المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الغامدي: نصوص جواز الاختلاط أُخفيت والحجاب لأمهات المؤمنين


محمد العيدان
05-01-2010, 01:05 PM
http://www.annaharkw.com/annahar/Resources/ArticlesPictures/2010/01/05/5595e0c8-d166-4fec-98de-4624752c9612_main.jpgمدير فرع «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» في مكة المكرمة أحمد الغامدي


http://www.annaharkw.com/annahar/Article.aspx?id=187838



قال الشيخ د. أحمد بن قاسم الغامدي، مدير فرع «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» في مكة المكرمة، والذي أثار حديثه عن الاختلاط جدلاً واسعاً في السعودية أخيرا، إن من انتقدوه زعموا الغيرة لله، وأن لهم أغراض يريدون تحقيقها من خلال ذلك التصعيد المقصود ضده.

وكان الغامدي قال إن الأصل في الاختلاط الإباحة، وأنه مصطلح «طارئ»، ما شكل ردة فعل قوية داخل الأوساط السعودية، التي تناقلت آراءه بشكل واسع النطاق في المجالس الشعبية، والمنتديات الإلكترونية.

وقال الغامدي في حديث مع موقع «العربية. نت» الاخباري الالكتروني بث على حلقتين وتنشره «النهار» كاملا: «إن كلامه لم يكن صادما للمجتمع السعودي المحافظ، وكل ما حصل هي ردود أفعال وإنه يحمد الله على تثبيته على آرائه»، مشيراً إلى أن ما أثير بعد تدشين جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية «كاوست» حول الاختلاط منحه الفرصة لإبراز الحق، كاشفا أهم ما يتعلق بإشكالية الخطاب الديني في السعودية، مؤكدا أنه اعتمد فقط على أبرز أدلة الجواز وإلا فهناك غيرها، ومشيراً إلى أن فئات كثيرة من بينها علماء ورجال حسبة يؤيدون ما قاله شرعا وفطرة وعقلا.

واعتبر الغامدي أنّ تغييب نصوص إباحة الاختلاط عن العامة جاء اعتقاداً من البعض ان بثّ بعض الآراء المخالفة لعادات الناس قد يكون «فتنة لبعضهم بوقوعهم فيما هو أشد منه لقصور فهمهم»، وأضاف «لم أجد لمن حاول الرد عليّ شيئاً يستحق جواباً، فلم أرَ إلا التجريح والإساءة لشخصي أو التشويش والتشكيك بأمور باطلة لتضليل الناس عن الحق، فزادني ذلك يقيناً على يقيني».

وأشار الغامدي إلى أن البعض ادّعى أن النصوص التي تدل على الجواز كانت قبل الحجاب، وأن آية الحجاب نسختها، وهم يعلمون أن الحجاب خاص بأمهات المؤمنين بنصّ آية الحجاب... وفيما يلي نص المقابلة:


خرجت بحديث اعتبر صادما للفكر السائد في البيئة السعودية.. هل كنت جاهزا لردة الفعل التي خلقها رأيك؟

أرجو أن يكون حديثي خادما لا صادما، والحق أنني لم أتوقع ردود أفعال كهذه على ذلك الحديث، ولكنني أحمد الله أن عظم في قلبي الحق ووفقني للقول به وثبتني عليه، مطمئنا إليه سبحانه وتعالى، إذ هو النافع الضار وليس أحدا سواه. وقد سليت نفسي بقوله تعالى (واصبر وما صبرك إلا بالله)، كما أحمده أنني ممن تربى قلبه على حب الدليل والتمسك به، فلم أزدد ولله الحمد بما رأيت من ردود الأفعال إلا معرفة بفضل الله علي، وما كتبته أنا مطمئن لصحته من الناحية العلمية تماما ومبتغاي مرضاة الله فيما أرجو، واعتمادي وتوكلي عليه سبحانه فيما ابتليت به ممن بغى واعتدى وظلم فهو حسبي ونعم الوكيل.

