[محمد العيدان]

صورة تجمع الراحلان محمود وعبداللطيف الكويتي



محمود الكويتي و عبداللطيف الكويتي مطربان من دولة الكويت اشتهرا بتقديم فن الاصوات والبعض يظن انهم شقيقان ولكن لقب الكويتي جمعهم بالاسم فقط اليكم نبذة عن هذين المطربين الكبيرين





محمود الكويتي


واسمه الكامل محمود عبدالرزاق علي النقي من مواليد الكويت ـ منطقة الشرق عام 1910

يعتبر المطرب محمود الكويتي الذي توفي 16/7/1982 أحد أبرز رواد الأغنية الكويتية القديمة والمطورة وعلى الأخص في فن الصوت والسامري وهو أول الفنانين الذين عايشوا التطوير.
وله أخوان هما صالح ويعقوب، وله ولد واحد اسمه عبدالرزاق وثلاث بنات ووالدته بنت علي مقامس

تعلم العزف على آلة العود عن طريق الممارسة والاستماع الى عزف الآخرين، ومن خلال سماعه الاسطوانات الخليجية والعربية، وكان يعشق عزف رياض القصبجي.
تتلمذ على يد خالد البكر ويوسف البكر وناصر اليعقوب وابراهيم اليعقوب وعلي الناهض ومحمد بن سمحان وآخرين.
كان يعمل في التجارة من خلال محل لبيع التبغ، ثم بعد ذلك في محل لبيع الآلات الموسيقية، خاصة آلة العود ومستلزماته وتصليحه.
بداية حياته الغنائية كان نهاما على ظهر السفينة في رحلات السفر لعدة شهور. وفي العشرينات ظهر محمود الكويتي كفنان مطرب مع عدد من الفنانين آنذاك منهم عبدالله الفضالة وعبداللطيف الكويتي وصالح الكويتي وداود الكويتي وملا سعود الياقوت. هؤلاء عاصروا بلا شك الفنان الأديب والشاعر خالد البكر وأخوا الفنان يوسف البكر.
تسجيل
سجل الفنان محمود الكويتي عشر اسطوانات في عام 1929 في مدينة بومباي، من أشهر هذه الاسطوانات اغنية بعنوان 'متى يا كرام الحي' وهي صوت عزبي 'بياتي علي الحسيني' يقول مطلعها:
متى يا كرام الحي عيني تراكم
واسمع من تلك الديار نداكم
أمر على الأبواب من غير حجة
لعلي أراكم أو أرى من يراكم
غنى الراحل محمود الكويتي الكثير من الأغنيات العاطفية الناجحة منها 'جلا بالكاس، والله عجبني جمالك، حرك شجوني، يا عوني، سلمو لي على اللي حبهم بالضمير، ارفعي البوشية، يا حمام ناح، يا الله تجبر خاطر المكسور'، و'شقول يا أهل الهوى' يقول مطلعها:
شقول يا اهل الهوى شقول
هذا نصيبي من الخلاني
وشفي يديني على المجمول
يرضى الضحى والعصر زعلاني
تلحين
وقد لحن الراحل محمود الكويتي لعدد كبير من المطربين والمطربات من الكويت والفنانين العرب الذين كانوا يزورون الكويت للمشاركة في حفلات العيد الوطني من فناني الكويت الذين غنوا من ألحانه: مبارك المعتوق وراشد سلطان وحمدان الساحر وغازي العطار وحورية سامي وغريد الشاطئ وخالدة وآخرون.
ومن أكثر شعراء الأغنية الذين تعاون معهم: بدر الجاسر وسلطان عبدالله السلطان وفهد بورسلي وخالد العياف وعبدالعزيز البصري ويوسف المنيع.
له رصيد كبير من الأغاني يقدر بحوالي 1000 لحن غنى غالبيتها وكانت آخر أغنية سجلها بعنوان 'روح دور بدالي' من كلمات بطي البذالي عام 1982 في استديو الموسيقى بإذاعة الكويت.
ترك الراحل محمود الكويتي ثروة غنائية من الأغنيات التراثية والمطورة اثرى فيها المكتبة الاذاعية والتلفزيونية التي سوف يستفيد منها جيل الأغنية الكويتية من الشباب.

