القيم الروحية والقيم المادية من وحي الفلسفة والحياة ..القيم الروحية والقيم المادية تحذير : لأصحاب الفكر القويم ..هذا المقال تجد فيه تناقضات كثيرة حول حقائق مثبتة. ما معنى القيم؟! من يضعها؟! ولماذا وجدت في المجتمعْ؟! ما الفكر؟! مالروح، الجسدْ، المادة، العالمْ، الوجود؟ هذه أسئلة لابدَّ أنْ تمرَّ في ذهن أيٍّ منّا.ومن هذا المنطلق نسأل مرةً ثانيةً.ما هي القيم الروحية وما هي القيم المادية؟!
إنَّ نشوء القيم الروحية أو القيم المادية.يتبعُ كنتيجةٍ منطقيةٍ لمجموعة العلاقات الاجتماعية والإنسانية،وتؤثر هذه القيم أو تلك في حياة المجتمع،قد تطول أو تقصر تبعاً لقدرة الواحدة منها في التأثير وتخديم الحياة الإنسانية،وهذه القيم حاصلة بالضرورة من خلال مجموع التطورات التي تصيب المجتمع وحركته،وتأثير التطور والتقدم الكمي والكيفي للفكر والعمل الإنساني.والمجتمع يسعى دوماً من خلال عملية التغيير وبشكل غير مقصود.إلى إزالة القيم غير الصالحة والتي لاتتمشى مع تلك المرحلة أو هذه التي يعيشها المجتمع الإنساني،فنرى مجتمعاً قدْ يُعطي الأولوية لقيمةٍ روحيةٍ ،وإنْ كان يعترف ضمناً بأنَّ القيم المادية لايستطيعُ التخلص من آثارها أو هي ضرورة من ضرورات الحياة الإنسانية،وإذا غلبَّ ذاك المجتمعْ القيم الروحية. نرى الاتجاه العام في ذاك المجتمعْ يسيرُ إلى بناء القيم المعممة،وإذا أراد أيَُّ فردٍ أن يشير إلى إيجابيات القيم غير المتعامل بها نجد أنَّ المجتمع يُعاقب ذاك الفرد بالعديد من الاتهامات، وقد تصل إلى تكفيره.خاصةً إذا كانت رؤيته النقدية تنصب حول القيم الروحية وقد رأينا ذلك في جميع مراحل المجتمع الذي عبد الآلهة قبل أن يتوصل إلى عبادة الله،وأما في الجانب السياسي الاقتصادي.فنجد حالة التكفير والعقاب والتجريم تتم من خلال اعتناق العديد من أبناء الوطن العربي.لمبادىء سياسية ومذاهب اقتصادية.تراوحت بين الشيوعية والليبرالية .
وتلك الاتجاهات التي أصابت مجتمعاتنا كانت مخاضاً نتج عن الاحتقان الذي دام أكثر من ألف عام في الشخصية العربية خاصة.والمتمثل في الاتجاه الواحد للرؤية الفكرية الروحية،والذي لاقى مناهضة الفكر العلمي والتطور الذي حصل في الحياة العلمية والواقعية والسياسية والروحية،
أما مسألة القيم المادية،فلها جذورها البعيدة والأصول المديدة .وقدمها قدم الحياة،وهي ضرورية.وقد نشأت عبر عملية العمل وهي نشاط إيجابي.إذْ أنها هي التي خلقت في الماضي التواصل الروحي بين الإنسان وأخيه الإنسان،فإذا نظرنا إلى الأسرة التي هي نواة المجتمعْ، فقد تأثرت وأثرت في النمو العقلي والمعرفي واللغوي للإنسان من خلال التأثير المادي لعملية العمل،.
