[نايف الزهراني]

عن أسماء بنت أبي بكر t قالت : جاءت امرأة إلى النبي e فقالت يا رسول الله إن لي ابنة عُرَيِّسًا أصابتها حصبة فتمرق شعرها أفأصله ، فقال ( لعن الله الواصلة والمستوصلة )
رواه مسلم ــ كتاب اللباس والزينة ــ رقم 3961
إن الذي يتأمل مبادئ هذا الدين العظيم ثم يعود إلى واقع حياتنا اليوم يدرك مقدار ما فقدنا وحرمنا ببعدنا عن هذا المنهج الذي أوفى ما يوصف به أنه منهج الطهر والصدق والنقاء ، والحديث الذي بين أيدينا لينطق على صحة ذلك … إنها أم لفتاة جاءت تطلب الفتوى عن صحة فعلها إن هي وصلت شعر ابنتها التي بلغت مبلغ الفتيات وتقدم لها المريدون للزواج بعد أن مرقته (أسقطته) الحمى وأتلفته ، فيجيبها e بعدم جواز ذلك ، وإن كان للفتاة هنا بعض العذر …. فنحن أمام فتاة لا تسعى لزيادة الحسن والفتنة أو رجحان كفة جمالها في أعين الخطاب ، ولكنها تسعى لمجرد ستر عيب خلفه مرض لا حول ولا قوة لها به ، ومع ذلك يرفض الرسول e ذلك ولا يبيحه ، والمتأمل في حكم الرسول e يرى بوضوح صدق المنهج الذي أراد الله عز وجل أن يكون عليه عباده ، فهو منهج رباني طاهر يرفض الخديعة والغش بكل صوره وأشكاله ، ولو تصورنا أن الرسول e أباح لهذه الأم أن توصل شعر ابنتها وتزوجها رجل وهو لا يعرف هذا العيب ، فهو بالطبع لن يكتشف ذلك إلا بعد الزواج ، فأي أثر سيء يمكن أن يتركه ذلك على حياتهما ، فالحكم هنا إذن يخلو من أي قسوة على تلك الفتاة ، وإنما هو على العكس رحمة بها قبل أي شيء إذ أنه يكفيها مغبة الدخول في علاقة زوجية غير موفقة ، بل إنها قد لا تدوم بعد أن يدرك الزوج أنه خُدع حين أخفت عنه الزوجة هذا العيب ، في حين أنها عندما تصارح كل من يتقدم لها بأي عيب جسدي أو مرض دائم ، ويقبل الزواج على ذلك تكون الزوجة في أمنة وطمأنينة ، ويشعر الزوج بصدقها ونقاء سريرتها ، والأمر هنا ليس خاصا بتلك الفتاة بل هو أمر واجب على كل فتاة
لقد جاء الإسلام بريح طاهرة نقية غيرت كل المفاهيم والمعتقدات ودخلت إلى أخص خصوصيات المؤمن فقلبتها رأسا على عقب ، فقد نأى بالعلاقة بين الرجل والمرأة أن تكون مجرد علاقة جسد بجسد ، فأصبحت علاقة روح بروح ، وأصبح الرجل يُزوج ببضعة آيات يحفظها من كتاب الله تعالى ، وأصبح يفضل عبدة حبشية مؤمنة تقية على شريفة جميلة غير مؤمنة … وهذا هو الرجل الذي يريده الرسول e لتلك الفتاة المؤمنة ، إنه يريد لها رجلا يطلب الروح الطاهرة ويسعى وراء التقى والإيمان ، وليس رجلا يطلب الجسد الفتان والشعر المسترسل الجميل ، لأنه حري بأن يتركها ويسعى لاهثا وراء من تفوقها فتنة وحسنا وجمالا
إنني كلما قرأت هذا الحديث تعجبت ، وانحدر في نفسي تساؤل وعجب ، فأين هذه الأم المؤمنة والفتاة الطاهرة مما عليه بعض فتياتنا ونسائنا اليوم من تبرج وسفور واستهانة بالحجاب الشرعي ومتطلباته ، وإنه لفرق والله شاسع وعميق ، والأخبث من ذلك أن هناك من يحاولن المكر على الله عز وجل والتحايل بلبس الشعر المستعار ( الباروكة ) مدعيات أنها حجاب لأنها تستر شعرهن الحقيقي ، وتتغافل هذه المتحايلة عن أنها بهذا الفعل ترتكب إثما مركبا ، فهي تأثم بتبرجها وإظهار زينتها ، وتأثم مرة أخرى لأن هذا يعد نوعا من أنواع الوصل المنهي عنه في الحديث ، وإنه والله تعالى مما ينطبق عليه قول القائل إن شر البلية ما يضحك
إن الله عز وجل أباح التزين للمرأة بكل صوره وأشكاله ، على أن لا يكون بأمور محرمة ومغيرة لخلق الله عز وجل ، وأن تكون الزينة للزوج فقط دون غيره
والأمر هنا منوط بك فإن طلبت رضى الله عز وجل فقد عرفت الطريق ، وإن طلبت رضى العبد فاعلمي أنك لن تملئ عين رجلك بزينة محرمة ، لأن من يرضى لامرأته ذلك يكون من الخبث بحيث لا تملئ عينه امرأة مهما بلغ حسنها ، وكوني على ثقة أن فوق كل جميلة جميلة ، وفوق كل حسن حسن ، فإن طلبت رضى الله تعالى فهو القدير أن يقر عين زوجك بك ، ويعف قلبه عن طلب غيرك
( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ) الطلاق2

