المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نص مسرحية المفاتيح - مسرح جاد - جريمة


حامد العلي
24-07-2024, 04:58 AM
[font="verdana"][font="tahoma"][size="6"][indent][font="arial"][size="5"]
مسرحية

" المفاتـــيح "





بقلم
حامد العلي



المشهد الأول

مطرقة ودماء


تفتح الستارة
مكتب وكيل النيابة ( جيرارد )– نهار داخلي
يدخل جاك بخطوات ثقيلة وهو يغلق قبضته الشمال وكأنه يخفي شيئا ، يتبعه السكرتير هنري ، الذي يشير إليه بأدب ويقول :
تفضل سيد جاك .. الفرّاش في طريقه ليخبر حضرة وكيل النيابة بوجودك .

جاك بابتسامة :
شكرا لك .. لم أكن أحب أن آخذ من وقته ، ولكن ..

هنري بأدب يشير إلى جهة ما :
نعم ، هو مشغول منذ الصباح ، لقد جاء به سائق الإدارة من منزله إلى المكتب باكرا ، ثم توجه به إلى المحكمة ، انظر حتى أنه نسي هاتفه النقال على الشاحن منذ الصباح .
من حسن حظك أن اجتماعه مع النائب العام قد انتهى قبل لحظات .

جاك مقدرا :
شكرا لك ..

يشير جاك إلى الهاتف الأرضي الموجود على طاولة وكيل النيابة :
هل أستطيع أن أستخدم الهاتف لأتصل بزوجتي ؟ فهي لا ترد منذ الصباح ..
وهاتفي النقال لا يلتقط الإشارة هنا ..

هنري : أغلب هواتفنا كذلك في هذا المبنى ..
تفضل .. إضغط على الرقم 9 قبلا لفتح الخط .
هل أطلب لك شيئا تشربه ؟

جاك : كلا .. فمعدتي ليست على ما يرام .. شكرا لك ..

يخرج السكرتير ، بينما يتوجه جاك إلى المكتب ، ويتصل .. واقفا .. ثم يفتح قبضته ويضع راحة كفه على الكرسي الجلدي ، يمسحها بتلقائية .
يغلق السماعة من دون أن يتصل .. ثم يتوجه إلى باب الحمام في طرف الغرفة .
نسمع صوت الماء .. لحظات ..
يدخل وكيل النيابة جيرارد في نفس الوقت الذي يخرج فيه جاك من الحمام وهو ينشف بقايا الماء من يده .
يتلاقيان .. يبتسمان لبعضهما مصافحين بعضهما .. إلا أن ابتسامة جاك باردة تحمل خلفها .. ثقلا ..
جيرارد : جاك ! كيف حالك .

جاك : بخير .. بخير .. كيف حالك أنت ؟

يتجه جيرارد ليجلس مقابل جاك ، ولكن جاك يصر عليه ليجلس على كرسيه خلف الطاولة ..
جاك : كلا ، خذ راحتك .. اجلس حيث تجلس دائما ..

جيرارد : شكرا لك .. أهلا ، أهلا .. اعذرني فقد كنت مشغولا ..

جاك : أعلم .. أعلم .. فطبيعة عملك تجعلك في عجلة من أمرك دائما ..

باسما
جيرارد : لا بأس .. أنا تحت أمرك ، على الإنسان أن يتفرغ لجيرانه أيضا ، فلهم حق عليه ..

يدخل الفرّاش وبيده قهوتان يضعهما ثم يخرج ..
جاك يبعد قهوته قليلا .. لا يرغب بها ..
جيرارد : بماذا أستطيع أن أخدمك ؟ هل كل شيء على ما يرام ؟

جاك يتنهد متألما ثم يتابع بنظره الفراش وهو يغلق الباب ..
جاك : بصراحة ، إنها برناديت !

يتسند في مكانه وكيل النيابة جيرارد وهو يعض على شفته متفكرا بقلق ..
جيرارد : برناديت ؟ زوجتك ؟!

يهز رأسه بضيق ثم يكمل
جاك : نعم ..

