10-09-2009, 04:09 PM
|
#1 (permalink)
|
عضو شرف
العــضوية: 3807 تاريخ التسجيل: 01/07/2009 الدولة: الكويت
المشاركات: 4,963
| براندو طلب أكثر من ثلاثة ملايين دولار مقابل «سوبر مان» (2 - 3)
نجم وفيلم ( 20 )
التمثيل قبل مارلون براندو ليس كالتمثيل بعده! قبل هذا الرجل كان هناك ممثلون عظام أمثال: فريدك مارش، سبنسر تراسي، بينغ كروسبي، هنري فوندا، وغريغوري بيك. وبعده جاء ممثلون عظام أمثال: جاك نيكلسون، آل باتشينو، وروبرت دي نيرو. لكن ليس هناك سوى مارلون براندو واحد هو «الأعظم» في رأي الكثيرين من عشاق السينما تماماً مثلما السير لورانس أوليفييه هو أعظم ممثل مسرحي.
خلال الثلاثين عاماً الأخيرة من حياته، قلت جداً مشاركات مارلون براندو في السينما، بل إنه اعتزل فعلياً قرابة تسع سنوات، قبل أن يعود في أدوار بسيطة وشرفية لعل أهمها فيلم «القيامة الآن» عام 1979الذي يحتل المرتبة ال 37 في قائمة أفضل 250 فيلم عالمي ويعتبر من أعظم الأفلام الحربية، وكان أيضاً مع كوبولا وقيل إنه لم يوافق على الدور الذي لا يستغرق دقائق إلا بعد أن وافق كوبولا على دفع مليون دولار له مقابل الظهور في دور الكولونيل الغامض كورتز ورغم أنه لم يخفض وزنه ولم يحفظ نصه، ما اضطر كوبولا إلى تصويره في مشاهد مظلمة وبحوارات ارتجالية.
ومن الواضح أنه كان يضع شروطاً صعبة أو تعجيزية، ربما لحاجته إلى المال، أو هرباً من العودة إلى الكاميرا. فمثلاً في فيلم Superman مع جين هاكمان وكريستوفر ريف لم يوافق براندو على العمل إلا بعد أن تركوا له حرية التصرف في النص والحوارات والحصول على ثلاثة ملايين ونصف المليون دولار، وهو مبلغ كبير آنذاك (1978) خصوصاً أن مشاهده لمدة أسبوعين فقط. وبعد أن وافق على المشاركة في الجزء الثاني اختلف مع المخرج والمنتج ورفض التصوير. وفي العام 1980 أعلن الاعتزال ثم تراجع عنه عام 1989 وقدم فيلم «موسم أبيض جاف» الذي نال عنه الترشيح الثامن والأخير للأوسكار لكن هذه المرة كممثل دور ثان. وفي الخمسة عشر عاماً الأخيرة من حياته لم يقدم سوى أربعة أفلام آخرها the Score عام 2001 مع روبرت دي نيرو وإدوارد نورتن. بعدها قام بالتسجيل الصوتي للعبة «الأب الروحي» التي صدرت عام 2006 بعد عامين من وفاته.
إن السؤال الذي سيظل يطارد النقاد إلى الأبد: من أين أتى مارلون براندو بكل تلك العبقرية في الأداء؟ ولن تكون ثمة إجابة واحدة حاسمة. أتصور أن السر يكمن في أنه «جوكر» حقيقي قادر على أداء أي دور، ويحمل في جيناته خلطة سحرية نادراً ما تجتمع في شخصية ممثل واحد. فهو يملك الوسامة التي كانت شرطاً أساسياً في نجوم ذلك الزمان، وربما في معظم النجوم حتى يومنا هذا، بوجهه ذي الملامح الرومانسية الوادعة.
كما يملك القوة والعضلات والرشاقة الجسدية وهي أمور تثير إعجاب الكثيرين، في الوقت نفسه يتمتع برصيد من الثقافة الرفيعة اكتسبها بقراءة أعظم الروايات والمسرحيات خصوصاً أنه مثل العديد منها في بداياته.
العنصر الثالث المهم، هو حرصه على دراسة فن التمثيل دراسة منهجية في استديو الممثل ولم يكتف فقط بموهبته الجارفة. رابعا:ً روحه المتمردة وهي روح كانت سائدة آنذاك بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها ونجدها مثلاً لدى مجايله جيمس دين. تلك الروح كانت وراء فشله في إكمال دراسته وترحاله بين أكثر من عمل وأكثر من مدينة. وهنا نأتي إلى العنصر الخامس في تشكيل موهبته ونعني الخبرات الكثيرة التي تحصل عليها في سن صغيرة نسبياً.
