02-08-2012, 10:10 AM | #10 (permalink) |
عضو شبكة الدراما والمسرح العــضوية: 14703 تاريخ التسجيل: 04/04/2012
المشاركات: 186
الـجــنــس: أنثى | رد: مذكرات أسير كويتي في المعتقلات العراقيه الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وسلم ما هو سر التغير المفاجيء في التعامل من قبل الجنود العراقيين في ذلك اليوم معنا ؟ ما هو سر هذا الكرم الحاتمي المفاجيء والتحول في نوعية الطعام من الصمون اليابس إلى العيش والدجاج ؟ الجواب عرفته بعد سنوات بعد إطلاق سراحي ، حيث زرت ديوان النائب مبارك الدويلة وكان مبارك مسافرا فاستلم أخوه ناصر الضابط بالجيش الكويتي آنذاك والذي أصبح محاميا ونائبا في البرلمان فيما بعد وشارك في حرب التحرير واستلم دفة الحديث عن هذه الحرب وما رافقها من ملابسات حتى وصل إلى مساء ذلك اليوم الذي أصابت الجنود الذين يحرسوننا الهستريا وخرجوا عن طورهم وأعطونا طعامهم الذي أعدوه لهم وهو الرز والدجاج ، فقال أنه في ذلك اليوم كانت القوات البريطانية المسماة بجرذان الصحراء قد تخطت البصرة ومعها قوات المارينز وكانت متجهة إلى بغداد وطوقت البصرة وكانت أرتال وأفواج من قوات المارينز وجرذان الصحراء متجهة نحو القوات التي في البصرة للسيطرة على النقاط الهامة والمواقع الاستراتيجية في تلك المنطقة !! إذن هذا يفسر تلك الهستريا وذلك التحول المفاجيء في التعامل ، وهو أن قوات التحالف كانت متجهة نحونا وكان مقررا أن تسيطر على المعسكر الذي كنا فيه وربما كان ليتم ذلك خلال ساعات ولربما كانت قوات التحالف قريبة من المعسكر الذي احتجزنا فيه أو متجهة إليه والله أعلم.
2ـ الفيلق السابع الاميركي: مكون من الفرق 1،2،3 الاميركية ومحورها يحده من اليمين الفرقة الانكليزية في وادي الباطن ومن اليسار شعيب ابوغار والمحور المركزي يمر في العظامي ثم ام حجول ثم ضبع ثم البولية ثم تستدير نحو الشرق وتحقق الاتصال بقوات الفرقة 24 التي ستقطع طريق البصرة الناصرية عبر الابرار الجوي في نقطة قريبة من مطار جليبة وسوف يندفع النسق الثاني للفيلق السابع لقطع طريق البصرة بغداد غرب الرميلة. أ.هـ. في معسكر بوصخير وفي هزيع الليل والقصف مستمر حولنا وعلى بعد كيلو مترات يقترب القصف تارة ويبتعد تارة أخرى ، وفجأة وبينما كنا جالسين نتجاذب أطراف الحديث والأسرى منهمكون في الأحاديث الجانبية والظلام يخيم على المعسكر وفي داخل الباراكس لا تكاد ترى سوى بصيص من الضوء يدخل عبر الشبابيك من بعض الإضاءات في المعسكر ولا تسمع سوى مجموع أصوات الهمس والحديث بين الأسرى ...... وفجأة !!! . بم دم دف تش طااا . زررررررررررررررررر دفففففف . دففففففففف . اشتعلت الأرض من حولنا واهتزت الأرض من تحتنا وتزلزلت المباني من فوقنا وحولنا !!.... لقد بدأ قصف قوات التحالف على المعسكر الذي كنا فيه ، والقنابل تتساقط من حولنا وأصوات القنابل تأز آذاننا أزا ً ، وتصم أسماعنا صما ً ، وترج قلوبنا رجا ً ، وتوقف شعور أبداننا ، فذاك الذي يكبر بصوت عال وهذا الذي ينطق بالشهادتين ، وذاك الذي ينادي يارب وآخر يصرخ يا الله ، فما بين الأصوات الصادحة بالشهادتين والنداءات المكبرة الله أكبر والصيحات المدوية بالدعاء وما بين هذا وذاك وإذ رأيت المبنى يهتز مع الانفجارات والاسمنت في سطح المبنى بدأ يتساقط على رؤوسنا مما ينبيء عن احتمال انهيار سطح المبنى على رؤوسنا في أي لحظة ، ناهيك عن احتمال وقوع صاروخ جو أرض على مبنانا بشكل مباشر وهذا ما خشيناه ، حينها صحت في الأسرى : تجمعوا في الزوايا ، الزوايا الزوايا وعلى عجلة وسرعة وبوهة الموقف ورهبته وجدت نفسي فيمن تجمعوا حول زاوية المبنى وليس في الزاوية مباشرة لأن الزاوية امتلأت بالأسرى حيث تجمعنا إليها لأن المبنى كان على وشك أن ينهار من شدة ارتجاجه واهتزازه المستمر ، حتى أيقنا بالهلاك إلا أن أملنا بالله لم يخبو ولم يخفت نوره إذ أخلص الأسرى الدعاء وصدقوا التوجه إلى من بيده التقدير واللطف ، فكان التقدير وكان اللطف فلطف الله بنا وبدأت الانفجارات تبتعد شيئا فشيئا وبدأ صوت الانفجارات يخبو ويضمحل وساد المكان صمت ٍ رهيب وسكون امتد لمدة دقيقتين تقريبا ، ويعتبر هذا الوضع وهذه الظروف أنسب الأوضاع والظروف لإلقاء موعظة وخاطرة تهديء النفوس وتعمق الايمان ، وتوقعت أن يقوم الشيخ خالد القصار بهذا الدور ولم يخب ظني فما هي إلا لحظات وإذا بذلك الصوت الندي الرقراق ينساب من فم الشيخ خالد القصار بكلمات وآيات من الذكر الحكيم بترتيله الجميل لقوله تعالى من سورة الأنبياء : ( وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي المُؤْمِنِينَ ) ثم شرع في تفسير هذه الآية بالآيات الأخرى المشابهة وبالأحاديث النبوية ونقولات عن الامام ابن القيم رحمه الله ولقد أجاد وكان موفقا ومسددا ولقد خلته تكلم بنور من الله وهداية وتسديد ورشاد كيف لا وهو يسترشد بالنصوص من الكتاب والتوجيهات النبوية وكلمات العلماء الربانيين المستمدة من المنبع الأصيل في وقت خلوص النية وصفاء الروح في مواجهة الموت والنجاة منه بلطف من الله وسكينة نزلت في القلوب ، وكان مما قال : نبي الله يونس عليه السلام في ظلمات ثلاث ظلمة بطن الحوت وظلمة وقاع البحر وظلمة الليل البهيم لا تدري عنه لا طائرات تحالف ولا جيوش ولا أهل ولا أرحام ، فماذا فعل ؟ وإلى من لجأ ؟ لقد لجأ إلى من لا يغفل ولا ينام ، لقد توجه إلى العزيز العلام ، الذي يعلم دبيب النملة السوداء على الصخرة الملساء في الليلة الظلماء ، فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فما أحوجنا إلى كلمة التوحيد وما أحرانا بالتسبيح وما أحوجنا إلى الاعتراف بالذنب ، رددوا معي لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين ، فإذا كان لنا من منفذ من هذه البلية ومنقذ من هذا الأسر فهو الله فسبحان الله ولا إله إلا الله رددوها كلما سنحت لكم الفرصة واجعلوها تخرج مع النفس بالسليقة . كان هذا هو مضمون كلام الشيخ خالد القصار حفظه الله وجزاه عنا وعن الأسرى وعن المسلمين كل خير ، لقد كانت كلماته كالبلسم على قلوبنا وكالمرهم على جروحنا بارك الله فيه وفي والديه وذريته وجزى مشايخه كل خير وجزى الله دعوة أنجبت مثله كل خير . ولقد كان لهذا الموقف أوقع الأثر في قلبي وكان عاملا من عوامل التثبيت والصبر على المحنة التي قلبها هو وأمثاله من الأخيار إلى منحة استفدنا منها أيما إفادة رغم مراراتها وآلامها . في اليوم التالي وفي الصباح أخذنا الجنود وأركبونا في الباصات وأخذونا في بداية الأمر إلى القرية المجاورة وكنا حوالي 10 إلى 12 باص تقريبا وأوقفونا خلف بعض بجانب إحدى المدارس ، وما هي إلا دقائق وإذا بالعوائل تخرج من المدارس وتقف تتفرج وتنظر إلينا ، وكانت الباصات محاطة بالجنود المدججين بالسلاح وبقينا في الباصات ننتظر عدة ساعات ، وقد أغضبنا في بداية الأمر وقوف هذه العوائل للتفرج علينا ، ثم شيئا فشيئا جعل الأهالي يقتربون وكان أول من قدم باتجاهنا رجل كهل كبير السن قارب السبعين من عمره تقريبا يلبس الزي الشعبي الدشداشة والغترة وله شارب أبيض غليظ قد ساقته السنون وأهوالها إلى البياض فلست أدري ألعمر أسرع في تبييض شاربه أم مآسي العراق التي مرت خلال سني عمره من عهد الملكية إلى ما أعقبه من انقلابات الشيوعيين والبعثيين وغيرهم حيث لا استقرار وكأن قدرهم الحتمي هو اللا قيام واللا تقدم من فتنة إلى أخرى ومن محنة إلى محنة . تقدم إلينا هذا الرجل واقترب من باصنا وسألنا : يابا شنو انتوا أنتو منين جايين ؟ شنوا أنتوا أسرى حرب جايبينكم من الجبهة ؟ وشلون انتو عيل لابسين مدني شالسالفة ؟ فقلنا له : احنا مدنيين مالنا شغل بالحرب احنا خذونا من المساجد والبيوت ومن الشوارع لمونا . فقال مستغربا : شنو !! انتوا مو عسكر ؟ قلنا : لا احنا مدنيين . قال : انتو شنو كويتيين ؟!! قلنا : أي احنا كويتيين فتمعر وجهه واحمر وبكى بكاء مرا ولما علم أننا كويتيون أخذنا واعتقلنا من المساجد والبيوت والشوارع رجع إلى العوائل وأخبرهم فجاءت إلينا عجوز بجركل ماء ( جلن ماء ) فشرب كل من في الباص مقدار ما يبل ريقه وزاد منه القليل فأخذ أحد الأسرى الجلن وأعطاه للطفل الصغير مع المرأة وقال له : اذهب بهذا الجلن وأعطه للشباب في ذلك الباص ففعل الصبي وكانت لفتة طيبة من العجوز ومن الأسير ، وسألت المرأة العجوز : إن كان في الباص أحد من سكان السالمية فأجبنا : بالنفي بعد السؤال ، وجاءت عجوز أخرى وأعطتنا قرصا من الخبز مخبوز محليا فأكلناه وكان نصيب كل واحد في الباص قطعة صغيرة والبعض لم يأكل . وجاءت عجوز أخرى بقوري شاي وسقتنا وقد كنا نشرب نصف استكانة ثم جاءت بقوري آخر وسألتنا : إن كان في الباص أحد من سكان الصليبيخات فأجابها أحد الشباب : نعم أنا من سكان الصليبيخات فقالت : هل مر عليك جندي اسمه فلان فلان فلان نسيت اسمه يعني مثلا علي محمد حسين هكذا فأجابها : بالنفي وقالت إنه مكلف في نقطة سيطرة وأنها أوصته بأن حليبها عليه حرام إن آذى الكويتيين . في خضم هذا التعاطف من الأهالي استغربنا من مدى هذا التعاطف فقام أحد الأسرى بالباص ولعله الأخ نايف الصبر على ما أذكر بسؤال الحجي الذي بكى عندما علم أننا كويتيون عن سبب هذا التعاطف ، فقال : إن لحم كتافنا من خير الكويتيين وأن الذي عمر بيوتنا بعد حرب الفاو هم الكويتيين وأن الكويتيين ما قصروا معانا في حربنا مع ايران ، وان اللي صار مو بيدنا واحنا مو راضين عليه . بعد مدة مر أحد الضباط ورأى الناس والنساء متجمعين حول الباصات أمر جميع الأهالي بالابتعاد عن الباصات وعدم الحديث مع الأسرى وأمر بإغلاق شبابيك الباصات فلم يمتثل له أحد إلا القليلين الذين كانوا أمامه ، ولكنه أبعد الأهالي وأعادهم إلى المدرسة . وظللنا واقفين نكابد الملل والقلق ، حتى اقترب الظهر وتحركت الباصات وعلمنا أن الباصات متوقفة بانتظار تعبئتها من الوقود
|
02-08-2012, 10:10 AM | #11 (permalink) |
عضو شبكة الدراما والمسرح العــضوية: 14703 تاريخ التسجيل: 04/04/2012
المشاركات: 186
الـجــنــس: أنثى | رد: مذكرات أسير كويتي في المعتقلات العراقيه في الحقيقة وأنا أدون ما حدث في هذين اليومين اللذين قضيناها في البصرة أشعر أنني ربما فقدت شيئا من تسلسل الأحداث إذ أنني كتبت ما جال في ذاكرتي من أحداث دون ترو ودقة في ترتيب تسلسلها الزمني فلربما ذكرت أحداثا قبل الأخرى من حيث الترتيب الزمني ومرد ذلك أنني أكتب هذه المذكرات باستراق الأوقات المقتطعة من خضم انشغالاتي وارتباطاتي بحيث أكتب أسطرا ثم أكملها كلما سنحت الفرصة فلست في تفرغ للكتابة إذ لو كان ذلك متاحا لكانت الصورة أجود والتسلسل ماض بدقة أكبر ، ووإنني أحاول أن أسدد وأقارب قدر الإمكان. انطلقت الباصات من البصرة إلى بغداد ولكنها سلكت طريقا غير الطريق المعتاد والطبيعي على الشارع بين البصرة وبغداد فلقد كانت قوات التحالف مسيطرة على هذا الطريق كما علمنا فيما بعد وسرنا طوال الطريق بين القرى والطرق الوعرة وكم وكم عبرنا جسورا مصطنعة بين الترع وجداول النهر ومررنا على بعض الجسور المضروبة من قبل التحالف والتي تم تصليحها من قبل العراقيين الذين كانوا يباشرون إعادة عمل أي جسر يضرب على التو والفور وكان من المناطق التي مررنا بها السماوة ورأينا الناس في الطريق ينظرون إلينا بغضب ، ولكننا عندما دخلنا منطقة العمارة دخلت الباصات ووقفت في وسط السوق لمدة نصف ساعة تقريبا ورآنا الناس واجتمعوا حول الباصات وهم يظنوننا من أسرى الحرب العسكريين وكانوا ينظرون إلينا بحقد وغضب وحنق وكنا نسمع منهم الشتائم المقذعة التي لا تطاق ، ودخل علينا في الباص ضابط وبيده العصا العسكرية السوداء وقال : جابوكم النشامى ؟ بصيغة المتسائل بفخر فلما قلنا له أننا مدنيون لا شأن لنا بالحرب استغرب ورفع يده ملوحا بطريقة الاستنكار ، وهنا جاء الضابط المسئول عن الأسرى ونكل بالجنود المسئولين عن حراسة الباص وكيف أنهم سمحوا للناس بالاقتراب من الباصات وأكثر من ذلك أنهم سمحوا لأحدهم بالدخول إلى الباص والحديث معنا ، وأمر للتو والفور بمغادرة المنطقة وبينما نحن نغادر والناس ينظرون إلينا شزرا وكأن الغضب يقطر من عروقهم المنتفخة وأوداجهم الفائرة قطرات من البغض والكراهية تتبخر فورا كدخان القطار السائر على الفحم وكالحرارة المنبعثة من ذيل طائرة الإف 18 التي تقصف المحتل الباغي وتحيل ليله نهارا وصفاء جوه دخانا . نظرت من خلال شباك الباص وإذا بواحد من الناس ممن قد وصفت أمثاله في الفقرة السابقة ينظر باتجاهي ولسانه يبربر بالسب والسخرية منا ، فأردت أن أستشيطه غضبا فوق غضبه فأشرت إليه مستهزئا وساخرا والباص يسير باتجاهه ولسان حالي يقول " إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون " مضينا باتجاه بغداد ودخلناها في جنح الظلام وعبر ظلمة الليل وظلام القهر وظلم الظالمين الحاجزين لحريتنا عن غصب وإجبار والله المستعان ماذا حدث في بغداد وكيف قضينا الأربعة أيام المرة فيها ؟ ومن هو عزام الجهراوي وابن خالته وما هي قصته ؟ وكيف تلقينا خبر التحرير ؟ وكيف أجبرونا على سماع خطاب صدام ؟ وماذا فعل نايف الصبر بجسارة ؟ هذا ما سنعرفه في المرة القادمة
|
02-08-2012, 10:11 AM | #12 (permalink) |
عضو شبكة الدراما والمسرح العــضوية: 14703 تاريخ التسجيل: 04/04/2012
المشاركات: 186
الـجــنــس: أنثى | رد: مذكرات أسير كويتي في المعتقلات العراقيه الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه واتبع هداه أما بعد أدخلونا كعادتهم إلى معسكر الرشيد ببغداد أثناء الليل في الظلام الحالك ، ويعتبر معسكر الرشيد ببغداد من أكبر المعسكرات العراقية فهو معسكر للجيش مساحته شاسعة وواسعة ، حسبما سمعنا وقرأنا ورأينا عند خروجنا ، وقد عملت بحث بمحرك الجوجل عن معسكر الرشيد فظهرت هذه العناوين التي تدل على ضخامة هذا المعسكر : الدباغ : ابوظبي مهتمة بانشاء مدينة حديثة على معسكر الرشيد ببغداد جريدة الصباح : شركات عالمية تتقدم للاستثمار في معسكر الرشيد . وقد سمعت أن مجرد اسم هذا المعسكر أيام الحكم البائد كان يثير الرعب ، فقد كان الداخل فيه مفقودا والخارج منه مولودا ، والحمد لله أن كتب لنا عمرا جديدا بخروجنا من هذه الأماكن الكريهة . أنزلونا من الباصات في جنح الظلام بعد رحلة شاقة في طرق وعرة وطريق ممل ومتعب ، وصلنا وكان الارهاق باديا على وجوه الجميع والبعض يفكر في الوصول إلى أية قطعة أرض نستقر عليها أيا كانت من أجل أن ننام والبعض الآخر تسوقه أحلامه الوردية إلى دوش خفيف أو شاور لطيف مع ماء حار رقراق ينساب من الرأس إلى أخمص القدم باستخدام الصابون