الأيمن للتعذيب..!
وكان اغتيال سليم اللوزي وتعذيبه بمثابة انذار للصحفيين اللبنانيين بالمصير الذي ينتظر من يقول: لأ.. لسوريا!
وتبقي المفاجأة الأخيرة: أن راعي الغنم الذي عثر علي الجثة وجد مقتولا في أحراش عرمون أيضا* نفس المكان* وبعد خمسة أيام فقط.. وبقي الفاعل مجهولا!.. وبعد خمسة وعشرين عاما او اكثر قليلا حدث اغتيال رفيق الحريري لانه قال: لا! وما أشبه اليوم بالبارحة!

منقول للتذكير

غـربه
02-02-2012, 03:30 AM
يالله رحمتك

سبحان الله سفاحين سوريا ما زالو يتقنون اساليب وحشيتهم

حتى مارسوها ضد شعبهم والانكى والامر أنه أمام العلن وفي وضح النهار

وللاسف كلنا خرس

زمان كان لايعلم بالحال سوى خالقهم لم توجد أساليب التكنلوجيا لفضح

وحشيتهم وساديتهم

يقولون لا للاستعمار هه

والله لانه الذي يعبث في سوريا منذ زمن لهو أستعمار

دم ودين وارواح وعقول وأجساد

كنت اسال هل لهم دين لكن كشف لي الوثائق المرئيه والصوتيه

أنهم ملاحده طيب هل هم بشر مثلنا رأيت أنهم لم يصلو لمرتبة الحيوانات أيضا اجلكم الله

إذا ما هم ما تكوينهم

شياطين على هيئة بشر

اللهم أحفظ بلادنا وولات أمرنا من كل شر

واحفظ خليجنا وحكامه لشعوبهم

شكرا جزيلا على إنتقائك الرائع والمؤلم

محمد العيدان
03-02-2012, 07:47 PM
الف شكر على المرور