محمد العيدان
05-02-2010, 01:13 PM
بعد مرور35 سنة على رحيلها
http://www.alqabas.com.kw/Article.aspx?id=574446&date=05022010
أم كلثوم وعلى رغم مرور 35 عاماً على رحيلها لا تزال تعيش في ذاكرة الأجيال المتعاقبة، ولا تزال اغانيها خالدة، وأعمالها السينمائية الغنائية تجذب إليها المشاهدين كلما عرضت.
اليوم وبعد مرور تلك السنوات على رحيل سيدة الغناء نتوقف هنا مع ذكريات ولادة فيلم «وداد» الذي لعبت بطولته أم كلثوم وأنتجته.
في أوائل الثلاثينات، بدأت شهرة أم كلثوم تمتد من مدينة إلى مدينة أخرى، حتى وصلت إلى القاهرة. وخلال فترة قصيرة انتشرت أغنياتها، وأصبح اسمها على كل شفة ولسان، ولم تلبث أن احتلت المركز الأول فى الأغنية الشرقية.
في هذه الفترة بالذات بدأت أم كلثوم تتابع باهتمام شديد محاولات إنتاج الفيلم الغنائي العربي، الأول «أنشودة الفؤاد» في أبريل 1932، الذي مثلت فيه دور البطولة المطربة نادرة، ثم فيلم «الوردة البيضاء» في ديسمبر 1933 الذي كان أول أفلام محمد عبد الوهاب الغنائية، وأخرجه محمد كريم.
خرجت أم كلثوم ليلتها من دار سينما رويال في القاهرة لتناول العشاء في منزل بولس حنا باشا أحد أثرياء الصعيد في مصر، وكان من أشد المعجبين بفن أم كلثوم، ودار الحديث بينه وبينها وبين باقي المدعوين إلى العشاء، حول السينما والأفلام.
وفجأة أعلن الثري الصعيدي، أنه على استعداد لتمويل فيلم تقوم أم كلثوم ببطولته، على أن تكون هي شريكة في الفيلم بمجهودها الفني، ووافقت أم كلثوم على هذه الفكرة. وراحت تبحث عن قصة مناسبة، فاتصلت بالشاعر أحمد رامي، وطلبت منه أن يؤلف قصة تصلح لأن تقوم ببطولتها.
زيارة رامي
وبعد مرور أيام قليلة، زارها أحمد رامي في منزلها، وقرأ لها قصة «وداد» التي أعجبت بها، ورجحت نجاحها على الشاشة.
وفكرت أم كلثوم أن تقوم هي بتمويل الفيلم، والإنفاق عليه، بدلاً من أن تكون شريكة بمجهودها فقط، كما عرض عليها بولس حنا باشا، الذي أيدها أيضاً في هذا الاتجاه، فلم يغضب لانفرادها بإنتاج الفيلم.
وبدأت أم كلثوم الخطوات التمهيدية لإنتاج الفيلم، فعهدت إلى أحمد رامي بالاتصال بالمخرج محمد كريم، ومفاوضته لإخراج الفيلم.
وابتهج محمد كريم للفكرة، فقد كان من أكبر امنياته أن يخرج فيلماً تقوم أم كلثوم ببطولته، فذهب لمقابلتها بمصاحبة أحمد رامي، ولما عرضت عليه قصة «وداد» أبدى إعجابه بها، واتفقا على تكتم الأمر حتى تنتهي الخطوات الأولى لبدء العمل.
مرض كريم
وعاد محمد كريم إلى منزله، وبعد ساعة أصيب بارتفاع في درجة الحرارة، وجاء الطبيب الذي نصحه بعدم مغادرة الفراش لأنه مصاب بانفلوانزا حادة جداً، إلى أن فوجىء بزيارة الشاعر أحمد رامي وكان ذلك في الساعة الرابعة بعد الظهر.
ولما اعتذرت له السيدة قرينة محمد كريم بعدم إمكان مقابلة محمد كريم ألح في ضرورة مقابلته لأمر مهم، لا يمكن تأجيله.
