عرض كويتي راقٍ في نهاية عروض المهرجان
«حنظلكم واحد»... لوحة بصرية جسدت هموم المهمشين بسينوغرافيا مميزة
جرعة الكوميديا سطَّحت القضية التي أراد المخرج أن يضع لها الحلول
كتبت غادة عبدالمنعم:
«ليت كل انسان طحنته الحياة يصحو من غفلته، وتشاؤمه» هذه هي الحكمة التي خرجت بها عقب انتهاء العرض المسرحي الكويتي «حنظلكم واحد» آخر العروض المنافسة في المهرجان على خشبة مسرح الدسمة، الذي أعده وأخرجه عبدالعزيز النصار، عن مسرحية «رحلة حنظلة» للكاتب سعد الله ونوس.
تنطلق بنا أحداث المسرحية بصوت شجي على «أوه يامال» للمطرب على بن حيدر، الذي شاركنا بعمق عبق التراث الكويتي، حتى على مستوى الموسيقى التي اختيرت من صميم الفن الكويتي القديم، من هنا تبدأ معنا اللوحة البصرية التي صممها لنا فكر المخرج النصار لنتعايش مع هموم، وأحزان حنظلة، ذلك الرجل المهمش في الحياة، مغمور لا قيمة له، يعاني ممن حوله، ولكن لا مجيب له، ويكون جزاؤه ان يسحل، ويسجن، وتسلب حقوقه، وكرامته دون ذنب اقترفه.
«خلجنة»
وضمن اطار محدود، حاول النصار ان يخصص المسرحية بالواقع الخليجي، دون ان يعلم ان حنظلة هو تلك الشخصية التي توجد بداخل كل واحد منا، من حيث التردد، وعدم اتخاذ الرأي، وهو ما أوحى به اللون الرمادي الذي تميزت به ملابسه، وان كانت لعبة النصار التي حملت بعدا فلسفيا أبعد بكثير، فكانت كل شخوصه فوق خشبة المسرح هي حنظلة، أي مشاركة الحزن، والهم، والمعاناة ضمن قالب كوميدي محمل بالكثير من الاسقاطات السياسية من خلال شخصية «حرفوش» التي كانت موازية ليوميات حنظلة طوال الحدث المسرحي، الذي ابتعد عن التغريب، وارتكز على الهم الكويتي خاصة، والخليجي عامة.
تماسك ورتابة
وقد حاول النصار من خلال اعداده النص ان يوصل لنا فكره الشبابي، دون ان يشوه الفكر الأساسي للكاتب الأصلي ونوس، الذي اعتمد على المباشرة في الطرح، وان كان النصار لم يستطع ان يحذف الرتابة من مخيلته، فأصاب باقحامه المشهد الصامت وسط العرض الجمهور بحالة من الرتابة، ومماطلة لا داعي لها، بينما كان أبطال العمل مفاجأة العرض، اذ تميزوا بخفة الحركة، والأداء المتماسك في طرح القضية، وقد أراد بمشهد «الدرويش» ان يثبت لنا ان هناك كثيرين متخفون خلف اللحى، وستار الدين، ولكن جرعة الكوميديا التي اختلطت بالهموم سطحت الفكرة التي أراد المخرج ان يضع لها الحلول.
سينوغرافيا مميزة
وبخلاف ابداع الممثلين خالد السجاري، وموسى كاظم، والممثلة سعاد الحسيني التي لونت في أدائها التمثيلي، كانت السينوغرافيا التي صممها لنا فهد المذن مميزة، استطاع من خلالها الممثلون ان يتحركوا في فضاء الخشبة بحرية من حيث المستويات التي بنيت، وأعطت لنا دلالات على تعدد الهموم لدى حنظلة، من خلال مشهد المقهى، وأيضاً اعتماد الممثلين على استخدامهم المظلة بأكثر من شكل، وصولاً لنهاية العرض المسرحي وحالة السواد.
وجاء اعتماد الأزياء على اللون الأسود ليوضح ما بداخل البشر، وان كان هناك خلل ما في البقع الضوئية التي خرج منها الممثلون في الكثير من المشاهد، والتي خفتت في بعض الأحيان، ورغم ان هذه التجربة الاخراجية هي الثانية في مسيرة المخرج عبدالعزيز النصار لكن أعتبرها بشرى أمل لوجود فكر شبابي جديد على الساحة المسرحية.