أما العنصر السادس والأهم فهو طبيعة أدائه، الذي ابتعد عن المبالغة المسرحية واستعراض القوة، فهو أداء صادق ينبع من إحساس عميق يلم بكل مفردات وأبعاد الشخصية، إنه يتحول إلى كائن شفاف تتجلى فيه الشخصية الشخصية التي يتقمصها.
إن براندو الإنسان والفنان، قلق وعصبي بطبعه، جامح ومتمرد، يصعب ترويضه أو السيطرة عليه، وتقلبات أحواله في الحياة تعادل التنوع الكبير في أدواره. وعلى عكس كل النجوم لا يوجد لديه مُسلمات مسبقة تجاه اللياقة والذوق والنفاق الاجتماعي، وفي ذات الوقت كان ناقداً قاسياً لنفسه.
بسبب روح التمرد التي صاحبته إنساناً وفناناً، كثرت طلباته المستفزة لشركات الإنتاج واعتذارته عن الأعمال، ما أدى إلى خلافات كثيرة أشهرها مع شركة «بارامونت» حيث كان من المفترض أن يظهر في مشهد واحد من الجزء الثاني من «الأب الروحي» لكنه لم يفعل.
لذلك عندما سئل عن سر ابتعاده عن السينما بل واعتزاله الفن لفترة طويلة وقلة ظهوره في وسائل الإعلام قال:»الناس تسألني عن هذا دائماً.. ماذا تفعل بالباقي من وقتك بعيداً عن الكاميرات؟ كأن وقتي الذي أقضيه بعيداً عن الشاشة هو مجرد وقت مستقطع، لكن الحقيقة أن الوقت الذي قضيته في الأفلام هو الوقت المستقطع لأن الوقت الذي قضيته بعيداً عن الأفلام هو كل حياتي.. هو الوقت الذي عاشه مارلون براندو الحقيقي. أنا لست ممثلاً وبقيت بعيداً عن التمثيل لسنين طويلة. أنا مجرد إنسان مثل بقية البشر قضى بعض وقته في التمثيل».
تلك النقطة الشائكة ليست مجرد تواضع فنان عظيم، بل مأساة إنسان يذوب ذوباناً في أدواه لدرجة أنه يخشى أن ينسى شخصيته الحقيقية وأن يختلط في وجدانه الواقع بالخيال السينمائي.
على الصعيد السياسي اشتهر براندو بمواقفه الصلبة ضد العنصرية، ففي الستّينيات من القرن الماضي ساهم في حملة لإنهاء التمييز العنصري والظلم الاجتماعي بالاشتراك مع حركة الحقوق المدنية. كما كان معارضاً شرساً لحرب فيتنام، ولما تمارسه السينما الأميركية من هجوم وتمييز ضد الهنود الحمر، والأفارقة السود إلى درجة رفضه تسلم جائزة الأوسكار اعتراضاً على التمييز العنصري. كما شن هجوماً عنيفاً ومتواصلاً على السيطرة اليهودية على صناعة السينما الأميركية، مقابل تعاطفه الشديد مع ما يتعرض له الفلسطينيين من ظلم. لهذا لا يستبعد الكثيرون وجود أصابع يهودية وراء تحطيم أسطورة هذا الفنان الكبير الذي لم يرضخ يوماً لشروط هوليوود بل فرض عليها شروطه.
ولعل تلك الأزمة بلغت ذروتها حين حاوره لاري كينغ في برنامجه الشهير فصرح بأن «اليهود يحكمون أميركا بل إنهم يملكونها فعلاً» ما جعله عرضة لحملة عنيفة تتهمه بأنه عنصري ومعاد للسامية!
أما آخر مشاريعه السينمائية والتي لم تبصر النور فكان فيلم بعنوان «براندو وبراندو» من إخراج التونسي رضا الباهي الذي التقاه بالفعل واتفقا على الخطوط العريضة للعمل، والذي يتناول قصة شاب تونسي يحب السينما ويعشق مارلون براندو بجنون ويخطط للذهاب إلى هوليوود ولقاء مثله الأعلى لكنه يصدم حين يلتقي براندو في النهاية لأنه بدلاً من أن يشجعه يطلب منه بكل بساطة أن يعود إلى وطنه ويحاول النجاح هناك لأن هوليوود لا تصنع عمرو الشريف آخر!
من الواضح أن مارلون وجد في هذا المشروع فرصة لتأكيد تعاطفه مع العرب وقضيتهم الأولى، والتعبير عن نفوره المعلن من هوليوود، وأيضاُ تكريس أسطورته بطريقة أو بأخرى لكن وفاته دفنت المشروع على الأرجح. http://www.annaharkw.com/annahar/Article.aspx?id=165424
|
| |