في
الرحايا حجر القلوب ( 2009 )

لقد فقد ابنه المدلل ( بشربة ماي ) لكن كيف ولماذا واين ؟؟؟
من هنا تبدأ احداث هذا العمل الكبير .. فهو يتناول علاقة محمد ابودياب بزوجاته المطلقات والاتي يسكنن مع ابنائهن في نفس البيت , وعلاقته بأهل بلدته الطيبين والحقودين والمجانين , وبأبنائه ذوي القلوب السوداء باستثناء الكبير منهم فهو "متدين" ولكن ليس "متزمت" فلقد رأينا النموذج المثالي للمتدين في هذا العمل والذي افتقدناه في كل الاعمال العربية , واخيرا علاقته بـ "فرحة" تلك الفتاة التي وجد فيها ما لم يجده في كل طليقاته ... خيوط واسرار واحداث تتداخل لنستمتع بكل لحظة في هذا المسلسل , الى ان نصل الى النهاية والمحتوى الحقيقي للعمل .. فحب الابناء الغير عادل كان له وقع عليهم وعلى حياتهم , خسارة هذا الابن كانت هي الحل لتوحيد حب الاب لكل ابنائه .. لكنهم اكتشفوا انه لا توجد تفرقة بينهم ابدا .

لكن ما سبب هذا الجذب وما سبب هذه العظمة في التمثيل وما سبب هذه الاسطورية ؟؟؟
لكل عمل فني ماستر سين واحد فقط , لكن في الرحايا الامر يختلف , فكل مشهد اداه نور الشريف كان عبارة عن ماستر سين يُدرس في معاهد التمثيل , كل مشهد اداه كان يعبر عن حالة وموقف انساني يمر فيه كل واحد منا , رأيناه باكيا حزينا فرحا شرسا شريرا طيبا مكارا حنونا عادلا ظالما ذكيا عاشقا ملهوفا مبتسما متحديا و.......الخ , كل هذه الاحاسيس كانت عبارة عن مواد فنية تُدرس بكيفية ادائها وبكفية الشعور بها واستحضارها واخراجها وكما لو انها بدت حقيقية , مراحل عديدة تمر بها هذه الشخصية من القوة الى الضعف الى الانتقام , لقد استحضر نور الشريف في هذا العمل كل ادواته التمثيلية وقدم افضل اداء في تاريخه على الاطلاق , بل افضل اداء في تاريخ الفن المصري كله .. نعم كله , فدور نور الشريف في هذا العمل ينسف تاريخ اي فنان مصري كان , وظهر بـ"نيولوك" حيث اللحية الرمادية الكثيفة كناية عن الخبرة الحياتية التي يتمتع بها محمد ابو دياب , وها ليس غريبا على نور حيث انه دائما يبحث عن التنوع في الشكل قبل الاداء , وها هو اليوم يضيف الى رصيده الذي بلغ اكثر من 157 فيلم واكثر من 20 مسلسل تحفة فنية رائعة , تاريخ طويل بدأ منذ الكرنك الى آخر الرجال المحترمين الى العار مرورا بـ جري الوحوش وكتيبة الاعدام ودماء على الاسفلت والظالم والمظلوم ولن اعيش في جلباب ابي وليلة ساخنة وانتهاءا بهذه التحفة , بعد كل هذا التاريخ وبعد روعة هذا الاداء يثبت هذا الفنان بأنه لا يزال يملك الكثير والكثير في جعبته لكي يثري الفن العربي .

كاتب المسلسل هو عبدالرحيم كمال الذي اثبت في هذا العمل بانه موهبة فنية متدفقة ينتظرها مستقبل مشرق , وكذلك المخرج الواعد حسني صالح الذي يضيفه نور الشريف لقائمة المخرجين العظماء الذين تخرجوا على يده منذ سبعينيات القرن الماضي .