المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العبقري... أعاد الزعماء والمشاهير إلى الواجهة


بحر الحب
30-08-2009, 03:31 PM
http://www.alraimedia.com/Alrai/Resources/ArticlesPictures/2009/08/30/0cdbfc30-6fcd-411b-bbbd-5115b07dc9db_main.jpg (http://www.alraimedia.com/Alrai/Resources/ArticlesPictures/2009/08/30/0cdbfc30-6fcd-411b-bbbd-5115b07dc9db.jpg)


ساحر في أدائه لشخصياته... مرعب في تقمصه لأدواره... إطلالته على الشاشة الكبيرة أو الصغيرة وحتى على خشبة المسرح مختلفة إلى حد التميز ومتميزة إلى حد التفرد، استحق عن جدارة أن يستحوذ على نصف دستة ألقاب - أو أكثر- لا ينازعه فيها أحد.
فهو «العبقري»... رئيس جمهورية التمثيل... الامبراطور، المريض بالفن... زعيم مدرسة فن التقمص... وجاك نيكلسون العرب.
هكذا قالوا عن النجم الأسمر الراحل أحمد زكي الذي رحل عن عالمنا قبل 4 سنوات وعدة أشهر لكنه بقي خالدا في ذاكرة «الفن السابع» بأفلامه المتفردة.
هذا «الفتى الأسمر»... الذي عانى اليتم والحرمان والانكسار منذ ولادته في مدينة الزقازيق «عاصمة محافظة الشرقية»ـ على بعد نحو 85 كيلو مترا شمال شرق العاصمة المصرية - جاء إلى القاهرة «هوليوود الشرق» ليقلب الموازين في عالم السينما، ويصبح بالرغم من سمرة وجهه التي تشبه طمي النيل فتى الشاشة الذي تفوق على نجومها السابقين والمعاصرين له حتى ان نجم هوليوود روبرت دي نيرو والفنان عمر الشريف... أكدا أنه لولا حاجز اللغة لأصبح «ابن الزقازيق» نجما عالميا لا نظير له.
عندما تشاهد أعمال «أحمد زكي» على الشاشة فأنت ترى نجما فوق العادة... ملامحه منحوتة من أرض مصر... يتكلم ويعبّر فتشعر أنك أمام بطل شعبي وليس ممثلا يعشق الفن إلى حد الجنون، حتى انهم قالوا عنه «صاحب مدرسة الفن المنحوت»، وقالوا: إنها مدرسة من إبداعه... وربما لهذا أحبه الجمهور واعتبره بطله الأول الذي يحرص على مشاهدة أفلامه.
أسرار ومواقف وحكايات مثيرة كثيرة في حياة أحمد زكي... سنتعرف عليها في 30 حلقة، عبر «الراي»... نقترب من شهادات عدد من الذين اقتربوا منه وآراء النقاد وزملاء المشوار لنعرف النجم الأسمر عن قرب، ونعرف ما كان بداخله وكيف استطاع الوصول إلى هذه المكانة، وكيف استحوذ على قلوب عشاق السينما والمسرح والتلفزيون، وكيف أحبه كل من عمل معه، وكل من تعامل معه... فابقوا معنا... حلقة بعد أخرى.