ودخل أحمد رامي غرفة نوم محمد كريم كي يبلغه غضب أم كلثوم عليه، لأنه نشر تصريحاً في جريدة البلاغ يقول فيه: إن أم كلثوم لا تصلح للسينما! وجاء في هذا المقال كلام كثير يسيء إلى أم كلثوم كفنانة، وراح يعدد العيوب الفنية التي تحول دون صلاحيتها للسينما.
وثار محمد كريم، وغضب، لأنه لم يدل بهذا الكلام فضلاً عن أنه لم يقابل أحداً من الصحافيين، أو غير الصحافيين، بل إن زوجته، وهي أقرب الناس إليه لم تعلم بمقابلته لأم كلثوم، وأرسل برقية يكذب فيها صدور هذا الكلام على لسانه.
زعل أم كلثوم
ولكن الخبر الكاذب كان قد فعل فعلته في نفس أم كلثوم، فقد استبد بها الغضب، وقطعت صلتها بمحمد كريم، على الرغم من أنها عرفت بعد ذلك قصة الحديث الكاذب، فقد كان وراء هذا الحديث شركة «بيضا فون للأسطوانات»، التي كانت تخشى ظهور أم كلثوم في السينما، وكانت تنفق بسخاء على كل مؤامرة تؤدي إلى عرقلة ظهورها في السينما.
وعدلت أم كلثوم فعلاً عن النزول إلى ميدان السينما لسببين اثنين هما: أولاً، هذه الحرب.
وثانياً: عندما علمت أن تكاليف فيلم «الوردة البيضاء» بلغت اثني عشر ألف جنيه مصري.
وتشاء الظروف، أنه في الوقت نفسه الذي كان فيه حلم التمثيل يراود مخيلة أم كلثوم، قرر الاقتصادي الوطني محمد طلعت حرب باشا مؤسس بنك مصر، أن ينشىء استديو سينمائياً كاملاً وحديثاً، يضمه إلى جانب الأنشطة المختلفة التي يقوم بها بنك مصر، وشركاته الأخرى، بعد أن أدرك ببعد نظره أن هناك مستقبلاً كبيراً أمام صناعة السينما، وأنها ستكون ذات أهمية اقتصادية، وهو لذلك – أساساً – قرر بناء الاستديو مع تزويده بكل المعدات الحديثة ليبدأ في إنتاج الأفلام.
وبالفعل بدأ العمل في بناء الاستديو الجديد في الهرم – استديو مصر.
وكان محمد طلعت حرب باشا متلهفاً على أن يرى العمل يدور في هذا الاستديو على وجه السرعة، لإنجازه في أقرب وقت، ولذلك أراد أن يقطع أحمد سالم مدير الاستديو شهر العسل مع عروسه «خيرية البكري» لكي يشرف من جيد على استعجال بناء الاستديو.
بناء الاستديو
واستجاب أحمد سالم لرغبة محمد طلعت حرب باشا وبدأ في استعجال بناء الاستديو من ناحية، ومن ناحية أخرى، أعد حقائبه لمرافقة محمد طلعت حرب باشا في رحلته إلى أوروبا.
وقضى محمد طلعت حرب باشا وأحمد سالم شهرين كاملين في أوروبا، زارا خلالهما كل استديوهات العواصم الأجنبية التي اشتهرت بالصناعة السينمائية.
وحين عادا، كانت هناك فكرة في رأس أحمد سالم عرضها على الاقتصادي الكبير.
وكانت الفكرة هي أن يتم جمع شمل عدد من الشبان المصريين من هواة السينما، من الذين تقوم هواياتهم على الثقافة، لكي يعملوا في هذا الاستديو الكبير، فوافق محمد طلعت حرب باشا، وترك لأحمد سالم حرية التصرف، وحرية اختيار هؤلاء الشبان.