المعطر والشامبو الرائع فيفيق من حلمه الوردي بصرخة جندي أو حفرة يقع بها الباص فيرفع رأسه ويخفضه فجأة مما يطير بكل تلك الأحلام الوردية فيعود الغائب إلى حاضره المزري وواقعه الأليم فيحوقل ويسترجع وكأن لسان حاله ما يقوله الشاعر البديع محمد بن فطيس المري : بعض البشر حبه يوردك الجنون ومهما توضح ما يفيد حكاك له كيك وعسل لكن ما هو في صحون الله يستر عليه من النحل لا ياكله يدعيهم الشيطان للذنب ويجون هذا يقطع له وذاك يواكله وما لك إلا الصبر وش وداك له وما لك إلا الصبر وش وداك له ويصبر ويصبر ويصبر حتى إذا تذكر قول الشيخ الشاعر الدكتور يوسف القرضاوي عندما كان طالبا في الأزهر: صبرنا إلى أن مل من صبرنا الصبر – وقلنا غدا أو بعده ينجلي الأمرُ فكان غد ٌ عاما ً ولو مد حبله – فقد ينطوي في جوف هذا الغد الدهر ُ وقلنا عسى أن يدرك الحق َّ أهلُه – فصاحت عسى من لا ولا طعمها مرّ ُ وماذا علينا بعد أن ثار مرجل ٌ – من الآلام يغلي به الصدر ُ مددنا بطول الصبر منا صمامه – فثارت عليه النار ُ فانفجر القِدر ُ أتبعه بقول الشاعر : سأصبر حتى يعجز الصبر عن صبري وأصبر حتى يأذن الله في أمري وأصبر حتى يعلم الصبر أني صابر على شيء أمر من الصبر والايمان نصفه صبر ونصفه شكر وإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ليدفع ثمن الريادة وإمامة الأمة : ( وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ) ويدفع ثمن النصر : ( بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة مسومين ) ولقد والله رأينا بأم أعيننا كيف أنه لما صفت القلوب وتوجهت القلوب إلى بارئها بصدق وإخلاص كيف أن الله تعالى كان ينزل علينا السكينة والطمأنينة حتى كان الثبات في أحلك الظروف وأصعب المواقف مما سأحكيه لكم مما قد تعجبون منه في ملاحم ومواقف تستحق أن يدونها التاريخ بحروف من ذهب صاف وماس نقي . نزلنا من الباصات وأدخلونا في السجون التي اكتضت بالأسرى حتى ضاقت بمن فيها ولولا أن القلوب متلاحمة والأنفس متوافقة والعقول متحدة نحو الصبر والتحمل للأذي في سبيل نصرة الدين والوطن والوصول للهدف الموحد وهو التحرير ، لولا ذلك لكان الاحتكاك الذي ليس من فكاك ، واللتصارع الذي يؤدي إلى الهلاك ، ولكنه لطف الله الذي ألف القلوب وما ضاقت الدنيا بالمتحابين في الله المجتمعين عليه والمفترقين عليه . أغلقوا علينا الزنازين وهذا السجن ليس فيه شبابيك كما هو الحال في معسكر أبو صخير وإنما هو الباب الحديدي فقط فيه شباك وحديد طولي ، وعند الباب كان الحمام المكشوف أعزكم الله الذي ليس له أسوار ، وكل ما هنالك صبة اسمنت عرضها 3 سم وارتفاعها 3 سم وضعت على شكل ربع دائرة حول الباب حتى تحجز الطشار كرمكم الله ، وما على الأسير إلا أن يجلس داخل دشداشته ويستر عورته بها ويقضي حاجته فإن كانت سائلا وجهه نحو الباب وإن كانت الأخرى فإن الجنود قد جمعوا أكياسا من النايلون ليقضي الأسرى حاجتهم بها ثم يلقيها الأسير من الشباك إلى نهاية الليوان وهذه صورة لمبنى معتقل يشبه المبنى الذي كنا فيه وهذه الصورة لمعتقل بعقوبة في محافظة ديالى : YOUTUBE][/YOUTUBE] عندما أدخلونا إلى هذه السجون في ظلام الليل صلينا المغرب والعشاء جمع تأخير ، والطريف أننا سألنا أحد الجنود عن قبلة الصلاة لأن أهل الدار أدرى فحار واحتار ثم قلب نظره هنا وهناك ثم فرك ه ثم قال بعد تردد آآآآآآم : إإإإ هناك بهالاتجاه !!! وشككنا ولكن ما أدرانا قلنا له : متأكد ؟ قال : إي يابا شنو شايفينا ... ما نعرف القبلة . صلينا المغرب والعشاء باتجاه قبلة الجندي وفي الصباح اكتشفنا أننا صلينا باتجاه بيت المقدس j يبدو أن الأخ لم يبلغه نسخ اتجاه القبلة j وفي الحقيقة أن الأظهر أنه لا يعرف اتجاه القبلة لأنه ببساطة ربما لم يصل من قبل على الأقل في المعسكر . والله أعلم ثم جلسنا قليلا وألقى كل منا نفسه واستسلم للنوم ويومها كنت محظوظا بعض الشيء فقد نمت في وسط السجن على قطعة كرتون بدلا من النوم على الاسمنت كالأيام السابقة وقد كان هذا هو سريري وفراشي في تلك الليلة ، وهو بالمناسبة ليس مكانا جيدا لأنه معبر للأسرى باتجاه الحمامات الفاخرة j فكلما غطيت في النوم جاءك عابرٌ فهذا يدوس على رجلك ويعتذر وذاك يتحسس برجله الدرب لخفوت الضوء فيصطدم ببطنك أو ظهرك وأقلهم من يمر بجانبك مرورا فيوقظك مروره وهكذا المعاناة تستمر والحمد لله على كل حال. وهكذا انقضت هذه الليلة لتأتي ما بعدها من أيام وليال كالحة الحال مريرة الواقع أليمة الوقع نحتسب أجرها وثوابها عند الله تعالى ففي الحديث : (ما من مصيبة تصيب مسلم ولا هم ولا غم ولا نصب ولا وصب إلا كفر الله بها خطاياه حتى الشوكة يشاكها ) وفي الحديث : ( عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ) وقبل ذلك في كتاب الله تعالى : ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين ءامنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب )
|
02-08-2012, 10:12 AM | #13 (permalink) |
عضو شبكة الدراما والمسرح العــضوية: 14703 تاريخ التسجيل: 04/04/2012
المشاركات: 186
الـجــنــس: أنثى | رد: مذكرات أسير كويتي في المعتقلات العراقيه بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه . أما بعد ها نحن عدنا والعود أحمد عدت للكتابة في الموضوع الذي لطالما طمحت أن أنجزه وأكمله وأخرجه من أدراج صدري وذاكرتي بعد أن علاه الغبار وتننحنحت حنجرة البوح به أملا في إطلاق أحبالها الصوتية لتريح ضميرها بنقل هذه التجرية التي هي حق للأجيال لا يجوز بحال أن تظل حبيسة الذاكرة ومنحصرة بالبال والحس والضمير مهما خالطت ذلك وساوس الشيطان من رغبة مجلبة المدح والثناء أو إضاعة الأجر في ترك الأمر طي الكتمان لتستعمله وقت الحاجة وتتوسل إلى الله تعالى به كعمل صالح خفي أردت به وجه الله تعالى فتسأله به أن ينجيك من كربة أو يجلب لك خيرا أو ييسر لك أمرا ، وبحمد الله لن نعدم من عمل صالح نسأل الله تعالى به ، ولا فخر ( وأما بنعمة ربك فحدث ) رغم علمي بما لدي من تقصير وذنب تجاه الله رب العالمين ، إلا أن أملنا بعفوه وكرمه ومغفرته كبير كبير قال تعالى في سورة الأعراف : وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ {156} فاللهم اجعلنا من المتقين المؤتين للزكاة المؤمنين بالآيات آمين . ثم أعتذر أشد الاعتذار لكل أخ أو أخت أحسنوا الظن وتابعوا هذه المذكرات واستاء بعضهم من تأخري في الرد وتأخري في إكمال هذه المذكرات وألتمس لهم العذر وأقول لهم : جد لأخيك سبعين عذرا فإن لم تجد فقل عسى أن يكون له عذر لا أعلمه وقد قال الشاعر : ومثلك الكريم يعذر ُ فقد كنت خلال الفترة الماضية مشغولا جدا في ارتباط صباحي ومسائي يعقبه ويتخلله ارتباط ذهني ومساحة مشغولة في العقل والبال ، ولا يخفى عليكم أن كتابة المذكرات تحتاج إلى خلو الذهن وصفائه كما أنها بحاجة للتفرغ ، واليوم وقد أخذت إجازة تنتهي بعد عيد الفطر بعد أن فرغت من حل المعضلتين اللتين ألمتا وانتهيت تقريبا من حلها ، وتبقت مسألة هي بين يدي علام الغيوب بذلت فيها السبب ووضعت جدولا ومراحل للتحرك فيها ، كما أنني مشغول منذ شهر تقريبا بترميم البيت واقترب الأمر من نهايته . وقد كان من المناسب جدا أن أنتهز فرصة مرور ذكرى اليوم الأليم يوم 2 أغسطس اليوم