[الفنون]

فنان عملاق بدأ خطواته من البداية، وضع قدميه على سلم المجد والشهرة، ورويدا رويدا ارتقى درجاته حتى وصل الى القمة، ولكن على الرغم من مسيرة فنية حافلة تمتد الى اكثر من ثلاثين سنة، فقد ضل التكريم طريقه اليه محليا في بلاده، أو اقليميا على مستوى الخليج، حتى عربيا، فهل تصدق ان ذلك الفنان القدير على الساحتين الخليجية والعربية لم يكرم سوى مرة واحدة في مهرجان الشباب المسرحي القطري.. انه المتميز القدير الفنان عبدالعزيز جاسم.

وجاء فوز المسلسل المميز الذي شارك فيه «قلوب للإيجار» بجائزة افضل عمل درامي خليجي في استفتاء «فنون» الرمضاني ليثلج صدره، ويضيف الى رصيده الثري من الاعمال الفنية المميزة طوال مسيرته.

«الوطن» طارت اليه في بلاده قطر لتجري معه حوارا ثريا شاملا، تستشرف فيه مشاعره عقب فوز المسلسل، وآراءه في مختلف القضايا الفنية على الساحة الخليجية والعربية، وتفاصيل اخرى كثيرة، باح بها في شفافية وصراحة دون مواربة أو تمنع.. فجاء «مليحا» يشتهيه القارئ.

جاسم ثمن في بداية الحوار الاعمال الخليجية في رمضان، مؤكدا ن الدراما الخليجية في تطور مستمر حتى وصلت الى منافسة نظيرتها العريقة المصرية والسورية، وباتت على وشك انطلاقة عربية واسعة في مقابل تراجع ملحوظ للدراما المصرية والسورية بسبب غلبة الكم على الكيف، وسيطرة «البزنس» على جودة الاعمال المنتجة.

وعزا جاسم فوز عمله الثمين «قلوب للايجار» بالجائزة التي وصفها بـ «الغالية» الى فكرته المبتكرة غير المألوفة على ساحة التأليف، واحترافية تصوير المشاهد في اجواء متعبة وفترة زمنية قليلة للغاية بلغت شهرين فقط، فضلا عن الاداء التمثيلي الراقي من الفنانين المشاركين وفريق العمليات بأكمله من اضاءة ومونتاج.. وخلافه.

ووصف جاسم الكويت بأنها «منبع للمواهب الواعدة» بما تملكه من امكانات فائقة يأتي على رأسها صرح فني سابق هو معهد الفنون المسرحية، الذي اعتبره «حضانة» لطاقة هائلة من الفنانين الشباب اصحاب الموهبة الذين يتوقع لهم ان يرسموا مستقبلا اكثر تميزا للدراما الكويتية.

وتحسر جاسم على مسرح الطفل الحالي، مشيرا الى انه فقد مكانته البارزة التي احتلها على مدار العقود الماضية، بعد ظهور الانترنت والالعاب الالكترونية التي اغنت الطفل عن المسرح، فأصبح الكل ينتج اعمالا لا تناسب عقلية الطفل، ولا تخرج عن نطاق عمل تجاري بلا قيمة أو هدف، ولا هم له سوى الربح المادي.

واشاد جاسم - خلال الحوار الممتع - بالمشاركة الخليجية في السينما المصرية، مثمنا تجربة الفنان الكويتي الكبير داود حسين في احد الافلام المصرية، مؤكدا انها جاءت ثرية وادى فيها دوره ببراعة وكان مميزا واثبت من خلاله قيمة الفنانين الخليجيين على مستوى الدراما العربية، وانهم لا يقلون بأي حال من الاحوال عن نظرائهم من الدول العربية العريقة فنيا، واصفا التجربة بـ «الجيدة» لكنه اخذ على شركة انتاج الفيلم اغفال المكانة المناسبة لحسين في دعاية الفيلم.

واكد جاسم ان مبدأه الاساسي طوال مسيرته الطويلة هو «المصداقية» كاشفا عن اعتذاره عن ادائه دور «الصعيدي المصري الذي يتكلم اللهجة الخليجية لاقامته سنين في الخليج في مسلسل مصري ذي سيناريو مميز عرض عليه هو «مصري عايش بالخليج»، وذلك بسبب عدم اتقانه اداء تفصيلات الشخصية الصعيدية مثل اصحاب البلد.

