أنزور عرّاب.. بـ «ما ملكت أيمانكم» أنزور عرّاب.. بـ «ما ملكت أيمانكم»
قراءة: سليمان الأسعد
لا شيء يشفع للمخرج نجدت أنزور حتى أنتصر له أمام حملة شرسة منيت بها قامته المهيبة التي تعرضت لنقد موضوعي تناول أعماله «البليدة»، ولتجريح شخصي ذكره فيه أحدهم بالشطيرة التي ابتاعها له أيام المدرسة!
لذلك سأنضم إلى هذه الحملة من الجانب الموضوعي «ربما»، لأني لم أزامل أنزور في المدرسة، فهو أكبر من جدي، ولن تصدقوا أني اشتريت له علبة كولا مهما غلظت لكم الأيمان!
هناك مشكلة تعانيها السينما العربية «والتليفزيون هذه المرة»، يمكن تلخيصها في عناوين: «لازم أسوي أكشن!»، «إش معنى رامبو؟!»، «هو دينزل واشنطن أحسن مني في إيه؟!»، ويبدو أن الزميل أنزور سمع عن موضة «أكشن» ماشية في البلد هذه الأيام، فقرر أن يركبها مستعيرا أقرب قضية مرت على مخيلته، وكانت بمحض الصدفة تتعلق بالإرهاب، فقرر على حين غفلة من مخنا أن ينتج مسلسلا أسماه «ما ملكت أيمانكم» ليغيظ به الأقربين، فهم أولى أن يصبحوا طرفا في ضجة إعلامية لها ضروراتها التسويقية.
ولأنه «عراب الدراما السورية» ومثلها الأعلى، فلا يحق لك أن تسأله عن اللغة التقريرية التي يحفل بها النص، ولا عن المحاضرة الوعظية التي يلقيها الممثل على ذويه، ولا عن الأسلوب التلقيني الذي يدس الأفكار عنوة في ذهن المشاهد دون أي حيلة درامية، فالعراب أدرى بما يفعل! أليس كافيا أن يتيح لنا قراءة بريد أحد الممثلين مباشرة من جهاز الكومبيوتر في مشهد اقتضى نصف حلقة تقريبا؟ أو يطلعنا على محادثات الماسنجر التي تجريها إحدى البطلات على مدى حلقات؟ ألم تقتنعوا بمشهد «قتال الشوارع» الذي خالف قوانين الفيزياء «السبب والنتيجة» حين ظهرت النيران من اللامكان في وجه الإرهابي الهارب وهو يقفز بين أسطح المنازل على ألواح خشبية لا أدري أي صدفة وضعتها هناك؟
وبمناسبة الحديث عن الصدفة، إياكم أن تسألوا «العراب» عن اجتماع ثلاث شخصيات نسائية على رصيف واحد في نهاية العمل رغم أنهن لم يلتقين طيلة حلقات المسلسل، فقد يصفعكم بخطبة أخرى عن «الضرورة الدرامية» التي تبيح له أيضا أن يجري عملية ولادة للبطلة «ليلى» في المستشفى نفسه الذي تعمل فيه فتاة أقام أخو ليلى علاقة معها.. وهل تدرون أين هي المستشفى؟ في باريس!
اقتضت الضرورة الدرامية أيضا أن يعج المسلسل بمصادفات غريبة أخرى كان يأمل أنزور ألا تضيق صدوركم بها، فالحياة غريبة أحيانا، وكل شيء ممكن، فما المانع أن تشتبك شخصيات لا تعرف بعضها في سلسلة من الحوادث التي لا يمكن تفسيرها إلا بقانون المعجزات أو ربما «الضرورة الدرامية» التي تبيح للعراب أن يختبر فيها قدرتنا على الملل!
وبسبب ضيق الوقت الذي لم يسعف أستاذنا العراب في العثور على إمام مسجد متمرس لدور الأب، اكتفى برجل يتلكأ في قراءة القرآن ويدغم الأحكام التجويدية كلها في حكم واحد هو «الإظهار»!
وإذا رأيتم أن إحدى الشخصيات كانت ترسل رسائلها عبر الهوتميل ثم تنتظر إجاباتها على موقع الياهو، فلا تظنوا أنها الضرورة الدرامية هذه المرة، فالعراب كان يختبر فطنتكم كأستاذ المدرسة: «مصحصح مع الدرس يا ابني ولا لأ؟!».
وإذا وجدتم أن العناصر الأمنية كانت تطلق الألعاب النارية لتسلية الإرهابي الهارب، فلا تغيروا المحطة كما فعلت أنا، بل اكتفوا بالقول: «لا يا شيخ.. من جد؟!» . http://www.shms.com.sa/html/story.php?id=120764 __________________
اسهر طوال الليـل صاحـي ولا انـام
اكـف سيـف الهـم وارجـع واسلـه
احيـاناًاقـول العمـر باقـي لـقـدام
واحيـاناً اقـول العمـر ضيعـت لاجله
مليت انـا اشكـي للدفاتـر والاقـلام
مليت من هـم ٍ سنـا الظلـم ظلـه
|