[بحر الحب]

حينما نتحدث عن الفنان الراحل محمد السريع فإننا نتحدث عن علم من أعلام الفن في الخليج وأحد الرواد الكبار الذي اعطى حياته لفنه ونجح في اثراء الساحة الفنية بعشرات الاعمال المسرحية والتلفزيونية التي تركت بصمات خالدة تؤكد مكانته بين اقرانه والسريع هو واحد من عائلة تتمتع بالمواهب الفنية فهو ابن عم الاديب والكاتب المسرحي الكبير عبدالعزيز السريع وهو عم المخرج منقذ السريع رئيس مجلس ادارة فرقة مسرح الخليج العربي السابق، عمل موظفاً في بداية حياته ثم انتسب لفرقة مسرح الخليج العربي عام 1966 وقدم باكورة اعماله مسرحية «الله يا الدنيا» لتتوالى اعماله وتزداد جماهيريته وشعبيته ويحفر اسمه بحروف من نور على جدار الزمن. وقد قام الزميل الصحافي صالح الغريب بتوثيق مسيرته الفنية والانسانية في كتاب صدر ضمن مطبوعات فرقة مسرح الخليج بمناسبة مرور اربعين عاماً على تأسيس الفرقة وملتقى صقر الرشود الثاني تحت عنوان «محمد السريع فنان الذاكرة» وهو مرجع قيم يحفل بالكثير من الحكايات والانشطة والذكريات سواء التي قالها الراحل محمد السريع نفسه او التي رواها رفقاء دربه.
شخصيته من كلماته
> الانسان هو الثروة وهو ابقى من كل الثروات، ومن هذا المنطلق لابد من التأكيد على عملية بناء الانسان بالشكل الحقيقي، منذ مراحل رياض الاطفال حتى الجامعة ثم مراحل العمل والعطاء.
> المرأة هي كل شيء في حياتي، هي امي وزوجتي وابنتي وزميلتي في العمل.
> الخروج عن النص كان موجوداً ولكن له قواعد وأصول مثل خدمة الشخصية وخدمة النص والموقف نفسه دون المساس بالكلمة الاساسية التي يريد ان يقولها النص.
> نحن في فرقة مسرح الخليج العربي نعمل بروح تضامنية وهدفنا الرئيسي دائماً خدمة الحركة المسرحية وتقديم أعمال مسرحية ذات مستوى جيد.
> الفنان الكويتي الصادق مع نفسه ومع عمله والمخلص لرسالته الفنية السامية الساعي لرسم الابتسامة على شفاه الكثير من الجمهور رغم ما به من ألم ومشاكل لا يريد ان يشعر به احد ولكن بصراحة يريد الوفاء والعطاء غير المحدود من المسؤولين الذين لا «يحسون» بما يحس به الفنان من تعب وارهاق من خلال العروض.
> أتمنى ان العب دور الشايب المغلوب على امره والمظلوم في مجتمعه سواء من أهله او المحيطين به لأن هذا النموذج من الشخصيات يثير العاطفة ويكون مؤثراً في تجسيده على المسرح.
> المسرح هو ابوالفنون وهو الذي قدمني للتلفزيون والاذاعة والتلفزيون يقدم الفنان وهو مرتاح دون معاناة في مواجهة الجماهير.
> الوفاء هو التزام الانسان للانسان او لموقف او حدث.
> الحب هو الحياة بل هو كل شيء ومن دون الحب تكون التعاسة.
> لقد تراجعت المسارح الاهلية عن تأدية دورها الحقيقي واصيبت بالشلل ولا تستطيع التحرك نظراً لعدم قدرتها المادية وهجرة اعضائها الى العمل بالقطاع الخاص.
> لقد حاولت ان اعمل في مجالات اخرى مثل التجارة ولكني فشلت.
> الصدق هو كل شيء في حياة الانسان فإذا ضعف فيه يصبح كاذباً.
> التأليف بالنسبة لي مجرد هواية لا اكثر.
> كل تاريخي في الكتابة لا يضم سوى اربع مسرحيات لكني لست محترفاً للكتابة.
> يفترض في اي عمل مسرحي ان يجمع الاثنين النجاح الجماهيري والادبي على اعتبار ان العمل متكامل من حيث جودة الفن واداء رائع للفنانين والاخراج والديكور.
> انا فنان قدمت العديد من الاعمال وكلها تركت اثراً في نفوس الناس وليس من السهل ان اقبل اي عمل بعد هذا المشوار الطويل.
> الفن اخذ كل عمري وقضيت اجمل سنوات هذا العمر في الفن.
> أحب كل الفنانين الشباب واشجعهم دائماً واتمنى ان يتقدموا ويواصلوا مسيرة الرواد.
> الراحل صقر الرشود كان طاقة ودينامو لم يتوقف في يوم من الايام.
> ان عقلية الطفل اختلفت كثيراً عن الماضي فهو يحتاج حالياً الى اعمال مسرحية تحرك عقله بالحكمة وتقدم له النصيحة والهدف بشكل صحيح يتقبله ويفهمه ويعمل به وعلينا ان نحترم عقليته.
> تعجبني بعض الفرق المسرحية الجادة التي تضع نصب اعينها مصلحة الكويت.
> يفترض ان يكون الفنان رقيباً على نفسه ولا يجب ان توجد رقابة نهائياً لأن الفنان المخلص الذي يحب اسرته وهذه الاسرة تمثل المجتمع لن يخرج عن النص في امور تسيء له وللآخرين.
> كنا دائماً في فرقة مسرح الخليج العربي من اشد المتحمسين للشباب.
> العمل الاستعراضي محبب للجمهور بصفة عامة.
> لم يحدث ان تمنيت ان اعمل دوراً مسرحياً شاهدته ولم اقم به.
