رغم الزيادة النسبية الملحوظة في عدد المتخصصين في مجال السينما بدول الخليج العربي، إلا أن الحركة السينمائية في منطقة الخليج العربي لا تزال متأخرة للغاية عن ملاحقة ما وصلت له المنطقة من بروز دولي، على الصعيدين السياسي والاقتصادي، أو حتى الثقافي.
حيث تواجه صناعةالسينما في الخليج العربي ـ بحسب آراء الختصين في هذا المجال ـ تحديات كبيرة؛ تتمثل في ندرة الكوادر البشرية المتخصصة، وفقدان ثقة الجمهور الخليجي في السينما العربية عموما، والسينما الخليجية على وجه الخصوص، فضلا عن التحديات والصعوبات المترتبة على هذا، والمتعلقة بالجوانب الإنتاجية والتجارية.
ولا يمكن الزعم بوجود سينما في منطقة الخليج العربي بالمعنى المفهوم لفن السينما، غير أنه توجد بعض المحاولات لصناعة أفلام خليجية محدودة للغاية، وهي بعض الأفلام الروائية الطويلة، التي عاني صناعها في سبيل إظهارها إلى الوجود، ومنها على سبيل المثال: الفيلم الكويتي "بس يا بحر"، للمخرج خالد الصديق، وقد تم إنتاجه عام 1970، والفيلم القطري "الشراع الحزين"، الذي أُنتج عام 1976، وهي محاولات نبهت المشاهد العربي والأجنبي إلى إمكانية خلق سينما خليجية.
ولكن مع مرور الوقت، وعدم وجود الوعي السينمائي لدى الجهات المعنية، لم تتطور هذه البذرة، ولم يكتب لها الاستمرار، لذلك بقيت هذه الأفلام التي أسست لصناعة سينمائية خليجية في مكانها، ولم تخلق جيلا سينمائيًّا واعيا أو جمهورا داعما للسينما الخليجية.
كوادر بشرية
تعد الكوادر البشرية المتخصصة في مجال السينما هي القاعدة الأولى، التي يتوجب توافرها لقيام صناعة السينما، وهو ما تفتقده السينما في الخليج العربي.
ويُلاحظ في هذا الإطار أن معظم المهتمين في المنطقة يريدون أن يكونوا مخرجين، لذلك لا توجد هناك قاعدة لبقية الكوادر التي تتطلبها هذه الصناعة، كالمصورين أو كتاب السيناريو وغيرهم في القطاعات الأخرى من الصناعة.
كذلك فإن غياب الثقافة السينمائية في المجتمع، وغياب الأكاديميات المتخصصة في تطوير المواهب السينمائية على مختلف الأصعدة، فضلا عن عدم توافر الاستثمار الرسمي، أو الخاص الذي يمول السينمائيين ويدعمهم.
ولا تتوافر حتى الآن في دول الخليج العربي الاستوديوهات المؤهلة لتصوير وتجهيز الأفلام، كما أنه لا توجد صناعة المعدات والأدوات اللازمة لإنجاز الأفلام؛ مثل الكاميرات وكشافات الإضاءة، وحتى برامج الكمبيوتر الخاصة بالمونتاج والصوت.
وعلى المستوى التجاري، لا توجد شركات للإنتاج السينمائي تجازف بدخول مجال الإنتاج، وتكون قادرة على عمل دراسات جدوى اقتصادية لإنتاج وتوزيع الفيلم الخليجي، وقد يرجع ذلك إلى أن أغلب الشركات الفنية ما زالت تتخوف من الأسواق العربية، ومن عدم فهم اللهجات الخليجية في بقية الدول العربية.
من هنا فإن عددا من الدعوات موجهة للحكومات الخليجية بأن تقيم مؤسسات تحاول خلق بنية تحتية، من كوادر ومؤسسات سينمائية وأكاديمية، تستطيع النهوض بالحركة السينمائية في المنطقة، وهو ما يمكنه بالتأكيد أن يشكل مردودا مهما على هذه الصناعة.
كما يتعين الاهتمام بتغيير وتنشيط الوعي السينمائي والفني عموما لدى المجتمع الخليجي، والإصرار على تقديم أفلام متقنة، تحمل العمق الفكري والإنساني المطلوب لسرد حكاية مؤثرة وممتعة.
يقول بعض الخبراء والمهتمين بمستقبل السينما في الخليج العربي: "إن مستقبل هذه الصناعة مرتبط بكل ما ذكر من تحديات وصعوبات، تواجهها سواء صعوبات فنية أو مادية أو بشرية؛ فبمواجهة هذه التحديات والتغلب عليها، يمكن النهوض بالسينما الخليجية".
كما تتطلب الرغبة في النهوض بصناعة السينما كذلك، العمل على تنمية الوعي الخليجي بالدور الذي تقوم به السينما في المجتمع؛ باعتبارها الذاكرة البصرية للتاريخ والجغرافيا والسياسة والاقتصاد، وهو ما يمثل حافزا قويا للعمل على النهوض بها.