[الفنون]

عام بعد اخر، وتجربة بعد اخرى، يؤكد الفنان السعودي الرائع ناصر القصبي وعبدالله السرحان، لياقتهما العالية، والمنفردة، من خلال برنامجهما الدرامي المتميز «طاش ماطاش».

والذي يدخل هذا العام، تجربته السادسة عشر، مرورا بكم من القضايا والموضوعات المثيرة للجدل، والتي تؤكد جدية التوجه، وموضوعية الطرح، وحرص الثنائي، على ان تكون اعمالهما مرآة عاكسة لقضايا مجتمعهما.

وعلى مدى السنوات الماضية، كانت نقطة الانطلاق الاساسية، عبر وزارة الاعلام السعودية، متمثلة في التلفزيون السعودي، الذي كان «الرحم» الذي انطلقت من خلاله تلك التجربة، التي راحت تتأكد وتعمل على تقديم نموذج متجدد، في اطار الدراما العربية، حيث المزج بين ما هو توثيقي وتسجيلي وايضا محاولة لوضع الاصبع على الالم، ويبدو ان ذلك الثنائي (المشاكس) اراد ان يتجاوز منهجية الاصبع والالم الى المشرط والدمل.

فكانت كمية من المواجهات، الذي تم تجاوزها بموضوعية قيادات الاعلام في الشقيقة المملكة العربية السعودية، التي كانت تتفهم دائما حرص ذلك الثنائي، ورغبته في ان تكون اعمالهما لسان حال المجتمع وقضاياه، في فضاء ايجابي من الحريات والتعبير... والبوح. واذا كنا في الاعوام الماضية، نذهب الى بعض المواجهات، فان السقف في (طاش ما طاش 16) يرتفع، والمواجهة تتطور، والايقاع يصدح بكم من القضايا الساخنة، والحادة، بالذات، المواجهات الذي تذهب صوب الجانبين الرسمي والديني (المتشدد) وهذا ما تلمسه من ردة فعل عنيفة «وقاسية» اثر عرض حلقة «تطوير التعليم» وغيرها من الحلقات التي يرتفع بها سقف الحوار، والمناقشة، وايضا «السخرية» اللاذعة، والرغبة في التغيير، والنقد الموضوعي.

كالعادة، يقدم السلسلة الثنائي - عبدالله السرحان وناصر القصبي، وهذه المرة يتصدى للاخراج السوري هشام شربتجي. أما فريق الكتابة فهو ورشة عمل مشتركة، يشارك بها صفوة من كتاب الدراما في المملكة.

واذا كانت حلقة تطوير التعليم، تحمل المواجهة مع التيارات الدينية المتشددة، فإن حلقة «عيد وسعيد» التي جمعت الصبي والسدحان وايضا يوسف الجراح، فإنها تذهب بعيدا في نقد الامن، وملامح الخلل، من خلال حكامية الاخوين «عيد وسعيد» واللذين يعملان كجنود في هجرة نائية تحت امرة الضابط «يوسف الجراح»، وفي تلك الحلقة نقد من الطراز الاول، حيث مستوى وكفاءة رجال الحرس وامكانية تطوير قدراتهم بتزويدهم بأحدث الاجهزة والتقنيات والارتفاع بمستواهم التعليمي.

والمتابع لجملة الكتابات التي تزامنت مع عرض الحلقات، يتلمس التباين الصريح والمواقف، والذي ينطلق في احياء كثيرة من وجهات نظر غاية في الخصوصية، من بينها الانتماء لهذه الجهة او تلك، مما يخلق حالة من الارتباك لدى الراصد، حول الاثار التي يتركها هذا العمل الكبير لدى المشاهدين، في المملكة على وجه الخصوص.

ولكن، ومن خلال وجهة نظر حيادية، نقول، بأن «طاش ما طاش» بات موعدا حقيقيا وموسما «ثقافيا» وبعدا فكريا وسياسيا واجتماعيا، يتم خلاله التواصل مع قضايا الانسان والمجتمع السعودي بشكل خاص والخليجي بشكل عام.