واختار أحمد سالم، أحمد بدرخان، ومحمد عبد العظيم، وموريس كساب، وحسن مراد، وولي الدين سامح، ومصطفى والي، وكمال سليم، ونيازي مصطفى، وأحمد خورشيد، وعزيز فاضل.
وتم على الفور إرسال كل هؤلاء إلى فرنسا وألمانيا لدراسة فنون السينما المختلفة.
وفي أوائل عام 1935، عاد أفراد البعثة إلى القاهرة، وبدأوا يستعدون لافتتاح «استديو مصر»، الذي انتهى بناؤه، وذلك بعد أن عين محمد طلعت مصطفى باشا أحمد سالم مديراًَ للاستديو.
وبدأ أحمد سالم فور عودة البعثة بعقد اجتماعات متتالية مع أعضاء البعثة لوضع الخطة لافتتاح الاستديو، ولتنظيم سير العمل فيه.
وتم في الثاني عشر من شهر أكتوبر عام 1935 افتتاح استديو مصر بحفل كبير، دعي إليه أكثر من الف شخص.
مخرج ألماني
ولذلك، فقد تعاقد الاستديو، مع عدد من الأجانب بالفعل، كان من بينهم المخرج الألماني قريتز كرامب الذي عين مديراً فنياً للاستديو، وكان واضحاً منذ اليوم الأول لبدء العمل، أنه ضد الشبان المصريين.
فقد حدث أن تقرر أن يبدأ الاستديو أول إنتاج له بفيلم «وداد» بطولة أم كلثوم.
وسعى أحمد سالم لكي يتولى أحمد بدرخان مهمة إخراج هذا الفيلم، وتقدم أحمد بدرخان لأم كلثوم، وأقنعها بقبوله مخرجاً للفيلم. ووافقت أم كلثوم على ذلك بعد تزكية أحمد سالم.
وبالفعل بدأ أحمد بدرخان، يعد سيناريو الفيلم، وكان أحمد سالم يسير معه خطوة بخطوة، ولكن المخرج الألماني فريتز كرامب كان حتى ذلك الوقت يسعى بكل ما يستطيع، لكي يفوز بإخراج الفيلم، وبالفعل نجحت خطته، وتقرر أن يقوم هو بإخراج فيلم «وداد».
دموع سالم
وعندما استدعى أحمد سالم، المخرج أحمد بدرخان، لكي يعلن أمامه قرار سحب إخراج فيلم «وداد» منه، كانت الدموع تملأ عينيه، لأنه أحس بالهزيمة أمام المخرج الألماني، ولأنه لم يكن يريد أن يقوم بالأعمال الفنية إلا شباب مصر، الذي بنى الاستديو من أجلهم، ومع ذلك، فقد قدم أحمد بدرخان استقالته من العمل في الاستديو.
ووقفت أم كلثوم أمام الكاميرا لأول مرة وضربت أروع مثل في احترام مواعيد العمل التي يحددها المخرج.
أغاني فيلم {وداد}
تضمن فيلم «وداد»، عشر أغنيات، تبارى في تلحينها الفرسان الثلاثة الكبار زكريا أحمد، ومحمد القصبجي، ورياض السنباطي. غنت أم كلثوم تسع أغنيات من نظم أحمد رامي، وهي «العيد» و«السوق»، و«مناجاة الطائر» و«النافورة» من تلحين القصبجي، و«الشرفة» و«نشيد الختام» لزكريا أحمد، و«نشيد البحارة و «أنشودة الربيع»، و«جبر البحر» لرياض السنباطي، أما الأغنية العاشرة فنظمها الشاعر الشريف الرضي من تلحين زكريا أحمد وغناء أم كلثوم وهي «أيها الرائح المجد تحمل».
