يرم التونسي... كسر القاعدة
الشاشة الصغيرة تكتب نهاية مسلسلات السيرة الذاتية
لم تعد مسلسلات السيرة الذاتية تثير اهتمام شركات الإنتاج، فبعد أن سيطرت هذه النوعية من المسلسلات على خريطة الدراما المصرية في السنوات الأخيرة، أوشكت على الاختفاء تماما، ففي العام الماضي لم يقدم إلا مسلسل واحد هو «كاريوكا» عن حياة الفنانة الراحلة تحية كاريوكا، وهو نفس ما حدث هذا العام حيث لم يشهد شهر رمضان سوى مسلسل سيرة ذاتية واحد هو «أهل الهوى» عن حياة الشاعر بيرم التونسي .
والمثير للدهشة أن مسلسلات السيرة الذاتية التي تم تقديمها على الشاشة الصغيرة في السنوات الماضية حققت نجاحا كبيرا ومن أبرزها «أم كلثوم» و«الملك فاروق» و«ناصر» و«أسمهان» و«قاسم أمين» و«إمام الدعاة» عن حياة الشيخ الشعراوي، وحتى المسلسلات التي لم تحقق نفس النجاح تم تسويقها بشكل جيد للقنوات الفضائية مثل «إسماعيل يس» و«كاريوكا» و«حليم» ، وهو ما يطرح العديد من علامات الاستفهام حول تراجع تقديم هذه النوعية من المسلسلات .
في البداية أكدت الفنانة صابرين التي قدمت للشاشة الصغيرة شخصية كوكب الشرق أم كلثوم أن مسلسلات السيرة الذاتية تلقى رواجا كبيرا خاصة عندما تتعلق بشخصية أجمع على حبها المصريين والعرب، موضحة أنها تدين بالفضل لمسلسل «أم كلثوم» في تحقيق نجاح لم تحققه في أي عمل درامي آخر .
وقالت صابرين : لاشك أن مفتاح نجاح هذه النوعية من المسلسلات يرتبط ارتباطا وثيقا بالشخص الذي يتناوله العمل، وهل يحظى بالقبول أم لا، فإذا كان صاحب شعبية كبيرة فإن الجمهور يكون لديه نوع من الفضول لمشاهدة المسلسل والتعرف على جوانب خفية من حياته، ثم يأتي بعد ذلك دور السيناريو الذي يعتبر العمود الفقري للعمل، لكننا شاهدنا مسلسلات عن شخصيات أحبها الجمهور وارتبط بها ولم تحقق النجاح لأن النص الدرامي لم يكن على المستوى المطلوب .
وأشارت إلى أن تراجع هذه النوعية من المسلسلات ربما يرجع إلى تحقيقها النجاح في الفترة الأخيرة، وكذلك عدم وجود شخصيات لها «كاريزما» من الممكن أن تقدم على الشاشة، موضحة أنه لو تم تقديم مسلسل عن حياة شخصية مثل الرئيس السادات ربما يحقق نجاحا كبيرا .
وكشفت المخرجة أنعام محمد علي عن أن السبب في عدم نجاح مسلسلات السيرة الذاتية في الفترة الأخيرة يرجع إلى «استسهال» صناع الدراما في التعامل معها، لأنهم يقدمونها بنفس المنطق الذي يقدمون به المسلسلات الاجتماعية دون بحث أو تدقيق، وأحيانا يبدأون التصوير قبل الموسم الرمضاني بأيام قليلة، فيخرج المسلسل «مشوها»، مؤكدة أنه لابد أن تتوافر عناصر الجودة الفنية في العمل لكي يحقق النجاح .
وقالت أنعام : في أعمال السيرة الذاتية التي قدمتها للشاشة الصغيرة مثل «أم كلثوم» و «قاسم أمين» كنت أحرص على التحضير بشكل جيد للعمل، وكانت فترة التحضير تستغرق في بعض الأحيان عدة شهور، حتى أصل في النهاية للتصور الدرامي المناسب للشخصيات التي ستظهر على الشاشة، وكذلك في التصوير كنت أستغرق وقتا طويلا، لأن الاستعجال في هذه الأعمال يكون «كارثة» فنية، فضلا عن أنني في تلك النوعية من المسلسلات كنت أتعاون مع مؤلفين على درجة كبيرة من الخبرة والموهبة مثل محفوظ عبدالرحمن ومحمد السيد عيد .
وأكد المخرج مصطفى الشال صاحب مسلسل «إمام الدعاة» أن تقديم مسلسل أشبه بـ «المشي على الحبل» لأن أي خلل قد يعصف بالعمل ككل، موضحا أنه في مسلسل إمام الدعاة حاول أن يقدم صورة صادقة وواقعية عن الشيخ الشعراوي، لكنه رغم ذلك لم يسلم من بعض الانتقادات في الوقت الذي حقق فيه المسلسل نجاحا كبيرا .
وأوضح الشال أن تراجع مسلسلات السيرة بالنسبة لخريطة الدراما التلفزيونية يرجع إلى شركات الإنتاج لم تعد تهتم بهذه النوعية بعد أن استنفذت الشخصيات التي ترى أنهم يحظون بجماهيرية كبيرة، مشددا على أن هناك شخصيات كثيرة من الممكن أن تحظى بالقبول على الشاشة وحياتهم مليئة بالمواقف الدرامية سواء كانوا رجال دين أو فنانين أو سياسيين .
وقال المؤلف بهاء الدين إبراهيم إن أحد الأسباب المهمة في تراجع إنتاج المسلسلات الدينية هي العقبات التي تواجه المؤلفين سواء كانت تتعلق بأسر الشخصيات التي تتناولها تلك المسلسلات، أو الأزهر الشريف في حالة تقديم مسلسل عن شخصية دينية .
وأشار إبراهيم إلى أن لديه مسلسلا عن أسماء بنت أبي بكر معطلا إنتاجه منذ فترة بسبب عدم تصريح الأزهر بتصويره، مؤكدا أن هذه النوعية من المسلسلات تحتاج إلى حرية كبيرة في التناول وإلا فمن الأفضل عدم تقديمها على الشاشة .
وأضاف: لاشك أن جزءاً كبيراً من نجاح مسلسلات السيرة الذاتية يرجع إلى الشخص الذي تدور حوله أحداث المسلسل، فداعية مثل الشيخ الشعراوي كان يحظى بحب الملايين، لذلك عندما كتبت عنه مسلسل «إمام الدعاة» حقق نجاحا مذهلا، ومازال يحقق النجاح عند عرضه على القنوات الفضائية .