الأسود من عام 1990م الذي حدثت فيه جريمة الغدر والخيانة اليوم الذي احتلت فيه دولتنا الحبيبة من قبل قوات غاشمة لقيت جزاءها من الله على يد قوات سخرها الله من الشرق والغرب صديقة وعربية وإسلامية . نسأل الله أن يكتب للأمة العربية والإسلامية وحدتها واتفاقها وتعاونها على البر والتقوى على صلاح من الأمر وبراءة من الأفكار والتيارات الأرضية الناشئة من عند أهواء البشر ( إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى ) وأن يجمع شمل المسلمين لما فيه صلاحهم في دينهم ودنياهم ليقدموا نموذجا راقيا للبشرية يتصف بالحرية المنضبطة والحضارة والتنمية والرقي لإسعاد البشرية والعيش في وئام مع سائر الناس بالعدل والقسطاس المستقيم وعدم استخدام القوة إلا حيث لزم الأمر بعد استنفاد كافة السبل صدا للعدوان ومنعا للاعتداء كما تنص عليه الشرائع الدينية والقوانين الدولية والفطرة الإنسانية السليمة . . وصلت إلى أننا نمنا في اليوم الأول في معسكر الرشيد وكان نصيبي أن نمت على قطعة من الكرتون في الجهة اليسرى من غرفة السجن التي كانت كبيرة نسبيا حيث يمكن أن نسميها قاعة حيث كان طولها تقريبا ثمانية أمتار وعرضها حوالي أربعة أمتار يقع بابها في الجهة اليمنى وإذا فتحت الباب وجدت صبة اسمنتية ربع دائرية توازي طرف الباب أثناء فتحه فلو وضعت طبشورة أسفل طرف الباب وفتحت الباب سترسم الطبشورة على الأرض ربع دائرة تبتديء من بداي الباب وهو مغلق وتنتهي عند الحائط المجاور للباب الذي يصطدم به الباب عند إغلاقه وتجد هذه الصبة الاسمنتية بارتفاع 3 سم على بعد بوصتين من خط الطباشير الربع دائري تقريبا ، والغرض من هذه الصبة الاسمنية هو أن تعمل مثل السد الذي يمنع ارتداد السوائل إلى قاعة السجن . وهذا السد في هذه المساحة التي تشكل ربع دائرة هو الحمام الفاخر للمرتهنين المسجونين في هذا السجن ليستخدموه في الليل ، ذلك أنه يمنع خروج أي سجين أو مرتهن في الليل خشية الهروب ، وكم هم مساكين من كان نصيبهم الجلوس والنوم في الزاوية المجاورة لهذا الحمام الفاخر! ، فقد آذتهم روائح البول والغائط كرمكم الله ، وباتوا ليلة صعبة مريرة . إذا فتحت الباب – باب السجن – تجد أمامك الحائط على بعد أربعة أمتار ثم تلتفت لليسار فترى السجن ممتدا ثمانية أمتار فإذا دخلت السجن من الباب ودخلت خطوتين ثم استدرت لليسار ومشيت مسافة ستة أمتار ستجد سريري الفاره تحتك وهو عبارة عن كرتون واللحاف هو السقف وما وارى جسدي المتعب من ملابس كنت أرتديها آنذاك ، تنادى الزملاء المنكوبون بقرب الباب وطلبوا من الجميع أن يجمع كل منهم ما استطاع من أكياس نايلون وقراطيس لتستخدم في قضاء الحاجة في الليل ، وهذا ما حدث في اليوم الثاني حيث قام كل من اضطر لقضاء حاجته ليلا عند الباب بفعل ذلك في أكياس النايلون التي أخذناها من الجنود فإذا انتهى ألقى الكيس من الشباك عبر الليوان ، وكان الله في عون من أصيب بالاسهال تلك الأيام . في الصباح سمحوا لنا للخروج إلى الحمامات على شكل مجموعات . وكذلك فعلوا بعد العصر ، وكان الغداء هو الرز الأبيض الغير مطهي جيدا والعشاء هو تلك الصمونة اليابسة ، في المساء كان جميع الأسرى يتحدثون ويتسامرون ويتكلمون فيما بينهم إلا شابين صغيرين جلسا مستندين إلى الحائط صامتين صمت القبور لا يتكلمان ولا يتحدثان ولم ينبسا ببنت شفة منذ أن تم اعتقالهما ، هكذا أخبرني أحدهم عندما حاولت الكلام معهما ، قال " لا تتعب نفسك ما يبون يتكلمون " . كانت أعمارهما 14 و15 ما هي قصتهما وكيف استطعت حملهما على الكلام والاندماج معنا ؟ هذا ما سنعرفه في الحلقة القادمة بإذن الله
|
02-08-2012, 10:12 AM | #14 (permalink) |
عضو شبكة الدراما والمسرح العــضوية: 14703 تاريخ التسجيل: 04/04/2012
المشاركات: 186
الـجــنــس: أنثى | رد: مذكرات أسير كويتي في المعتقلات العراقيه بسم الله الرحمن الرحيم كان المكان يعج بالصوت المتداخل ، بعضه عال وبعضه خفيت ، فهنا داخل هذه القاعة في معتقل الرشيد ببغداد تقبع مجموعات من الشباب الكويتي الذي أخذ عنوة من المساجد والبيوت والطرقات في أيام نحسات اختلط فيها الحابل بالنابل وغدا الباطل حقا والحق باطل ، ومن بين هذا الركام من البشر المدموك ( ههه تعبير يدل على التخصص ) على بعض المحشور في أماكن ضيقة وإن بدت كبيرة ذلك أن القلوب متحابة والصفوف متراصة - عكس ما يحدث هذه الأيام مع الأسف – من بين هذه الأصوات المتشابكة ( mixed ) ينطق صمت الاثنين الجالسين أمامي ويعبر عن نفسه كأنه صراخ من الأعماق ، فرب صمت أبلغ من الكلام ، ورب هدوء أشد من العاصفة ، ورب سكون أشد ارتجاجا من الزلازل ، صمت يشوبه قلق مع وجوه متجهمة وكأنها تسبح في فضاء رحب يقودها إلى حتفها أو يسوقها إلى مصير مجهول . لا تتعب نفسك قال لي أحد الشباب الجالس بجوار الشابين الصغيرين الصامتين ، وجومٌ أناخ بكلكله على محياهما ، لذت بالله وتوجهت إليه أن يعينني على تخليص هذين الشابين من هذا الوجوم وقد خشيت عليهما ، فإنه من الخطر على صحتهما النفسية أن يبقيا على هذه الحال ووضعت أمام نفسي تحد ٍّ أحبه وهو علاج النفوس بما حباني الله من علم شرعي وخبرة تربوية اكتسبتها من عملي في الميدان التربوي في جمعية الاصلاح الاجتماعي وبالذات مع الناشئة من هذه الأعمار ومن خلال الدورات والقراءات ، بدأت الحديث معهما بلغة يفهمونها وهي لغة هذا العمر من الشباب وبنفس أسلوب الناشئة الذين كنت أعمل معهم فقد بدأنا في تأسيس عمل ٍ للناشئة في محافظتنا من بداية عام 1987 م كعمل رديف لعمل الشباب وكنت آنذاك مسئول عن هؤلاء الناشئة مع بعض الإخوة ولم تكن لجنة النشء الإسلامي قد تأسست آنذاك ولكن كانت هذه نواة لها ، نحفظهم القرآن وبعض الأحاديث النبوية ونعلمهم العقيدة الصحيحة ونربطهم بالله تعالى ونعلمهم على المفاهيم التربوية والأخلاقية ونساهم في تقويم سلوكهم وكنا على اتصال دائم بأهلهم للتنسيق وتبادل الآراء وكان بعض أولياء الأمور يحضرون معنا الرحلات ويبدون ملاحظاتهم وكان هذا مفيدا لنا بشكل كبير، ومن هنا تعرفت على أسلوب خطاب هذه الشريحة العمرية والمفردات التي يستخدمونها وطريقتهم في الكلام واهتماماتهم وهمومهم ( بالمناسبة " العيال كبرت " وأصبحوا اليوم من قيادات العمل التربوي للشباب والناشئة ) . دخلت من هذا المدخل على هذين الشابين فأحسا أنني مشفق عليهما قريب من فهمهما أستخدم المفردات الدارجة في أعمارهما وجيلهما وماذا يسمون المدرسين وهكذا .. شيئا فشيئا بدآ يتحدثان وانطلقا في التعبير عما يجيش في صدورهما من مشاعر ومخاوف وكنت أطمئنهما وأن الأمر مآله إلى خير ونجاة بإذن الله . نسيت أن أذكر أن الشابين أحدهما اسمه عزام والآخر نسيت اسمه وهما من سكان منطقة الجهراء القديمة . ذكر الأخ بوعلي أنني لم ألتق به في سجن الأحداث بمنطقة الفردوس وهذا وهم منه وربما نسيان فقد عرفني عليه الشيخ ناصر الطليحي عندما كنا جلوسا في الممر بالدور الأول ، ولكن لم نجتمع ونكون سوية ً هناك وهذا صحيح حيث كان اجتماعنا كمجموعة وكوحدة واحدة تأبى التفرق في سجن معسكر أبوصخير . حمامات معسكر الرشيد ، الفنان العسكري والعلاقة بين السجان والمسجون ومتابعة آخر الأخبار وحملة التفتيش في السجن وخبر التحرير وخطاب صدام حول الانسحاب ، هذه عناوين الحلقة القادمة .