وأثبت السنباطي مهارته في تلحين المقطوعات الجماعية، وكان توفيقه واضحاً وجليا في «أنشودة الربيع» و«جبر البحر»، وبالذات «نشيد البحارة» وهي تتغنى بأغنية «على بلدي المحبوب وديني، زاد وجدي والبعد كاويني».
http://www.alqabas.com.kw/Article.aspx?id=574446&date=05022010
أم كلثوم وعلى رغم مرور 35 عاماً على رحيلها لا تزال تعيش في ذاكرة الأجيال المتعاقبة، ولا تزال اغانيها خالدة، وأعمالها السينمائية الغنائية تجذب إليها المشاهدين كلما عرضت.
اليوم وبعد مرور تلك السنوات على رحيل سيدة الغناء نتوقف هنا مع ذكريات ولادة فيلم «وداد» الذي لعبت بطولته أم كلثوم وأنتجته.
في أوائل الثلاثينات، بدأت شهرة أم كلثوم تمتد من مدينة إلى مدينة أخرى، حتى وصلت إلى القاهرة. وخلال فترة قصيرة انتشرت أغنياتها، وأصبح اسمها على كل شفة ولسان، ولم تلبث أن احتلت المركز الأول فى الأغنية الشرقية.
في هذه الفترة بالذات بدأت أم كلثوم تتابع باهتمام شديد محاولات إنتاج الفيلم الغنائي العربي، الأول «أنشودة الفؤاد» في أبريل 1932، الذي مثلت فيه دور البطولة المطربة نادرة، ثم فيلم «الوردة البيضاء» في ديسمبر 1933 الذي كان أول أفلام محمد عبد الوهاب الغنائية، وأخرجه محمد كريم.
خرجت أم كلثوم ليلتها من دار سينما رويال في القاهرة لتناول العشاء في منزل بولس حنا باشا أحد أثرياء الصعيد في مصر، وكان من أشد المعجبين بفن أم كلثوم، ودار الحديث بينه وبينها وبين باقي المدعوين إلى العشاء، حول السينما والأفلام.
وفجأة أعلن الثري الصعيدي، أنه على استعداد لتمويل فيلم تقوم أم كلثوم ببطولته، على أن تكون هي شريكة في الفيلم بمجهودها الفني، ووافقت أم كلثوم على هذه الفكرة. وراحت تبحث عن قصة مناسبة، فاتصلت بالشاعر أحمد رامي، وطلبت منه أن يؤلف قصة تصلح لأن تقوم ببطولتها.
زيارة رامي
وبعد مرور أيام قليلة، زارها أحمد رامي في منزلها، وقرأ لها قصة «وداد» التي أعجبت بها، ورجحت نجاحها على الشاشة.
وفكرت أم كلثوم أن تقوم هي بتمويل الفيلم، والإنفاق عليه، بدلاً من أن تكون شريكة بمجهودها فقط، كما عرض عليها بولس حنا باشا، الذي أيدها أيضاً في هذا الاتجاه، فلم يغضب لانفرادها بإنتاج الفيلم.
وبدأت أم كلثوم الخطوات التمهيدية لإنتاج الفيلم، فعهدت إلى أحمد رامي بالاتصال بالمخرج محمد كريم، ومفاوضته لإخراج الفيلم.
وابتهج محمد كريم للفكرة، فقد كان من أكبر امنياته أن يخرج فيلماً تقوم أم كلثوم ببطولته، فذهب لمقابلتها بمصاحبة أحمد رامي، ولما عرضت عليه قصة «وداد» أبدى إعجابه بها، واتفقا على تكتم الأمر حتى تنتهي الخطوات الأولى لبدء العمل.
مرض كريم
وعاد محمد كريم إلى منزله، وبعد ساعة أصيب بارتفاع في درجة الحرارة، وجاء الطبيب الذي نصحه بعدم مغادرة الفراش لأنه مصاب بانفلوانزا حادة جداً، إلى أن فوجىء بزيارة الشاعر أحمد رامي وكان ذلك في الساعة الرابعة بعد الظهر.
ولما اعتذرت له السيدة قرينة محمد كريم بعدم إمكان مقابلة محمد كريم ألح في ضرورة مقابلته لأمر مهم، لا يمكن تأجيله.
