المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قوة المعتقدات


نوره عبدالرحمن "سما"
21-02-2010, 06:19 PM
قوة المعتقدات


تأملات في كتاب موسوعة التنمية البشرية للدكتور عبداللطيف العزعزي


عندما ينوي الإنسان القيام بأمر ما فعليه أن يعطي نفسه الوقت الكافي لدراسته دراسة وافية ليخرج بنتيجة تدعوه إما للتقدم فيما ينوي القيام به أو تنصحه بالتوقف والعزوف عن الموضوع .
وفي كلا الحالتين على الإنسان أن يتوكل على الله حق توكله دون أدنى شك ، أو إشراك أي مخلوق في هذا التوكل .

وللأسف الشديد أن الكثير من الناس من تعيقه أفكاره المشوشة ومعتقداته العقيمة التي لا تلد سوى الندم والحسرة على ضياع الفرص والوقت في إتيان كل ما هو مفيد . تجدهم مكتوفي الأيدي يتأملون في أحلامهم المرهونة في عقولهم أو التي لم تتجاوز حدود الورقة التي كتبت عليها . فمنهم من يتشاءم من أمور كثيرة حتى من تحقيق أهدافهم ، و هذا قد يكون بسبب اعتقادهم بأنها أهداف قد توصلهم إلى متاعب ومشاكل مع أناس آخرين . ومنهم من يعتقد بأن حاجته التي يسعى في طلبها لن تتحقق إلا بأمر فلان من الناس ، فيقيد تفكيره ويجمد طاقته وإمكاناته ومصادره الأخرى بسبب ذلك الاعتقاد .

ومن أمثلة المعتقدات السائدة بين الناس و التي لها أثر سلبي كبير عليهم في عدم استثمار طاقتهم الجسدية والفكرية في البحث والتحليل وإيجاد الحلول والطرق والبدائل لأي مسألة ما ، هو معتقد
" الواسطة " .
فكم من هؤلاء ممن أضاعوا على أنفسهم فرص التقدم لوظائف معينة أو لإكمال دراستهم أو للحصول على ترقية وما إلى ذلك بسبب اعتقادهم بفعالية " الواسطة " عن أي مبرر آخر ، و هم لا يملكون " الواسطة " .

لا تقف مكتوف الأيدي أمام أمور مثل هذه حتى و إن كان لها فعالية كبيرة ، فلكل مجتهد نصيب والتوفيق من الله – سبحانه وتعالى – فهو الرازق والمعطي و هو من بيده خزائن السماوات والأرض ، فأحسن الظن بالله .

عزيز ي حدوث الأحداث – بعد مشيئة الله – تتأثر بدرجة كبيرة وفقا لمعتقدك ، فكيفما يكون معتقدك تكون الأمور .

ولذا عليك إعادة حساباتك ومعرفة مكامن المعتقدات الخطأ التي لديك الظاهرة والدفينة ، وتمحيصها وعرضها على الحقائق ؛ لأن هناك الكثير منها لا تمت لك بصلة ولا لما تعتقد به .

فتأمل في معتقدات حول هذه الامور :
• النجاح .
• ظنك بالله .
• عباداتك .
• ذاتك .
• إمكانياتك ومقدرتك .
• الصحة .
• العلم .
• الفهم والاستيعاب .
• الذاكرة .
• الوظيفة .
• التجارة .
• شريك حياتك .
• أبناؤك .
• حياتك و مماتك .
• الطيران والسفر .
• السواقة .
• الظلام .
• الجن .
• السحر والشعوذة والدجل .
• أقوال العرافين .
• حظ اليوم .
• الأبراج .
• التوقعات .
• المفاهيم و المعتقدات ( حكة اليد ، رمشة العين ..) .
• البومة .
• القط الأسود .
• الوراثة .
• الصداقة .

زن الأمور بعين العقل والعلم والحكمة ولا تجعل للمعتقدات السلبية سبيلا إلى عقلك ونفسك .
وإذا هممت بأمر بعد دراسة مستفيضة فاخضع لأمر الله – سبحانه وتعالى – حين يقول في محكم تنزيله :

((فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين )).

وفي الحديث الشريف الذي رواه الترمذي ، عن عمر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم – يقول : " لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لزرقكم كما يرزق الطير ، تغدو خماصا و تروح بطانا " .
ولكي يتخلص الإنسان من المعتقدات العقيمة التي لا تأتي بشيء مفيد خاصة حول مواضيع صناعة النجاح وتحقيق الأهداف والتجارة والتحصيل العملي والعملي ، عليه أن يسأل نفسه هذين السؤالين ويجيب عنهما بصدق تام :

الأول : مالذي يمنعني م فعل كذا ؟
الثاني : ماذا سيحدث لو فعلت كذا ؟

فبهذين السؤالين يتخلص الإنسان من أي خوف أو شك أو معتقد قد يؤثر عليه أو على رغبته وعزيمته ، لأنهما يعتمدان على مواجهة الإنسان لنفسه التي بدورها تقوم بالبحث عن الإجابة من خلال التركيز على الموضوع والتفكير
فيه والبحث عن الحلول والأسباب وتحليل النتائج بطريقة مرضية للنفس ، فيخرج الإنسان في نهاية الأمر بقرار مبني على أساس مقنع له .