بعد الحديث.. هل وجدت اتفاقا من قبل المجتمع المحيط بك حول الآراء التي طرحتها؟

في الأيام الأولى من النشر لم أتبين ذلك لشدة طغيان الانفعال والافتعال الذي أحدثه من لا يوافق ذلك الرأي، إلا أنه بعد ذلك تبين لي، شيئا فشيئا وبجلاء شديد، أن عامة أفراد المجتمع ومن كافة الشرائح والأطياف ومنهم علماء وطلبة علم كبار، بل ومنهم طائفة من رجال الحسبة، يؤيدون ما طرحته بشدة شرعا وفطرة وعقلا.

وبدا لي حقا أن ذلك الحديث كان له أثر كبير في نفوس الناس، كونه ابتعد عن افتراض تخوينهم وافترض حسن الظن بهم كأساس يرتقي بالتربية والقيم والأخلاق إلى العفاف والاستقامة باختيار ذاتي منهم دون خوف من عقاب. كما أنه جلى لهم مظهرا من مظاهر سماحة الدين ويسره، وأذهب عنهم الإحساس بالإثم من واقع تفرضه عليهم طبيعة الحياة الاجتماعية والحاجات الملحة فيها، فحقق ذلك الطرح بالأدلة الصحيحة ارتياحا وجدانيا فيهم، ومصالحة كانت متعذرة بين ما كان يعتقد المسلم حرمته، ومع ذلك يتعسر عليه الانفكاك عنه في شؤون حياته المختلفة.

هل اخترت التوقيت لإطلاق آرائك حول الاختلاط.. أم أنها أتت بمحض الصدفة؟

لم أختر هذا التوقيت إطلاقا. وسبق أن طرحت طرفا يسيرا من حديثي هذا في صحيفة «البلاد» بواسطة خالد الحسيني في صفر عام 1429 للهجرة، واستكتمته اسمي حينها. وما أود إيضاحه أن رأيي هذا في الاختلاط كان نتاج بحث مطول له عندي أكثر من سنتين، وهو يربو عن 200 صفحة ولم أكن أصلا أنوي الإفصاح عنه الآن، إلا أنه استحثني على نشره أحد الفضلاء وأيد ذلك من عرفت فيه رجاحة العقل وصفاء الفهم وسداد الرأي وصدق النصح، فاستخرت الله في نشره حين رأيت أصوات المانعين للاختلاط وضجيجهم المسيء مرتفعا في مواقع الإنترنت وبعض القنوات الفضائية المغرضة عن جامعة الملك عبدالله، وهو مشروع عملاق يستحق الشكر والثناء فأردته ردا على من يريد تشويه مشاريع الخير والنماء في وطننا، وعلى من اعتدى على حقوق الشريعة والحوار مع الآخرين حين طالت الإساءة من قال بجواز الاختلاط تشكيكا في النوايا وتسفيها لرأيهم وتجهيلا لهم، فرأيت أن واجب النصيحة يحتم عليّ البيان بل قد يكون الوجوب عليّ آكد منه على غيري، لما اجتمع في قلبي من أسباب، ولما ثبت لي من إمعان النظر في المسألة طويلا، فكان ذلك المقال والإيضاح ردا على ذلك المد الباطل على حقوق الشريعة والوطن وأداء للنصيحة الواجبة عليّ لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.

بصفتك مسؤولا في «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».. هل سبب لك حديثك عن الاختلاط أي متاعب أو مضايقات من أي نوع؟

بلاشك.. كان هناك الكثير من ذلك ولم أكن ولله الحمد مكترثا لشيء منه بفضل الله، وقد تبين لي من ذلك ما تبين كما تبين لبعض المتابعين شيء من ذلك، وكثير من تلك الإساءات والمضايقات كان افتعالا سعى به من سعى، واستشرف لها من استشرف من ذوي الأغراض، وتداعوا بزعمهم غيرة لله، ولم يكن الأمر كذلك، بل كانت لهم أغراض يريدون تحقيقها من خلال ذلك التصعيد المقصود. أما ما كان منها انفعال صحيح فإن أكثره لم يتحلّ فيه أصحابه بأبسط بدَهيات حقوق المسلم على أخيه، فضلا عما حمله أكثرها من التجاوز بالتعدي والإساءة تعصبا وتقليدا مقيتا.