النامصه /النامصه لاحاجبها-

أُختاه : هذه كلمات يسيرة من مشفق ، فأرجو أن تقبليها...
أُختاه : إن بعض الأخوات قد تتساهل في أمر تظنه يسير و تتهاون به ، وهي لا تدري أنها قد تعرضت بفعلها لهذا الأمر إلى سخط الله و لعنه ، وهي التي تطمع في الجنة و النجاة من النار ، و اللعن يا أُختاه هو الطرد و الإبعاد عن رحمة الله ...
ولا أظن أن عاقلةً ترضى أن تُصبح ملعونة ، وتُمسي ملعونة ، وقد تلقى الله و هي ملعونة.. كيف لا؟ وهذا أمر إنما هو طاعة الشيطان و معصية الرحمن ، وهذا هو الشيطان يُخبر الله عنه بقوله{ ولأمرنهم فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ } (النساء: من الآية119) و خلق الله هي الفطرة التي خلق الله عليها الإنسان .
و الله أخبر أنه خلق الإنسان في أحسن صورة و هيئة { لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} (التين:4) فلماذا تسعى البعض إلى تغيير خلق الله ؟ و خاصة إن هذا التغيير موجبٌ للطرد من رحمة الله.

أُختاه : إن هذا التغيير هو ما يسمى بالشرع بالنمص ، وهو حف شعر الحواجب من ترقيق و تحديد و تخفيف و غير ذلك ، فهذا الفعل اليسير كما تراه البعض ، إنما هو موجب للإبعاد من رحمة الله عز وجل، ولقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( لعن الله النامصة و المتنمصة ، و الواشمة و المستوشمة ، و الواصلة و المستوصلة ، والمتفلجات للحسن ) رواه البخاري ،فهذه أمور تعرضكِ لعذاب الله و الطرد من رحمته، فاحذريها.
أُختاه : ما هي الغاية من الجمال - المزعوم- إذا كان سبباً للعن الله ؟!
أُختاه : كيف يكون جمالاً وهو تغيير لخلق الله ؟ ومن أسباب التعرض للعن الله ، وهو معصية للرحمن ، وطاعة للشيطان ، وإضاعة للمال و الوقت ، وربما الصلاة من أجل جمال زائف ..!! فاحذري أُختاه وتعقلي..
أُختاه : لا يغرنّكِ كثرة الساقطات في الجمال المزعوم ، فإن نظرةً واحدةً إلى تلكم النامصة سوف تعرفين قدر نعمة الله عليكِ ، فإنكِ صُنتي جمالكِ بحجابكِ وحيائكِ وطاعة ربكِ ، و غيركِ قد تعرضت لأسباب اللعن ... أنتِ إلتزمتي طاعة ربكِ ، وغيركِ إلتزم طاعة الشيطان.. فهل يستويان ؟!!
أُختاه : إحذري أن يفجاءك الموت و أنتِ على هذه الكبائر ، فإن الموت كما ذهب لغيركِ و تعداكِ ، سوف يتعدى غيركِ ويأتيكِ ، فبادري بالتوبة النصوح قبل حلول الموت ، واعلمي أن من تاب تاب الله عليه { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (الزمر:53)
وختاماً أُختاه : بعد هذا ، أترضين أن تكوني ملعونة..؟!!.