[NaWaRa]

كانت الكويت مركزا تنويريا للمنطقة في مجالي الفن والثقافة وقد لا يختلف اثنان بالريادة التي تمتعت بها الكويت في تقديم المسرحيات والدراما التلفزيونية، وكانت ومازالت يطلق عليها هوليوود الخليج نظرا الى زخم الانتاج وان كانت افرازاته أقوى وأفضل في ما مضى.. وتحديدا فترة السبعينات والثمانينات اذ كان تلفزيون الكويت في أوج نشاطه بانتاج عدد غزير من الأعمال الدرامية الجيدة، وعبر زاويتنا نسلط الضوء على أحد تلك الأعمال الدرامية التي حققت نجاحا ملموسا.

يعتبر مسلسل «درس خصوصي» من الأعمال الكوميدية الكلاسيكية في الدراما المحلية نظرا الى النجاح الجماهيري الذي كان ولا يزال يحققه عند عرضه في أي محطة من القنوات الفضائية، تم تصوير العمل في فبراير عام 81 ولن نتحدث عن فكرة أو أحداث العمل الذي يعلمها الجميع من خلال متابعتهم المستمرة للعمل، ولكن سنذكر لك عزيزي القارئ حدثا تفصيليا وقع بعد الانتهاء من تصوير العمل وكاد يؤدي إلى وئد العمل قبل ان يظهر إلى حيز الوجود، ولولا اخلاص وتفاني الفنانين والمسؤولين وعلى رأسهم مدير قسم التمثيليات آنذاك سالم الفهد في التصدي للمشكلة العويصة التي تعرض لها العمل لكان العمل الآن في طي النسيان وهذه المشكلة تتعلق بالشريط رقم 724!

تبدأ الحكاية عندما بدأ حسين الصالح مخرج العمل باخراج عملية المونتاج فتفاجأ بان بعض المشاهد في الحلقات 6 - 7 - 8 ممسوحة بالكامل وتم تسجيل رسالة السعودية التي تبث على الهواء يوم 16/ابريل/81 واستقبلها تلفزيون الكويت، والحكايا التي ضربت الرقم القياسي في الاهمال هو ان مسؤول المكتبة ارسل الشريط رقم 724 المسجل بتاريخ 12/مارس/81 إلى الفيديو دون ان يكلف نفسه مشقة البحث عن المواد التي بداخله، كما ان الموظف في قسم الفيديو وضع الشريط داخل الفيديو دون ان يكلف نفسه هو الآخر بان يستعرض مشاهد الشريط إلى الخلف ليرى ما بداخله من مواد تلفزيونية مسجلة، وبدأت المصيبة حين تغاضى مسؤول المكتبة وفي الفيديو عن التحقق من محتويات الشريط رقم 724 من المواد، وتم تسجيل رسالة السعودية التي تبث على الهواء واستقبلها تلفزيون الكويت!!

كان الحل الوحيد هو إعادة تصوير جميع المشاهد الممسوحة وعددها 24 مشهدا، وقرر سالم الفهد منح الفنانين أجورا اضافية عن تصوير الحلقات الجديدة ولكن المشكلة تكمن في ان الفنانين مشغولون بتصوير أعمال أخرى وعلى رأسهم سعاد عبدالله ومريم الصالح اللتان أبدتا استعدادهما التام لاعادة التصوير رافضتين تسلم أي أجور اضافية باعتبار ان الفن مهنة راقية وليست مجرد وظيفة ادارية وكانت سعاد عبدالله مشغولة بتصوير سباعية «المصير» للمنتجة عواطف البدر، وهي لا تستطيع التخلي عن شروطها مع المنتجة، وطلبت من المسؤولين في التلفزيون التفاهم مع المنتجة بشأن هذه المشكلة، وقد تفاهم المسؤولون في التلفزيون مع عواطف البدر التي كانت متشددة في التمسك بمواعيدها ونظرا الى مصلحة تلفزيون الكويت ومراعاة الوقوف بجانبه وافقت سعاد عبدالله على ان تشارك في تصوير مسلسل «المصير» من الساعة التاسعة صباحا حتى الخامسة مساء وتم تواصل تصوير اعادة المشاهد الممسوحة، كما ان سعاد طلبت من المخرج حسين الصالح اعادة بث المشاهد التي تم اجراء المونتاج فيها لكي تعيش في الجو الذي كانت فيه أثناء التصوير.

وأبدت مريم الصالح استعدادها التام لاعادة التصوير رغم انشغالها بمسلسل «دنيا الدنانير» الذي ينتجه تلفزيون الكويت ولذلك كانت مهمة التنسيق سهلة لدى المسؤولين.
وفي تصريح خاص لمجلة عالم الفن بتاريخ 81/5/31 علق عبدالحسين عبدالرضا بخصوص هذه المشكلة، انني احمّل وزارة الاعلام المسؤولية لانهم وضعوا اشخاصا في مكان حساس وهم لا يتحملون أدنى مسؤولية.. ان الفنان الكوميدي لا يستطيع ان يبدع أو يعمل إلا اذا كان مرتاحا نفسيا فكيف نعيد هذه المشاهد الكوميدية التي جاءت احداثها تلقائية نابعة من الاندماج الفكري بين المجموعة العاملة في المسلسل وان التفاهم كان سببه الابداع فهل يستطيع الانسان ان يأتي بالابداع في الاعادة؟
وبعد حل مشكلة التنسيق للفنانين تولدت مشكلة أخرى وهي اعادة بناء الديكور الذي أصبح بعض قطع اثاثه واكسسواراته من نصيب مسلسل «دنيا الدنانير» الذي جرى تصويره مباشرة بعد الانتهاء من تصوير «درس خصوصي» ولكن سالم الفهد مدير ادارة التمثيليات حاول انقاذ ما يمكن انقاذه وأصبح يجمع ما بين هذا وذاك، ثم أتى باهل الاكسسوار وهم ادرى بكل شيء وحاول الجميع اعادة بناء الديكور مرة أخرى دون ان يتأثر تصوير مسلسل «دنيا الدنانير».

تمت الاعادة في 81/6/16 واستغرق التصوير 4 أيام متتالية.
وعرض العمل في رمضان 81 كما هو مخطط له.
العمل من تأليف نبيل غلام، اعداد عبدالحسين عبدالرضا، اخراج حسين الصالح، بطولة: عبدالحسين عبدالرضا، سعاد عبدالله، مريم الصالح، حياة الفهد، إبراهيم الصلال، محمد جابر، ماجد سلطان، محمد حسن، أمينة القفاص، داود حسين، حسن عبدالرسول.