|
19-08-2012, 12:19 AM | #16 (permalink) |
عضو شبكة الدراما والمسرح العــضوية: 14703 تاريخ التسجيل: 04/04/2012
المشاركات: 186
الـجــنــس: أنثى | مذكرات أسير ما قبل وما بعد - طالب بن خليفة بن جاسم بن عيسى بن محمد بن عربيد بن حمد مذكرات أسير ما قبل وما بعد المعتقلات العراقية بسم الله الرحمن الرحيم : الاسم / طالب بن خليفة بن جاسم بن عيسى بن محمد بن عربيد بن حمد الجنسية / الكويت العمر / مواليد 1958 للميلاد المهنة / ضابط وزارة الداخلية أما بعد ،،، المرحلة الأولى في مخفر الجابرية : كنت على رأس عملي ليلاً يوم الأربعاء الأسود بتاريخ 1/8/ 1990م ، وبتمام الساعة 10.30 ليلاً أتصل بي المقدم عادل الصباغة ، قائد منطقة حولي ، وكنت آنذاك أنا ضابط مخفر الجابرية ، وبدأ يتحدث معي أن ديروا بالكم وفتحوا أعينكم ، وأبلغني عند حدوث أي مشكلة ، واستغربت بشخصي من شخصهِ لهذا الاتصال ، وبتمام الساعة 3.30 ليلاً صباح يوم الخميس ، أتصل محقق مستشفى مبارك بمخفر الجابرية يطلب ضابط المخفر ، وكنت أنا وقتها في مخفر النقرة ، عند ملازم أول حمد العميرة ، وكان بصحبتنا الملازم أول بدر الغضوري ، فأبلغوني بأن مخفرك يطلبك ، وفعلا ذهبت إليهم ، ومن ثم اتجهت إلى مستشفى مبارك لأستشف ما الخبر لديهم ، وإذا بشخصين مصابين بطلق ناري ، أحدهما من عائلة الزامل ، والآخر لا أذكر اسمه ، ولكن الزامل كان الأخف إصابة ، فكان يروي أنه تعرض لطلق ناري عند الإذاعة من شخوص عراقيين ، فأخبرته أن الإذاعة ليست من اختصاصنا وكنت أقصد هنا ( شبك الإذاعة في كبد ) ، فرد وهو يقول أن من أصابه الجيش العراقي عند الإذاعة في الديرة ، فصدمني الخبر ، ولم أكاد أن أصدقه ، فتركته وتوجهت إلى مقر عملي ، لأتصل في محافظة العاصمة لأستطلع الخبر ، فأبلغوني بأن القوات العراقية موجودة بالديرة وهي في حالة قصف لقصر دسمان ، فبدأت أتصل على كل من أعرفه من الضباط لأبلغهم بالخبر ، ومنهم من صدق ومنهم من لم يصدق ، وأعتقد أنها مزحة ، وبدأ ضباط مخفر الجابرية يتوافدون إليّ ، ومنهم النقيب صياح المطيري ، ورئيس مخفر الجابرية آنذاك عبيد مخلد المطيري ( بو خالد ) ، والملازم أول عايض الهاجري ، وبدأت رحلة جديدة مع الجيش العراقي الغاشم ، وكانت جميع مخافر الكويت والمحافظات قد سقطت عدا مخفر الجابرية ، ومن يوم الخميس اتصل بيّ مساعد مدير أمن محافظة حولي العقيد / حسن جاسم ، وأبلغني أن أستلم التحقيق مع الأسرى العراقيين المحجوزين لدينا ، وفعلاً بدأت أحقق مع كل فرد يأسر من الجيش العراقي ، وكانت النظارة مملوءة بالأسرى ، كما أن مستشفى مبارك به أسرى عراقيين ، وعليهم حراسة وزعت من قبلنا ( مخفر الجابرية ) ، وتم استدراج بعض الجنود من أسقطوا بطائرتهم في النقرة ، كذلك تم إلقاء القبض على من أطلقوا النار على بنك الدم في الجابرية ، وجميع من أسر تم التحقيق معه من قبلنا . إحراق مخفر الجابرية من يوم السبت الموافق 4/8/1990م : بتمام الساعة 12.00 ظهراً من يوم السبت الموافق 4/8/1990م ، حين سقط مستشفى مبارك بيد القوات العراقية ، حين بدئوا يطلقون النار على الشرطة من رشاش عيار 50م ، وتمت إصابات بعض الشرطة ومن بينهم أحد الأفراد من عائلة القبندي ، حينها ذهبت إلى رئيس مخفر الجابرية المقدم / عبيد مخلد المطيري لأخبره بسقوط مستشفى مبارك ، وما يتوجب علينا فعله ، واقترحت عليه من أن نقوم بحرق المخفر بما فيه الجنود العراقيين ، ولكنه لم يستمع إلي بحجة أن لا أمرٌ لدية ، فأخبرته أني ذاهبٌ إلى البيت ، ويتوجب عليك أن يترك المخفر حالاً ، لأنهم في حال قدومهم إليكم سيعدمونكم جميعاً ، وفعلاً ذهبت إلى بيت خالتي في بيان ، وكانت معي جميع التحقيقات التي أخذت من الجنود الأسرى العراقيين ، وعند العصر عاودت الرجوع إلى المخفر ، فما وجدته إلا محروقاً حرقاً كاملاً دون وجود أي جثةٍ بالنظارة . المرحلة الثانية ما بعد مخفر الجابرية وما قبل الأسر : في ثاني يوم تم الاستيلاء على مدارس خيطان جميع آلة تصوير وورق ( إي فور ) ، كذلك على كمية كبيرة من الدفاتر للسيارات الزرق من المرور ، وتمت عملية التزوير لاستخراج الثبوتيات المزورة للدفاتر الخاصة بالمركبات للقيادة بأسماء غير الأسماء الحقيقية لمن يحتاج ، وقمنا بالتوزيع لمن له حاجة لهذه الدفاتر . منزل خيطان ما بعد مهاجمة القوات العراقية للمقاومة الكويتية في كيفان : بعد سقوط منطقة كيفان استقر بعضاً من ضباط الجيش الكويتي في منزل المغفور له والدي / خليقة بن جاسم بن عيسى بن محمد العربيد ، برفقة أبناءه الملازم / محمد العربيد والملازم أول / طالب خليفة العربيد ، وكان من ضمن الضباط الملازمين لمنزل خيطان بصفة دائمة هم : الملازم أول / ضاحي الضاحي حاليا عقيد ركن بالحرس الوطني ، الملازم أول / فهد دحام الظفيري ، الملازم رحمة الله عليه / خالد الراشد ، أخوه محمد الراشد رحمة الله عليه ، الملازم أول / خالد درويش الخضاري ، الملازم / عبدالله يعقوب ، وفي عمليةٍ نوعية لاستقدام أسلحة من ( جي ون ) مستودع السلاح آنذاك ، قضى على كل من الملازم خالد الراشد وأخوه محمد الراشد وهو يعمل بالكويتية . ويعتبر الملازم أول طالب العربيد هو أول من أبلغ المقاومة الكويتية بكيفان بقدوم القوات العراقية ، ما أذكره في هذا اليوم ، وكان في نهاية العصر ، حيث كنا قادمين من عملية نوعية ، حيث أتانا فهد بوحمرة وهو الأخ الشقيق لإبراهيم بوحمرة شاكياً من أصحاب محل لبيع الدواجن بالقرب من دوار الفحم ( شويخ ) ، وكنا وقتها في منزل الأخوين خالد وإبراهيم العبيد بالروضة ، وأفاد الأول فهد بوحمرة ، أن أصحاب المحل ضربوه وأهانوه كونه كويتي ، فتسلحنا وذهبنا إليهم ، وكان معي ضمن الأسماء الدرجة أخي الأصغر ، وليد بن خليفة بن جاسم العربيد ، ولم نخرج من المحل سالف الذكر ، إلا وهو محطم فوق رؤوس أصحابه السوريين ، ومنه اتجهنا إلى الروضة مستقلين الطريق ما بين كيفان والخالدية ، وإذا بالمدرعات والدبابات العراقية متجهة لكيفان ، فاضطررت إلى أن أصعد الرصيف ، وأتجه لكيفان ، لأخبرهم بأن القوات العراقية آتية إليكم . في يوم ذاع الخبر أول أيام الغزو الانسحاب للقوات العراقية من دولة الكويت اتصلت في ابن خالتي فوزي محمد أحمد محمد المغربي ، وأبلغته أن الجيوش العراقية تنسحب من دولة الكويت ، فما رأيك فيما لو سافرنا إلى العراق نستشف الأمر والخبر ، ونتزود مما نحتاج إليه من مأكل ومطعم ، فوافقني الرأي وذهب معنا رحمة الله عليه / حبيب الشطي وسعيد الياقوت والعميد عثمان الفيلكاوي رحمة الله عليه ( بوخالد ) ، وأتضح أنها كذبه ، وما هيَّ إلا فوهات المدافع متجهة شمال ، أما جسم الدبابة فهو متجه جنوباً باتجاه الكويت . منزل