عرض مشاركة واحدة
قديم 23-09-2010, 01:15 PM   #1 (permalink)
نوره عبدالرحمن "سما"
خبيرة في التنمية البشرية
 
 العــضوية: 5529
تاريخ التسجيل: 17/09/2009
المشاركات: 3,872
الـجــنــس: أنثى

افتراضي التنمية البشرية في النهضة الاقتصادية في اليابان


التنمية البشرية فى النهضة الاقتصادية
فى اليابان





إعداد/ أحمد السيد كردى .


الهدف من هذا الموضوع هو تفحص الأسباب المختلفة الكامنة وراء معجزة النهضة اليابانية الحديثة والدور الياباني المتنامي في إدارة وتنمية الموارد البشرية وذلك في سياق استخدم عدد من المفاهيم الأساسية المألوفة لدراسة الحالة أو الإطار الخاص لليابان .

حيث تعتبر اليابان حالة عملية مفيدة فى مجال تنمية الموارد البشرية ليس فقط لنموها الاقتصادي السريع والمثير للإعجاب ولكن أيضا للطريقة الرائدة التي أنجزت من خلالها مشروعها التنموي الناجح فى إدارة الموارد البشرية خارج الإطار الغربي وفي ظل ظروف طبيعية غير ملائمة مثل افتقارها الشديد للموارد الطبيعية، وتاريخها الإقطاعي، وظروف دخولها المجتمع الدولي ، ومع ذلك استطاعت وخلال جيل واحد فقط أن تنهض من هزيمة عسكرية ودمار اقتصادي لتصبح أحد أبرز المنتجين والمصدرين والممولين العالميين .

لا شك في أن القاعدة الاقتصادية المتقدمة والمتطورة تستند إلى رأس مال بشري وفكرى ومعرفى على درجة مرتفعة من الكفاءة والتطور؛ لذلك تعد المدرسة اليابانية كنت في إدارة وتنمية الموارد البشرية من أهم النماذج العالمية التي يجب أن يحتذى بها؛ فهي تتمتع بوجود قاعدة معلومات واسعة المدى وسوق عمل يحتوي على أفضل العناصر البشرية ؛ لذلك فالشركات العاملة في اليابان تستطيع من خلال ذلك الحصول على الموارد اللازمة لها بالكيفية والجودة التي تطلبها، بل تخطى الأمر ذلك وأصبح هناك ما يعرف بالاستثمار في الموارد البشرية.

ان اليابان بلد متعاون ويقدر قيمت العمل الجماعي , وان كل فرد من افراد اليابان يعمل لاجل لرقي بلده وتقدومه , واجمل ما فيهم انهم لا يؤجلون عمل اليوم الى الغد , والان علمت سبب تسمية اليابان البلاد التى لا تغيب عنها الشمس .


إن تجربة اليابان والنموذج الأسطوري الذي تمثله لا يزال مثالاً موحياً جذب الإنتباه وحظى بكثير من الاهتمام والعناية من قبل خبراء التنمية فى العالم ، فلقد استطاعت اليابان بسياساتها الرشيدة وبشعارها الاستراتيجي ( السلام والتنمية ) أن تجد لها طريقاً متميزاً في التطور يمثل تلاقي الغرب والشرق ، واستطاعت أن تحقق تطوراً لم تنجزه لها الجيوش بالعدة والعتاد العسكرى بل كان ثمرة التجربة التي خاضتها بالدماء والصمود ، فمنذ السبعينيات بدأت الدراسات الغربية تتحدث عن "المعجزة الاقتصادية اليابانية" , وفي عقدي الثمانينيات والتسعينيات لفت الإنتباه بعض قادة الدول الغربية إلى خطورة النمو الاقتصادي الياباني الكبير، لأن اليابان قد تغزو العالم اقتصادياً في مطلع القرن الحادي والعشرين, لقد حققت اليابان نقلة نوعية خلال عقود قليلة , فماهو سر هذه النهضة ؟ وما هو السر الحقيقى وراء التقدم الهائل الذى حققته اليابان خلال العقود الماضية ؟ .

حيث أن اليابان تعانى من ندرة فى مواردها الطبيعية ، فهى تتكون من مجموعة من الجزر ذات الطبيعة الجبلية التى تحول دون التوسع الزراعى ، كما أن الطبيعة لم تهبها إلا القليل من موارد الثروة المعدنية ، وحتى تضمن العيش الكريم لأبنائها الذين يتزايد عددهم يوماً بعد يوم ، فقد جربت عدة مداخل كان أخرها قبل الحرب العالمية الثانية انتهاج سياسة استعمارية تحاول من خلالها فرض سيطرتها على بعض الدول التى تستطيع من خلالها تأمين احتياجاتها من الموارد المادية ، فكانت الحرب الكورية ، والتوسع فى منشوريا ، إلا أن هذا المدخل بدلاً من أن يوجد حلاً لبعض مشاكلها جلب عليها الدمار فى الحرب العالمية الثانية بسبب اصطدامه بمصالح الدول الاستعمارية الكبرى.