جيرارد يتابع جاك وقد بدى عليه الاهتمام
جاك : منذ سنوات ، وعلاقتنا فاترة .. خصوصا بعد أن فقدنا ابننا الصغير ، لمرض السرطان ..

يطرق جيرارد ويهز رأسه بحزن
جيرارد : نعم .. نعم ..

جاك : لاحظت قبل أكثر من شهرين ، أنها تختلي بنفسها كثيرا ، وأعلم أنها تحادث شخصا ما على الهاتف ، ولكنها لم تفصح لي يوما عن سبب ذلك !
أضحت مشغولة البال دائما ..

جيرارد يتنهد
جيرارد : لماذا لا تحاولون العلاج الخاص - لم ينفعني أنا وزوجتي - ولكن .. بعض الناس يستفيدون من تلك الجلسات .

جاك : لا أدري .. فبعد أن كان الحزن قد أكل قلبها على ولدها طويلا .. أمست فرحة .. دب النشاط في بدنها ، والأمل في عينيها ..

جيرارد متفاعلا
جيرارد : هلا سألتها عن سبب تلك السعادة ؟

يطرق ويهز رأسه بضيق .. يتنهد ..
يدخل هنري ، فيصيح به جيرارد
جيرارد : ليس الآن .. ليس الآن ..

يخرج السكرتير ويغلق الباب بأدب ..
جيرارد باهتمام
جيرارد : عفوا .. أكمل .. أكمل ..

يتنهد
جاك : لقد .. آه .. عرفت ..

باهتمام وقلق
جيرارد : ماذا ؟
جاك : عرفت .. سر سعادتها ..

جيرارد يفتح عينيه وتعلو أنفاسه متابعا باهتمام ..
جاك : إنه رجل آخر .. عشيق .

يضرب جيرارد بيده على الطاولة بضيق ..
يقوم من مكانه ويمشي قلقا في الغرفة ، ثم يقول
جيرارد : ألا تخشى أنك قد استعجلت ! ربما يكون هناك تفسير آخر لسعادتها !

يهز رأسه يائسا
جاك : كلا .. أنا متأكد ، رغم أنني فعلت شيئا غير أخلاقي
إلا أنني لم أجد بدا من فعل ذلك ، لقد تلصصت عليها ورأيت رسالة في هاتفها ، كان كلاما عاطفيا ..

يقاطعه ليطمئنه
جيرارد : لعل المرسل امرأة ذات لسان عذب .. لا تستعجل أيها الرجل ..

لحظة صمت .. يطرق خلالها وهو يعبث بأصابعه ثم يرفع رأسه ويقول
جاك : كلا .. إنه رجل .. لا شك عندي .
مصدوما يقول بنبرة عالية
جيرارد : ماذا ؟

جاك : هل تذكر ، في عيد الكرسماس الماضي ، عندما تبادلنا مفاتيح بيتينا ، حتى يطمئن أحدنا على بيت الآخر في سفره ؟

جيرارد : نعم .. ولا يزال مفتاحك عندي في المنزل ، معلقا على علاقة المفاتيح .
ولكن .. ما علاقة ذلك في برناديت ؟ .. زوجتك !

جاك يضع قدما على قدم ويرتشف قهوته ثم يقول بعد لحظات سكون ..
جاك : لقد قتلتها .. اليوم ..

يقوم جيرارد من مكانه ويتجه إليه ويمسكه من ياقته غاضبا
جيرارد : ماذا تقول ؟! ماذا تقول ؟! لا أصدق !

جاك باسما ، ببرود يشير إليه ليجلس
جاك : دعني اكمل .. دعني ..

يجلس جيرارد مستمعا ولكنه كالمنهار يتمتم
جيرارد : رباه ! ماذا أسمع ؟ رباه .. اجعله حلما ..

جاك : ليس حلما ..

جيرارد يطرق متفكرا بعمق ..
جاك : صدقني ، كنت أعرف ما أقوم به خطوة بخطوة ..

