20-07-2010, 01:46 PM
|
#1 (permalink)
|
خبيرة في التنمية البشرية
العــضوية: 5529 تاريخ التسجيل: 17/09/2009
المشاركات: 3,872
الـجــنــس: أنثى | أراني وذئبَ القفر إلفينِ بعدما بدأنا كلانا يشمئز ويذعر
عبدالله الجعيثن أراني وذئبَ القفر إلفينِ بعدما بدأنا كلانا يشمئز ويذعر
في تاريخنا الأدبي عدد من الشعراء يفخرون بأنهم يصادقون الذئاب، وبعضهم يفضل صحبة الذئب على صحبة الإنسان.
* ومن هؤلاء (الأحيمر السعدي) وهو شاعر جاهلي طلب في دم سفكه فهرب واستوحش وتصعلك وألف الذئاب وعاش معها كأنه واحد منها..
وله أبيات جميلة في صحبة الذئب يقول فيها:
«أراني وذئبَ القفر إلفين بعدما
بدأنا كلانا يشمئز ويذعر
تألّفني لما دنا وألفته
وأمكنني للرمي لو كنت أغدر
ولكنني لم يأتمني صاحب
فيرتاب بي، ما دام لا يتغير»
* وهذا خلق جميل ما ورد في البيت الأخير وما قبله من عدم الغدر، والوفاء للصاحب وزوال الريبة، ولكن!.. لو صدقت الأفعال الأقوال، فالأحيمر هذا لص قاتل وهنا يصدق المثل القائل (مطوّع الحنشل منهم)!
* والأحيمر السعدي هو صاحب البيت المشهور:
«عوى الذئب فأستأنست بالذئب إذ عوى
وصوت إنسان فكدت أطير»
ولا غرابة في هذا، فقد وجد في الجاهلية صعاليك تحولوا إلى وحوش (تأبط شراً، السليك بن سلكة وصخر الغي والشنفرى وأبو كلب وأبو خراش) وغيرهم.. خلعوا أنفسهم من قبائلهم أو خلعتهم على الأصح لكثرة جرائمهم فهاموا على وجوههم في البراري والصحاري كالوحوش وكانوا أقوياء أشداء سريعي العدو (لو اشتركوا في الأولومبياد لحطموا جميع الأرقام القياسية في سرعة الركض لكل المسافات بلا استثناء) كان تأبط شراً يسرع وراء الغزال الهارب فيصل له بسهولة ويفترسه بأسنانه والغزال من أسرع الحيوانات تعجز عن اللحاق به النمور والفهود الأفريقية التي هي أسرع الوحوش.
كما أن هؤلاء الصعاليك كانوا خطرين جداً، يختبئون نهاراً في المغاور والكهوف، ويخرجون في الليل الأسود كالجن الأزرق عراة إلا من ورقة التوت والويل لمن صادفوه يسري في الليل فسوف يذبحونه هو ناقته معاً ويشربون دمه..
ويزعم تأبط شراً أنه قاتل الغول في الليل البهيم وهو لا يدري من تكون وجثم على جثتها منهكاً من قتالها لقوتها حتى لاح الفجز فظفر بأبشع منظر: رأس كلب وساقان ناقصا الخلقة غريبا الشكل ووجه هِرّ، ومع ذلك أكل من لحمها ضرسه القوي!
ويصف تأبط شراً سرعته في العدو بأنه أسرع من حمار الوحش بل من الريح!
وأبو خراش يصف عدوه بأنه في سرعة العقاب وهو ذلك الطائر الجارح الهائل الذي ينقض على فريسته بسرعة البرق:
«كأني إذ عدوا ضمّنت بزّي
من العقبان خائتة طلوبا»
* ويعتبر الشنفرى أن الذئاب والوحوش هم أهله وأصحابه - ويتبرأ من أهله - في لاميته المشهورة:
«ولي دونكم أهلون سيد عملس
وأرقط زهلول وعرفاء جيأل»
* ويزعم الفرزدق أنه أضاف الذئب:
«وأطلس عسال وما كان صاحبا
دعوت بناري موهناً فأتاني
فلما دنا قلت: أدنُ دونك إنني
وإياك في زادي لمشتركان
فبت أقد الزاد النار بيني وبينه
على ضوء نار مرة ودخان»
* على أي حال المشكلة الحقيقية ليست مصاحبة الذئاب الظاهرة الشاهرة، بل مصاحبة (الذئاب التي تلبس الثياب) فطالما خدع بهم الكرماء لحلاوة كلامهم وإتقانهم لنفاقهم ولكن ما أسرع وأشنع انقلابهم على أصحابهم حتى على من أحسن إليهم فذئاب البشر أخطر وأخبث. المصدر __________________ لم يكتشف الطغاة بعد سلاسل تكبل العقول... اللورد توماس
|
| |