أزمة الخطاب الديني

دخلت من زاوية «التابو» الأكثر إغلاقا في المجتمع السعودي المحافظ، هل حان للخطاب الديني أن يتغير؟

العلم نقطة كبّرها الجهال. والخطاب الديني مع امتداد الزمن سيمتد معه الكثير من الخلل، إلا أن المنهج الحق سيبقى في هذه الأمة ما بقيت. وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام قوله (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك).

فالمعوّل عليه عند الاختلاف هو الحجة، وليس التكثر بالقال والقيل. وكل مسلم يجب عليه أن يتحرى الصواب والحق بدليله بقدر استطاعته، ولن يتحقق ذلك إلا بالتمسك بالكتاب والسنة الصحيحة، وكل من حاد عن ذلك بهوى أو تعصب فحسيبه الله. أما المتأولون من المجتهدين المأذون لهم في الاجتهاد فمعذورون فيما أخطأوا فيه، مأجورون في جميع الأحوال بأجر أو أجرين كما صح عنه عليه السلام. وستبقى المسائل المشتبهة محل اجتهاد المجتهدين. وهذا من عظمة حكمة الله تعالى أن ابتلى عباده بذلك، فتعبدهم بطلب الحق، عالمهم وجاهلهم، كل بقدره. ولا شك أن تحرير الفكر من عوائق الوصول للحق اعتقادا وعملا من مطالب الشريعة، وفي ذلك ابتلاء منه سبحانه ليعلم الذين صدقوا ويعلم الكاذبين. والله تعالى لم يفرض على الناس لزوم اجتهاد واحد من أهل الاجتهاد دون غيره، بل أوجب الرد إلى الكتاب والسنة عند التنازع، وذلك في مسائل الاجتهاد فقال تعالى (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا)، وصح عنه عليه السلام قوله: «إن الحلال بين وإن الحـرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعـلمهن كثير من الناس..» الحديث متفق عليه.

فالمشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، وإنما يعلمها من وفقه الله من المجتهدين. وأهل الاجتهاد مؤتمنون على البيان بالبرهان والدليل وليس بالهوى والتعصب والأقاويل، والأمة بين فتور وقوة في ذلك، والخطاب الديني فيها تبع لذلك التجاذب الذي سيبقى إلى قيام الساعة. والموفق من وفقه الله.

اتُّهمتَ من قبل بعض رجال الدين بأنك تسير في خط موازٍ للتيار الليبرالي لمصالح شخصية.. ما ردك؟!

الحق لا يُترك لأنه قد نادى به من لا نحبه أو من لا يعجبنا، وقد وصفنا الله تعالى بقوله: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى)، كما صح عنه -صلى الله عليه وسلم- قوله: «لقد شهدت في دار عبدالله بن جدعان حلفاً لو دُعيت به في الإسلام لأجبت. تحالفوا أن ترد الفضول على أهلها، وألا يعز ظالم مظلوماً». فالحق لا يُرد بهذه الدعاوى الباطلة وإنما هذا من تلبيس إبليس على الناس ليردهم عن الحق.

ولابد أن نعلم أنه ليس في الإسلام رجال دين وإنما أهل علم، وكل مسلم أغناه الله بالانتساب إلى الإسلام عن كل نسب، فهو مسلم ولا ينبغي أن يُنسب إلى غير الإسلام ما دام متمسكاً بإسلامه حتى لو أخطأ في فهم أو قصّر في عمل، فإنما أمرنا بأن نكون من المسلمين قال تعالى: (إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين)، وقال تعالى: (ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين)، وليوقن المسلم بأن كل ما في الليبرالية أو غيرها من محاسن فهو في الإسلام على أكمل وجه وأحسنه، وإن جهله البعض أو كان البعض سبباً في خفاء حُسنه، ومن تعلّق بتلك الألقاب حيناً من الدهر فعليه أن يفر منها ويلتمس الخير في الإسلام، ولينظر كم هي سعادته بعد بذلك في الدنيا قبل الآخرة ولا يمنعه ما عكّر به بعض الجهلة صفاء الحق، فإن الحق خالد في الإسلام، والنجاة والسعادة في الدارين لن يتحققا إلا به.