السفير الفرنسي بالجابرية : في 8/9/1990م عندما تم إلغاء الكيان السياسي الكويتي من قبل الحكومة العراقية ، توجهنا إلى منزل القائم بالأعمال للسفارة الفرنسية بالجابرية ليلاً ، وأمطرنا عليه وابلاً من النار ، حتى نوهم الحكومة الفرنسية أن من قام بهذا العمل هم العراقيين ، وكان بصحبتي آنذاك كلاً من الأخ / إبراهيم بوحمرة / إبراهيم العبيد / خالد العبيد . ظللنا على هذه الحال في منطقة خيطان ، نقوم بعمل دفاتر ورخص قيادة للشباب الكويتيين مم من هم بحاجة لهذه الدفاتر والرخص ، وظلت الحال مستمرة هكذا . وفي ذات يوم كنت متجه لمنزل خالتي في بيان ، وأتيت من جهة القصر باتجاه دوار جمعية بيان ، وإذا بالشارع مزدحم جداً ، وحتى أن وصلت أوقفني جندي عراقي وطلب السنوية ( أي دفتر السيارة ) ، وحين أعطيته دفتر السيارة طلب الرخصة ، فأعطيته البطاقة المدنية ، فبدأ يضحك وهو يقول حولي والعاصمة ( هايّ اشلون ) ، يابا شايف السيارة الراكنة هناك ، فأجبته نعم ، وكانت السيارة المقصودة تقف عند هارديز بالقرب من دوار الجمعية ، فذهبت وركنت السيارة بقربها ، وإذا هناك سيطرة فخرج أحد الضباط لا يحمل رتبة بل لباسه خاكي ، فقال لي وهو غضب يا ( زمال ) وقفك شو مشكلتك ، فقلت له لا أعلم ، فرأيته ينده على الجندي ، والجندي يكلمه سراً ، ومن ثم أتاني الأخير ، ونده على صاحب السيارة الأخرى الراكنة بجنبي ، وكان بالسيارة الأخرى رجلٌ مع زوجته وأولاده ، وكان أولاده صغار بالعمر ( أطفال ) ، ومن ثم قال لنا أنتم عسكر ، فقلت له لا ، فقال ياهو طالب ، فقلت له أنا ، فقال هايّ دفتر سيارتك مزور ، وكان ضمن الدفاتر القديمة الزرق ، فقال شوف بالخارج ( الغلاف ) العاصمة ومن الداخل حولي ، ((( وكنا قد أوقعنا أنفسنا بالخطأ أثناء عمل تزوير الدفاتر ))) ، فقلت له لا بالعكس هو ليس مزور ، بل معظم دفاتر أهل الكويت هكذا ، فعندما نذهب إلى أي مرور غير المحافظة التي نتبعها يلصق بالدفتر صفحة المحافظة الأخرى التي لا نتبع لها ، هذا هو النظام عندنا بالكويت ، فذهب يسأل الأطفال بالسيارة الأخرى ، هل والدكم عسكري ، فأجابته الزوجة لا بل بالبلدية ، ومن ثم أخذني أنا وصاحب السيارة ووقف معنا بالدوار ، وأخذ يفتش على جميع دفاتر السيارات القادمة إلينا من جميع الجهات ، ليتأكد من صحة معلوماتنا ، ولكنه لم يجد دفاتر تشابه دفاترنا ، فقال لي بهذه الجملة ( يابا والله دفاتركم مزورة ) ، ولكن يلا بسرعة دروحوا غيروها ، والله من تكضكم سيطرة أخرى تعرفون شو يسووا فيكم ، وفعلاً أطلق سراحنا ، واتصلت على أخي وليد وأحضر لي دفتر جديد وانتهت المشكلة
|
19-08-2012, 12:24 AM | #17 (permalink) |
عضو شبكة الدراما والمسرح العــضوية: 14703 تاريخ التسجيل: 04/04/2012
المشاركات: 186
الـجــنــس: أنثى | مذكرات أسير ما قبل وما بعد - طالب بن خليفة بن جاسم بن عيسى بن محمد بن عربيد بن حمد ما دار بالسالمية شارع البحرين عمارة المسمكة : في يوم من الأيام ذهبت لصديق لي ، عقيد بالداخلية في منطقة السالمية ، شارع البحرين عمارة المسمكة ، العقيد عثمان الفيلكاوي ( بوخالد ) ، وكان بالقرب منه بنجرجي ، فأوقفت السيارة عند البنجرجي ليبدل زيت السيارة ، وكانت السيارة أولز موبيل أزرق ، ولكنني رأيت صدفة أحد أبناء خالتي فذهبت معه ، وتركت السيارة عند البنجرجي ، وأثناء تواجدي في شقة أبن خالتي فوزي ، فإذا باتصال هاتفي يطلبني ، وإذا هو العقيد عثمان الفيلكاوي بوخالد رحمة الله عليه ، محذراً إيايّ بعدم الحضور إلى سيارتي المتواجدة عند البنجرجي ، وقال لي أن المخابرات العراقة تبحث عنك ، وأقفل الهاتف ، وإذا باتصالٍ آخر يسأل أبن خالتي العربيد موجود ، وإذا هو أحد الشخوص العراقية ممن كانوا يعيشون في دولة الكويت آنذاك ، فكالمته ، وإذا به يتوعدني ويقول يا زمال تتلبد رح أندوس على راسك ، فأشارَ عليّ مم من هم يتواجدون بالشقة بالخروج حالاً منها ، وفعلاً خرجت ولكنني لم أغادر السالمية ، ظللت بها حتى منتصف الليل ، واتصلت على أخي محمد وطلب منه الحضور بتمام الساعة الرابعة ليلاً لأمرٍ مهم ، وفعلاً بتمام الرابعة فجراً حضر إليّ أخي محمد بعد أن حددت له المكان ، وانطلقنا إلى موقع ذاك الحقير ، وأجهزنا عليه . التفاتيش التي مررنا بها في خيطان أبان الغزو الغاشم : ليس من السهل من أن تأوي ضباطاً من العسكر الكويتي في منزلك أبان الغزو الغاشم على دولة الكويت ، ولكن الضرورة أبت إلا أن نأوي عدداً من الضباط الكويتيين للمحافظة عليهم ، وكان منزل والدي رحمة الله عليه يحتوي على سطحين الأول ما بعد الدور الأرضي ، ولا يتم الدخول له إلا من خلال أحد الغرف بالدور الأول ، أما الآخر فهو السطح المعتاد ما بعد نهاية بيت الدرج ما بعد الدور الأول ، وكان منزل والدي مليء بالضباط ، وإذا ما سمعنا الباب الخارجي يطرق ، وإذا ما أحسسنا بوجود القوات العراقية على الباب ، استدرجناها لنسرع في تهريب الضباط عن طريق السطح السفلي ، ومنه إلى الجيران منزل عبد العزيز جوهر الفرحان ، وهكذا كنا نتعامل مع القوات العراقية في حال وجد التفتيش . عميلة استشهاد فرقة خيطان بيوت الجيش : يروي جاسم شاهين دشتي : يقول : بحكمي أحد جيران الشهيد سعد ألشمري ، صحوت على ضجيج ارتفاع صوت العراقيين بالفريج ، وبدأت أتنصت على ما يجري من شباك منزلي القريب مما يحدث ، ورأيت ثلاث شبان كويتيين يتم إعدامهم أمام منزل المغفور له سعد ألشمري ، وكان معه نهار السرحان وأنور العصفور : تبدأ القصة حين عزم بعض الشباب الكويتي بعضاً من الجنود العراقيين على وليمة عشاء ، في ديوان المغفور له / سعد ألشمري ، بمنزله الكائن بمنطقة خيطان ( ببيوت الجيش ) ، وتم تسميم جميع الجنود العراقيين ، ولأن السيطرة كانت قريبة منهم ، بالقرب من منزل العصيمي ، لم يتمكنوا من إخراج الجثث من الديوان ، وتفاجئ الفريج صباحاً بضجة جنود زبانية صدام تجوب الفريج ، بيتاً بيتاً وفريجاً فريج ، بحثاً عن الجنود العراقيين ، وتم إلقاء القبض على من يتواجدون في الديوان الآخر ، القريب من الديوان المقصود ، ومنه وبصحبتهم اتجهوا إلى الديوان القريب منهم والمقصود ، وفوجئ الجنود العراقيين بجثث أصحابهم الجنود العراقيين المقبورين داخل الديوان : يقول جاسم : تم أسرهم واحتجازهم في نفس المنزل – منزل سعد ألشمري ، وتم التحقيق معهم في نفس المنزل ، وبعد العصر أخرجوهم وأعدموهم أمام المنزل ، ومن ثم رموا عليهم شرشف وردي مخطط وحملوهم بالإسعاف ، ومن ثم حرقوا المنزل بعد إخراج أهله منه . الخروج من منطقة خيطان والذهاب إلى منطقة بيان والقرين : تبلغنا من أن الملازم أول كمال الدريعي بخيطان قد سجل بالجيش الشعبي ، وفعلاً ذهبت إليه أنا وبصحبتي