وأساس القيم الروحية والمادية وجميع المذاهب الفلسفية والاقتصادية وغيرها تابعٌ لمدى تطور الفكر واللغة،وكما هو معروف أن اللغة والفكر توأمان،وقد نمت اللغة مع نمو ونشوء عناصر الحياة والعمل الإنساني.وعبر جميع جوانب تلك الحياة.وقد توصل الإنسان إلى اختراع اللغة من خلال الحاجة المادية أولاً ومن خلال وجود العمل.ثانياً،والذي انبثق كضرورة حياتية للعيش والحفاظ على مجموعة المهارات الحسية والحركية والفكرية في جوهر عملية العمل،حيث عبر عملية العمل.كان من الضروري إيجاد قاسم مشترك للتفاهم بين المتفاعلين في العملية الحياتية،حيث نشأت اللغة مع العمل.ولانريد أن نقولْ أنَّ القيم الروحية هي اللغة،وإنما اللغة هي إحدى القوى النفسية والعقلية التي تنشأ عبر عملية العمل وآلياته المختلفة.ومدى ماتنتجه عملية العمل من توفيرٍ لسد الحاجات البشرية،إنَّ العقل والنفس والعمل كنشاط وفعالية.أنتج القيم المادية والروحية،والترابط بينهما عضوي لاميكانيكي،يرجع هذا إلى أنَّ الإنسان مكون من جسد(مادة).ومن روح، ونفس، وعقل وأعصاب،وعبر نشاطه وتجاربه وعدد المثيرات الخارجية التي يتلقاها الإنسان، تتجسد القيم في سلوكه الحسي الحركي أو اللفظي أو الانفعالي أو الوجداني،ويحافظ المجتمع على ديمومته من خلال حفاظه على قيمه الروحية والمادية،عبر التواصل المعرفي الذي تقوم به التربية العامة في المجتمع.فالمجتمع لايموت وإن مات أفراده،أما إذا أردنا أن نعرف القيم الروحية:
فنقول: أنها المعين الذي لاينضب من التراث الاجتماعي والذي يفعل فعلته في خلق مناخٍ إيجابي للعلاقات الاجتماعية كافة،إنَّ اللغة والعادات والتقاليد والأنظمة والقوانين الوضعية وغيرها.أضف إلى ذلك العملية التربوية،ضرورية بالنسبة للمجتمع البشري بشكل عام ولأفراده بشكل خاص،وكل هذا المعين يؤلف قيماً روحيةً تعيش في المجتمع ومن أجله،والوظيفة التي تضطلع بها التربية الاجتماعية في إحدى غاياتها ،هي استمرار المجتمع من خلال تراثه وقيمه.و لايفوتنا ما لهذا التراث من تأثير على جوانب النشاط والفعالية الإنسانية.عبر موضوع العمل الإنساني،نرى هنا وكأنَّ من يتحكم بقوانين العمل ليس فقط الجانب المادي من القيم وإنما الجانب الروحي أيضاً،وقد أكدت مسيرة الحياة التاريخية للبشرية،بالحفاظ على القيم بنوعيها،ولو بحثنا في الأديان قبل السماوية .أي الفكر الديني والمادي في سومر وأكاد وبابل وأشور وتشريعات حمورابي وماسبقها، نجد التأكيد على تلازم القيم الروحية والمادية،والأسطورة كحالة متقدمة للنتاج الفكري الروحي والمادي عند الإنسان في الشرق .ففي بلاد مابين النهرين كان الفكر قد توصل عبر الزمن والتجربة.إلى درجةٍ من الوعي القادر على إنتاج قيم علمية في جميع الميادين.(فلك وطب وهندسة ورياضيات وفيزياء وكيمياء وقانون ولغة مكتوبة وغيرها والتي كانت نتاج وجود عقلية تجريدية ،والدالة على تمتع شعب بلاد مابين النهرين لإنتاج قيم فكرية خالدة ،ففي وثائق القانون عند حمورابي، نجد أنه حدد جميع العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية والخلقية والزراعية والتجارية.
