إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-04-2009, 10:34 PM   #1 (permalink)
عضو شبكة الدراما والمسرح
 
 العــضوية: 2592
تاريخ التسجيل: 23/03/2009
المشاركات: 41

افتراضي لأصدقائي وصديقاتي بالمنتدى قصة بقلمي


نسمة والبساط الأبيض
اتكأ على تلك الوسادة البيضاء.. يحلق معها فى فضاء لا متناهى.. تحيطهما نسمات باردة يرتجف معها جسده.. يتحسسن تلك الكتلة البيضاء التى على الرغم من خفة وزنها إلا أنها كانت تحمله على قطنها الأبيض تداعبه كريشة أسلمت نفسها للهواء..
وفى المقابل… حلق بالفضاء بساط أبيض.. نُسجت خيوطه من قطن بلون نقاء الطفولة.. يُرى ولا يُلمس.. يتحرك ببطء.. يحمل على متنه "نسمة"… مُغلفة بحمرة وردة نديّة.. تظللها جدائل ذهبية تهمس همسات شقية بأذنيها.. تداعب حبات اللؤلؤ بين شفتيها.. ترقص رقصات مجنونة على كتفيها.
تمتد يده.. يود لمسها.. فيحملها ذلك الرداء الأبيض.. يحلق بها فى الفضاء.. وتحمله ريح عاتية تُبعده عنها.. أبَتْ ألا يقترب من تلك "النسمة" الحالمة.. من ذلك الحلم الوردى.. تهمس إليه بهمسات غير مسموعة.. فيغمض عينيه ويفتح أذنيه لعلهما تلتقطان حرفا واحدا يطفئ لظى عطش السنين.. يُخْمِد هذا الشعور الغامض الذى اجتاح مشاعره منذ أن رآها.. صرخ بأعلى صوته:
- من أنت؟.. ومن أين أتيتِ؟!!
انفرجت أساريرها عن ابتسامة عذبة أذابت ما تبقى بداخله من جمود… صرخ ثانية:
- توقفى.. لا تبتعدى.. شئ ما يجذبنى إليك.. توقفى.
اعتدلت فوق البساط الأبيض.. ترفع تلك الخصلات الذهبية التى يداعبها الهواء من آن لآخر.. يحظى بملامستها وحده.. أومأت إليه برأسها إيماءة فهم منها أنها تريد منه الاقتراب.. تثقبه بنظرات ساحرة يمتزج فيها الربيع بالخريف والصيف بالشتاء.. تخترق نظراتها الثاقبة صدره بسهام تحمل الداء والدواء معا.. تُرسل إليه إشارات غامضة فهم مغزاها.
رداء آخر يقترب منه.. ليس بلون وسادته أو بساط "نسمته".. بل كان بلون النار يغطيها دخان كثيف.. يقترب الرداء النارى منه.. يصطدم بوسادته فيذيب منها جزء.. يتشبث بالجزء الباقى.. يحاول الاقتراب من نسمته.. ولكن كيف؟.. فوسادته هى التى تحمله وليس هو.
يحاول جادا الاقتراب من "نسمته" التى ارتفعت ببساطها الأبيض مسافة كبيرة.. ولكن كيف؟.. وبسرعة حاول أن يحيك نبضاته.. النبضة تلو الأخرى.. يصنع منها سلم للوصول إليها.. ولكنه كان كمن يحرث فى بحر عميق.. فقد كانت نبضاته ثائرة.. كل نبضة تأبى الالتصاق بالأخرى.. تقفز من مكانها حتى تبعثرت وتناثرت فى الهواء تصرخ هنا وهناك عند السقوط.
نظرت إليه " نسمته " من جديد.. تحثه على المحاولة مرة ثانية.. لم يجد أمامه سوى سنوات عمره.. أخذ يجدلها.. السنة تلو الأخرى ولكنها تمزقت.. فقد كانت بالية.. ولم تحتمل الصمود.. فتمزقت.. وبدأت قواه تخور.
تنظر إليه فى شوق.. ترسل له ذلك الأريج الربّانى الذى تتعطر به.. يفيق.. يصرخ من جديد:
- حلمى الجميل.. من أنت؟.. يقتلنى الشوق لملامسة أناملك.. عيناك أحيت طريقى من جديد.. لا تبتعدى.. أننى أحبك.
نظرت إليه بعينيها فاختلط لونها بزرقة السماء فوق هذا الرداء الأبيض تاره.. ثم تبدل ليصبح بلون السندس الأخضر تارة أخرى..
أرسلت إليه ابتسامة تهافتت الرياح عليها فتشاجرت وزمجرت وكشرت عن أنيابها تهدد من تسول له نفسه الاقتراب من هذه " النسمة "..
ابتعد البساط الأبيض.. تحمله الرياح.. يحملها على متنه … تنظر إليه وهى ما زالت تشير له بالاقتراب.. ولكن كيف؟!..
وفجأة.. تبدّل لون وسادته فصارت بلون الليل الأسود البهيم.. ارتجفت تحت وطأة الرياح فأخذتها بعيدا.. صارت هشة.. لا تقوى على حمله.. تفتت وذات حتى تحلّل قطنها الأبيض إلى زخّات خفيفة من المطر.. أخذت تكبر وتتثاقل رويدا رويدا.. حاول الإمساك ببقاياها ولكنه كان يمسك برياح يتخللها رعد وبرق فسقط على الأرض مصعوقا.. تتناثر نبضاته… يصرخ قلبه ألما.. ومع ذلك فهو لا يزال يشخص بصره لأعلى.. ينظر للفضاء اللامتناهى.. يبحث عن الرداء الأبيض.. ربما يجد تلك "النسمة" مرة أخرى على الأرض.
(أصدقائي وصديقاتي مع جزيل شكري وحبي لكم)