وأما أن هناك مصالح شخصية فاتهام يسير إلصاقه بالناس، وقد أوذي في الحق من هو خير منا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصبر وهو أسوتنا في ذلك، وهل كانت هناك أيضاً مصلحة شخصية حين تكلمت بما أعتقده قبل عام في ما يحصل من بعض الجهال عند بعض المواقع التاريخية والآثار فثار عليّ من ثار حين ذاك، ثم قال بمثل هذه المقالة من استساغ الطعن أراد التشويش على كلمة الحق لإحباط قبولها، وهذا يدركه العقلاء والفطناء، ولله الحمد ولله الحكمة البالغة سبحانه يهدي لنوره من يشاء ويضل من يشاء.

خصوصية الحجاب

الكثير من الرموز الدينية انبرت للرد عليك في الكثير من المواقع الإلكترونية بأدلة ترد على الأدلة التي جئت بها، كيف رأيت هذا الاختلاف؟!

اطّلعت على ما بلغني منها فلم أزدد إلا يقيناً بما قررته، لأن ما ذكرته من أدلة على جواز الاختلاط صحيح وصريح، رغم أني لم أستوعب كل نصوص الجواز وإنما اقتصرت على أصح وأصرح النصوص في نظري، واكتفيت في العزو إلى أصح المراجع مما لا يستطيع المخالف أن يشكك فيه بعداً عن الإطالة، ولم أجد لمن حاول الرد عليّ شيئاً يستحق جواباً، فلم أرَ إلا التجريح والإساءة لشخصي أو التشويش والتشكيك بأمور باطلة لتضليل الناس عن الحق، فزادني ذلك يقيناً على يقيني، وقد ادعى بعضهم أن النصوص التي تدل على الجواز كانت قبل الحجاب وأن آية الحجاب نسختها وهم يعلمون أن الحجاب خاص بأمهات المؤمنين بنص آية الحجاب وسببها وسباقها وسياقها، فضلاً عما تضمنته الأحاديث الأخرى من النص على أنها كانت بعد الحجاب فدعوى النسخ باطلة، ومنهم من هوّل بأن ذلك مخالف لفتوى كبار أهل العلم في المملكة وبعض المجتهدين معتبراً ذلك حجة، وذلك تقليد محرم مذموم وخروج عن المنهجية الشرعية الصحيحة في الرد إلى كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند الاختلاف والتنازع لا التمسك بالآراء والتعصب لأصحابها دون برهان.

وهؤلاء منهم من سعى بالتشويش بنقل الاحتمالات التي ذكرها بعض شُرّاح الحديث دون أدنى تمحيص لها أو تدقيق وتحقيق يستبين به الصواب منها، فلم يفد ذلك إلا التردد بين تلك الاحتمالات وليس ذلك التردد مُراد المشرّع فهو بعيد عن التحقيق ولن يأتي إلا بمزيد من التردد والحيرة لنفسه وللناس فيا لله العجب.

ومنهم من يصرّ على الاستدلال بضعيف الحديث أو يتمسك مقلداً باجتهاد مَنْ صحح بعض الأحاديث، وليس معه جواب عما أعلت به تلك الأحاديث وضعفت لأجله، وهذا تقليد محرم مذموم أيضاً. كما أنهم يعلمون أن مسائل العلم الاجتهادية كلها يدخلها مثل تلك الاعتراضات التي اعترضوا بها، ولا سبيل لتخليص الوجه الصحيح فيها إلا بالتجرد في إثبات صحتها دليلاً ثم التجرد في إثبات صحة المستدل عليه منها، وذلك لا يتم إلا من خلال البحث والتحقيق المتجردين طلباً للصواب بدليله في المشتبه من مسائل العلم، فإنه ليس قول أحد أولى من قول الآخر وإنما العبرة بالحجة والبرهان لا بالقيل والقال.