ودخل أحمد رامي غرفة نوم محمد كريم كي يبلغه غضب أم كلثوم عليه، لأنه نشر تصريحاً في جريدة البلاغ يقول فيه: إن أم كلثوم لا تصلح للسينما! وجاء في هذا المقال كلام كثير يسيء إلى أم كلثوم كفنانة، وراح يعدد العيوب الفنية التي تحول دون صلاحيتها للسينما.
وثار محمد كريم، وغضب، لأنه لم يدل بهذا الكلام فضلاً عن أنه لم يقابل أحداً من الصحافيين، أو غير الصحافيين، بل إن زوجته، وهي أقرب الناس إليه لم تعلم بمقابلته لأم كلثوم، وأرسل برقية يكذب فيها صدور هذا الكلام على لسانه.
زعل أم كلثوم
ولكن الخبر الكاذب كان قد فعل فعلته في نفس أم كلثوم، فقد استبد بها الغضب، وقطعت صلتها بمحمد كريم، على الرغم من أنها عرفت بعد ذلك قصة الحديث الكاذب، فقد كان وراء هذا الحديث شركة «بيضا فون للأسطوانات»، التي كانت تخشى ظهور أم كلثوم في السينما، وكانت تنفق بسخاء على كل مؤامرة تؤدي إلى عرقلة ظهورها في السينما.
وعدلت أم كلثوم فعلاً عن النزول إلى ميدان السينما لسببين اثنين هما: أولاً، هذه الحرب.
وثانياً: عندما علمت أن تكاليف فيلم «الوردة البيضاء» بلغت اثني عشر ألف جنيه مصري.
وتشاء الظروف، أنه في الوقت نفسه الذي كان فيه حلم التمثيل يراود مخيلة أم كلثوم، قرر الاقتصادي الوطني محمد طلعت حرب باشا مؤسس بنك مصر، أن ينشىء استديو سينمائياً كاملاً وحديثاً، يضمه إلى جانب الأنشطة المختلفة التي يقوم بها بنك مصر، وشركاته الأخرى، بعد أن أدرك ببعد نظره أن هناك مستقبلاً كبيراً أمام صناعة السينما، وأنها ستكون ذات أهمية اقتصادية، وهو لذلك – أساساً – قرر بناء الاستديو مع تزويده بكل المعدات الحديثة ليبدأ في إنتاج الأفلام.
وبالفعل بدأ العمل في بناء الاستديو الجديد في الهرم – استديو مصر.
وكان محمد طلعت حرب باشا متلهفاً على أن يرى العمل يدور في هذا الاستديو على وجه السرعة، لإنجازه في أقرب وقت، ولذلك أراد أن يقطع أحمد سالم مدير الاستديو شهر العسل مع عروسه «خيرية البكري» لكي يشرف من جيد على استعجال بناء الاستديو.
بناء الاستديو
واستجاب أحمد سالم لرغبة محمد طلعت حرب باشا وبدأ في استعجال بناء الاستديو من ناحية، ومن ناحية أخرى، أعد حقائبه لمرافقة محمد طلعت حرب باشا في رحلته إلى أوروبا.
وقضى محمد طلعت حرب باشا وأحمد سالم شهرين كاملين في أوروبا، زارا خلالهما كل استديوهات العواصم الأجنبية التي اشتهرت بالصناعة السينمائية.
وحين عادا، كانت هناك فكرة في رأس أحمد سالم عرضها على الاقتصادي الكبير.
وكانت الفكرة هي أن يتم جمع شمل عدد من الشبان المصريين من هواة السينما، من الذين تقوم هواياتهم على الثقافة، لكي يعملوا في هذا الاستديو الكبير، فوافق محمد طلعت حرب باشا، وترك لأحمد سالم حرية التصرف، وحرية اختيار هؤلاء الشبان.