 

 

المغربي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-04-2009, 10:54 PM   #2 (permalink)
عضو شبكة الدراما والمسرح
 
الصورة الرمزية عاشق بو عدنان
 
 العــضوية: 1927
تاريخ التسجيل: 19/01/2009
المشاركات: 269

افتراضي

اطراء جميل, قلمك رائع عزيزي المغربي
شكرا

 

 

__________________

 


عاشق بو عدنان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-09-2009, 09:30 PM   #3 (permalink)
عضو شبكة الدراما والمسرح
 
الصورة الرمزية العميد
 
 العــضوية: 5614
تاريخ التسجيل: 20/09/2009
المشاركات: 333

افتراضي

الف الف شكر على الموضوع...

 

 

العميد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-10-2009, 01:41 AM   #4 (permalink)
عضو شبكة الدراما والمسرح
 
 العــضوية: 4997
تاريخ التسجيل: 02/09/2009
الدولة: المنامه - البحرين
المشاركات: 206

افتراضي

القصه من جد روعه
والموضوع شيق وجميل وله معاني هامة وعميقة وياريت لو ان الجميع يقرأها

أخي الكريم

أكثر ما أعجبني في مقالتك المقطع الذي تقول فيه :

فالنبضات ضعيفة لا تُحاك... والسنوات واهنة.. عجوز.. لا تُجدل.

كأني بك تريد القول أن الانسان بطبعه ضعيفا مهما بلغ ما بلغ
وان هذه الحياة فانيه فلن يستطيع المكوث فيها طويلا والمال والولد
وطول العمر لا يجدى وان كان طويلا .. سبحان الله جل وعلا
طبعا هذه وجهة نظري في الموضوع ليس الا ..

أخي الكريم

بالنهايه جميل ما جاد به قلمك وقد أعجبني طرحك بكل ما للكلمة من معنى
وهذه ليست مجاملة بحقك لاني متذوقة للشعر وقراءة القصص
دمت بألف خير

وتقبل تحياتي


 

 

زهراء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
جميع مسلسلات العملاق عبد الحسين عبد الرضا الموجوده بالمنتدى هنا + جميع الأوبريتات .. أحمد سامي الـقاعـة الـكـبرى ( الفن والإعلام ) 66 11-06-2010 10:42 AM
قصة جديدة لإخواني بالمنتدى بقلمي - منشورة بجريدة الأنباء الكويتية 1997 المغربي القاعة الكبرى ( القضايا العامة وملتقى الاعضاء ) 3 24-09-2009 09:29 PM
لأصدقائي وصديقاتي (متزوج مع إيقاف التنفيذ) قصة بقلمي المغربي القاعة الكبرى ( القضايا العامة وملتقى الاعضاء ) 1 29-04-2009 04:42 PM
الحب العصري - قصة بقلمي إهداء لأصدقائي وصديقاتي بالمنتدى المغربي القاعة الكبرى ( القضايا العامة وملتقى الاعضاء ) 2 07-04-2009 04:28 PM


الساعة الآن 09:38 PM


طلب تنشيط العضوية - هل نسيت كلمة المرور؟
الآراء والمشاركات المدونة بالشبكة تمثل وجهة نظر صاحبها
7 9 244 247 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 289 290 291 292