جيرارد مستغربا
جيرارد : ماذا تقول أيها الرجل ؟ لقد أصبتني بالصدمة .. وأنا الذي رأيت مئات الجرائم وأنا على هذا الكرسي .. لم يهزني أحد كما فعلت أنت !

بعينين لامعتين تحملان حملا ثقيلا
جاك : انتظر .. ستدب القشعريرة في بدنك ..

جيرارد يتسند على كرسيه وهو يهز رأسه وقد خلت عروقه من الدماء .. من شدة القلق .
يسأل ، وبالكاد تخرج الكلمات من فمه .
جيرارد : كيف قتلتها ؟ وأين ؟

جاك : لقد أخذت مطرقة ، وضربتها على رأسها ..
جيرارد بضيق وصوت عال
جيرارد : أين ؟ أين يا رجل ؟

جاك : لقد أخذتُ سيارة عشيقها ، ووضعتُ وشاحا أخفيت فيه نصف وجهي ، وانتظرتها خارج بيتي ، فظنت الملعونة أنني هو .. وأنني جئتها دون موعد ، فركبت معي وهي مذعورة .

جيرارد مستغربا
جيرارد : أخذتَ سيارة عشيقها ؟ وشاح ! ماذا تقول ؟

جاك : يترك عشيقها سيارته في بيته دائما ..

جيرارد يشير بيده مستعجلا بضيق
جيرارد : ثم .. ثم .. أكمل ..

جاك : بدأنا بالحديث ، والصراخ .. ثم أوقفت السيارة قريبا من الأحراش ، وضربتها على رأسها ..

يرفع يده ويحركها وعيناه تحدقان بـ " جاك "
جيرارد : لا أصدق .. لا أصدق ..
يحاول أن يخفي الرعشة التي تسري في بدنه
جاك : ثم وضعتها في سيارة عشيقها ، وأخذت السيارة إلى منزله ..

لا يزال غير مصدق
جيرارد : ماذا تقول ؟!

جاك : ثم وضعت المطرقة في كراج منزله ، وأوقفت سيارته في مكانها .. والجثة مضرجة بالدماء فيها .

جيرارد يدور في الغرفة قلقا ..
جيرارد : أنت تتجه إلى السجن المؤبد .. في اشد سجون واشنطن .. ربما تعدم !

يرفع سبابته
جاك : قبل أن أقتلها ، أرسلتُ لعشيقها رسالة من هاتفها ، تفيد بأنها ستنهي علاقتها معه ... وإلا ستفضحه ، وتقتل فرصته في الترشح لمنصب أعلى .

جيرارد ينظر إلى هاتفه النقال من بعيد
جيرارد : ماذا ؟

باحتقار
جاك : لقد فتحت قفل هاتفها ببصمتها .. النتنة ..

يقوم جاك من مكانه ، ويقوم جيرارد من مكانه .. ينظران إلى بعضهما بصمت
جيرارد متشوق لرؤية هاتفه النقال على الشاحن ..
جاك واقف في طريقه .. ببرود ..
جيرارد يدفع ويتجه إلى كرسيه
يمسك بهاتفه النقال يفتحه .. ثم ينظر إلى جاك بعينين حاقدتين ..
جاك : وأكثر .. عندما جلستَ على كرسيك الجلدي ، لطخت ثيابك بدم برناديت

يخرج جاك هاتفه من جيبه ، يتصل
جاك : ألو .. عمليات الشرطة ؟ لقد قُـتـِلت زوجتي .. قتلها عشيقها ..
نعم أعرفه ، إنه وكيل النيابة .. جيرارد .

يغلق جاك هاتفه ، بينما انهار جيرارد على الكرسي قلقا ، غارقا متفكرا في ما هو قادم .
يتمتم جاك بعينين حاقدتين
جاك : إن أصعب الخيانات ، خيانة الأقربين يا جيرارد ..
إظلام


المشهد الثاني

المرافعات  
وصف المكان :
السواد يلف المكان ، عدا عن إضاءات خفيفة مسلطة على المتهم البائس وكيل النيابة جيرارد الجالس على كرسيه منتظرا ، وإلى جانبه جلس محاميه السيد هاري ، وفي الطرف الآخر وقف وكيل النيابة ليونارد
منتظرا إذن القاضي بالكلام .
القاضي الجالس أمامهم مشغول بكتابة بعض الملاحظات ..
يرفع رأسه ثم يقول
القاضي : تفضل سيد ليونارد ..

