عرض مشاركة واحدة
قديم 25-10-2008, 05:16 PM   #3 (permalink)
batool22
عضو شبكة الدراما والمسرح
 
 العــضوية: 1050
تاريخ التسجيل: 25/10/2008
المشاركات: 13

Wink ثمرات الأوراق

ثمرات الأوراق

من الأبيات الشهيرة لأبي نواس، بيته القائل: إذا خبر الدنيا لبيب، تكشفت له عن عدو في ثياب صديق، والعكس صحيح أيضا، وقديما قالوا: احذر عدوك مرة واحذر صديقك ألف مرة، ومن القصص التي وردت في كتب التراث، قصة الخليفة المأمون مع علي بن عيسى الذي ولاه أعمال الخراج والضياع، وتراكمت الديون على الأخير وعجز عن إرسال ما عليه للخليفة بعد أن بلغت أربعين ألف دينار بعملة ذلك الزمان، وهو مبلغ كبير، وانفض السامر عن علي وابتعد الأصدقاء بعد أن قل المال، وعبثا حاول الاستدانة منهم، فضاقت به الدنيا بعد أن كلف الخليفة حاجبه علي بن صالح بجلده إن لم يدفع ما عليه، وجلس مهموما يفكر في تقلبات الدهر وصروف الأيام، وإذا بكاتبه يفاجئه باقتراح: أما وقد نفضت يدك من أصدقائك، فلا أرى لك منفذا إلا في أعدائك، فسأله: وكيف ذلك؟ ويلك! قال إن أعظم الناس عداء لك هو غسان بن عباد، ولكنه مع ذلك رجل منصف وعادل، اقصده واشرح له الحال، وبعد تردد ذهب إليه وهو يقدم رِجلا ويؤخر رِجلا، فلما رآه غسان نهض لاستقباله وأكرم وفادته وقال له: أنت تعلم الحال التي بيني وبينك، ولكن دخولك داري له حرمة توجب عليَّ بلوغ ما رجوته مني، فإن كانت لك حاجة فاذكرها، فقص عليه علي القصة، ولم يزد غسان على قوله: أرجو أن يكفيك الله الأمر. وانسحب علي خائبا وهو يؤنب كاتبه على هذه المشورة التي صغرته في عين عدوه وشمتته فيه، بيد أنه ما إن وصل إلى بيته حتى وافاه كاتب غسان ومعه البغال تحمل الدنانير المطلوبة، وفي اليوم التالي توجه علي إلى الخليفة ليسدد المال، فإذا بغسان يجلس في صدر المجلس، لقد سبقه إليه ليستعطف المأمون ويرجوه أن يلغي نصف المبلغ، وذلك ليتوافر لعلي ما يعيش به فيما بعد، ووافق المأمون، لكن غسان عاد يرجوه أن يتركه في منصبه، وتم له ذلك، وبعد هذا الموقف النبيل من عدو سابق، أصبح من أخلص الأصدقاء لعلي بن عيسى.

 

 

batool22 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 
7 9 244 247 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 289 290 291 292