عبداللطيف الكويتي

.
واسمه بالكامل عبد اللطيف عبد الرحمن العبيد.
تختلف المصادر في التاريخ الذي ولد فيه هذا المطرب الكبير، فبينما تذكر بعض المصادر انه من مواليد عام 1901، في دروازة عبد الرزاق وهو العام نفسه الذي رحل فيه الرائد عبد الله الفرج
بينما تشير مصادر أخرى إلى ان عبد اللطيف الكويتي ولد في الكويت عام 1904، كما يشير الباحث الزميل صالح الغريب في كتابه «عبد اللطيف الكويتي مطرب الكويت الأول»
اما عن حالته الاجتماعية فقد عاش طيلة حياته عبد اللطيف الكويتي أعزب
.
تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة ملا زكريا الانصاري، فتعلم اللغة العربية والحساب وتجويد القرآن الكريم، وخلال دراسته تعلق بالشعر العربي الفصيح حيث قرأ العديد من دواوين الشعراء
وأعجب بتلك الأشعار الجميلة كما قرأ لشعراء عرب معاصرين
كان نبيها في حفظ العديد من القصائد وهذا ما ساعده في رحلته الفنية

ينتمي عبد اللطيف عبد الرحمن إلى أسرة عملت في البحر وهو مصدر الرزق الأهم في حياة أهل الكويت فكان فوالده عبد الرحمن العبيد من الذين ركبوا البحر، وجابوا الخليج في الترحال من أجل لقمة العيش
تأثر الفنان عبد اللطيف الكويتي بشقيقه الأكبر عيسى الذي يعتبر من كبار شعراء النبط وكان له الفضل في
صقل موهبته وتوجيه للغناء وقد غنى عبد اللطيف بعض الأغاني من شعر شقيقه منها:
شي عجيب يا ولد منصور
هذا الغزال اللي تعدانه
منذ الصغر أبدى الراحل عبد اللطيف الكويتي تعلقا بالغناء
ولم تكن الإعاقة التي عاشها هذا الفنان حائلا دون سعيه الحثيث للإبداع، لا سيما انه عشق الكويت منذ الصغر وعشق ترابها، وكان لا بد من أن يتحدى كل الظروف التي كان يعيشها، ومن هنا بدأ رحلته الفنية سواء داخل الكويت أو خارجها ساهم في ذلك انه كان يزور ديوان خالد البكر الذي يقع في شارع دسمان قرب مدرسة الصباح ويستمع إلى أغانيه.
ويقول عنه الفنان غنام الديكان: «كانت قلة من الناس هم الذين يسعون إلى العلم المتطور في بعض الدول العربية ولكن طموح ذلك الشاب يقصد عبد اللطيف الكويتي الذي كان متوسط الحال في العشرينات من القرن الماضي لم يتوقف ولم يعفه ذلك المرض «الشلل» عن المشي على عصا قبل أن يصبح مقعدا وقد بدأ بالبحث والتعلم لأصول الغناء بمصاحبة الآلات الموسيقية التي لم يكن مثلها متوافرا إلا ما ندر
اما بدايات الفنان الرائدة فكانت مع الأصدقاء في الجلسات الخاصة وفي طلعات البر في ايام الربيع حتى أصبح مشهورا ومعروفا للناس كمطرب