ليونارد : سأختصر كلامي سيدي القاضي ، فكل شيء مدرج في الملف ..
إن طلبنا لأقصى العقوبة للمتهم له ما يبرره ، فالسيد جيرارد .. ليس متهما عاديا سيدي القاضي ، فهو محسوب من رجالات ساحة العدالة الذي يعول عليهم العامة في أمنهم وأمانهم .. لهذا ، يجب أن يكون عبرة لغيره ، خصوصا مع ما قدمناه من أدلة تربط حبل المشنقة على رقبته .
فبصمات المتهم موجودة على حقيبة المجني عليها ..

المحامي يقاطع ويرفع ورقة ويقول
المحامي : سيدي القاضي ، أعترض على ذلك .. فالقتيلة وموكلي السيد جيرارد كانا جيرانا ، بل أصدقاء ، ومن المعقول أن نجد بصمة موكلي على أي من الأدوات أو الأواني التي أوردها السيد ليونارد في تقريره .

يشير إلى وكيل النيابة
المحامي : ولنوجه لزميلنا وكيل النيابة : ماذا عن الشعرات الأربع التابعة للزوج والتي وجدها المختبر الجنائي على ثياب القتيلة في سيارة موكلي ؟

ببرود الواثق
ليونارد : سيدي القاضي ، هي تعيش مع زوجها في منزله ، فأي مانع من وجود شعرات من بدنه على ثيابها ماداما يقطنان في منزل واحد ؟

يقاطعه مسرعا
هاري : سيدي القاضي ، هذا ما أعنيه ، صداقة جيرارد و برناديت تجعلهما يلتقيان بشكل يومي ، فبصمات موكلي على حقيبة الزوجة الراحلة ، ليس بأمر غريب كما أن شعرات من رأس زوجها جاك على ثيابها لم تشكل اتهاما له !

يرفع سبابته
هاري : وأحب أن أذكر ، بأننا قد أشرنا عدة مرات إلى وجود قرائن تؤكد أن الزوج هو القاتل ، خصوصا وأنه قد اعترف للسيد جيرارد بقتله لزوجته بالتفصيل.

بامتعاض
ليونارد : حقا ! تستدل بهذا الاعتراف المزعوم مرة أخرى !

يقترب ليونارد من جيرارد ويشير إليه
ليونارد : هل يقبل عقلك أيها الزميل إن رجلا بخبرة السيد جيرارد القانونية يسمع اعترافا صريحا بجريمة قتل ولا يفتح تحقيقا رسميا يسجل فيه هذا الاعتراف المزعوم !
كلا .. بل هو كغيره من المجرمين ، يكذب ويكذب .. ليغير مجرى الحقيقة ، ويلقي التهمة على غيره خلافا للأدلة .

القاضي يضرب المطرقة ثم يقول مذكرا
القاضي : لسناهنا بصدد البحث عن قاتل ، فهذا عمل إدارة التحقيقات ، وإنما نحن بصدد معرفة ما إذا كانت الأدلة تكفي لإدانة السيد جيرارد أم لا ؟
أكمل يا سيد ليونارد ..

يفتح ملفا
ليونارد : وفي الملف أيضا شهادات لثلاثة من الشهود ، تفيد برؤيتهم للسيد جيرارد مع المجني عليها في أماكن متعددة خارج المدينة ، مما يدل فعلا على جدية العلاقة بينهما، حيث لم تكن مقتصرة على مجرد رسائل هاتفية حميمية .
ومع وجود الجثة في سيارته ، وأداة الجريمة في كراجه تكتمل الصورة لدينا .

