في إعتقادي حتى الآن لا يزال مبكراً أن نطلق مصطلح (الفن الخليجي) على أعمالنا الخليجية , الفن في الخليج تأسس و برز بقوة من خلال دولة الكويت الشقيقة التي كانت ولا تزال هي الأم و الحضن الدافئ للفن في الخليج , أما باقي دول الخليج سواء كانت البحرين أو السعودية أو قطر فهي لا تزال حديثة العهد و الولادة مقارنة بالكويت , رغم وجود محاولات ممتازة و بصمات راقية و هامة قدمتها بعض دول الخليج , كالسعودية من خلال (طاش ما طاش) و البحرين في بعض الأعمال مثل (نيران) و قطر في أعمال غانم السليطي و عبدالعزيز جاسم !!
لذا أنا سأتحدث فقط عن الدراما الكويتية و التي مثلت ولا زالت تمثل الخليج العربي أمام شاشات المشاهدين في الدول العربيه !!
في رأيي أن دولة الكويت الشقيقة كانت تقدم فن مستقل و مدرسة منفردة بحد ذاتها في فترة السبعينات و الثمانينات و حتى منتصف التسعينات ... و هذا الشيء واضح وضوح الشمس من خلال الأعمال و المسلسلات الخالدة التي لا تزال تتوارثها الأجيال , و لعل أبرز علامات هذه الإستقلالية و التميز كانت في الأعمال التاريخية الشعبية التي قدمتها دولة الكويت باللهجة المحلية السلسة و كانت سباقة في ذلك على مستوى الوطن العربي مثل (حبابه) , (الشاطر حسن) , (مذكرات جحا) , (علي بابا) , (علاء الدين) , (الغرباء) و غيرها العديد العديد من هذه المسلسلات التي فرضت نفسها كمدرسة و أصبحت مصر فيما بعد تُقلد الكويت في هذه الأعمال في مسلسل (ألف ليلة و ليلة) الذي قدمته باللهجة المصرية و غيره !!
بالإضافة إلى ذلك قدمت الكويت آنذاك العديد من المسلسلات و المسرحيات المعاصرة الإجتماعية التي إنفردت من خلالها و تميزت في أسلوبها و مضمونها عن الأعمال المصرية و السورية ولا يسعني ذكر هذه الأعمال لكثرتها , لكن لنا في (درب الزلق) و (خالتي قماشه) تلفزيونياً و (باي باي لندن) و (حامي الديار) مسرحياً خير مثال , حيث أن هذه الأعمال لم تكن فقط مجرد أعمال عابرة , بل هي بمثابة الوجبة اليومية التي أصبحت ترافق المواطن الخليجي , فلا يخلوا اليوم مجلس من المجالس أو ديوانية من الديوانيات و التجمعات الشبابية من إقحام أمثلة أو عبارات من مسلسل درب الزلق أو مسرحية باي باي لندن أو حامي الديار و غيرها !!
طبعاً كل هذا يعود لعامل الإخلاص و التفاني الذي كان يسود العاملين في المجال الفني بالكويت سابقاً و حب العمل الجماعي و خدمة الكويت و الفن الكويتي قبل كل شيء , أما الآن فمع الأسف إنتقلت فايروسات و عدوى الصراعات و النزاعات الماديه و الأنانيه المستفحلة في الفن المصري إلى الفن الكويتي , فأصبح الكل همه نفسه و همه إسمه و همه مصالحه و همه أن يكسب أكثر و يشتهر أكثر و هذا الذي جعل الفن الكويتي في السنوات الأخيرة يصبح (فن مُقلد) !!
يكفي في السابق أن الأعمال الكويتية كانت تلتزم بالجوانب الأخلاقية و بالعادات و التقاليد و هذا ما كان يميز الفن الكويتي عن الفن المصري , أما اليوم (مع الخيل يا شقره) أصبحت الدراما الكويتية تتبع السياسية المصرية في ملابس الممثلات الفاضحه و الإغراء و الجرأة و هذا ما جعل الفن الكويتي اليوم مع الأسف يصبح مُقلد , عندما ضاعت مبادئ و قيم الأمس عند البعض !!
|