واختار أحمد سالم، أحمد بدرخان، ومحمد عبد العظيم، وموريس كساب، وحسن مراد، وولي الدين سامح، ومصطفى والي، وكمال سليم، ونيازي مصطفى، وأحمد خورشيد، وعزيز فاضل.
وتم على الفور إرسال كل هؤلاء إلى فرنسا وألمانيا لدراسة فنون السينما المختلفة.
وفي أوائل عام 1935، عاد أفراد البعثة إلى القاهرة، وبدأوا يستعدون لافتتاح «استديو مصر»، الذي انتهى بناؤه، وذلك بعد أن عين محمد طلعت مصطفى باشا أحمد سالم مديراًَ للاستديو.
وبدأ أحمد سالم فور عودة البعثة بعقد اجتماعات متتالية مع أعضاء البعثة لوضع الخطة لافتتاح الاستديو، ولتنظيم سير العمل فيه.
وتم في الثاني عشر من شهر أكتوبر عام 1935 افتتاح استديو مصر بحفل كبير، دعي إليه أكثر من الف شخص.
مخرج ألماني
ولذلك، فقد تعاقد الاستديو، مع عدد من الأجانب بالفعل، كان من بينهم المخرج الألماني قريتز كرامب الذي عين مديراً فنياً للاستديو، وكان واضحاً منذ اليوم الأول لبدء العمل، أنه ضد الشبان المصريين.
فقد حدث أن تقرر أن يبدأ الاستديو أول إنتاج له بفيلم «وداد» بطولة أم كلثوم.
وسعى أحمد سالم لكي يتولى أحمد بدرخان مهمة إخراج هذا الفيلم، وتقدم أحمد بدرخان لأم كلثوم، وأقنعها بقبوله مخرجاً للفيلم. ووافقت أم كلثوم على ذلك بعد تزكية أحمد سالم.
وبالفعل بدأ أحمد بدرخان، يعد سيناريو الفيلم، وكان أحمد سالم يسير معه خطوة بخطوة، ولكن المخرج الألماني فريتز كرامب كان حتى ذلك الوقت يسعى بكل ما يستطيع، لكي يفوز بإخراج الفيلم، وبالفعل نجحت خطته، وتقرر أن يقوم هو بإخراج فيلم «وداد».
دموع سالم
وعندما استدعى أحمد سالم، المخرج أحمد بدرخان، لكي يعلن أمامه قرار سحب إخراج فيلم «وداد» منه، كانت الدموع تملأ عينيه، لأنه أحس بالهزيمة أمام المخرج الألماني، ولأنه لم يكن يريد أن يقوم بالأعمال الفنية إلا شباب مصر، الذي بنى الاستديو من أجلهم، ومع ذلك، فقد قدم أحمد بدرخان استقالته من العمل في الاستديو.
ووقفت أم كلثوم أمام الكاميرا لأول مرة وضربت أروع مثل في احترام مواعيد العمل التي يحددها المخرج.
أغاني فيلم {وداد}
تضمن فيلم «وداد»، عشر أغنيات، تبارى في تلحينها الفرسان الثلاثة الكبار زكريا أحمد، ومحمد القصبجي، ورياض السنباطي. غنت أم كلثوم تسع أغنيات من نظم أحمد رامي، وهي «العيد» و«السوق»، و«مناجاة الطائر» و«النافورة» من تلحين القصبجي، و«الشرفة» و«نشيد الختام» لزكريا أحمد، و«نشيد البحارة و «أنشودة الربيع»، و«جبر البحر» لرياض السنباطي، أما الأغنية العاشرة فنظمها الشاعر الشريف الرضي من تلحين زكريا أحمد وغناء أم كلثوم وهي «أيها الرائح المجد تحمل».
وأثبت السنباطي مهارته في تلحين المقطوعات الجماعية، وكان توفيقه واضحاً وجليا في «أنشودة الربيع» و«جبر البحر»، وبالذات «نشيد البحارة» وهي تتغنى بأغنية «على بلدي المحبوب وديني، زاد وجدي والبعد كاويني».