[بحر الحب]

عام على رحيل الأسطورة والرمز بوصلاح

فجأة .. وبدون مقدمات , رحل غانم الصالح عن عالمنا في يوم 19 أكتوبر 2010 , رحل غانم الصالح الفنان الكبير العملاق وغاب , رحل غانم الصالح صاحب نصيب الأسد من النجاحات في التاريخ الفني الخليجي , رحل غانم الصالح رجل كل العصور والأدوار , رحل غانم الصالح احد اولئك الذين ينتمون الى جيل أسس الفن وبناه وعبرت من بعده الأجيال , رحل غانم الصالح أحد أعظم رموز الفن الخليجي ... وكم كان مؤلماً هذا الرحيل .

صدمة هي التي عشناها في ذلك اليوم الصعب , فبعد ان كنا نراه ينتقل من عمل الى آخر ومن ابداع الى آخر بدون تعب او علة او مرض , يموت فجأة في أراضي عاصمة الضباب لندن التي لطالما عشقها الراحل وتردد على أراضيها , صدمة هي التي عاشها زملائه الفنانين , فمن عاشره يومين كمن عاشره خمسين عاما .. فالكل اقتسم ذات التأثير والشعور في وداع هذا الراحل , وفي جنازة حضرها كثير من الفنانين كانت هي المشهد الأخير من حياته .. فبكوا عليه وأبكونا معه .

بدء الراحل في الستينات مع مجموعة من رفقاء دربه رحل منهم من رحل وبقى من بقي , ولفت الانظار إليه كممثل موهوب في السبعينات اذ قدم مختلف الادوار وقتها والتي رسخت لحضوره كممثل "جوكر" فيما سيأتي من سنوات قادمة , بلغ قمة نجوميته في الثمانينات وقدم أشهر ادواره فيها , وفي التسعينات وصل الى مرحلة النضج الفني محافظا على ذات الهيبة الفنية في شكل جديد ولون جديد من الأدوار والاعمال , تراجعت اعماله ومستواها في النصف من الألفية , ولكن لم يشأ ان ينهي ذلك القعد الا وان يترك لنا روائع ليودعنا بعدها ... فكان ختامها مسك مع "الخراز" و"ام البنات" وأخيرا "أيام الفرج" .

أعطى كل مرحلة من عمره حقها ووقتها , فشاهدناه بادوار الشاب في السبعينات , والرجل المتزوج في الثمانينات بجانب رفيقتي دربه سعاد عبدالله وحياة الفهد , وفي التسعينات أصبح أب ورأينا فنانين بعمر عبدالرحمن العقل وداوود حسين وطارق العلي وغيرهم بأدوار ابناءه , وفي الألفية أصبح الجد والرجل الكبير بالسن .. ولكل مرحلة حقها الكامل في التجسيد والأداء .

ولم يطلق عليه لقب (الجوكر) من فراغ , فمن يصدق بأن "كامل الاوصاف" الطاغية الشرير هو نفسه "نهاش فتى الجبل" الرجل البدوي او انه "بومتيح" الرجل الهمجي والبخيل او انه "قفه" تابع علي جناح التبريزي , او ان هؤلاء هم نفسهم "ابوالريش" الرجل المتعدد الزوجات او "سلطان" الرجل دائم النزوات او "جاسم الخراز" الرجل المسكين الطاعن بالسن , ولم تكن "جوكريته" تقتصر على هذا الجانب فحسب , فمساحات ادواره تختلف وتتباين , اذ نشاهده أحيانا بدور البطل المطلق وفي عمل آخر بدور مساعد البطل وفي آخر نشاهده بدور أحد الابطال وفي غيرهم نشاهده بدور ضيف شرف .... فالمساحات المختلفة رسخت لروائع من الادوار وتاريخه يشهد .

وأيضــــاً .. لم يرتبط الراحل بجيل معين من الفنانين والانحسار عليه , فبعد أن انطفأ نجم ابناء جيله من الرواد وتفرقوا , شاهدناه متألقاً مع جيل جديد وقتها ظهر بنهاية الثمانينات واعمال كـ "الدكتور صنهات" و"البيت المسكون" و "زارع الشر" وغيرهم يشهدون , ومع جيل آخر يبرز في بداية الالفية يكون لغانم الصالح محطة مهمة لهم معه في "دنيا القوي" , ويودعه جيل جديد آخر من الشباب في آخر روائعه "ام البنات" و "أيام الفرج" .

وفي 2010 يكسر قلوبنا .. ويرحل

وكم كان موسم رمضان 2011 مختلفاً بدونه , فكان بلا نكهة ولا بلا طعم افتقدناه بغياب هذا العملاق ,, وأخيرا نذكر بأن للراحل 150 عمل فني ما بين مسلسلات ومسرحيات واعمال اذاعية وسهرات تلفزيونية وفيلم يتيم وبرنامج واعلان دعائي .