وبذلك لم يعد أمام اليابان وسيلة لتجد فرصتها للحياة الكريمة إلا أن تحاول الاستغلال الأمثل لموردها الوحيد الذى لديها وفرة فيه ، وهو العنصر البشرى ، فوضعت كل تركيزها بعد الحرب العالمية الثانية على كيفية استخدام إمكاناتها البشرية بالطريقة التى تساعدها على تحقيق وفورات تمكنها من سد احتياجات السكان من الغذاء واحتياجات التصنيع من الموارد المادية ، ولقد كان من بين وسائل الإدارة اليابانية فى هذا المجال تتبنى استراتيجية أحد أركانها الأساسية أن الموارد البشرية للمنظمة هى ثروتها الأساسية وأغلى أصولها جميعاً , والذى ترتكز عليه استراتيجية الإدارة اليابانية فى معاملة العنصر البشرى هو التأكيد على وحدة المصلحة بين المنظمة والعاملين ، فالعاملين لا ينظر إليهم باعتبارهم مجرد أدوات فى العملية الإنتاجية تستغل جهودهم بطريقة أو بأخرى لتحقيق أهداف المنظمة التى يعملون فيها ، بل تحرص الإدارة اليابانية بالوسائل العلمية على إشعار الفرد بأن هناك منفعة متبادلة بينه وبين المنظمة ، وأن هناك مصلحة مشتركة بينهما ، فكل ما يبذله من جهد من أجل بقاء المنظمة واستمرارها ، ونجاحها ، وتقدمها يعتبر ضماناً لبقائه ونموه وتقدمه.

لذلك كان من أبرز عوامل النهضة اليابانية بعد انهيار الاقتصاد الياباني عقب الهزيمة في الحرب العالمية الثانية ما عُرف « بالإدارة اليابانية »، بمعنى تطبيق مبادئ إدارية حديثة من بينها إدارة الجودة الشاملة، والعمل ضمن فريق عمل «روح الفريق»، وإتقان العمل الإداري وتحويله إلى قيمة اجتماعية مرتبطة بالثقافة اليابانية، والابتكار والتطوير، إلى غير ذلك من المبادئ والمفاهيم الإدارية الفعالة.

وحيث يملك التنظيم الاقتصادي في اليابان خصائص تجعله فريدا من نوعه فالعلاقات القوية بين الصــناعيين المتــعاملين و الموزعين تظهر جليا ضمن مجموعات تسمى "كيئي-ريتسو". ومنها ضمان حق العمل مدى الحياة لشريحة كبيرة من عمال قطاع الصناعات.

وكما علمنا أن اليابان لا تمتلك أي موارد طبيعية، وتقع في موقع جغرافي ناءٍ ، أدركنا أن العنصر البشري هو عماد وركيزة التنمية والنهضة اليابانية، والذي ركزت عليه برامج التنمية الاقتصادية اليابانية.

ولا غرو أن العنصر البشري أهم ركائز التنمية والنهضة في أي مجتمع ، لذا يأتي الاستثمار في العنصر البشري من أوليات خطط التنمية والنهضة في كل المجتمعات. ومرد ذلك يعود إلى عدة عوامل من بينها: التنشئة والتربية الاجتماعية، ومناهج التعليم، وأنظمة وبيئة العمل، وغير ذلك.

و فى العهد الحديث دخلت اليابان فى ركب التقدم وإتخذت موقعها ضمن كوكبة المجتمعات الصناعية الكبرى , و قد نشأت هناك فكرة الإنجاز الإدارى للتقدم فقد إهتمت اليابان بالعنصر البشرى كأحد الموارد الأساسية للتنمية الإقتصادية ... لذا إتجهت المؤسسات والهيئات والوزارات ومراكز البحوث اليابانية ألى دراسة مقومات الفرد الناجح, و أساليب التحفيز التى تتناسب مع الشعب اليابانى ونتيجة هذه الدراسة أدت إلى تغيير النظرة للعنصر البشرى من كونة منفذ للعمل إلى مصدر من مصادر القوة المحركة للإنتاج والإستثمار الجيد , وعنصر أساسى فى رأس المال الفكرى والذى يحقق ميزة تنافسية قصوى ليس فقط على المستوى المحلى وإنما تبعته التميز إلى النطاق العالمى ..,

وهناك مراحل لتطور الموارد البشرية فى اليابان على ثلاث فترات متفاوتة هى:-
1.فترة الإنعزال عن العالم الخارجى.
2.فترة نقل الحضارات.
3.فترة الإحتلال الأمريكى لليابان ومعاهدة الحماية الأمريكية.