والمعتقدات كثيرة وعديدة ومنها المعتقد عن الذات ، حيث يأخذ جانبا إيجابيا إذا كانت نتائجه إيجابية ، وجانبا سلبيا إذا أخذت أبعادا غير مقبولة كما يحدث مع المغرور والمدعي وغيرهم .

تقول الدكتور ناديا سميح السلطي في كتابها ( التعلم المستند إلى الدماغ ) : " يقع مفهوم الذات في عمق نظام المعتقات المعرفية . في حين يصف هذا النظام الطريقة التي نرى بها العالم ، فإن مفهوم الذات يصف الطريقة التي ننظر بها لأنفسنا في ذلك العالم ، فلربما أدرك نفسي على أنني لاعب كرة جيد ، وأنني طالب فوق المتوسط ، أو ضعيف في الرياضيات . تشكل الأوصاف و كثير غيرها جزءا من مفهوم الفرد " .
ولكي تتضح لك الصورة عن قوة أثر المعتقدات على الإنسان إليك هذه القصص الواقعية والمفيدة لعلها تحدث في معتقداتك تغييرا جذريا للأفضل .


معتقد الشاب وعصير التفاح .


يقول الدكتور عبد اللطيف العزعزي في كتابه " موسوعة التنمية البشرية يقول : حدثني أحد الشباب فقال : " نوى أحد الأصدقاء السفر معي و مع بعض الأصحاب لإحدى الدول القريبة ، و تعد هذه السفرة الأولى له في حياته . و قرر أن يسكر . فنصحناه ولكنه أصر أ فأدخلناه مطعم الفندق وطلبنا له عصير تفاح ، ولما ذاقه قال : " هذا تفاح و ليس بخمر " فقلت له : إن الخمر الآن يمزج بالتفاح أو المانجو أو الموز ..فهل تريد مزجه بفاكهة أخرى ؟ فقال : لا التفاح أفضل . فشرب وشرب إلى أن شعر بأنه ثقيل و أنه يتمايل قال بلسان ثقيل : " أشعر بأني أطير " و بعد قليل أخذ يتقيء وكأنه قد سكر بالفعل .


معتقد الشاب والحلوى .


يقول الدكتور عبداللطيف حدثني أحدهم فقال : كنا ثلاثة في السيارة في طريقنا من مدينة العين إلى أبو ظبي ، وأثناء السير اتفقت مع أحد الاثنين على أن نعطي زميلنا الثالث قطعة حلوى وبعد أكلها نقول له " بأنها ملين ومسهل للبطن " . ففعلنا ذلك ، و كان قد بقي لنا قرابة الساعة للوصول لأبو ظبي . فإذا به يوقفنا ثلاث مرات عند كل محطة بترول أو مسجد لدخول دورة المياه .

معتقد الرجل المحكوم عليه بالإعدام .

في تجربة علمية أجراها باحثون أجانب ، قيل لرجل محكوم عليه بالإعدام بالكرسي الكهربائي : هل تمانع بأن يتم إعدامك بقطع الوريد وتنزف لتموت خلال خمس دقائق عوضا عن الكرسي الكهربائي ؟ فقبل الرجل ؛ فهذه الطريقة للإعدام أهون عليه من الأولى . و ضع الرجل في كرسي وشد الوثاق و غطي على عينيه ثم أحضر الباحثون أنبوبا به ماء دافي بدرجة سخونة الدم ووضع على بعد مسافة من يد الرجل ثم أحضروا آلة حديدة غير حادة ومرروها فوق يده عند الوريد إيهاما بقطع الوريد ثم أسالوا الماء الدافئ وبعد خمس دقائق كشف عليه الطبيب وجده قد فارق الحياة .
تعددت الأسباب والموت واحد ، هكذا كان قدره .


معتقد الرجل الذي لم تفتح مظلته .

رجل من جنوب إفريقيا قام بعملية القفز الحر من طائرة على ارتفاع ألف متر ( كيلو متر ) و أثناء القفز لم تفتح مظلته و أخذ يهوي بسرعة في وسط من ترقب الناس والصحفيين لما يجري فالتطم بالأرض بقوة ، والناس في حالة هلع وخوف و بعد ثوان وقف الرجل على قدميه ينفض التراب من على ملابسه و هو يقول : " لن أعيدها مرة ثانية " ، فاندهش الحضور مما جرى فسألوه عن السبب فاكتشفوا أنه لم يكن يعرف بأن مظلته لم تفتح ، وقد كان يعتقد بأنها مفتوحة و أن سرعتها هكذا .