إخفاء نصوص الجواز

ما سبب تغييب هذه الأدلة التي طرحتها في وقت كان حديث الخطاب الديني خالياً من أيٍّ مما أدليت به؟!

هذه النصوص وغيرها موجودة في المراجع الدينية وكتب السنة النبوية وقد تناولها العلماء بالشرح والاستدلال والتبويب، كما بيّنت بعض ذلك فيما نشر في «عكاظ»، كما أسلفت أنني قد طرحت طرفاً يسيراً من حديثي هذا في صحيفة «البلاد» دون إظهار اسمي، وكان ذلك بواسطة محررها الأستاذ خالد الحسيني في صفر عام 1429 للهجرة، واستكتمته اسمي تحسباً لمثل هذا اللغط، لأن الإفصاح عن تلك النصوص أو التصريح بمقتضاها في أوساط العامة ووسط من درج على سماع التحريم فقط وقد بلغ التعصب منه كل مبلغ قد لا يكون محموداً عليهم أو عليه، لما قد يناله من ذمّ واتهام وإقصاء وردود أفعال مسيئة، خصوصاً إذا كانت الحرية المتاحة كبيئة مهمة للحوار ضعيفة إما لتحكّم العادة والعرف في الناس أو لغير ذلك.

ومن أسباب غياب هذه النصوص في الطرح اعتقاد بعض أهل العلم بأن بّث بعض الآراء المخالفة لعادات الناس قد يكون فتنة لبعضهم بوقوعهم في ما هو أشد منه لقصور فهمهم، فيرى أن ترك ذلك أصلح لهم خوفاً من وقوع الناس في ما هو أشد منه، ويحتج بفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- في ترك إعادة بناء الكعبة على قواعد إبراهيم -عليه السلام- إذ قال لعائشة- رضي الله عنها: «لولا أن قومك حديثي عهد بكفر، لهدمت الكعبة ولجعلتها على قواعد إبراهيم... الحديث»، وبوّب عليه البخاري بقوله «باب من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه فيقعوا في أشد منه»، ولاشك أن هذا إنما يكون فيما لا يتعلق به واجب كما هو ظاهر من قول البخاري «ترك بعض الاختيار»، أما ما كان واجباً فلا، ولذلك لما خاف النبي -صلى الله عليه وسلم- بيان ما أمر به من نكاح زينب -رضي الله عنها- وكانت زوجة لزيد -رضي الله عنه- وكان قد تبناه النبي قبل أن يبطل الله التبني ويحرم نسبة المتبنى لمن تبناه عوتب النبي -صلى الله عليه وسلم- على خوفه ذلك بقوله تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك فإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين).

... أسباب أخرى

ومن أسباب غيابها أيضاً أن بعض أهل العلم ربما خصّ بالعلم قوماً دون آخرين خشية مفسدة ما عملاً بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي هريرة في نهيه عن إفشاء فضل التوحيد مخافة اتكال الناس على فضل التوحيد وتركهم العمل فقال: (لا تبشر الناس فيتكلوا) وذلك عملاً بما أشار به عمر -رضي الله عنه- عليه. وقد بوّب البخاري على ذلك الحديث بقوله (باب من خصّ بالعلم قوماً دون قوم كراهية أن لا يفهموا)، وذكر فيه قول علي، رضي الله عنه: «حدّثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذّب الله ورسوله». ولاشك أن هذا أيضاً فيما لا يتعلق بواجب أما إذا تعلق بواجب فلا.