> ابناء جيلي تعودوا على الالتزام واحترام المواعيد.
> الفنان لا يعتزل ابداً مادام قادراً على العطاء.
السريع في عيون معاصريه
كان الفنان القدير محمد السريع يتمتع بأخلاق رفيعة الى جانب كونه فناناً من الطراز الاول، حظي بحب الجميع وعلى هذه السطور نرى كوكبة من النجوم ماذا تقول عن هذا الفنان الكبير.
الفنان محمد المنصور يرى انه كان نجماً لامعاً وانساناً ظل يحترم فنه حتى اللحظات الاخيرة من عمره وكان وفياً ويؤدي دوره باخلاص.
ويقول عنه الكاتب المسرحي عبدالعزيز السريع: هو الصديق وابن العم وزميل الكفاح في مسرح الخليج العربي، كان بلسماً للجراح يتمتع بهدوء يخفي خلفه ارادة حازمة قوية لا تعرف اليأس.
كان ذا علاقات واسعة بالناس يعودهم بالافراح والاتراح ويزور المستشفيات ويتفقد المرضى، وهو جملة من المواهب كان مؤلفاً رشيقاً قدم نماذج راقية للمسرح الكوميدي مثل بخور ام جاسم ومجنون سوسو، اما تمثيله فهو السهل الممتنع.
وقالت عنه الفنانة القديرة حياة الفهد: هو فنان شامل قدم كل الالوان الى جانب كونه مفكراً وكاتباً وهو يتقمص ادواره بشكل كبير وحنون على العناصر النسائية التي تعمل معه.
وقالت عنه القديرة سعاد عبدالله: لو جاز لنا ان نجسد الطيبة لجسدناها في المرحوم محمد السريع انسان لا يجد الحسد في نفسه مكاناً.
الفنان غانم الصالح قدم معه «على جناح التبريزي» و«قاصد خير» وهو يؤكد ان محمد السريع كان صاحب طرفة ونكتة ولا يتوانى عن عمل الخير، وطوال اثنتي عشرة سنة كان هو الذي يجمع اعضاء فرقة مسرح الخليج العربي فنياً وادارياً واخوياً.
الكاتب محمد الرشود يؤكد انه كان ادارياً من الطراز الاول محنكاً بالفطرة له قدرة عجيبة على حل مشاكل الفرقة وكان على مدى ثلاثين عاماً مجلس ادارة متكامل لفرقة مسرح الخليج العربي.
الفنان الكوميدي عبدالعزيز المسلم يؤكد انه كان ذا مشاعر حساسة تفيض بالحب للآخرين والكرم والوفاء وكان راقياً في سلوكياته الفنية.
الفنان الكبير محمد المنيع يقول انه قدوة للممثلين الناشئين خصوصاً في الالتزام بأوقات العمل والالتزام الفني على خشبة المسرح.
الفنانة مريم الصالح التي عملت معه في مسرحية «ضاع الديك» تؤكد انه لم تكن لديه الغيرة الفنية التي تستبد بقلوب كثير من العاملين في مجال الفن.
محمد السريع وأعماله الفنية
محمد سريع عبدالرحمن السريع.
من مواليد الكويت 1940.
عضو فرقة مسرح الخليج 31/8/1966.
الأعمال الادارية التي زاولها خارج الفرقة: المحاسبة (مجلس الامة)، مخرج في اذاعة الكويت، اعمال تجارية حرة.
الأعمال المسرحية مع فرقة مسرح الخليج العربي: الله يا الدنيا، لمن القرار الأخير، ثم غاب القمر، نعجة في المحكمة، بخور ام جاسم، الدرجة الرابعة، 1-2-3-4 بم، ضاع الديك، شياطين ليلة الجمعة، بحمدون المحطة، تحت الرزام، تنزيلات متاعب صيف، عريس بنت السلطان، تب ام عصفور، للصبر حدود، يا معيريس، وخر لا يعاديك.. وأعمال أخرى.
أعمال كتبها ومثل فيها: يا غافلين، شاليه السعادة، مجنون سوسو.
أعمال مسرحية مع فرق مسرحية اخرى غير مسرح الخليج العربي: على جناح التبريزي وتابعه قفه لفرقة المسرح الاهلي الحديث، وطماشة لفرقة مسرح الناس، «هدوا المسلسل» للمسرح الشعبي، ومسرحية «فرسان المناخ» لمسرح الفنون، وللأمام سر لفرقة مسرح الناس.
الأعمال التلفزيونية مسلسل «الابريق المكسور» ومسلسل «الدانة» وسهرة نقطة ضعف ومسلسل مبارك لمؤسسة البدر ومسلسل «ابلة منيرة» ورحلة العمر، والسندباد البحري والبساط السحري.
حصل على جوائز عدة وشهادات تقدير من فرقة المسرح العربي في يوم المسرح العربي بالاضافة الى جائزة من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وشهادات تقدير من فرقة مسرح الخليج العربي ووزارة التربية وغيرها من المؤسسات الحكومية والأهلية والخاصة.
شارك في نشاطات ثقافية خارج البلاد الى كل من البحرين والامارات ولبنان وسورية والمغرب ومصر وتونس.
آخر أعماله الفنية تلفزيونياً «لمن تشرق الشمس».
وفاته
وفي مثل هذا الشهر في يوم الجمعة الموافق الثالث من ديسمبر عام 1999 اسلم الفنان الكبير محمد السريع الروح الى بارئها بعد صراع مع المرض لكنه ظل حياً بيننا باعماله التي رسمت البسمة فوق الشفاه وبأخلاقياته التي تعد نموذجاً يحتذى، فقد كان انساناً بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان.. رحمه الله فهو بحق نجم له تاريخ.


http://www.alhoriah.com/HoriaNews/Ar...px?artid=30624