و في عام 1927م جاء إلي الكويت مندوب شركة بيضافون وسمع صوت عبد اللطيف الكويتي فأعجب بصوته واتفق معه على تسجيل بعض أغانيه على أسطوانات في بغداد
والأغنية هي «عواذل ذات الخال»، من أشعار المتنبي وليس هناك أي معلومات عن محتويات هذه الاسطوانة كما يشير د.يوسف دوخي.
ويشير الزميل صالح الغريب في كتابه «عبد اللطيف الكويتي مطرب الكويت الأول» إلى ان أول أغنية غناها عبد اللطيف الكويتي هي «قف بالطواف» عام 1926، وهي من الشعر القديم بعد أن حفظ الكثير من الأشعار والأغاني، وهذا يعني ان طموحه لتقديم الأغنية الكويتية خارج أسوار الوطن بدأ مبكرا، إذ بعد عام واحد فقط من تقديم أول أغانيه توجه إلى بغداد لتسجيل أغانيه
ويقول المطرب عبد الله فضالة إلى انه كان يذهب بصحبة عبد اللطيف الكويتي ومحمود الكويتي إلى بومباي في الهند لتسجيل أغانيهم في اسطوانات، وتعد المرحلة التي انطلق فيها المطرب عبد اللطيف الكويتي مرحلة مهمة لنقل الأغنية الكويتية في الخارج
ولا ننسى انه عاصر بعض رواد المرحلة الفنية التي أسست للغناء في الكويت واستمع إلى بعض مطربيها الأوائل مثل يوسف البكر وخالد البكر الذي كان له فضل كبير على عبد اللطيف الكويتي
غني الكثير من الأعمال الفنية المتنوعة للفنون الكويتية الأصيلة
ويمثل عبد اللطيف الكويتي المدرسة الفنية الثانية في الغناء تلك التي جاءت بعد عبد الله الفرج وخالد البكر ويوسف البكر وغيرهم من الأسماء التي أسست لمرحلة البدايات
في أوائل العشرينات سافرالفنان عبد اللطيف لاول مرة إلى خارج الكويت حيث سافر إلي الهند في بغلة المرحوم عبد اللطيف بن عيسي (و البغلة بفتح الباء نوع من أنواع السفن الكبيرة للأسفار)
و نزل في ضيافة المرحوم الشيخ عبد اللطيف عبد الرزاق من أكبر تجار اللؤلؤ العرب المقيمين في مدينة بومباي وسافر ثانية بالباخرة إلي الهند وسافر مرات عديدة إلي بومباي وأقام فيها عدة سنوات سجل خلالها مجموعه من الأسطوانات
كما كان يقيم حفلات غنائية في إذاعة دلهي وجاء إلي الكويت من بومباي سنه 1947م في الباخرة مع المرحوم الشيخ أحمد الجابر الصباح حاكم الكويت العاشر حينئذ أثناء زيارتة للهند
التقى عبد اللطيف بالكثير من الفنانين العمالقة منهم كوكب الشرق ام كلثوم وموسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب
ويعتبر الفنان والمطرب الأول الذي حقق أكبر رقم توزيع الاسطوانات وتحقيق أعلى سعر
إذ بيعت احدى اسطواناته في عام 1939، بأكثر من ثلاثين روبية، وهو رقم مرتفع في ذلك الوقت.
وحسب ما يذكره الباحث د. يوسف دوخي فان شهرة هذا المطرب الواسعة وتألقه كانا نتيجة عوامل وقدرات فنية ومميزات تميز بها أهمها: إن عبد اللطيف يمتلك صوتا رنانا جهوريا وحنجرة قوية قادرة على تأدية أصعب أنواع الغناء. إذ أن صوته كان يطغى على سواه وأي مطرب آخر يشاركه الغناء وكان شجاعا لم يكن يخاف المجاهرة في غنائه، وفي كل الأحوال، ولم يكن يكتم الأسرار إلى جانب أنه صاحب نكتة ساخرة لذا أحبه الجميع، ونجح في تقديم أغان رائعة.
ويقول عنه الباحث د. فهد الفرس: «تميز الفنان عبد اللطيف الكويتي بالموهبة في حفظ الألحان الشعبية ونقلها بالشكل الصحيح من خلال الصوت الجميل القوي، والأداء السلس الرائع وسلامة مخارج الألفاظ والحروف والحرص على العمل والدقة فيه «وهي مميزات لم تتوافر في غيره من المطربين، لذا برز هذا المطرب وتفوق على غيره على رغم ان العديد من المطربين ظهروا في الفترة نفسها التي برز فيها، حيث استطاع بفضل قدراته الفنية وبطموحه وتصميمه وقوة ارادته على تحدي كافة الصعاب التي كادت توقف مسيرته، وبرز نجمه في سماء الأغنية رائدا بارزا ويعجب المرء بكفاح هذا الانسان وتضحياته الجسيمة من أجل فنه اذ تحدى كافة المصاعب الاجتماعية والبيئية والنفسية والجسدية وحمل على عاتقه لواء نشر الأغنية الكويتية خارج الحدود، وكان له ذلك».
استمر عطائه 47 عام قدم خلالها حوالي 400 اغنية . كان يختار أغانيه من بطون الكتب والدواوين الشعرية القديمة الذي يحبه من شعر المتنبي والشعر الحديث من قصائد فهد العسكر