وفي مسألة الاختلاط كان القول بتحريم الاختلاط هو الرائج لطائفة من أهل العلم، وهو القول السائد في المملكة العربية السعودية لخلو الساحة عن غيره ولموافقته العرف والعادات حتى أصبح كالأمر المتفق عليه والمقطوع به إلا عند من عرف الأدلة، وكان القائلون بالتحريم في أمان من سطوة المتعصبين من أهل التقليد والعامة وغيرهم ممن لم يسمع خلاف ما يوافق العادة والعرف والمألوف.
سيرة ذاتية
الشيخ د. أحمد بن قاسم بن أحمد بن وافيه الغامدي من مواليد إحدى قرى الباحة في جنوب السعودية 1384هـ ويحمل درجة الدكتوراه بامتياز في الإدارة العامة والتخطيط الاستراتيجي من جامعة أمباسادور الأميركية عام 2009 بنظام التعليم عن بعد، والماجستير بامتياز من الجامعة في نفسها «القانون التشريعي» عام 2007 والبكالوريوس من جامعة الملك عبدالعزيز بجدة كلية الاقتصاد والإدارة (قسم المحاسبة).

كما تتلمذ على عدد من العلماء في فنون العلم المختلفة، وكان من أبرز شيوخه مفتي السعودية الراحل الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ محمد بن صالح العثيمين، والشيخ عبد الله بن جبرين وغيرهم. كما أجيز في الرواية من قبل عدد من المشائخ مثل الشيخ ربيع بن هادي المدخلي، وعبد الله العقيل.

ويشرف على إذاعة «المفاز» الإسلامية في بوركينا فاسو بإفريقيا، وله عدد من البحوث الحديثية والفقهية والأصولية. تنقل وظيفيا إلى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في جدة وتدرج في وظائفها حتى كلف مديراً لإدارة القضايا والتحقيق بفرع منطقة مكة، ثم رئيساً لهيئة مكة المكرمة إلى وضعه الحالي مديراً عاماً لفرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة مكة المكرمة.

نوره عبدالرحمن "سما"
05-01-2010, 01:32 PM
الناس في الآونة الأخيرة باتت تأخذ مايعجبها من الدين كوسيلة للإكراه والتسلط و إخضاع الناس لرغبات الأنا المريضة لديهم التي لم تنضج بعد ..
يقول الرب عز وجل " لا إكراه في الدين " ولست عليهم بمسيطر " "وإنك لاتهدي من أحببت " ..كلنا عبيدا لله تعالى ..
الإسلام الحقيقي أخلاق ومعاملة قبل كل شيء وأول ما يوضع في الميزان يوم القيامة حسن الخلق .. وإنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده ..جزاك الله خيرا استاذ محمد والهيئة لها مواقف خير عظيمة تشهد لها عند الله في إصلاح الناس ودرء الفساد
والعبث في الأرض..

hasan_hamad
05-01-2010, 06:47 PM
شكرًا محمد العيدان
صحيح الموضوع طويل وقراءته تحتاج لربع ساعة
والرد عليه يحتاج لكتاب وليس ورقة ولا ورقات

والشيخ في كلامه الذي قرأته الأن كان مجرد رد على أسألة
وليس تفنيد الفتوى و الكلام في فقهها

وأرجوا لكل من يقرأ اللقاء يبحث عن الفتوى ويقرأها جيدًا قبل المجازفة بالموافقة أوعدمها

اختي sama قالت لا إكراه في الدين ولكن هذه الآية تخاطب الكفار وليس المسلمين
فالإكراه في دخول الإسلام لا يجوز ولكننا كمسلمين علينا واجبات منها الفرض والسنة والمستحب
لهذا وجب تنبيه أختنا sama

ولو رجعنا لأول اللقاء لوجدنا الشيخ يقول
إن الأصل في الاختلاط الإباحة
أي أن عدم الإختلاط له أسبابه مثل مظنة الفتنة أو التحرش أو الكلام الخبيث
فالشيخ أراد الكلام عن الشيء الطبيعي هو عدم وجود هذه الأشياء الدخيلة
وإذا وجدت فهنا الخطر
قال الله تعالى : ( يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلنا قولا معروفا ) سورة الأحزاب
لهذا السبب أمر الله النساء بعدم الخضوع للقول وليس الإستماع عامة
فلوجود السبب قامت العلة المراد منها التحريم
فالإختلاط له مسوغاته ولكن على سبيل المثال لو أخت أي واحد منا أحبت أن تتمشى على الطريق ولكن كانت هناك مسيرة كلها شباب فمن باب الأولى عدم خروجها أو على الأقل عدم مشيها أمام المسيرة
كلام الشيخ يريد منا التفقه في المسألة لا ايراد الحجج بلا برهان
يقول تعالى ( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين )
الدين هو الدليل وبلا دليل لا يوجد هناك حكم شرعي والحكم الشرعي مبني على ركيزتين
أولها صرف العبادة لله وحده دون غيره وهي(التوحيد) والثاني متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم وهي (الإتباع والتقليد) للرسول فقط وما صدر من الصحابة من قول قام عليه الدليل
هذا ولن أطيل عليكم
وشكرًا على سعة صدوركم

