المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : «وعاد الماضي».. بناء درامي محكم وصورة صامتة معبرة


بحر الحب
14-09-2009, 03:00 PM
http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures/2009/09/14/5a576dd7-65e7-4f05-a125-67644e357eab_main.jpg

لاشك في ان اهمال تلفزيون الكويت كان هو السبب الرئيسي وراء سوء توقيت عرض مسلسل «وعاد الماضي».. فاذا كانت هناك متابعة ودراية عن ماهية الأعمال التي نفذت وانتجت لمصلحة تلفزيون الكويت لتبين لهم بان مسلسل «وعاد الماضي» هو صورة مشرفة للعمل التلفزيوني من حيث تكامل العناصر الفنية والانتاجية للعمل، وابرزها جودة النص والاخراج وحسن اختيار الممثلين الذين شاركوا في العمل.
النص
القصة والسيناريو والحوار لاسمهان توفيق ومن خلال مسلسل «وعاد الماضي» تثبت لنا اسمهان انها الأجدر والأقوى في كتابة السيناريو التلفزيوني، اذا قارنا نص مسلسل «وعاد الماضي» بباقي الأعمال الأخرى التي تملأ الفضائيات في كل مكان، وقد بدت حرفية اسمهان في السيناريو منذ انطلاقة الحلقة الأولى في مشهدها الافتتاحي، الذي تبين في ما بعد انه لب الحبكة الدرامية للعمل. فقد كانت الحلقة الأولى تحتوي على جرعات كبيرة من الغموض والتشويق، وكما هو متعارف عليه بان التشويق من ابرز سمات المسلسل التلفزيوني ومن بعد تصنيع الحبكة الدرامية بجودتها ورصانتها نجد البناء الدرامي محكما بشكل دقيق، حاملا على عاتقه كل الأحداث والشخوص بشكل مترابط ومتماسك من خلال عدة قضايا. ولكن يؤخذ على اسمهان مشهد اعتراف الأم لطيفة (بدرية أحمد) بان حمد (شهاب الجوهر) ليس ابنها وهي التي انفجرت صائحة في المشهد بانها ليست أم حمد بعدما شاهدت حمد يهم بضرب ابنها الحقيقي محمد، فلماذا جاء الاعتراف في هذا المشهد؟ هل يعقل انه لم يتشاجر الاخوان طيلة حياتهما حتى يأتي هذا المشهد لكي يفجر المفاجأة لدى المشاهد؟ وكان على اسمهان صياغة مشهد الاعتراف بحدث ذي جرعة دراماتيكية أكثر مما قامت به؟ كما اني لم اجد سببا أو مبررا بان تكون زوجة عبدالله ملك من الجالية التونسية، فلم يكن هناك سبب مقنع سوى كثرة اسفارها ولذا كانت لهجة الابنة مع الأم باللغة التونسية عسيرة على استيعاب المشاهد لها وللأمانة، فقد جاءت مشاهدهما النقطة الأضعف في العمل.
الإخراج
المخرج غافل فاضل يقدم صفوة خبرته في هذا العمل لذلك كان الاخراج أبرز نجوم العمل.. غافل استوعب تفاصيل السيناريو العميقة استيعابا دقيقا فنجد الكاميرا والشخصيات في المشاهد معبرة إلى أقصى حد عن مكنونات النص وما يحب غافل هو لغة التوازن الرائعة في اخراج العمل، فقد استطاع الجمع بين سرعة الايقاع في المشاهد والتخلص من الرتابة رغم هدوء ونعومة حركة الكاميرا بشكل سلس ومتناغم يعكس مدى حالة التوحد بين الاخراج والنص.
دراما صامتة
ومن خلال متابعة حلقات مسلسل «وعاد الماضي» نجد امرين مهمين قدما في العمل باسلوب يختلف تماما عن باقي الأعمال التي تعرض عبر الفضائيات.. اولهما اسلوب الدراما الصامتة الذي انتهجه غافل في الكثير من مشاهد المسلسل، تطبيقا للنظرية المعروفة بان العمل السينمائي والتلفزيوني صورة قبل ان تكون حوارا، لذلك نشاهد ان هناك مشاهد تكلمت الكثير والكثير دون ان تنطق شخوصها بكلمة واحدة.
أما الصراع القائم بين الأم موضي (مريم الصالح) وزوج ابنها راشد (سليمان الياسين) فهو صراع يختلف في معالجته عما نشاهده في بقية الأعمال الخليجية، وهو يخلو تماما من السب والردح والاكتفاء بالنظرات الحادة المعبرة وبعض الجمل المقتضبة التي تعكس العلاقة الانسانية البائسة التي تربط الطرفين مع بعضهما.
وفي النهاية يجب ان نوجه تحية إلى الفنانين أحمد الصالح وإبراهيم البنكي وعصرية الزامل وفيصل المسفر على مشاركتهم في مسلسل «وعاد الماضي». وعلى الرغم من قلة مساحة دوري أحمد الصالح والبنكي وبساطة دوري الزامل والمسفر فإن وجودهم هو تصريح مباشر لتشجيع الأعمال الفنية الجادة، كما ان وجودهم اضفى رونقا إلى العمل، كما اننا نوجه تحية خاصة إلى المصور الشاب حمد الماجد الذي قام بتصوير العمل في أول تجربة درامية له حسب ما وردنا من فريق العمل بكل تفان واخلاص وكان كفئا بالمسؤولية التي منحها له غافل فاضل.
محمد خالد

http://www.alqabas.com.kw/Article.aspx?id=533299&date=14092009