و قد إتبعت الحكومة اليابانية سياسة خاصة طبقاً للظروف المؤثرة فشجعت وساعدت الصناعات المتعثرة, و منعت إستيراد بعض المنتجات بهدف حماية منتجاتها.
لقد لعبت اليابان دوراً فريداً في تاريخ العالم. فقد كانت أول دولة آسيوية تواجه قوى العولمة، فتنجح في السيطرة عليها وتوجيهها نحو خدمة مصالحها الخاصة.

ولسبب الإهتمام بالتنمية البشرية شهدت اليابان طفرة اقتصادية هائلة للفترة بين 1960 حتى 1989 ، وأطلق عليها بالمعجزة الاقتصادية .

ومما ساعد نجاح التفوق الياباني عالمياً هو روح الإنتماء و الإنضباط الذي تميزت به اليابان ولا تزال، والذي جعله شعباً شديد الولاء للعمل إضافة الى كونه شعب ذكي بالفطرة اظهر درجات عالية من الانضباط في العمل ، والقدرة على الابتكارات التكنولوجية ، وأهم ما تميز به الاقتصاد الياباني هو وجود فائض تجاري بشكل مستمر وفائض في المدفوعات مع بقية العالم .

ولشدة الإهتمام الملحوظ بالتنمية البشرية فى اليابان بالنسبة للتعليم فقد واكب التعليم التطور التقني .... وهذه النهضة السريعة لم تأتي عن عبث وإنما كان لها أسباب ومن هذه الأسباب .

- التجديد الواسع لمعدات المصانع
- رخص اليد العاملة .حيث يتقاضون أجور أرخص بثلاث مرات من أجور العامل في أوربا .
- المستوى التعليمي المتقدم ولا سيما في مجال التعليم العالي .
- تشجيع الدولة للصناعة وإعادة بنائها مع تقديم تسهيلات مالية ضريبية .
- تشكيل الوكالة القومية للأبحاث والمشروعات المتطورة .

- كما أنه تظهر مظاهر النهضة اليابانية في صور عديدة منها :

- احتلال اليابان الدرجة الثانية بين الدول الرأسمالية المتقدمة بعد الولايات المتحدة الأميركية من حيث المستوى الصناعي والمركز الأول بالنسبة إلى بعض المنتجات ( الراديو والترانسيتور ) وبناء السفن وناقلات النفط .

- الترافق بين التقدم الصناعي والزراعي وتطبيق أحدث التقنيات العلمية في مجال الزراعة .

- المحافظة على الصناعات الحرفية والشعبية التراثية .

- تتميز بمستوى عالي من التأسيس التكنيكي لصناعة المعادن والأفران العالية .

- تقدم الصناعة الإلكترونية حيث تحتل المرتبة الأولى في إنتاج الحاسبة وآلات التصوير والإنسان الآلي ( الربورت ) .

- تقدم صناعة السيارات حيث تنتج سنوياً أكثر من \7\ملايين سيارة في العالم حيث بلغ العجز في الميزان التجاري الأمريكي لصالح اليابان \37\مليار دولار .

هذا ليس كل شيء عن مظاهر الحضارة اليابانية حيث أن الابتكارات اليابانية ماتزال مستمرة وهذا كله يرجع إلى جانب الإهتمام برأس المال الفكرى والبشرى , ومع أن اليابان قد أدشنت مشروع نهضتها من خلال نقل التكنولوجيا الغربية بكثافة مثلها في ذلك مثل كثير من الدول الأخرى التي نقلت عن الغرب إلا أنها كانت الدولة غير الأوربية الوحيدة التي استطاعت ، وبسرعة قياسية أن تستوعب تلك التكنولوجيا ومن ثم تطورها لتتجاوز الغرب في كثير من المجالات ، بينما لم تتمخض تجارب معظم الدول الأخرى وتحديدا العربية منها عن نهضة حقيقية، وإنما كانت مجرد اقتباس لم ينجز تحديثا بل قاد إلى مزيد من التبعية والتغريب، مما جعلها تعيش أزمات متلاحقة في جميع المجالات السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، والاجتماعية، والثقافية وغيرها.


المصدر
التنمية البشرية و تطوير الذات ( طاقات بلا حدود ) ؛ متوافر على :


http://www.upower.net/forum/t20375.html

 

 

__________________

 


لم يكتشف الطغاة بعد سلاسل تكبل العقول... اللورد توماس

نوره عبدالرحمن "سما" غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 
7 9 244 247 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 289 290 291 292