وهناك محاور كثيرة يتمحور حولها المعتقد منها ما يلي :

• المعتقد عن الذات : فيها السلبي والإيجابي ، فأرجو أن تركز على الإيجابي إذا أردت لنفسك السلامة من مغبات تطور المعتقد السلبي عن الذات إن أنت بدأت بالاتجاه إليه .
• المعتقد عن المعاني : كثيرة هي الأحداث التي تمر علينا من وقت لآخر ، و هذا أمر طبيعي و ليس فيه شيء ، ولكن ما يلفت الانتباه هي المآخذ و المعاني والتفسيرات والتأويلات لما حدث وما جرى . فخسارة التجربة الأولى عند البعض فيها فائدة و تعلم و تجربة طيبة كسب منها خبرة جديدة ، و هي نفسها عن البعض الآخر هي مؤلمة و خسارة كبيرة وتنبء بأسوأ منها في المستقبل ، و هذا يعني التوقف عن المحاولة مرة أخرى .

أعرف أحد الموظفين ذا خبرة طويلة وعقلية عملية قوية ما شاء الله ولكنه يفسر معظم الأحداث والنظرات ضده تماما ، فإن قال له فلان الذي يتحسس منه : " أهلا.. أوله مباشرة وفق معتقده بأن هناك أمرا ما كان يحاك من ورائه . فيقلق مما هو آت " .
• المعتقد عن الأسباب : و يتضح هذا الموضوع من خلال هذه القصة الحقيقية الجملة . فذلك الاختصاصي الاجتماعي الذي بلغ أنه مرشح لمنصب " وكيل مدرسة " ، ووفقا لما عرفه من مسؤوليات جسام و مشاكل و قلة نوم و إجهاد . و أحد التجار عندما عرض عليه خبير اقتصادي بمقدرته على فتح فروع أخرى و التوسع في النشاط برز ذلك المعتقد الذي يقول : " التوسع في نشاط ربما يسبب ضعف في الإدارة والتحكم في الأمور فيحدث التلاعب " ، وهذا المعتقد جعله يرفض فكرة التوسع إطلاقا .
ويأخذ المعتقد في الأسباب مناحي سلبية كثيرة تجعل الشخص العاجز يسقط الأمور على الأشياء و على الآخرين . فيرفض الطالب الاجتهاد للحصول على درجات عالية لمعتقده بأنه هو مثل أبيه أو خاله أو أحد أقاربه مهما فعل فلن يزيد على ما يحصل عليه .
وإذا نصحت أحدهم في تطوير نفسه في العمل لقال لك : لو كان لدي مدير مثل مديرك لكنت فعلت كذا وكذا ..." .
• المعتقد عن الماضي : إذا كان لديك تجارب سيئة في الماضي فلا تلتفت لها ولا تعمل على تدويرها في ذهنك فإن ذلك من أخطر الأمور ، فصداها وقت تأثيرها سيسيطر على نجاحاتك المستقبلية ، خاصة إن كنت من الذين يربطون أحداث الماضي السلبية بما يمكن أن يحدث لهم في المستقبل . فاجعل في ذهنك أن كل تجربة تخوضها هي تجربة مستقلة بذاتها ؛ لأنك مخلوق متطور ذهنيا ونفسيا وعلميا ، أي أنت في كل تجربة شخص مختلف بإيجابية .
• المعتقد عن المستقبل : عندما يحمل الإنسان التصور والتشاؤم والنظرة السوداوية عن المستقبل يغلق أمامه أبواب الخير ، ولا يعد يقوى على فتحتها ؛ لأنه مؤمن بأنها لا تحمل له الخير .إحدى العميلات لشركة ما سمعت عن خبر قرب سفر الموظفة الفلانية للزواج في بلدها ، فباركت لها و قالت لها : " أكيد أنت الآن سعيدة وفرحانة " ؟ فردت عليها تلك الموظفة بمعتقد أسود عن المسقبل ؛ " ومالذي يدريني يمكن تقع الطائرة و أموت قبل أن أصل ، أو يمكن أتطلق بعد الزواج مباشرة ، أو يمكن اكتشف أن زوجي لا يناسبني ..."
• المعتقد عن الفشل وعدم القدرة : إذا لازم الإنسان معتقد فشله بكل ما يقدم عليه مهما بذل من جهد ، فهذا كفيل بتحقيق الفشل له وتقييده وإحباطه ، فيعمل عقله الباطن على تحقيق خطة الفشل بشكل تلقائي . أحدهم قدم لي بحثا لأدقق على فقرة صغيرة ... وعندما طلبت منه تحويل البحث إلى كتاب رد بعدم قدرته على ذلك ، وبعد الإقتناع وبناء معتقد الإمكانية أصدر بدل الكتاب إثنين .
• المعتقد بعدم جودة ما يعقل : هذا المعتقد يجعل الإنسان في برمجة ذهنية تقيد وتحجم إمكاناته وفقا لتلك التعليمات التي أملاها هو على نفسه . و قد شاهدنا أناسا كثرا يحملون هذا المعتقد .