لا يوجد ممثل استهواه تجسيد شخصيات الزعماء والمشاهير مثل أحمد زكي... فقد كان يعشق العيش بين دفات كتب التاريخ، يفتش عن الإنسان داخل هؤلاء النجوم وعن تفاصيل من حياتهم ليس إعجابا بهم فحسب ولكن أيضا لشغفه بفن التقمص وعشقه لتقليدهم منذ كان صبيا في حَواري الزقازيق، ويقول النقاد والجمهور: لقد أعاد أحمد زكي هؤلاء النجوم والمشاهير والساسة إلى الواجهة.
كان أحمد زكي... مسكونا بزعيم ثورة العام 1919 في مصر سعد زغلول. ومشغولا بسيرة أول رئيس لمصر «اللواء محمد نجيب»، لكنه بدأ رحلته مع تجسيد شخصيات العظماء بعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين الذي جسد شخصيته في مسلسل «الأيام».
ويتحدث أحمد زكي عن ترشيحه لهذا الدور قائلا: أنا من أشد المعجبين بشخصية الدكتور طه حسين، فقد أذهلتني عزيمته وإصراره وتصميمه وروح التحدي التي كان يتحلى بها فاستطاع التغلب على فقده لبصره وفقره. والعديد من المشاكل الأخرى.
ولهذه الأسباب وجد التلفزيون أن قصة حياته كنز يجب استثماره وقاموا بترشيح الفنان الكبير محمود ياسين على أساس أنه قدم الشخصية في فيلم «قاهر الظلام» وأنه أنسب واحد لها وبسبب اختلافات في وجهات النظر اعتذر هو. فتم ترشيح نور الشريف ثم عزت العلايلي وحدثت الخلافات نفسها.
ثم وجدت المخرج الكبير الراحل يحيى العلمي يبحث عني في كل مكان وحينما عثر عليّ أخبرني بترشيحه لي لبطولة المسلسل. فارتبكت بشدة وأصابني الرعب.
وبعد جلسات عدة وتوقيع العقد أخذني وذهب بي إلى منزل الدكتور محمد حسن الزيات - وزير الخارجية المصري الأسبق- وزوج الأستاذة أمينة ابنة الدكتور طه حسين. وقضيت معهم أوقاتا طويلة متقطعة راحوا يحكون لي خلالها عن عميد الأدب العربي وأهم صفاته وروحه المرحة بل ونكاته وقفشاته وأمدّوني بكل شيء لمساعدتي في تقديم الشخصية.
وكان من أبرز الأشياء عملي في هذا المسلسل مع العمالقة الكبار يحيى شاهين وأمينة رزق ومحمود المليجي. ولم أكن أتخيل كل هذا النجاح الذي حققه المسلسل فأقيمت لي حفلات عديدة حضرها كبار المسؤولين، وكتب عني النقاد أشياء رائعة لا أنساها حتى اليوم كما لا أنسى أبدا ذهابي لمنزل الدكتور طه حسين بعد عرض المسلسل فوجدت ابنته أمينة تستقبلني قائلة: أهلاً يا بابا.
مغامرة ناصر
بعد فترة ابتعد فيها عن حلمه. مع الزعماء والعظماء عاد أحمد زكي له وبالتحديد في عام 1997، حيث قدم فيلمه «ناصر 56» الذي قال عنه: «إنه تسجيل تاريخي لمرحلة مهمة من حياتنا وأنا سعيد بالرغم من تجربتي في الفيلم وما عشته من عناء طوال العام ونصف العام هي فترة تصوير الفيلم وما تكبدته من مشقة إلا أنني سعيد بهذا العمل».
وقد حصل أحمد زكي على جائزة أحسن ممثل عن دوره في الفيلم. ولم يكن ذلك من فراغ لكنه عاش بكل وجدانه مع الدور لدرجة أن أحد أبناء الزعيم الراحل قال له: «أبويا الليّ في البيت والناس مش عارفاه هو الليّ انت قدمته».
كانت هذه جائزة أخرى نالها وكان على استعداد لاجراء عملية جراحية في أنفه ورفض الأنف الصناعي في «ناصر 56»، وكانت جائزة أدبية مهمة عوضته عن عامين قضاهما من دون عمل متفرغا لناصر، وهو ما أعلنه أن ما تقاضاه في الفيلم لا يساوي ربع أجره الذي يكفي مصاريفه الشخصية وأنه لا يعيش إلا من عمله الفني.
لم تكن المغامرة بالمال فقط. كانت مغامرة النجم الأسمر بروحه أيضا عندما كاد قلبه يتوقف اثناء تصوير مشهد ناصر في الجامع الأزهر ويقول: شعرت بتلامس مع جهازي العصبي كله. وشعرت به في قمة قوته وضعفه وخوفه على بلده عندما لجأ للأزهر يستمد منه القوة.
أفخر بأنني قدمت الأيام المئة. التي أثرت في حياة ومصير مصر وقدمت شخصية زعيم أعتبره والدي وكنت مستعدا للتنازل عن أجرى كاملا... إنني لن أنسى عندما جاء ناصر للشرقية وصعدت على عمود النور وأنا تلميذ في المدرسة لأصافح يد عبدالناصر وحدثت المعجزة بالنسبة لي وصافحته... ولم يفارقني هذا المشهد طوال تصويري للفيلم.
تجربة السادات
ولأن أحمد زكي. ليس من النوعية التي تعيش على مجد حققه فبمجرد انتهائه من «ناصر 56»، قرر أن يواصل عشقه مع الزعماء وبالرغم من الهجوم، الذي تعرض له في هذا الفيلم لم يتردد في دخول تجربة جديدة مع السادات هذه المرة. وهو ما فتح عليه طاقة نقد جديدة.