وعن امتلاء السماء العربية بفضائيات من كل حدب وصوب على كل لون وشكل، واثر ذلك في المشاهد والفنان، شدد جاسم على ان هذا الكم الهائل من الفضائيات يعود سلبيا على المشاهد، اذ يتسبب في تشتته، لكن في الوقت نفسه يرجع بالفائدة على الفنان والعمل وشركة الانتاج، فبالنسبة للفنان يساعد على انتشاره وتلميعه، فيما يمثل دعاية هائلة للعمل تدخله حلبة المنافسة.. وفي السطور التالية نتابع معا باقي التفاصيل:

* في البداية ما جديدك على الساحة الفنية؟

- حاليا يوجد اكثر من مسلسل درامي تحت البحث ابرزها عودتي مع الفنان غانم السليطي كثنائي بعد انقطاع عشرين سنة في مسلسل (تصانيف) وهو تأليف غانم السليطي والعمل حتى الآن يعتبر فكرة مشروع فنحن في مرحلة قراءة النص والاتفاق، وهناك نص للكاتبة وداد الكواري اسمه (الفرصة الثانية) وفكرة المسلسل جديدة ومجنونة نود ان نخرج بها من الروتين التقليدي، والعمل خليجي اجتماعي، وهناك نص آخر للكاتب الاماراتي جمال سالم، ومن المشاريع الجديدة التي عرضت عليَّ نص للكاتب حمد بدر لشهر رمضان المقبل مع باسم عبد الأمير.



مواهب واعدة



* هل هناك فنانون من الكويت سيشاركونك في اعمالك؟

- طبعا من دون شك ستكون هناك مشاركة مع الممثلين الكويتيين فنحن لا نستغني عنهم، لأن الكويت بها كم كبير من المواهب الواعدة.



كوفي شوب



- اغلب الناس يقولون ان انقطاع الفنانين عن بعضهم البعض يرجع في الغالب الى وجود خلاف، فهل كان هناك خلاف بينك والفنان غانم السليطي سبب هذا الانقطاع؟

- لا أبدا لا يوجد أي خلاف ولله الحمد وعسى الله يحفظنا وتدوم بيننا المحبة والتعاون وقبل يومين كنت انا مع أخي غانم جالسين في (كوفي شوب).



تجربة قطرية



* كيف ترى الدراما القطرية في رمضان هذه السنة؟

- قطر لم تقدم سوى عملين (قلوب للايجار) و(الى متى) والحمدلله مسلسل «قلوب للايجار» تسوق بشكل جيد بحيث انه عرض على ثلاث محطات وكانت نسبة مشاهدته عالية والدليل انه فاز باستفتاء «الوطن» كأفضل عمل خليجي، والعمل الثاني ظلم لأنه عرض في محطة واحدة وهي قطر لذلك لم يكن بمستوى الطموح ولكن التجربة كانت جيدة.



تطور خليجي



* ما رأيك في الدراما الخليجية بشكل كامل؟

- انا مع كل عمل فيه جهد، والدراما الخليجية اراها في تطور والدليل على ذلك ان اكبر نسبة مشاهدة في الوطن العربي هي للاعمال الخليجية، سواء الاعمال الدرامية أو التراجيدية أو الكوميدية ومن ابرز الاعمال مسلسل (أم البنات) حيث انه حصد نسبة مشاهدة عربية عالية وحقق نجاحا وهذا يفرحنا لأن أي عمل خليجي يضيف من رصيد الفن الخليجي، (وطاش ما طاش) المستمر في نجاحه في الاعوام الماضية المتتالية، وارى ان الدراما الخليجية اصبحت منافسة بعد تطورها، وطبعا نحن كفنانين نهتم بأن يتابع المشاهد العربي الاعمال الخليجية وهذا ما حصل في رمضان حينما وصلت لنا ايميلات عديدة من المغرب العربي تمتدح اعمالنا.



دراما متكررة



* ما رأيك في الدراما العربية التي تنتجها سورية ومصر؟

- اعتقد انه يجب ان ننظر الى الكيف وليس الكم لأن الكثير من الاعمال العربية لا تشاهد هذه الايام والبعض منها اصبح قليل المشاهدة ومصر هي أم الفن وسورية أم الاخراج، ولكن اصبحت الاعمال كثيرة وكثرة الاعمال لا تفيد لأن الفنانين يكونون متكررين في اغلب المسلسلات والبرامج وبهذا ينعدم تركيز المشاهد، وطبعا الممثل لا ذنب له لأن اغلب المحطات تطلبهم للتسويق والاعلانات التجارية، ولكن في النهاية يجب ان يعي الفنان ان كثرة الاعمال ليست في مصلحته.

وانا بصراحة لا تابع الاعمال التاريخية التي تنتهجها سورية الا قليلا لأن تلك المسلسلات لها فئة معينة من الجمهور الذي يهوى التاريخ، اما بالنسبة للمسلسلات المصرية فلا اتابعها الا لبعض الكتاب أو الفنانين مثل يحيى الفخراني أو وحيد حامد اللذين استمتع بمتابعة اعمالهم، اما الاعمال الخليجية فلها نصيب اكبر للمتابعة في حياتي.