مشككا بضيق مما يسمع
المحامي : وهل يشكل هذا يقينا يكفي للإدانة ؟!
ألا يحتمل أن يكون القاتل الحقيقي قد وضع الجثة في سيارة السيد جيرارد بعد أن قتلها ، ليدينه ؟ إن للسيد جيرارد أعداء كثر بحكم عمله ، فلم لا ؟

ليونارد مقاطعا مستنكرا
ليونارد : قتلها ووضع جثتها في سيارته ، ثم علق المطرقة في بيت السيد جيرارد ؟ كيف دخل البيت ؟

مذكرا باهتمام
المحامي : ماذا عن مفاتيح المنزلين التي تبادلها السيد جيرارد مع السيد جاك ؟ لقد سبق وذكرنا ذلك لهيئة المحكمة .

بهدوء وعينين عاتبتين من وراء النظارة
القاضي : كما قلت قبل قليل ، أرجوك لا تضيع وقت المحكمة بالبحث عن قاتل ثان سيد هاري .

مصرا على طرح نقطته
المحامي : إن وجود مفاتيح البيت مع شخص غير السيد جيرارد لا يقصد به إتهام الزوج – المتهم سلفا بنظري – ولكن القصد منه أن نبين لعدالة المحكمة أننا في حالة شك ، وأن الشك لا يكفي لإدانة رجل بمقام هذا القانوني الذي يشهد له تاريخه بمعرفة القانون والالتزام به .

ببرود
ليونارد : هذا أيضا مجرد ادعاء من قبل السيد جيرارد ، المتهم ، وفي الملف تقرير يفيد بعدم وجود مفتاح لبيت السيد جيرارد بحوزة السيد جاك ، ولم يجد رجال الشرطة ذلك المفتاح حتى بعد تفتيش منزل جاك الذي أذن بالتفتيش تعاونا منه مع سلطات التحقيق .

متهكما
المحامي : إن عدم وجود المفاتيح لا يدل على أن التبادل لم يحدث ، ربما تخلص منها القاتل بعد الجريمة .

ليونارد ساخرا يتمتم
ليونارد : هيا ، لنفتح باب الادعاءات لكل المجرمين ، ولنضع حاجتنا للأدلة تحت حذاء السيد المحامي وقضيته ، ولنغير القانون من أجل السيد جيرارد ونزواته .. التحقيق المزعوم لا وجود له ، والمفاتيح تلقى بعيدا ، والبصمات لا قيمة لها ، ولا الجثث ولا الأدوات المستخدمة في الجريمة .. هذا فضلا عن الدافع .
نعم .. لنترك هذا كله من أجل الدفاع عن وكيل نيابة قاتل ، خان مهنته .

بضيق يشير المحامي نحو وكيل النيابة منبها القاضي
بملل يتنهد ويتسند قائلا
القاضي : التزم بموضوع المرافعة سيد ليونارد .

ليونارد : حسنا .. حسنا .. أنا أكتفي بما ورد في ملف القضية سيدي القاضي والإدعاء متشوق لسماع حكم المحكمة .

ينفض ثوبه ويأخذ موقعه أمام القاضي ويقف نافخا صدره
المحامي : سيدي القاضي ، لا أحتاج كمحام - ولا حتى كعاقل - إلى إثبات براءة موكلي رجل القانون السيد جيرارد ، فالأدلة التي ذكرها السيد ليونارد لا تكفي لإدانة موكلي بالدليل القاطع .
فالسيد جيرارد يخرج من منزله إلى محل عمله مع السائق بشكل يومي ، وزوجته – كما في الملف الذي قدمناه لكم – قد تركت بيت الزوجية منذ أشهر عديدة .. فالبيت خال دائما ، وأي شخص له ضغينة مع زوجته الراحلة كان يمكن له أن يقتلها ويضعها في سيارة السيد جيرارد ويخرج متلصصا .. خصوصا وأن البيت يقع في منطقة تخلو من الحركة عادة .

ساخرا
ليونارد : نعم .. ويمكن أن يكون قد قتلها مخلوقات فضائية ، ورحلوا في سفينتهم بسرعة الضوء .