مشددين، بان الثنائي السدحان والقصبي، هما الثنائي الابرز والاهم حاليا، على خارطة الفن السعودي، وهما يحلقان في فضاء بعيد عن بقية رفاق المهنة، رغم الاحترام الشديد لكل فنان.. ونجم .. ومبدع.. ففي الحركة الفنية الدرامية السعودية، مجموعة من الاسماء الكبيرة، يأتي في مقدمتهم السدحان والقصبي.. وايضا كم اخر وقائمة طويلة من الاسماء المرموقة من بينها عبدالمحسن النمر وعلي السبع ويوسف الجراح وغيرهم من اجيال الحرفة الفنية... ولكن للثنائي القصبي والسدحان مكانتهما ومنهجهما ونتاجهما الذي تجاوز حدود وفضاء المملكة الى الفضاء العربي الرحب.. الاشمل والاوسع.

فكان الموعد يتجدد، عبر الفكرة.. والقضية.. والطرح المقرون بالشفافية عالية المستوى. والتي ما كان لها ان تتحقق، لولا الضوء الاخضر من قيادات الاعلام السعودي، والتفهم الموضوعي لدور الفن والفنان لدى القيادة السعودية في عملية التغيير.. والتطور.. والنهضة.. وايضا بناء الانسان السعودي الجديد.

ونتوقف عند الفنان ناصر القصبي.. في أكثر من موقع.. ونرصد كما من الاجوبة...حيث يؤكد القصبي: طاش ما طاش 16 افكار وطروحات اكثر مواجهة مع الواقع، فنحن امام 30 حلقة كما في الاجزاء السابقة، وسنناقش في كل حلقة قضية من القضايا والموضوعات الاجتماعية في اطار كوميدي - وتراجيدي.

وعن مواقع التصوير يقول القصبي: صورنا في عدد من المناطق، في انحاء الرياض وخارجها وايضا في المملكة الاردنية الهاشمية، خصوصا بعد ان ارتفعت درجات الحرارة بشكل لم نعد امامه قادرين على التصوير في الاماكن المفتوحة بالذات.

وحول ردة الفعل تجاه بعض الحلقات قال الفنان ناصر القصبي: منذ الكتابة الاولى لافكار عدد من الحلقات، وعبر تطوير تلك الافكار من خلال ورشة العمل او الكتابة المنفردة، فانني استطيع ان اقول ان ردة الفعل حول حلقة «تطوير التعليم» كانت متوقعة ومنطقية بالذات، من الجهات التي يتوجه اليها العمل بالنقد، ولكن على المستويين الرسمي والشعبي، فاننا والحمد لله، نحصد كل معطيات ومفردات النجاح والدعم والرعاية.

ويستطرد: وفيما يخص العمل تحت نظام ورشة الكتاب، فان مثل هذا النهج، باتت تتحرك عليه كبريات الاستديوهات وشركات الانتاج العالمية والدولية، وهو امر يتيح لنا الحوار في اطار ثقافي وفني واعلامي، من اجل بلورة الكثير من المضامين الفكرية وتجاوز الرؤيا الاحادية. الى الطرح الشمولي والموضوعي. واعتقد ان ورشة الكتاب هي وسيلتنا لتطوير الافكار والموضوعات وطبخها على «نار هادئة».

ويكمل الفنان ناصر القصبي: «طاش ما طاش» تحليل امين لقضايا المجتمع السعودي، وتأكيد لانتمائنا لهذه الارض الطيبة المباركة، ولهذا فاننا نبذل قصار

قصار جهدنا لأن نكون بمستوى الثقة، والأمانة الملقاة على اعناقنا، في تقديم فن حقيقي، يليق باسم المملكة والفنان والانسان السعودي الذي تجاوزت اليوم انجازاته أبعاداً كثيرة، على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وأكرر نحن نتحرك في فضاء الحرية الخصب في المملكة، حتى وان كانت هنالك بعض وجهات النظر المختلفة، التي نحترمها ونقدرها، ونعتبرها جزءاً أساسياً من موزاييك المجتمع السعودي الكبير.

وفي المحطة الأخيرة...

يبقى ان نقول..

ان المسلسل السعودي «طاش ما طاش 16»، يمثل خطوة، جداً، متقدمة، في التعامل مع قضايا المجتمع السعودي والخليجي، وعبر أداء رشيق محبب من الثنائي ناصر القصبي وعبدالله السدحان.







[[ المصدر ]]

http://www.annaharkw.com/annahar/Article.aspx?id=164624