[محمد العيدان]

طارق عبدالحكيم


طارق عبدالحكيم.. ذاكرة الموسيقى الخالدة


فقدت الساحة الفنية الخليجية يوم أمس عميد الفن السعودي الموسيقار طارق عبدالحكيم الذي انتقل إلى رحمة الله في العاصمة المصرية القاهرة ودفن هناك.
وكان الراحل قد وصل القاهرة قبل عدة أشهر وهو في حالة صحية غير مستقرة إلى أن وافاه الأجل ظهرا في منزله بالقاهرة.

كان الفنان طارق عبدالحكيم قد التحق بالخدمة العسكرية سنة 1939 وحصل على مرتبة ملازم ثم انتقل من الطائف التي كانت مركز الجيش السعودي آنذاك إلى الرياض وعرف عنه مغنياً وعازفاً هاوياً، وساهم في تأليف مارشات عسكرية وتطوير وتوزيع النشيد الوطني.
عشق الموسيقى
طارق عبدالحكيم من مواليد مدينة الطائف في المملكة العربية السعودية في عام 1340 هجرية اي عام 1924 ميلادية، تلقى تعليمه الاولي في مدينة الطائف، ودخل السلك العسكري وحصل على شهادة المدرسة العسكرية وبعدها نال عدة شهادات في تخصصات عسكرية، وحصل ايضا على شهادة موسيقى الجيش المصرية عام 1953.
تعود بدايته مع الموسيقى والغناء الى فترة صباه الاولى عندما احب الموسيقى وحاول تطوير موهبته بنفسه واشترى عودا كي يتعلم اصول العزف، وهذا الامر فتح امامه الطريق للولوج الى عالم النغم بعد ذلك.
قد تكون البيئة التي ترعرع فيها طارق عبدالحكيم هي التي ساهمت في صقل موهبته، اذ تشير بعض المصادر الى ان والده هاجر الى العراق تاركا اسرته ومن هنا تحمل طارق عبدالحكيم وهو في سن التاسعة مسؤوليات الاسرة.
بدأ بائعا للخضار عبر بسطة يجمع فيها خضار المزارع ويبيعها للناس، وكانت هذه البسطة هي التي فتحت طريق دخوله سلك الجيش بعد ذلك. لكن هواية الموسيقى والانغام كانت تعيش في مخيلته، ويزداد عشقا وشغفا بها حتى دخل الى الموسيقى من بوابة السلك العسكري.
رحلة الغناء
بدأ طارق عبدالحكيم الغناء من خلال السمرات التي كانت تقام في مدينة الطائف، وكان الفولكلور هو السيد الذي يسيطر على الاجواء اللحنية والغنائية. ومن هنا عشق هذا الفتى التراث والفولكلور، وتعلم انواع الغناء مثل المجرور والخبيتي، واستمع الى اشهر المنشدين آنذاك في الطائف ومكة المكرمة، وواصل حضور هذه الحفلات حتى اثناء عمله في الجيش. لكن نقطة التحول في حياته الفنية كانت عندما ذهب الى مصر لتعلم موسيقى الجيش، ومن هنا تفتحت امامه آفاق جديدة وبدأ مرحلة مهمة.
ثقافة الموسيقار
وجد الفتى طارق عبدالحكيم ضالته في دواوين الشعراء الفطاحل والبارزين من الاسماء التي خلدها التاريخ فرصة لتلحين بعض هذه الاشعار مثل اشعار عنترة بن شداد، والخفاجي الى جانب شعراء سعوديين بارزين وبدأت شهرته تزداد مع الايام، خصوصا بعد ان غنى من ألحانه مطربون عرب مثل هيام يونس، نجاة الصغيرة، كارم محمود، فايزة احمد وسواهم.
وهو لم يقف عند هذا الحد بل لحن لمطربين سعوديين بارزين ولعل اغنيته الشهيرة «اسمر عبر» خير مثال، وايضا اغنيته الشهيرة «سليم» التي استقى ألحانها من التراث وغناها ايضا عدد من المطربين، ومن اغانيه «ياريم وادي ثقيف» التي غنتها المطربة الكبيرة نجاح سلام، و«تعداني وما سلم» التي غنتها سميرة
توفيق، وغنى من ألحانه وديع الصافي «لا وعينيك» صباح «الحب والحرمان»، فهد بلان «محبوب قلبي»، نجاة الصغيرة «يللي في هواك هيمان»، محمد قنديل «حمام الحرم»، كارم محمود «يا لابس الإحرام»، ومن اغانيه الاخرى «يا ناعس الجفن» التي غناها عبادي الجوهر، وغنى ايضا «لك عرش وسط العين» و«ابكي على ما جرى لي» التي غناها المطرب عبدالمجيد عبدالله في التسعينات.
رحلة كفاح
طارق عبدالحكيم ليس رائدا موسيقيا، ومطربا رائعا وحسب بل هو نموذج للكفاح والاصرار على النجاح وتخطي العقبات مهما كانت، كما انه كان وفيا للتراث السعودي عبر الالحان التي يقدمها سواء للمطربين العرب او السعوديين لأنه يستقيها من التراث والفولكلور الاصيل، ويعد طارق عبدالحكيم احد اهم الذين رفدوا الاغنية السعودية بألحان اصيلة منذ سنوات طويلة، لذا فإن اغانيه ما زالت محفورة في الذاكرة ترددها الاجيال جيلا عقب جيل، وهو الى جانب ذلك خدم الاغنية السعودية والخليجية من خلال مشاركاته المتعددة في الندوات والمؤتمرات العربية الخاصة بالاغنية والموسيقى التي اقيمت في عواصم عربية واجنبية، كما ان له دورا بارزا من خلال وجوده في الجمعية العربية للثقافة والفنون، وله ايضا العديد من المؤلفات الموسيقية، وقد نال هذا الفنان العديد من الاوسمة وتم تكريمه في العديد من المناسبات.

http://www.alqabas.com.kw/Article.as...&date=23022012