إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-07-2010, 02:14 PM   #1 (permalink)
خبيرة في التنمية البشرية
 
 العــضوية: 5529
تاريخ التسجيل: 17/09/2009
المشاركات: 3,872
الـجــنــس: أنثى

افتراضي احتمال الماتركس


احتمال الماتركس



فهد عامر الأحمدي


في كتابه «التأملات» توصل الفيلسوف ديكارت إلى حقيقة عجز الإنسان عن التفريق بين الحلم الافتراضي والواقع المادي .. ولست متأكدا إن كان هذا الاكتشاف يحتاج الى فيلسوف بحجم ديكارت كون ملايين المراهقين يكتشفون كل ليلة هذه الحقيقة من خلال أحلام جنسية يجدون آثارها في الصباح !!

وبطبيعة الحال جميعنا جرب الحلم بأحداث وتفاصيل لم يعتقد (أثناء حلمه بها) أنها غير حقيقية أو مصطنعة أو تجري في عالم الأحلام فقط.. ولو قُدر لنا النوم لعشرة أو عشرين عاما (مثل حوادث الإغماء الطويلة) لاستمر معنا الحلم دون أن نشك لحظة في عيشنا أحداثا خيالية ذات أبعاد افتراضية مخادعة..

فدماغنا ببساطة قابل للخداع ولا يفرق بين الواقع المادي (المصنوع من الذرات) والحلم الافتراضي (المصنوع من التيارات العصبية أو الوحدات الإلكترونية).. بل أكاد أجزم أنه يفضل «الأحلام» على «الواقع» كونه يشكل الأحداث بالطريقة التي تناسبه وتتواءم معه بشكل أفضل ويعتبرها الأصل والأساس الذي بدأ بتشكيله في رأس الجنين أثناء فترة الحمل...

ويخطئ من يعتقد أن حواسنا الخمس تصبح أداتنا لتمييز الواقع بعد خروجنا من الرحم (والدليل أننا نستغني عنها في الحلم ومع ذلك نحس ونشعر بكل شيء)؛ ففي الحلم يزيحها العقل جانبا ويتكفل باختلاق الأصوات والروائح والمشاهد وصنع المواقع والأحداث التي تناسب «القصة» دون أن نشك لحظة بحقيقتها!!

*** *** ***

واحتمال عيشنا في حلم شخصي طويل شكّل محور فرضيات فلسفية وروايات خيالية تستحق التأمل بالفعل .. فأنا شخصيا لا أنسى القدر الكبير من التساؤلات التي انبثقت في رأسي بعد مشاهدة فيلم ماتركس (Matrix) حيث يعيش البشر في حاضنات اصطناعية تضعهم في عالم افتراضي يعيشون فيه بسعادة مصطنعة .. كما لم أستطع تجاهل الخيار المقدم في فيلم فانايلا سكاي(Vanilla Sky) حيث يصاب البطل بإعاقة خطيرة إثر حادث مروري تموت فيه خطيبته فتتحطم حياته ويصعب عليه العيش في العالم الحقيقي فلا يبقى أمامه غير النوم بقية حياته والعيش في حلم افتراضي جميل (من خلال شركة متخصصة في تنويم المصابين وأصحاب العاهات حتى يجد لهم الطب حلا)!!

والسؤال هنا :

من يضمن أن حياتنا نفسها ليست سوى حلم مماثل وطويل!؟ .. ماذا لو كانت أحلامنا الفردية جزءا من برنامج افتراضي متقن يشترك فيه كافة البشر!؟ .. ألم يقسم المجرمون يوم تقوم الساعة أنهم لم يلبثوا غير ساعة!؟ .. ألم يجزم أصحاب الكهف أنهم لم يلبثوا في كهفهم إلا يوما أو بعض يوم !!

... أما الاحتمال الثاني (عيش كافة البشر في برنامج افتراضي طويل) فيذكرنا بالحياة البرزخية التي يذهب إليها الأموات بعد وفاتهم .. فهل يعلم الأموات فيها أنهم «أموات» !؟ .. هل يعتقدون أنهم يعيشون في واقع مادي ونحن في عالم افتراضي بالنسبة لهم!؟ .. وحين يلتقي أحدنا (خلال الحلم) بأحد أقربائه المتوفين فمن يذهب لمن، وفي أي موقع ومكان يحدث ذلك!؟ .. وحين يؤكد ابن الجوزية إمكانية التقاء روح الحي بروح الميت أثناء النوم عطفا على قوله تعالى (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى) فمن يعود للموقع الحقيقي ومن يعود للموقع الافتراضي بعد انتهاء اللقاء وإرسال (الأخرى) إلى أجل مسمى!؟

... سأضطر لترك النهايات مفتوحة كي تتأملها بنفسك .. ولكن كن على ثقة بأن من لا يستيقظ من سباته لا يشك في واقعية أحداثه ، وأن عدم تعطل النظام الكوني (أو إصابته بخلل مؤقت) يحول دون تأكدنا من طبيعة الحقائق والأحداث المحيطة بنا !


جريدة الرياض

 

 

__________________

 


لم يكتشف الطغاة بعد سلاسل تكبل العقول... اللورد توماس

نوره عبدالرحمن "سما" غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الماتركس, احتمال


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أنباء من تركيا: احتمال إبرام اتفاق لتحرير شاليط الثلاثاء المقبل الفنون القاعة الكبرى ( القضايا العامة وملتقى الاعضاء ) 0 08-02-2009 10:00 PM


الساعة الآن 12:04 PM


طلب تنشيط العضوية - هل نسيت كلمة المرور؟
الآراء والمشاركات المدونة بالشبكة تمثل وجهة نظر صاحبها
7 9 244 247 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 289 290 291 292