محذرا بغضب
القاضي : سيد ليونارد !

المحامي غاضبا يصرخ
المحامي : بدلا من سخريتك وتهكمك .. ربما تحتاج للنظر خلفك للبحث عن القاتل.

القاضي يطرق المطرقة عدة مرات ويقول بحدة
القاضي : السيد ليونارد ! السيد هاري ! لا تدفعاني لحجزكما بتهمة عدم احترام المحكمة !

لحظات صمت تسود المكان ، يقطعها القاضي
القاضي : تفضل سيد هاري .. اختم ..

المحامي : أكرر ، كل ما ذكره السيد ليونارد لا يكفي لإدانة السيد جيرارد ، فالعلاقة بين الزوجة الراحلة والسيد جيرارد كانت علاقة طيبة ، ربما علينا أن ننظر إلى من استثارت تلك العلاقة غيرته .. فالغيرة أحد الدوافع المعروفة لارتكاب جريمة القتل .

يقوم مقاطعا
ليونارد : كل هذا الدفاع يُضرب عرض الجدار أمام الرسالة الأخيرة التي أرسلتها القتيلة إلى هاتف السيد جيرارد قبل مقتلها ، وهي تهدده بفضح ما بينهما إذا لم يستجب لطلبها بالتوقف عن لقائها ، وكلنا نعلم .. أن السيد جيرارد كان ينتظر الفرصة ليصل إلى درجة النائب العام .. هنا .. هنا يلوح الدافع أمامنا جليا ، خوفه من الفضيحة.

يتنهد وينتظر لحظات ليرتب كلامه وهو يخطو خطوات ، ثم يقول
المحامي : حضرة القاضي ، لا يمكن لهيئة المحكمة الموقرة أن تغض النظر عن وجود قاتل آخر ، فكل الأدلة التي قدمها السيد وكيل النيابة تحتمل اتجاهين ، ومن الظلم أن تلتف حبال المشنقة على رقبة رمز من رموز القانون في واشنطن فقط لأن إدارة التحقيقات اكتفت بالنظر في اتجاه واحد .

القاضي : تحجز الجلسة للحكم يوم الخميس القادم .

صوت طرقات المطرقة

إظلام



المشهد الثالث

الحبل .. يتدلى

وصف المكان :
السواد يحيط بجاك كلود الذي جلس مطرقا متفكرا على أريكته في منزله كما يظهر من الأباجورة الخافتة خلفه .
يسمع صوت القاضي مجلجلا
القاضي : إن المحكمة لتنظر عادة إلى المتهمين بعين الرأفة ، ولطالما عملت المحكمة على تخفيف الأحكام عن المتهمين المدانين رحمة منها ورعاية لمستقبلهم ، ولكننا اليوم لسنا أمام متهم من العامة ، ولا شخص أوقعته الظروف في جريمة ارتكبها ، بل رجل قانون خان الأمانة ، ودنّس حرمة دستور معطر بدماء الأجداد ، وأزهق روحا بريئة معصومة لمصلحة شخصية .
فمن منطلق حق المجني عليه بالقصاص ، ومن منطلق ضرورة اعادة الاعتبار لساحة العدل المقدسة في ولاية واشنطن، حكمنا على المتهم " جيرارد بول أنتوني " بالإعدام شنقا حتى الموت
صوت طبلة عالية
ثم يقول القاضي : 13 فبراير-2017

يقوم جاك مع صوت الطبلة ، ثم يدور ويقف خلف الأريكة ولا يزال متفكرا بضيق .
تطفأ الإضاءة من على جاك ، وتضاء على جيرارد في الجهة المقابلة وهو جالس على كرسي خشبي يلبس ثياب الإعدام الحمراء ، وقد وضع كفيه على وجهه منتظرا بألم ..
يدخل عسكريان ويقفان عند جيرارد ، يمسكان بعضده ..
يدخل جاك مسرعا ويقف عنده ، ينظر إليه جيرارد بائسا .. يقول بصوت متعب
جيرارد : جاك ! أنا .. أعتذر ..