وهذه هي ملحمة جلجامش التي ستظل نبراساً حياً على سعي الإنسان للخلود .لأنَّ إنسان تلك المنطقة شكل فكره مجموعة معضلات في العالم والوجود والعدم والكون والطبيعة والحياة والموت إنَّ جلجامش الذي استوعب فكرة الفناء(كل إنسان فانٍ عاجلاً أم آجلاً ) يريد أن يترجمها عبر بحثه الدائم على عشبة الحياة الدائمة.فجلجامش رمز لفكر متطور.يُفصح عن هوية تفكيره وقدرته على استهلاك العالم معرفياً،وهنا نرد على ماقاله السيد جاك شارون صاحب كتاب الموت في الفكر الغربي ، الذي نشره المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت(عالم المعرفة)والذي يقول أنَّ الإنسان لم يتوصل إلى فكرة الموت إلاَّ متأخراً ،لكن ملحمة جلجامش وغيرها تؤكد عكس هذا القول:حتى أننا نشاهد الأسئلة تلك المتعلقة بالعالم الماورائي الميتافيزيقي في تلك الأساطير.بحيث نستطيع القول أن الفكر الفلسفي كان أول ماكان لشعب بلاد مابين النهرين قبل أن ينتقل إلى اليونان عبر بلاد مصر،وأنَّ الأفكار الفلسفية التي تشكل سدى الأساطير البيت نهرية ولحمتها.تمهد للفكر الديني فيما بعد،وهي دليلٌ على وجود إنسان راقٍ في نظرته العلمية والفكرية والنضوج في الاستقراء والاستنتاج والتجربة،بالإضافة إلى بلاد مابين النهرين نجد في الساحل السوري (فينيقية) وبلاد مصر،واليونان والهند ،حالات تقترب مما وجد في بلاد مابين النهرين وأن كنا نؤكد على أسبقية الفكر في بلاد الرافدين عنه في تلك البلاد التي سبق ذكرها،وجاءت الأديان السماوية لتحافظ على هذا التوازي والتوازن بين القيمتين الروحية والمادية، فنجد الديانة اليهودية تؤكد ذلك من خلال النظم والتشريعات التي جاءت في العهد القديم(التثنية،ولاويين).واليهودية تؤكد قبل تأثرها بالديانات الفينيقية والكنعانية والمصرية .بأن على الإنسان أن يلتذ بحياته ويستمتع استمتاعاً مادياً بخيرات الدنيا، واستمتاعاً معنوياً بعبادة الله وذكره.خاصة أنه بالموت سينقطع عن ذكر ربه، ونجد في المسيحية رغم أنَّ الكثيرين يعتبرونها مثالية.إلاَّ أنها تؤكد على التوازي بين الجانبين(الروحي والمادي).ونجد السيد المسيح في العديد من أمثاله وأعماله يستخدم أو يُسبق الدنيوي قبل الإلهي.مثال: أعطوا مال قيصر لقيصر ومال لله لله، واستخدامهُ ثلاثة أرغفة وسمكتان من أجل إطعام الآلاف ،واستخدام الطين لشفاء عيون عمياء.وما أمثالهُ حول الرداء،من له ثوبان …اقرعوا يُفتح لكم….مثالهُ عن الذي يريد أن يبني فإنه يحسب النفقة(التكلفة)…رغم أنه قال: مملكتي ليست من هذا العالم.هنا أراد التأكيد على أن هدف مجيئه هو الخلاص.وأنه فعلاً جاء من السماء(عن طريق التجسد).ثمَّ أن المسيحية لاترفض دور المادي حيث أن تجسد السيد يسوع المسيح .أكبر دلالة على أهمية الجانب المادي حين يتلازم مع الجانب الروحي.وأما الإسلام فقد أكد على هذا التوازن أيضاً حين يقول.أعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا.وأعمل لآخرتك كأنك تموت غدا.وفي تشريعاته التي استنسخها من جميع التشريعات السماوية ،نجد التأكيد على الجانبين.أما الآن في القرن الواحد والعشرين وفي مطلعهِ.ونحن أمام تقدم هائل في جميع مناحي العلوم،نذكر بعضاً من ذاك التقدم.مثال: الاستنساخ(الحيواني والإنساني).هذا العلم الذي أدرك سر الجينات الوراثية.والذي بقدرته خلق كائن حيواني خالٍ من جميع الأمراض.وله صفات معينة.وكذلك في الجانب الإنساني.حيث ثارت ثائرة العالم حول هذا الاكتشاف والاختراع.وكننا نؤكد على أن الاستنساخ سيتطور والعلوم ستتقدم بحيث نتوقع أن يأتي منتصف هذا القرن ويكون قد حدث أن يعيش الإنسان إلى الأبد.إلاَّ إذا تعرض لحادث سيرٍ أو عداه.