أخي وليد العربيد لمنزله الكائن بخيطان ، وتم التحادث معه بخصوص هذا الشأن ، وبخصوص ما إذا أبلغ السلطات العراقية عن أسماء ضباط كويتيين ، فقررنا الخروج من خيطان والذهاب بعضاً منا إلى بيان والقسم الآخر إلى القرين . استقر ببيان بمنزل النقيب خالد المنصور كلاً من / الملازم محمد العربيد الدفاع – الملازم أول فهد دحام الظفيري الدفاع – النقيب وليد المنصور الداخلية – النقيب خالد المنصور ، وكان معهم ضباط آخرين لا تحضرني أسمائهم ، واتجهت أنا والملازم أول خالد درويش الخضاري إلى القرين ، وكان برفقتنا أزواجنا وأطفالنا ، وظل خالد مع أهله لدي بالقرين حتى أن تم أسري . يوم الخروج من الكويت عن طريق منفذ النويصيب : ضاقت بنا السبل في الكويت ، فاضطررنا لمغادرة الكويت ، واقترحت على ابن خالتي السيد / عادل أحمد عثمان داوود الخراز ، بالخروج من الكويت والتوجه إلى المملكة العربية السعودية ، وفعلاً اتجهنا من صبيحة اليوم الثاني وكان يوم أحد من شهر 10/ 1990م ، وكانت السيطرات العراقية على هذا الطريق مقسمة إلى ثلاث سيطرات ، الأولى ما بعد تقاطع جسر فحيحيل السريع والملك فهد ، وكانت الثانية ما بعد الإطفاء ( بنيدر ) ، وكانت الأمور مشددة ، وكنا نستقل سيارتين ، أنا وزوجتي وأبني جاسم بسيارة ، وكان أبن خالتي وزوجته وأطفاله ووالدته خالتي بسيارةٍ أخرى ، وكنت أنا شخصياً اخبي ما لدي من ثبوتيات ومن أموال بسيطة في حفاظة أبني جاسم ، حيث كان عمره آنذاك سنة ، ولم نتجاوز السيطرة الأولى إلا بعد صلاة العصر ، وتفاجئنا بالسيطرة الأخرى الثانية ، وكانت أشد تفتيشاً من الأولى ، وطال بنا الأمر حتى أن أصبحنا ندخل في آذان المغرب ، والشارع مزدحم ، يكادُ أن لا يتحرك البتة ، فارتجلت من سيارتي واتجهت إلى ذات النقطة للتفتيش ، وإذا بالعراقيين يأخذون من الشباب الكويتي ما يحلو لهم ، فرجعت إلى سيارتي وأخبرت من في طريقي من الكويتيين ، وإذا بأحد الشخوص الكويتية يدير مركبته باتجاه الكويت ، فطلب منه الجندي العراقي أن أثبت ولا تتحركْ ، ولكن الكويتي كان يرادده بحجة أنه غداً سيأتي ، فبدأ الجندي العراقي بإطلاق النار في الأرض مخوفاً للشاب الكويتي ، وهو يصرخ عليه أثبت في سيارتك ، وعندها لاحظت بعض الجنود مم من هم يحملون أمتعتهم وكانوا مترجلون باتجاه الكويت ، فذهبت لأحدهم لأتحدث معه ، معرضاً عليه المساعدة ، علني أتخذ منه سبيلاً للرجوع ، وأخبرته ما إذا كان يود هو وأصحابه المساعدة في إيصالهم إلى داخل الكويت ، وفعلاً طلب المساعدة من أن أحط به هو وأصحابه في دوار أبو العظم ، وفعلا حملتهم وأعطيتهم من الماء ومن الزاد ما مكنني من أن أكسبهم لصالحي ، وأخبرتهم بأن لي عائلة أخرى هنا وأود اصطحابها معي ، فطلبوا مني أن أذهب إليها ، وفعلاً طلبوا من ابن خالتي أن يلحق بنا ، وانتهت المشكلة بعدما أوصلونا وأوصلتهم إلى داخل الكويت . المرحلة الثالثة يوم الأسر 6/11/1990م تفاصيل الثواني الأخيرة ما قبل الأسر : في صبيحة يوم 6/11/1990م اتصل علي صديق يدعى محمد النجار ، يعمل في الإطفاء العام ، وأخبرني إذا ما كنت أرغب بالخروج من البلاد عن طريق حلبجة ، بكامل هوياتي وأغراضي بمقابل مادي ، يدفع لبعض المتنفذين العراقيين مم من هم يسيطرون على الإطفاء العام ، فاستهواني الخروج ، وحددت معه موعد اللقاء بالليل في شقته بالسالمية ، عمارات بيت التمويل مقابل نادي السالمية الرياضي ، وبعد المكالمة ذهبت لمنطقة بيان منزل النقيب / خالد المنصور ، لمقابلة الضباط الكويتيين المتواجدين في هذا المنزل ، لإخبارهم أخر المستجدات في خيطان ، حيث بدأت السلطات العراقية تتصيد الضباط الكويتيين على الحواجز ، وطلبنا منهم أن لا يدخلوا خيطان من خلال السيطرات العراقية ، وحينها كانت بحوزتي بعض الهويات والدفاتر المزورة ، وكنت أنوي التوجه إلى ضاحية صباح السالم لإيصال بعضاً منها ، لبعض الضباط الكويتيين ، فرافقني الملازم أول فهد دحام الظفيري من منزل بيان ، واتجهنا إلى ما نصبوا له ، توزيع تلك الهويات وتلك الدفاتر ، ومن ثم توجهنا إلى منزلي الكائن بالقرين ، وكان هناك الملازم أول خالد درويش الخضاري ، فتناولنا الغداء واسترحنا حتى أن حل المساء ، فأخبرتهم بما ينتظرني من موعد بالسالمية ، وإذا ما كان لهم الرغبة في الذهاب معي من عدمه ، رافقني الملازم أول فهد دحام الظفيري بالذهاب إلى السالمية ، الموقع سالف الذكر ، وكان في نفس العمارة أبناء خالتي بالدور الثالث ، وبعد الانتهاء من مقابلة أحد الضباط العراقيين عند المدعو محمد النجار ، توجهنا إلى شقة المغاربة أبناء خالتي بالدور الثالث لنبيت عندهم ، حيث لا يمكننا الذهاب للمنزل لحظر التجوال ، وأثناء طرقنا للباب وأثناء فتح الباب ، وإذا بالزميل سعيد الياقوت وهو يشير لي بصمت أرحل فهد داخل ، فقلت له أي فهد : فقال قدير مرزوق ألشمري ، وأفاد أنه يسأل عنك : وقلنا له أنك خارج البلد بالسعودية ، وهنا دفعته ودخلت إلى داخل الشقة ، فبدأ من في داخل الشقة يسلم علي ويسأل وينك بومشعل ، فقلت لهم كنت بالسعودية واليوم دخلت إلى الكويت ، وبدأ فهد قدير مرزوق ألشمري يتعالى بصوته ، وينك كنت أسأل عنك ، فقلت له وماذا تريد ، فقال أود أن تعمل معنا ، فقلت له أنا أعمل معكم : فقال نعم : وهنا قررت الإجهاز عليه ، وفعلاً استللت سكيناً من المطبخ دون أن يلاحظني أحد ، ووضعتها تحت المطرح الذي نجلس عليه ، فلاحظني العقيد عثمان الفيلكاوي ( بوخالد ) ، ولكنه سرعان ما استَلَ السكين على مرأى من أعين المتعاون فهد قدير مرزوق ألشمري ، وبدأت المشكلة ، حيث أنهلت عليه بالضرب ومن ثم طردته ، وهنا أشار علي كل من هو موجود بالشقة بالخروج من الشقة حالاً ، وفعلاً خرجت من الشقة وذهبت إلى شقة محمد النجار بالدور الأول ، أنا والملازم أول / فهد دحام الظفيري ، وعند تمام الساعة الثالثة فجراً من نفس الليلة ، سمعنا أصوات وخطى جنود عراقيين تهرول بحوش العمارة ، كذلك أصوات مركبات عسكرية ( كارجو ) تتوقف في ساحة العمارة ، وإذا بنا نسمع أبواباً تتكسر ، وأصواتاً صاخبة ، وإذا بباب شقتنا يكسر ، ومن ثم دخلوا علينا وطلبوا الثبوتيات ، وما أن أعطيتهم البطاقة المدنية حتى سألوني أنت ضابط أمن دولة ، فأجبتهم نعم ، فاقتادونا جميعاً ، كما اقتادوا معنا كل من هو متواجد في شقة المغاربة ، وتوجهوا بنا إلى مخفر السالمية ، وهناك دخل علينا المتعاون معهم / فهد قدير مرزوق ألشمري متلثماً ، وكان يشير علي ( أنا ) وعلى ( علي الرقم ) وعلى ( بوعبدالله ياسين من سكان الرميثية )، كذلك أشار بإصبعه على ( الملازم أول / فهد دحام الظفيري ) ، وتم إخلاء سبيل من كان معنا ، واقتادونا نحن الأربعة فقط إلى مخفر صليبية .
