أحبــتي فـي اللــّـه كم هي المسافة بعيدة بيننا وبين السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين .. ؟
كم هو البون شاسعاً بيننا وبينهم ... ؟ كم هو الفارق كبيراً بين أعمالنا وأعمالهم ... ؟ كــم وكــم ثـــم كــم
ولندرك شيئاً من هذا التمايز الذي يرفعهم ويخفضنا ، ويسمو بهم ويزري بنا ، ويتطاول بهم ويقزمنا ، لندرك بعضاً من هذا نسوق بعض الأمثلة لتذكرنا فلعلنا نؤوب إليهم ، ونقتدي بهم ، ونفر إلى الله فرارهم إليه .
كان الحسن البصري يقول قرأت قوله تعالى : " كل نفس ذائقة الموت " وصرت أردّدها ، فإذا بهاتف يهتف ويقول : كم تردد هذه الآية ؟ ، وقد قتلت أربعة آلاف من الجن لما سمعوها ، فلم يرفعوا طرفهم إلى السماء حتى ماتوا .
هذا التابعي العظيم يردد آية من كتاب الله ويقف عندها هذا الموقف يكرر ويكرر ليتذكر ساعته النهائية ليحزم أمره ويحسمه ويعد نفسه لذاك اللقاء ، وهو له من العمل ما نعلمه جميعاً في مرضاة ربِّ العالمين ، وهؤلاء أبناء ابليس – لعنة الله عليه – أخافهم الحق الذي لابد من تجرع كأسه ، وأخافهم هول اللقاء فلم يجرؤ حتى من النظر للسماء حتى قضوا نحبهم .
ونحن نحن في غفلة عن هذا إلا من رحم ربك
وقف الفضيل بن عياض يوم عرفة قابضاً لحيته يبكي من الزوال إلى غروب الشمس ويقول :
" واسـوأتـاه ؛ وإن غـفرت لـي "
فإذا كان هذا هو شعور من حارب النفس وجاهدها ، يقف خجلا من ذاته ونفسه لأن يدرك إنه ما زال مقصراً في حق بارئيه .
فما هو حالي وحالك ، ونحن لا نكل ولا نمل عن إرتكاب المعاصي ، ونماطل في التوبة ، ونترك نفوسنا ترتع في هواها ؟
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه أيام خلافته لا ينام ليلا ولا نهاراً ، وإنما هي خَفَقات برأسه وهو جالس ، وكان يقول :
" إذا نمت الليل ضيَّعت نفسي ، وإن نمت في النهار ضيعت رعيتي ، وأنا مسؤول عنهم "
فماذا أقول أنا وأنت ونحن ننام في بعض الوقت عن الصلاة المكتوبة ... ؟
كان حذيفة بن اليمان رضي الله عنه يقول : " كان الرجل يتكلم بالكلمة الواحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصير بها منافقاً ؛ وإني لأسمعها من أحدكم في المجلس الواحد عشر مرات وهو لا ينتبه "
رحمك الله يا ابن اليمان ، ماذا ستقول عنا لو عشت إلى عصرنا ورأيتنا ونحن نحيا الغيبة والنميمة ... ؟
كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - كرّم الله وجهه – يضع الدرهم في كفه ويقول : -
" أُفٍّ لك من درهم لا تنفعني إلا إذا خرجت عني " فماذا نقول ونحن نغفل عن الصدقة ، بل أن بعضنا لا يخرج زكاة ماله ، ونحرص على اكتناز المال ، وننسى الفقير وذي الحاجة ؟
هؤلاء نجوم في السماء
رضي الله عنهم وارضاهم............
اين نحن من عمر الفاروق.............. عمر الذي كان يحمل الدقيق على ظهره ليطعم رعيته!!!!
لقد نال ابوبكر المنزلة بالتصديق
ونالها عمر وعثمان وعلي بالشهاده..................... فأين نحن منهم؟؟؟؟
عثمان رضي الله عنه الذي تستحي منه الملائكه...
هذه نماذج مجرد نماذج أردت سوقها للتذكير ، ولديكم منها الكثير ، فهل سنعمل بما نعلم أم ننتظر حتى يوافينا الأجل ونقف أمام الحق - سبحانه - فاقدي الإجابة عما يسألنا عنه ، وقد جاءنا - رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم – به ، وكان قدوة لنا في السلوك القويم لتعيننا على الطبيق وفق أنموذجا حيا ، وهكذا كان صحابته رضوان الله عليهم أجمعين .