وعبر مشواره الفني الطويل كان المطرب عبد اللطيف الكويتي يعيش حالة من القلق في كل لحن يقدمه لأنه لا يريد أن يكرر نفسه، بل كان في كل مرة يبحث عن الألحان الجديدة التي تقربه من جمهوره العريض، ليس في الكويت وحسب بل وفي أنحاء الوطن العربي بعد أن نقلت الاذاعات صوته وأغانيه، وعرفته كأحد أبرز المطربين العرب.
يقول الباحث د. بندر عبيد في مقدمة كتابه «عبد اللطيف الكويتي مطرب الكويت الأول، اعداد الزميل صالح الغريب»: «الفنان عبد اللطيف الكويتي دائم البحث عن الجديد في الكلام والأنغام التي لم يتطرق اليها أحد من قبله، لذا نجد أعماله الفنية التي تجاوزت 400 أغنية تمثل مختلف الألوان الكويتية انتشرت وأحبها الجمهور الكويتي خاصة والعربي عامة».
أما آلة العود التي كانت ترافقه فكان يفضل العزف عليها من كل من الفنانين الكبيرين محمود الكويتي وسعود الراشد
وهكذا فان الراحل عبد اللطيف الكويتي قدم عبر مسيرته الفنية بين 1926 إلى 1975 أي بمعدل 8 أغنيات في العام الواحد، وهو معدل لم يحققه مطرب آخر غيره، كما ان الراحل عبد اللطيف الكويتي غنى الصوت السامري والخيالي وبقية أصناف الاغنية الأخرى مثل الخماري والنجدي والدوسري وسواها من أعمال فنية ما زالت خالدة حتى يومنا هذا تتردد على الألسن، كما أعاد بعض المطربين الشباب أغاني هذا العملاق الذي كان أحد أهم روافد الاغنية الكويتية
يعد عبد اللطيف الكويتي أول مطرب كويتي سجل أغانيه على أسطوانات عام 1927م في بغداد.. وسافر إلي القاهرة عام 1933م، وكان أول مطرب غنى خارج الكويت كذلك غنى في عشرات الإذاعات العربية والأجنبية في عام 1938م في بيروت والقدس وبغداد ودلهي ولندن، كذلك كان أول مطرب كويتي سافر إلي السعودية عام 1934م وتشرف بمقابلة عاهلها المغفور له الملك عبد العزيز بن سعود ويومها غنى نشيدا خاصا، واطلق عليه النقاد مطرب الملوك
و سافر الفنان عبد اللطيف الكويتي إلى دول كثيرة وزار مدنا عربية وأجنبية منها : بغداد والموصل والقاهرة ودمشق وحلب وبيروت والقدس والحجاز والإحساء والبحرين ولندن باريس وبومباي وحيفا كذلك تل أبيب وأثينا وروما وعدن والتي عاش فيها سنة كاملة
أطلقت عليه تسميات عدة منها :
المطرب الطائر
المغني الأندلسي
مطرب الملوك والأمراء
مطرب الكويت المحبوب
رغم عطاءه الكبير ومكانته الفنيه إلا انه ظل بعيدا عن التليفزيون طوال حياته وفي الثاني عشر من مارس 1964م ظهر للمرة الأولي علي شاشة تلفزيون الكويت في مقابلة أجراها الإعلامي رضا الفيلي
سجل خلالها مجموعة من الأغنيات المشهورة له مع مجموعة من المطربين الكبار وبعد ذلك تم بث أكثر من أغنية له حازت علي إعجاب المشاهدين
ومن الاغاني التي قدمها وحققت الكثير من النجاح نشير إلى ريم الفلا، ملك الغرام، يا طير سلم لي، يا بديع الجمال، في هو بدري وزيني، يا من يرد لي الغالي، زارني المحبوب، سلوا فاتر الاجفان، نظرة البستان، وهي من أجمل الالحان التي قدمها هذا المطرب في مشواره.
كما قدم عبد اللطيف الكويتي اغاني رائعة أخرى مثل قف بالطواف، يا ليلة دانة، دنت الساعة
وتعد أجمل الالحان التي قدمها هذا المطرب في مشواره ريم الفلا وملك الغرام ويا بديع الجمال وفى هوى بدري وزيني ونظرة البستان ..

وما دمنا نتحدث عن هذا الفنان الكبير فلا بد لنا من أن نتوقف عند مرضه، حيث اصيب بمرض عضال أقعده لفترة طويلة، ولم يشف منه، أصيب بالشلل حتى آخر حياته، لكن ذلك لم يثنه عن مواصلة العطاء ولا عن الرحلات خارج الكويت، بل زاده تصميما على مواصلة رحلة الابداع وواصل تسجيل اغانيه في عدد من العواصم العربية ورحلاته إلى مدن عربية وغربية لانه آمن بفنه، ونذر نفسه له.
وفي في يوم الأربعاء 12 فبراير عام 1975م توفي المطرب عبد اللطيف الكويتي عن عمر يناهز الأربعة والسبعين عاما
و فقدت الكويت برحيله فنانا أصيلا أفنى عمره في سبيل الفن وفي سبيل الأغنية الكويتية وأستمر يقدم شهد العطاء الفني على مدي سنوات طويلة كمعجزة فنية استطاعت أن تقهر الزمن وتحطم المسافات وتنتصر على المرض ويصبح اسم عبد اللطيف الكويتي على كل لسان ..

منقول