التعديل الأخير تم بواسطة بيت العائلة ; 19-08-2012 الساعة 12:30 AM سبب آخر: مذكرات أسير ما قبل وما بعد - طالب بن خليفة بن جاسم بن عيسى بن محمد بن عربيد بن حمد |
19-08-2012, 12:30 AM | #18 (permalink) |
عضو شبكة الدراما والمسرح العــضوية: 14703 تاريخ التسجيل: 04/04/2012
المشاركات: 186
الـجــنــس: أنثى | مذكرات أسير ما قبل وما بعد - طالب بن خليفة بن جاسم بن عيسى بن محمد بن عربيد بن حمد ما دار في مخفر الصليبية : بدأ التحقيق معي من الوهلةِ الأولى التي دخلت بها مخفر الصليبية ، وكانت بداية التحقيق ، أنت ضابط وتعرف عدداً كبيراً من الضباط الكويتيين ، فأجبتهم : نعم : أنا ضابط كويتي وأعرف عدداً كبيراً من الضباط الكويتيين ، سأذكرهم جميعاً ، وسوف أذكر لكم بعض منازل من أعرفهم من الضباط الكويتيين ، وفعلاً أحضروا لي بعض الأوراق المسطرة ، وبدأت أكتب أسماءً وهمية ، وأحدد الرتب الوهمية عليها ، وأدخلت ما بين الأسماء بعضاً من الضباط الكويتيين مم من هم خارج البلد ، وذكرت عناوين منازل من كنت على يقين من أن منزله خالي ولا يوجد به أحد : فسألوني : عن العقيد عثمان الفيلكاوي ( بوخالد ) رحمة الله عليه ، فأخبرتهم أنه متقاعد ، وأنه قد سجل لديكم بالجيش الشعبي ، وأنا لا أعلم عنه أي شيء ، وبإمكانكم الاستدلال عليه من واقع سجله بالجيش الشعبي : فسألوني : عن ضباط أمن الدولة : فأجبتهم : أنا لم أعمل في أمن الدولة سوى أسبوع ، كون والدتي من البصرة ، وضباط أمن الدولة يجب أن يكون والديهم كويتيين الجنسية : فسألوني ماذا تعرف عن من هم معك : فأجبتهم جميعاً مدنيين : وكنت قد اتفقت مع فهد دحام الظفيري قبل أن يتم القبض علينا بالشقة ، أن كلانا طلاب جامعة ( كلية الآداب ) ، وأخبرتهم بذلك ، وما أنا إلا ضابط مخفر الجابرية ، كانت هذي هيَّ اعترافاتي وانتهى التحقيق ، ووقعت على ما أمليته في الأوراق المسطرة ، وأخبروني عما قريب سوف أخرج. ما جرى على زميلنا علي الرقم : اتهم زميلنا علي الرقم بالمقاومة ، بعد الإيعاز من المتعاون والمتخاذل على دولة الكويت / فهد قدير مرزوق ألشمري ، بأنه من المقاومة ، وتم تعذيبه بشتى الوسائل ، وعزل عنا بنظارةٍ أخرى . ما جرى عليّ بعد 10 أيام : قبل العشرةِ الأيام الأولى في مخفر الصليبية لم أتعرض لأيِّ أذى أو تعذيب ، ولكنني تفاجئت صباح يوم 11 ، وهم يصرخون ملازم طالب ، ومن ثم دخلوا عليّ وقد أعصبوا عيني ، وقيدوا يدي ، واقتادوني إلى غرفة التحقيق ، وكنت أحس بأن حولي عسكر ، وصوتٌ يصرخُ لضابطٍ سبق وأن سمعت صوته ، وهو يسألني : ماذا تعرف عن فهد : فأجبته : أنه طالب جامعي سنة رابعة آداب : فسألني آداب ولا تجارة : فأجبته : فهد هو من سكان خيطان ، وكان آنذاك سنة أولى آداب ، وقد رحل أهله إلى الجهراء قبل ثلاث سنوات ، ويجب اليوم أن يكون هو سنة رابعة آداب ، ولا أعلم ما إذا حول تجارة أم لا ، وحينها بدأ العذاب ينصبُ عليّ كالمطر المنهمر ، وكنت أعلق بطرف الباب من الأعلى ، بحث أن أرجلي لا تلامس الأرض ، وقد أخلعوا جميع ملابسي ، وبدئوا يتفننون ويتلذذون بجميع أنواع وألوان العذاب ، وإذا بنفس الصوت الذي كان يكلمني يصرخ في وجهي ، ( غواد ) فهد مو بالسلك ( إلوخ ) ، وهنا تداركت الأمر ، وأيقنت أنهم قد عرفوا عن فهد من أنه ضابط بالجيش ، وكان الضابط العراقي يقصد من كلامه أنني بالداخلية وفهد بالجيش ، فقلت له نعم ، فأوقف عني العذاب ، وأحضر لي محاضر التحقيق التي وقعت عليها ، وأنزل عِصابةُ عيني ، وهو يشير إلى محاضر التحقيق هايّ كلها كذب ، أريد الآن العقيد عثمان الفيكاوي ( بوخالد ) ، فقلت له كل ما قلته لك هو حقيقة ، وأنا لم أكذب عليكم من الوهلة الأولى ، سألتموني ضابط فأجبتكم ، أما فيما يخص فهد ، فنعم أنا قد كذبت عليك ، وها أنا أعترف لك ، فنحن نعرف ما مدى قوة الجيش العراقي ، وليس لنا أي فكرة ماذا سيجري لنا فيما لو أتمسكنا في مثل هذه الظروف ، وخوفي على فهد كان هو سبب كذبي ، أما ما يخص العقيد عثمان ، فقد أبلغتكم وأنا صادق ، ولا يوجد لدي غير ما أدلت به ، وأكملت أنا على علم وعلى يقين في من أبلغ عني أنه / فهد قدير مرزوق الشمري ، فسكت : وطلب منهم أن يذهبوا بيّ إلى المكتب المجاور . ما دار في المكتب المجاور : تفاجئت حين دخلت المكتب ، وإذا بصديقٍ لي موجود في هذا المكتب / حبيب الشطي رحمة الله عليه ، وكان جالس على أرجله ، دون أن تلامس مؤخرته الأرض ، وكان يمسك بيده غترته وعقاله ، فقال لي من يقودني من العسكر : ملازم طالب تجلس على المكتب دون أن تتكلم مع هذا الشخص ، فقلت له حاضر ، ولما خرج العسكري وأغلق الباب سألت صاحبي : ما أتى بك : فقال أتيت لأحضر لك بعضاً من العشاء : فسألني دَرَوّ فيك ضابط : فأجبته نعم من اليوم الأول : فقال : سألوني وقلت لهم أنك تعمل في البلدية ؟ وهنا طلبت الملازم الذي كان يحقق معي ، وأقسمت له أن هذا الشخص لا يعلم أنني ضابط ، نحن ضباط أمن الدولة وعموم الضباط لا نخبر عنا من هو ليس بحميمٍ علينا ، فأخرجه من غرفتي وعرفت فيما بعد أنه قد تم أطلق سراحه . سكران يخلي سبيل أحد زملائنا من المعتقل : في نفس الغرفة من نفس اليوم ، دخل عليّ أحد الشخوص وكان في يده كأساً من ( الخمرْ ) ، فقال لي : عسى ماشر ، فقلت له قصتي : فقال لي سأحاول أن أخرجكم من هنا ، ولكنني لا أوعدكم ( سأحاول ) : فقلت له : هناك لنا في النظارة صديق هو كسير الفخذ ، رجلٌ كبير مسن ، اسمه ياسين بوعبدالله من سكان الرميثية ، ياريت تخرجه ، وعرفت فيما بعد أنه قد تم إخلاء سبيله .
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
مذكرات, أسير, المعتقلات, العراقيه, في, كويتي |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
هدى حسين .. | الأنين | صور الفنانين , والصور الفنية ( قاعة الصور ) | 1 | 22-09-2010 06:51 PM |
نبيلة عبيد داخل المعتقلات الإسرائيلية | بحر الحب | الـقاعـة الـكـبرى ( الفن والإعلام ) | 2 | 19-08-2009 03:40 AM |
Powered by vBulletin® Version
Copyright ©vBulletin Solutions, Inc
SEO by vBSEO 3.6.0
LinkBack |
LinkBack URL |
About LinkBacks |