السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عصر أمس كنت أحاول قتل الألم بابتسامة .. واستعادة الأمل بضحكة .. ابتسامة فُقدت ، وضحكة سُلبت .. مباشرة فكرت في ماهدة مسرحية لم أشاهدها من قبل .. صدقوا أو لا تصدقوا ، إنها المسرحية التاريخية سيف العرب .. طبعاً لم لم تكن هي المرة الأولى التي أشاهد فيها هذه المسرحية ، ولكن حقاً هي من المسرحيات التي تحفظها عن ظهر قلب ومع ذلك كلما تشاهدها مرة أخرى تشعر وكأنك تشاهدها للمرة الأولى وتتفاعل معها بكل لحظاتها.
تمر الدقائق .. هاهو الفنان العملاق عبدالحسين عبدالرضا يبهرني مرة اخرى كما هي كل مرة أشاهده فيها وهو يقوم بتقليد الرئيس الاميركي الأسبق جورج بوش في خطاباته بحرفية عالية جداً قلّ نظيرها ، وابداع منقطع النظير.
تمر المشاهد .. رجل يدخل وسط ترحيب كبير وتصفيق الجمهور ، رافعاً يده ، مرتدياً لباسه العسكري .. هل صدام حسين عاد للكويت مجدداً وارتقى خشبه المسرح ..؟!! لا ، إنه ليس سوى بو عدنان ! كنت ولا زلت أرى أن هذه أفضل تجسيد "على مستوى العالم كله وطوال تاريخ الفن" لشخصية معروفة يتم تقليدها وتقمصها بكل حذافيرها كما فعل بو عدنان مع شخصية الطاغية صدام ، وقطعاً ليس بإمكان أي فنان أن يمكننه تقديم نصف ما قدمه بو عدنان بهذه الشخصية بهذا الشكل العبقري.
فور انتهاء المسرحية خطر في بالي أمر ما .. عبدالحسين عبدالرضا والتقليد !
شاهدنا داوود حسين يبرع في التقليد ، حسن البلام وعبدالناصر درويش بنسبة أقل ، وأيضاً شهاب حاجية مؤخراً دخل مجال التقليد .. هؤلاء نجحوا نسبياً في هذا المجال إثر تقديمهم شخصيات مختلفى في برامج المنوعات التي ظهرت على السطح نهاية التسعينات .. ولكن ....
ماذا لو قدم بو عدنان برنامجاً مماثلاً أيام شبابه وحيويته ، هل كان سينجح في ذلك ؟
عبدالحسين عبدالرضا ، برأيي المتواضع ، يتمتع بكل المواصفات التي تمكنه من النجاح في هذا المجال .. لديه قدرة عالية على التقليد كما شاهدناه يقلد بوش وصدام .. وأيضاً اتقانه الشديد للتحدث بلهجات مختلفة كالبحرينية والعراقية والشامية والمصرية وحتى الهندية وهذا عامل مهم جداً للنجاح .. كما لا ننسى خصلة مهمة جداً يبرع فيها بو عدنان وهي قدرته التامة على التحكم بصوته وطبقاته مما يساعده بشكل كبير في اتقانه لصوت الشخصية المُقلدة ..
ولا زلت أتذكر لقاء مع أحد المخرجين الاذاعيين " لا يحضرني اسمه للأسف" الذي قال أنه في السابق كان يستعين بعبدالحسين عبدالرضا في تسجيل بعض الأصوات المختلفة التي لا تتواجد لديه في الاستوديو كأصوات الطبيعة والطيور ، ويقوم بتسجيله ليدخلها بعد ذلك في أعماله على أنها أصوات طبيعية بالفعل ! وهذا يثبت لنا مدى قدرة بو عدنان الهائلة بالتخكم في صوته والتقليد .
إذاً ، هي موهبة كبيرة يتمتع بها بو عدنان ، ولكن للأسف هذه الموهبة والخصلة لم تبرز ولم تستغل بشكل أكبر ، وتم اختزالها لتظهر في بعض المشاهد من المسرحيات وربما بشكل متوسع أكثر نوعاً ما في اوبريت بساط الفقر . برأيي أنه كان بالامكان أفضل مما كان ، وكان من الممكن أن يقوم بو عدنان بتجسيد عدد أكبر من الأدوار والشخصيات بموهبته الفذة هذه ، ولكنه لم يحصل على الفرصة المناسبة أو ربما هو نفسه لم يكن يريد تقديمها.
محمود آل ابراهيم
31-3-2011