أما في جانب ظاهرة الصحون الطائرة والعوالم الثانية.وأنا لايوجد لديّ أن أشك في وجودها....واكتشاف مجراتٍ وعوالم أخرى.وعن الإنسان الذي يأتي من تلك المجرات .فكل هذا غيرَّ وسيغير من القيم الروحية أولاً .وسوف يُحاول الإنسان التأقلم مع القيم الجديدة شيئاً فشيئاً…وسيكون تغير في جميع القيم.ولكن أعنف تغيير سيكون حيث المجتمع المتمسك بالقيم الروحية رغم أنه لايُطبق ولايراعي أهميتها.في ذاك المجتمع سيكون التصدع الأكبر من خلال مايقدمه التطور العلمي والتكنولوجي عن الإنسان والعالم الأخر.يبقى أن نقول: مادام الإنسان سيبقى مكوناً من جسد وروح ونفس وعقل وإرادة.وقوى إبداعية وغريزية.سيكون هناك استمرار لهاتين القيمتين.ولكن قد يختلف أستخدامهما أو لنقل فعالية القيم الروحية والقيم المادية.مثالنا على ذلك( الحب.فهل الحب اليوم هو نفسه كما كان في البيئة الصحراوية أو البيئة الريفية سابقاً ؟!.بالتأكيد نقول: كلا.). الحزن .فهل الحزن على الميت اليوم كما كان سابقاً. كلا…إذاً سيصيب جميع القيم ذاك الفتور وربما ستغيب عند أغلب الناس.حيث يتحولون إلى كائناتٍ أخرى تخلق لها قيمها التي تجدها مجديةً .فمن قال لك أن القيم التي نعيشها اليوم ليست كما عاشها من قبل الجد الثالث لنا.و لكن لابدَّ من وجود قيمٍ يعيشها الإنسان.وهو الذي يكونها من خلال متطلبات المجتمع الإنساني.
فقيمة القيم هي أن تخلق عملية فائدة يستخدمها المجتمع وتخدمهُ.وتنهض به نحو التقدم والازدهار. ولكن تلازم مفهومي القيم الروحية والمادية.سيبقى إلى الأبد لأنَّ الحياة مكونة من المادة والروح.فهذا التلازم تلازمٌ عضوي لاميكانيكي،وإذا أردنا أن نُنهي هذا البحث لقلنا لكل مجتمعٍ قيمه التي يخلقها عبر عملية حياتية قد تطول لآلاف السنين.واختلاف نسبية القيم واردٌ جداً حيث نؤكد على قول الفيلسوف الفرنسي.حين قال: الحقيقة ماقبل جبال البيرينيه.هي خطأ لما بعدها.
لـ اسحق قومي
أمريكا.نيوجرسي.لوداي
شاعر وأديب سوري مقيم في ألمانيا تعليقي على هذا المقال / كل الديانات السماوية نادت بضرورة إيجاد التوازن الروحي والمادي بل إن التوازن بين المادة و الروح فرغم اندماجه- الإنسان - في عالم المال والمشروعات الاقتصادية لن يؤثر على جانبه الروحي بل يزده ويزيد نتاجه في عالم المادة ... ولكن ماذا لو سلك الإنسان الطريق الصحيح في ذلك وهو الإسلام التوازن هنا مختلف في سائر أمره ستتحقق له سعادة الدارين الدنيا والآخرة... __________________ لم يكتشف الطغاة بعد سلاسل تكبل العقول... اللورد توماس
|