رد شاف



* ما ردود الافعال التي وصلت لك على (قلوب للايجار) حينما فاز بأفضل مسلسل خليجي؟

- ردود كثيرة اثارت جدلا كبيرا، منها المؤيد والمعارض وطبعا العمل الذي يثير الجدل يعتبر هو العمل المشاهد والذي حاز على نسبة كبيرة من المشاهدة، والحمدلله الفوز «أثلج صدري» كثير من الاقلام كتبت عن المسلسل، وهذا دليل على ان العمل يعتبر جيدا، فضلا عن فكرته المبتكرة التي ظهرت في احداث المسلسل من سكن العائلة في الخيام من دون بيوت ولا ايجارات ومستوى المعيشة ضيق، وطبعا المبالغة مطلوبة في الدراما ولولاها لما تابع الناس اغلب المسلسلات.

وللاسف الكثير من الناس لا يعرفون هذه النقطة، والحمدلله حينما فاز العمل بالمركز الاول كان ردا شافيا على المشككين لهذا العمل، وهو نجاح كبير بالنسبة لنا، فلقد انجزنا التصوير في ستين يوما فقط متواصلة عدا فواصل قليلة نستريح فيها، والمونتاج كان بشكل فوري وفضلا عن امور كثيرة ارهقتنا منها درجة الحرارة.



مصداقية



* هل فكرت في أن تشارك في عمل غير خليجي مثل المسلسلات المصرية أو السورية؟

- عرض عليَّ مسلسل اسمه (مصري عايش في الخليج) وكنت قد استعددت لتصويره بمصر وبعد ان قرأت السيناريو وكان جميلا، لكنني لم أستطع ان أؤدي الدور المنوط بي لأن الدور كان يجسد شخصية الرجل الصعيدي الذي يتكلم اللهجة الخليجية بسبب اقامته مدة طويلة في الخليج فاعتذرت عن العمل لعدم اجادتي لتلك الشخصية مثل اصحاب البلد، فلا بد ان تكون هناك مصداقية.



عمل تجاري



* الفنان عبدالعزيز جاسم كان له نصيب كبير في المشاركة بمسرح الطفل.. فهل نستطيع ان نقول انك تركت مسرح الطفل؟

- ما عاد يوجد لدينا مسرح طفل يذكر وهذا السبب الذي جعلني أترك مسرح الطفل، وللاسف اصبح الكل ينتج ويعمل ويكذب على عقل الطفل بعمل تجاري واضح ليكسب المال دون ان يقدم قيمة فنية من خلال موضوع ذي قيمة يستفيد منه الطفل، على الرغم من ان في الماضي كانت الاعمال كثيرة وتذكر، غير ان طفل اليوم ليس كطفل الامس الذي كان لا يوجد لديه سوى المسرح، والآن الاماكن الترفيهية اصبحت كثيرة والتقنية والانترنت والالعاب الالكترونية اغنت الطفل عن المسرح، واذا لم يجذب الطفل بعمل جديد فيه ابهار فلن يأتيك الطفل، ويوجد الآن اسماء معروفة على الشاشة تقدم اعمالا للطفل وتخسر للاسف، وانا اخاطب الجميع واقول (انسوا مسرح الطفل) لأنه انتهى واصبح له موسم معتاد وهو فقط «ايام العيد»!

* متى كانت اول مشاركة لك مع تلفزيون الكويت؟

- (جرح الزمن) في عام 2001.



لكل مجاله



* نرى بعض المنتجين والمخرجين وبعض المصورين والمغنيين والمذيعين يخوضون تجربة التمثيل، فما رأيك*

- الفن موهبة قبل ان يكون مصدر رزق، والمغني أو المطرب أو المصور أو المنتج ما دام لا توجد لديه موهبة تمثيل فلا يتعب نفسه ويحاول ان يمثل لأنه لن يؤدي بشكل جيد يرضى عنه ويرضي الآخرين، وبالتالي سيؤذي نفسه وتاريخه في تخصصه، يعني مثلا أنا لا أعرف أغني لا بصوتي ولا حتى بشكلي، لذا لا اصلح للطرب وبالتالي لا أفكر في الغناء نهائيا حتى في المسلسلات أو المسرحيات، وللاسف هناك بعض المنتجين يغرون المطربين بمبالغ للتمثيل والاستفادة بشهرتهم في مجالهم لكي يحصدون نسبة المشاهدة الكبيرة ونحن رأينا مثلا المغنيين مصطفى قمر وتامر حسني في افلامهما وبصراحة انا اراها غير ناجحة، الا اذا كان مطرباً يقدم دور مطرب في العمل لا اكثر من ذلك فهذا شيء آخر.