مستغربا يمسك بكتفه
جاك : ماذا ؟!

يطرق إلى الأرض
جيرارد : أعتذر منك .. لقد خنت الصداقة ..

يدور عليه محتارا مضطربا
جاك : بل أنا أعتذر منك .. أنا ..
يتلفت حوله راجيا
جاك : أيها الناس .. إنه رجل بريء .. أنا .. أنا القاتل .. أنا الذي قتلت زوجتي .. قلبي يتفطر للظلم الذي يتعرض له هذا الرجل .. أرجوكم اسمعوني ..

يظهر ليونارد من وسط الظلام ويمسك بيد جاك يبعده عن جيرارد ويقول
ليونارد : أيها الرجل .. دع قلبك وما يحكم به .. أنت رجل طيب ، تتبع قلبك .. لكن للأدلة رأي آخر .

بحماس مشوب بالألم .. والندم ..
جاك : كلا .. كلا .. كلا .. أنا .. أنا زرعت الأدلة ، صدقني هذه هي الحقيقة ..

ليونارد يضحك ثم يقول
ليونارد : أنتم العامة ، مرهفوا الحس ، طيبوا القلب .. تغفرون ما أصابكم إذا أنستكم الأيام آلامكم .. لكن القانون لا قلب له ، لا يرى إلا الأدلة أمامه ..

مضطربا
جاك : أنا .. لقد .. أنا .. خدعتها.. و.. أخذتها إلى الغابة .. ثم ..

ليونارد يقاطعه
ليونارد : لقد وجدنا بصمات جيرارد على أداة الجريمة يا رجل .

بحماس
جاك : أعلم .. أعلم .. هي مطرقته ، أخذتها من كراجه .. لذلك تجدون بصمته عليها ، أما أنا فقد لبست قفازات مطاطية .. لكنني أنا القاتل ..

ليونارد يبتسم
ليونارد : لقد وجدنا القتيلة في سيارته .. وفي كراج بيته .

يشير إلى صدره لائما بألم وحسرة ..
جاك : أنا .. أنا الذي خططت لهذا كله ، وضعتها هناك بنفسي ..
متهكما ساخرا
ليونارد : وكيف دخلت ؟

جاك : بالمفتاح الذي أعطاني إياه ..

باهتمام
ليونارد : حسنا ، وأين المفتاح ؟ حتى أصدقك ..

يضرب رجله بالأرض ندما
جاك : لقد ألقيته من الجسر في النهر ، إنه في قعر النهر .. أقسم لك ..

يمط شفته محبطا
ليونارد : آه .. دعك عن هذا ..
فالكذب لم ينفع المتهم بالأمس ، ولن ينفعك أنت اليوم ..
دع القاتل يلقى النار التي أشعلها بيده ..
يخرجون جميعا ونسمع صوت جرجرة السلاسل..
بينما يجلس جاك في مكانه باكيا ..

جاك : كلا .. كلا .. كلا .. أرجوكم ..
الموت لك يا برناديت .. الموت لك يا برناديت .. أيتها الخائنة ..
أنظري ماذا فعلت أيتها الفاجرة ..

إظلام .. إلا من نور يُظهر لنا ظل جيرارد وهو معلق تترنح جثته يمينا وشمالا .


النهاية



ابولين
25-07-2024, 07:22 AM
حفظ الدور والكلام للفنان في المسلسل اذا اخطئ ممكن الاعاده كذلك في الافلام
اما في المسرحيات وتصل 3ساعات وامام الجمهور مباشر كيف يحفظ الدور وكل كلمة حتى لو
فيه بروفات العمليه فيها صعوبة ومشقه طبعا اتكلم عن الاساسيين وليس اصحاب الادوار البسيطة
مثل الشغالة والبواب والسوفرجي هذه المسئلة دائم افكر فيها
افتكر ايام زمان حتى اوئل التسعينات على ما اعتقد كان هناك شخص في وسط المسرح من جهت
الفنانين يقوم بتلقين الفنان اذا نسي الكلمة وهذا الامر معقول لكن من تقريبا ال 2000
ماعاد اشوف هذا الملقن هل تم الاستغناء عنه بسمعات صغيره في اذن الفنان ويتم تلقينه
او ما الذي حدث
لما قراءت المسرحية افتر مخي وتذكرت المسئله اللى عالقة في ذهني