نوره عبدالرحمن "سما"
05-01-2010, 08:25 PM
جزاك الله خيرا أخي حسن .. أنا لست على تلك الدرجة العالية من التخصص ولكن أسعى إلى أن أجتهد أكثر فأكثر وأرغب في إيضاح أمر حتى في غاية الأهمية وإن كنت على غير هدى و كنت على علم أرجو تصويبي إن أخطأت بارك الله فيكم ....

الحرية الفردية لها حدود لأنها إذا تجاوزت ستتعدى على حقوق وحريات وكرامات الآخرين وهذا منافي لمعنى الإسلام السلام فهنالك الحدود وعقوبات سنت لأجل ذلك حد السرقة القتل وترك الصلاة وشرب الخمر هذه كبائر وصاحبها سيرعى في نشر الظلم والفساد في الأرض واضطراب الأمن والسلام ولكن في بعض الأمور من تعاليم الدين لدرء الفتنة والفساد الناس لاتأخذ كل شيء فقط تأخذ ما يخدمها في فرض الوصاية والسيطرة على الغير .. كما في الحجاب أرى البعض من الفتيات أكرهن على ارتداءه هي بذلك لن تعتز بما تحمله وستحمل كرها وخوفا لمن حولها كيف وهي من سيخرج النصف الآخر وهي من سيؤثر على المجتمع بأسره .. هذا ينافي كمال العبودية المطلقة لله .. الشرع و الإسلام يؤكد على أنه "لا إكراه في الدين" لأنه سيؤدي إلا كاذبين ومنافقين وهذا مالا يريده إنما تطبيق الدين وتعاليمه حبذا لو كانت على اقتناع فالإنسان مخير ومسير في أمور صرف العبادة لله وحده فيما أمره هي أرقى أسلوب للتعبير عن محبة الله وتجديد العهد بالله بأنه يكون خليفته وينشر السلام والخير كما أمر .. نعم الله رحمن رحيم بالمؤمنين لكنه شديد العقاب جبار منتقم من العابثون في الأرض من الظلمة والجهلة الدين أرقى من ذلك .. أنا اجتهدت و أسمعها دائما تردد في مثل ذلك الموضع عند النصح في هذه الأمور لأن بحسن المعاملة لا بالفرض والوصاية لا نفاق إذا سيطبق كل مافي الدين والدين المعاملة السلام والكرامة والإنسانية الحقيقية ..هذا والله أعلم

hasan_hamad
05-01-2010, 08:43 PM
sama
صدقيني ما رديت عليج إلا إني أعرفإنج تقبلين النصيحة
ومن الناس (اللهم لا حسد) يعترفون بغلطهم
وهذا من كمال الأخلاق
ومشكورة وما عليج قصور

محمد العيدان
05-01-2010, 08:52 PM
الاخ hasan_hamad (http://forum.fnkuwait.com/member.php?u=1021) والاخت sama (http://forum.fnkuwait.com/member.php?u=5529) اشكركم جزيل الشكر على المرور الكريم والحوار الهادف والجميل والذي اتمنى من الجميع الحذو بحذوكم حتى تعم الفائدة للجميع .. وشكرا مرة اخرى

نوره عبدالرحمن "سما"
05-01-2010, 08:55 PM
هناك مقولة تردد دائما على ألسنة العقلاء وهي : " لأن أحاج ألف عالما خيرا لي من أن أحاج جاهلا واحد ..
والحكمة ضالة المؤمن ..جزاكم الله خيرا