ولكن مثلا الفنانة مرام أراها ممثلة أفضل من مطربة، لأنها الآن من افضل الممثلات على الساحة ومجالها في التمثيل افضل من الطرب ونحن نحتاج لمستوى مرام التمثيلي العالي لأنها ممثلة عندها احساس وقديرة من الدرجة الاولى في ادائها، وللاسف كل عمل اطلبها به لا يوجد لي حظ معها، ومع ذلك انا مصمم على ان تكون معي في العمل المقبل لأنني رأيتها في الكثير من الاعمال واعجبني نجاحها الباهر.



مرة واحدة



* ما آخر تكريم حصلت عليه؟

- تصدق انا فنان ولي مسيرة فنية تمتد الى ثلاثين سنة لم أكرم الا مرة واحدة في مهرجان الشباب المسرحي في قطر من خلال الهيئة العامة للشباب والرياضة، وكان تكريما كبيرا بالنسبة لي، وللاسف حتى من خلال المهرجانات التي اقيمت في قطر والتي كرم فيها الرواد لم يذكر فيها اسمي وهناك فنانون كثر ظهروا بعدي كرموا في مهرجانات بالقاهرة وسورية وتونس وانا لم أتلق دعوة تكريم واحدة، بصراحة انا مضهوم حقي في التكريم.



أرزاق



* هل عرض عليك مسلسل واعتذرت منه ومن ثم ندمت على اعتذارك منه؟

- نعم مسلسل (الفرية) الذي كان من المسلسلات الجميلة، وكنت سأؤدي دور الفنان صلاح الملا الذي كان لي بالاساس، لكنني اعتذرت عنه لظروف صحية، وانا شخصيا الذي اوصلت النص الى اخي الفنان صلاح حينما طلبت مني الفنانة القديرة حياة الفهد، ولولا ظروفي الصحية لما اعتذرت عن هذا العمل، وحينما عرض هذا العمل في الشاشات ندمت وتضايقت لأنني لم اخذ هذا الدور، ولكن في النهاية صلاح حبيبي واخي وهذه ارزاق وصلاح فنان يستاهل كل خير وقد أدى الدور باقتدار وافرحني، وانا اوجه له تحية (بو عبدالله) من خلال هذا اللقاء.



فنان لا يعوض



* كانت لك مشاركة في احد المسرحيات مع الفنان الراحل خالد النفيسي، فهل لك ان تذكر لنا كيف كان التعامل مع بو صالح وكيف عرض عليك العمل؟

- الله يرحمه في البداية، المسرحية كان اسمها (وزير الناس) من تأليفي ومعي كاتب اسمه عبدالمنعم عيسى، كنت أجسد خلالها دور الوزير وكان لعبدالناصر درويش الدور الثاني، بعدها ارتبط الفنان عبدالناصر، ثم قلبت الادوار وسافرت الى الكويت واتصلت على بوصالح وعرضت عليه الفكرة، فقال لي اين انت؟ فقلت له في فندق الشيراتون فقال انا آت فلما قرأت عليه المسرحية كلها قال لي انا معك واتى معي الى قطر قبل العيد بأسبوع وعملنا البروفات وقدمنا العمل والحمدلله نجحت المسرحية نجاحا باهرا لدرجة انه حضر للمسرحية سمو الأمير حمد آل ثاني وطبعا بوصالح غني عن التعريف والايام التي عشتها معه كانت من اجمل الايام، فهو كريم وملتزم واخلاقه راقية ومحبوب والنفيسي يعتبر من الفنانين الذين لا يعوضون، ولا انسى ان اذكر ان جميع الفنانين الذي شاركت معهم كانت لهم معزّة في قلبي، منهم سعد الفرج في مسرحية (الزلزال) (والبترول يا حكومة) وبوعدنان في (التنديل) والفنانة حياة في عملين أو ثلاثة.



لست مخرجاً



* هل فكرت في الاخراج؟

- لا لأنني لست مخرجا وليست مهنتي ولا يوجد لي ميول للاخراج ولكن لا يمنع ان اشارك المخرج بابداء الرأي؟



وجود في «الوطن»



* نشكرك يا بوسعود على هذا اللقاء وعساك على القوة وقبل الختام نريد منك كلمة اخيرة..

- أشكر جريدة «الوطن» على هذا الحوار الثري، وحرصهم على الوصول اليَّ في قطر وأتمنى ان يحوز كل ما اقدمه اعجاب الجمهور.

وقبل الختام اقترح على قناة «الوطن» ان تشتري مسلسلاتنا، فقناة مهمة مثل «الوطن» لا بد ان يكون لنا فيها نصيب من المشاركة وعلى العموم نحن نحترم سياسة الآخرين في الاعتماد على المسلسلات المحلية.








[[ المصدر ]]

http://www.alwatan.com.kw/Default.as...icle_id=557052