حامد العلي
26-07-2024, 02:15 AM
حفظ الدور والكلام للفنان في المسلسل اذا اخطئ ممكن الاعاده كذلك في الافلام
اما في المسرحيات وتصل 3ساعات وامام الجمهور مباشر كيف يحفظ الدور وكل كلمة حتى لو
فيه بروفات العمليه فيها صعوبة ومشقه طبعا اتكلم عن الاساسيين وليس اصحاب الادوار البسيطة
مثل الشغالة والبواب والسوفرجي هذه المسئلة دائم افكر فيها
افتكر ايام زمان حتى اوئل التسعينات على ما اعتقد كان هناك شخص في وسط المسرح من جهت
الفنانين يقوم بتلقين الفنان اذا نسي الكلمة وهذا الامر معقول لكن من تقريبا ال 2000
ماعاد اشوف هذا الملقن هل تم الاستغناء عنه بسمعات صغيره في اذن الفنان ويتم تلقينه
او ما الذي حدث
لما قراءت المسرحية افتر مخي وتذكرت المسئله اللى عالقة في ذهني

تحياتي لك
وشكرا على مداخلتك

نعم ، في المسرحيات الكوميدية والتجارية ، فإن النص المكتوب عادة يكون قصيرا ، ويعتمد الممثلون على البروفات لإضافة ما لديهم ، فيطول العمل إلى ثلاث ساعات كما تفضلت .

أما المسرح الجاد
فعلى الممثل الحفظ ، لأن مدة العمل عادة تكون أقل من ساعة .

وأما الحفظ
فلاحظ مثلا مسرحية " صدى الصمت " - فيصل العميري - سماح .. كمثال ..


وغيرها الكثير في المسرح الجاد


شكرا لتعليقك ولقراءتك النص "وردة"

ابولين
26-07-2024, 06:10 AM
مشكور على التوضيح
لكن الملقن ايام الابيض والاسود على ما اعتقد اوائل التسعينات
وين ذهب هل تم الاستغناء عنه نهائيا ولم يعد له حاجه او وجد البديل
السؤال هذا كنت احب اسأل فيه واكيد وجدت من اسأل

حامد العلي
26-07-2024, 03:30 PM
مشكور على التوضيح
لكن الملقن ايام الابيض والاسود على ما اعتقد اوائل التسعينات
وين ذهب هل تم الاستغناء عنه نهائيا ولم يعد له حاجه او وجد البديل
السؤال هذا كنت احب اسأل فيه واكيد وجدت من اسأل

الله يحفظك

نعم تم الاستغناء عنه

وأنا لست من أهل المسرح للأسف
لكن
يبدو لي

أن المسرح اليوم بطبيعته نحا نحو الارتجالية( البغيضة حسب وجهة نظري )


بل تعدى ذلك حتى للأفلام والمسلسلات

حيث لاحظت حسب تجربتي المتواضعة ، ميل بعض الممثلين للارتجال .. وبعضهم يرتجل من دون أن يقرأ النص ، مما يستدعي إيقافه ، وتوجيهه .

لعل عدم وجود نص تفصيلي اليوم هو الداعي الى إلغاء دور الملقن

عدا المسرح الجاد ، الذي فيه نسبة التزام كبيرة جدا في النص المكتوب .

ابولين
27-07-2024, 07:14 AM
صدقت بوصفك للمسرح اليوم بارتجالية بغيضة
وصف دقيق والسبب على سبيل المثال هناك فنان مسرحيتة تستمر مايقارب 4ساعات
ثلاث ارباع المسرحية خروج عن النص وارتجال وياليته خروج يضيف شئ بل اسفاف ومسخره