المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : «توم وجيمي».. «لعب عيال» فكرة عظيمة لكنها مشوهة


اللجنة الإخبارية والصحافية
16-09-2013, 02:19 PM
صُنَّاع الفيلم أضاعوا الوقت في التشويش بين الإعاقة والسياسة
«توم وجيمي».. «لعب عيال» فكرة عظيمة لكنها مشوهة
http://alwatan.kuwait.tt/resources/media/images/2013/9/311178_e.png
رؤية يحيى عبدالرحيم:
على الرغم من ان نجم الكوميديا المصري هاني رمزي في فيلمه الأخير «توم وجيمي» الذي عرض في دور العرض الكويتية، يتناول قضية انسانية مهمة وهي خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، الا انه تناولها - للأسف - بمستوى كبير من الاستخفاف، فليس بالضرورة ان النوايا الطيبة تصنع سينما جيدة.
فكرة الفيلم عظيمة ولكنها مشوشة سواء من كتاب الفيلم الثلاث سامح سر الختم ومحمد نبوي وعلاء حسن، أو من المخرج أكرم فريد، أو من بطل الفيلم نفسه هاني رمزي، لدرجة أننا خرجنا في آخر الفيلم، ولم نعرف الهدف أو الجدوى من تقديم كل أحداثه برمتها.

خلخلة الفكرة

القصة مفككة ضمت أحداثا متناثرة بلا هدف أو بناء درامي محكم ومتصاعد، جمع بين عوالم الاعاقة الذهنية والطفولة والسياسة في خليط غير متجانس، من خلال الشاب حاتم «توم» ويجسد دوره هاني رمزي من ذوي الاحتياجات الخاصة، الذي يبلغ السابعة والثلاثين من العمر الا انه يعيش بعقل طفل عمره سبعة أعوام جسده هاني رمزي.
يعيش توم مع جده وجدته اللذين لا يتقبلان وجوده معهما بالمنزل، كما يطرد من كل مكان يذهب اليه للعمل لعدم تقبل المجتمع لهذه الفئة من المرضى، ثم يباع كدمية للطفلة الثرية «جيسي» التي تجسد دورها الطفلة جنى، ثم الدمج بطريقة مفتعلة بين الأحداث الانسانية والأحداث السياسية الساخنة في مصر، بداية من وصول الاخوان المسلمين للحكم، وسباق الترشح للرئاسة بين جد جنى وهو جمال الهواري - الذي جسده حسن حسني - وطاهر البنا – لعب شخصيته غسان مطر.

تشويش كبير

العمل حاول تقديم فيلم انساني كوميدي اعتمادا على مفارقة الاعاقة الذهنية في ظل وسط سياسي قذر، لكنهم فشلوا في ذلك، فموضوع الاعاقة الذهنية يمثل قضية انسانية كبيرة تحتاج لتناولها سينمائيا في عشرات الأفلام، تتطلب درجة كبيرة من الوعي، بسبب تشابكها من الجوانب الانسانية والاجتماعية والطبية، وليس تقديمها بمستوى مجاني كما حدث، ولذلك فان الخلط بين السياسة وآلاعيبها القذرة وعالم الطفولة وما به من براءة ومرح أحدث تشويشا كبيرا أثر سلبا على توصيل رسالة الفيلم للجمهور المستهدف سواء كانوا من الأطفال أو من الكبار، وكانت النتيجة اننا شاهدنا فيلما عبارة عن «لعب عيال» لا يمت لصناعة السينما بصلة.
أضف الى ذلك الأداء التمثيلي البارد لمعظم أبطال الفيلم، فبدوا كما لو كانوا يمثلون بلا روح باستثناء الأداء الجيد للطفلة الموهوبة «جنى» في دور «جيسي»، وحضور حسن حسني وأدائه الطبيعى البعيد عن التصنع في دور المرشح للرئاسة.

فشل

صناع الفيلم امتلكوا الفكرة، ولكنهم قدموها بمستوى سيئ، فلا هي دراما انسانية تجعلنا نتعاطف وندخل أكثر الى هذا العالم الغامض بكل ما فيه من معاناة وأحاسيس انسانية مؤلمة لهذه الفئة من المرضى، من خلال البحث في هذا المرض ودراسة الأنماط النفسية والسلوكية الحقيقية له، ولا هم قدموها في شكلها الكوميدي الخالص، وانما حاولوا الجمع بين المستويين من المعالجة، وكانت النتيجة أنهم فشلوا في توصيل أي من الاتجاهين، وهنا أتذكر فيلماً فرنسياً قدم في العام 1996 بعنوان «اليوم الثامن - le huitieme jour» للمخرج جاكو فان دورميل، الذي كانت قصته تدور حول شاب يعاني من مرض التوحد «الداون» والجيد في هذا الفيلم ان مخرجه استعان بأحد مرضى التوحد بالفعل ليقوم بدور البطولة، وهو الممثل باسكال دوكونيه، الذي تم تدريبه على مستوى عال من الاحترافية، فقدم صُناع الفيلم شريطا سينمائيا دراميا انسانيا كوميديا ممتعا على كل المستويات، وجعلنا نتعاطف بحب ونتفهم احتياجات ومشاعر مرضى «الداون» كما لم تتضمن مواقفه الكوميدية أية اساءة أو سخرية من هذه الفئة، والرائع في الفيلم الفرنسي ان باسكال دوكونيه حصل على جائزة أفضل ممثل في مهرجان كان.

افتعال واستخفاف

أضاع صُناع «توم وجيمي» جهدهم ووقتهم ووقتنا في تقديم عمل أقل ما يقال عنه أنه مليء بالاستخفاف بعقول المشاهدين، خاصة فيما يتعلق بعدم وجود بحث حقيقي عن مرضى الاعاقة الذهنية، فجاء فيلما باردا ومملاً، وكانت النتيجة أننا أمام عمل فني مشوش ورديء من ناحية الصنعة، بل ان الجانب الكوميدي الذي أراده صُناع العمل جاء مفتعلاً وركيكاً ومليئاً بالسماجة والإفيهات الكوميدية المملة المكررة وغير المضحكة بالمرة بسبب شعورك أنك سمعتها من قبل عشرات المرات على غرار:
- «البيض الأبيض» المستوحى من «البيت الابيض».
- «مدرسة النوابغ الابتدائية» ولكنها تضم معاقاً ذهنياً
- وفيق ناتاشا وقناة البلاليم ويقصد «المذيع توفيق عكاشة» وقناته «الفراعين»
- عمو مش طاهر للدلالة على فساد المرشح للرئاسة طاهر البنا
- «توم مش يمشى هو يمشي»... هتاف قديم لثورة «25 يناير»
- مفرشح أو مرشح عنده زكام ويقصد مرشح الرئاسة.
كما تعمد المخرج تقليد مقالب فيلم «وحيد بالمنزل» «Home alone» ولكنها جاءت تقليدا أعمى خاليا من الحرفية والاتقان، بالاضافة الى مشاهد مقززة مثل مشهد «طقم الاسنان» للفنان حسن حسني. وأخيرا نقول… فيلم «توم وجيمي»: فكرة عظيمة لكنها مشوهة.
المصدر : جريدة الوطن (http://alwatan.kuwait.tt/articledetails.aspx?Id=304574&YearQuarter=20133)