وقتها قال بوضوح ردا على ذلك: لست زعيما ولا قائد، أنا فنان أحب كل زعمائي من دون تمييز... لست ناصريا ولا ساداتي، أنا فنان عربي لاعلاقة لي بشيوخ السياسة وتخليص الحسابات. لن أنتمي لحزب سوى «وطني».
هكذا قابل أحمد زكي الهجوم الذي واجهه... وحين تساءل البعض باستهجان: كيف يقدم ناصر ثم يقدم السادات؟.
تجاوز أحمد زكي هذه النظرة الضيقة قائلا: لكل زعيم من زعمائنا أعماله العظيمة وله هنّاته... لا نستطيع أن ننسى عبدالناصر الذي نقلنا من الملكية للجمهورية والسد العالي، كما أن السادات رفع رؤوسنا وسط العالم وعبرنا معه وانتصرنا على إسرائيل، أما مبارك فقاد التنمية والنهضة والإنشاءات ومازلت أحلم بالضربة الجوية.
وأضاف: هناك من يريد أن يدخلني في أيديولوجيات وسياسات والمسألة بعيدة كل البعد عن ذلك، أنا أريد أن أقدم شخصية السادات... رجل جاء في تاريخ مصر قاد معركة الحرب. والسادات مرحلة كان هو بطلها بإيجابياته وانجازاته وسلبياته ولماذا لا نرصد ذلك. فالسادات شخصية مثيرة للفنان وهناك متعة كبيرة عندما أقترب من هذه الشخصية.
وقال: كما أحب رحلة عبدالناصر التي شكلت وجداني وطفولتي وشبابي بإيجابياته وسلبياته، كذلك أحب أنور السادات بكل إيجابياته وسلبياته لذلك سوف أنتج الفيلم حتى لو خسرت آخر ملّيم في جيبي لأبدأ من جديد.
خرج أحمد زكي من معركة شيوخ السياسة ووجد نفسه في معركة جديدة مع بعض النقاد الذين قرروا أنه لا يمكن أن يقدم السادات بعد عبدالناصر، وأثار ذلك غضب النجم الأسمر.
وكان رده: ليس معنى أنني قدمت «ناصر»... أنني لا أستطيع تقديم السادات فالممثل يملك أدواته ويستطيع أن يقدم كل الشخصيات أي إنسان متخصص في فن التمثيل يعلم ذلك، وأن أي كلام عن استحالة تقديم السادات بعد ناصر هو كلام غير علميّ... 6 سنوات عمر مشروع أيام السادات. والذي كتب 4 مرات وقد كان سيخرجه علي بدرخان باسم «السادات وحرب السلام»، إلا أن السيناريو الذي شاهده عشاق السينما قدمه الكاتب الكبير أحمد بهجت ووضع محمد خان توقيعه عليه ليضيف إلى إبداع الممثل إبداع المخرج.
وكانت نتيجة 6 سنوات من الإبداع والجهد المضني على ملامح وجه بنات السادات وزوجته السيدة جيهان.
عندما شاهدن الفيلم الذي كان أصعب من ناصر. فالسادات يغطي 40 عاما تقريبا بكل تناقضاتها وأحداثها. كما أنني أنتجته بروح الفنان وليس بروح التاجر فحققت خسائر في وقت تصور البعض أنني حققت ثروة من عرضه.
عندليب الغناء
عبدالحليم حافظ. هو زعيم الغناء بكل تأكيد لم يكن ممكنا تجاهله في رحلة أحمد زكي مع الزعماء، وكعادته عاش الحلم لسنوات وقرر أن يتحول عندليب التمثيل إلى عندليب الغناء... وبروح المحب العاشق اتفق مع الراحل عبدالسلام امين ليكتب سيناريو الفيلم الجديد، والذي اشتراه منه وذهب به إلى صديق العندليب الراحل مجدي العمروسي. ليعقد معه اتفاقا فهو مستعد لإنتاج الفيلم بأي صورة حتى لو وصل الأمر أن يقوم بالدور من دون أي مقابل... وأنه مستعد لإنقاص 30 كيلو غراما من وزنه.
وكانت دهشة العمروسي عندما شاهد شريط فيديو مسجلا لأحمد زكي، وهو يمثل دور عبدالحليم ويغني بعض أغانيه أمام مجموعة من زملائه الفنانين ومن بينهم محمود عبدالعزيز.
وعندما لاحظ دهشة العمروسي قال له: دي بروفة من اللي ممكن نعمله.
لم يكتف حليم بما دفعه للسيناريو وقرر الاستفادة من مبدع آخر هو داود عبدالسيد الذي رأى أنه يستطيع أن يقدم سيناريو جديدا للفيلم الذي اختاره أحمد زكي ليخرجه.
وكان من الممكن أن يقدم أحمد زكي على إنتاج الفيلم لولا ما عاناه في إنتاج «السادات» وظل المشروع يتأرجح بين التنفيذ والتجميد إلى أن عثر النجم الأسمر على المنتج وبدأ تصوير الفيلم في أصعب ظروف صحية يواجهها فنان.
وجدها فرصة لتقديم حليم لأسرته الكبرى من صنعاء إلى المغرب، ولكن لماذا تحمّس أحمد زكي لحليم فهو يقول: أنا أريد أن تعرف الأجيال الشابة من هو هذا الإنسان صاحب الصوت الذي ارتسمت عليه صورة عصره سياسيا واجتماعيا وكانت معه كتيبة من الشعراء والمبدعين... فحليم كان صوتا وصورة لعصره وللحظات مهمة في تاريخ مصر.

http://www.alraimedia.com/Alrai/Resources/ArticlesPictures/2009/08/30/c816107e-a620-4304-8313-6f1f53dcb6ab_smaller.jpg (http://www.alraimedia.com/Alrai/Resources/ArticlesPictures/2009/08/30/c816107e-a620-4304-8313-6f1f53dcb6ab.jpg)

http://www.alraimedia.com/Alrai/Article.aspx?id=153081