شبكة الدراما والمسرح الكويتية الخليجية > القاعات العامة والإدارية > القاعة الكبرى ( القضايا العامة وملتقى الاعضاء ) > جناية العاطفة على قضايانا المصيرية
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-06-2011, 01:06 PM   #1 (permalink)
خبيرة في التنمية البشرية
 
 العــضوية: 5529
تاريخ التسجيل: 17/09/2009
المشاركات: 3,872
الـجــنــس: أنثى

افتراضي جناية العاطفة على قضايانا المصيرية


التفكير بصوت مسموع

جناية العاطفة على قضايانا المصيرية

د.عبد الله بن موسى الطاير

ينزع العرب عموماً إلى العاطفة في التعامل مع جل أمورهم، والعاطفة تحيد الأشخاص عن إصدار الأحكام الموضوعية ولذلك يجنحون يمينا أو شمالا، ويحيدون عن الحق رغم ادعائهم له. وكثير من الذين جانبوا الصواب في حكمهم أو منطقهم أو مواقفهم إنما كان ذلك بحسن نية ولكن غلبة العاطفة على العقل تزين للإنسان الخطأ فيستمرئ التمادي فيه خصوصا إذا أوتي قدرا من مهارة الخطاب الذي يخلب الألباب إلى درجة تهييج المشاعر فيصبح إماما في موضوعه يقتدي به المقتدون، ويكون له الأتباع وسرعان ما يكون ذلك من باب (إجماع الأمة) التي لا تجمع على ضلالة!.

وتأسيساً على طغيان المشاعر التي تجنح بالنقاش نحو التطرف، لايسلم الفقهاء من هذه الآفة، وإنما يزين لهم الشيطان المواقف والآراء الشاذة فيتعصبون لها، وينتصرون لمنهجهم على حساب الحق ما يوقعهم في فخ التطرف المناقض للوسطية التي جاء بها الدين. يقول ابن تيمية: "وكثيرا ما قد يغلط بعض المتطرفين من الفقهاء في مثل هذا المقام ، فإنه يسأل عن شرط واقف ، أو يمين حالف ، ونحو ذلك ، فيرى أول الكلام مطلقاً أو عاماً، وقد قيد في آخره ، فتارة يجعل هذا من باب تعارض الدليلين ، ويحكم عليهما بالأحكام المعروفة للدلائل المتعارضة من التكافؤ والترجيح ، وتارة يرى أن هذا الكلام متناقض لاختلاف آخره وأوله ، وتارة يتلدد تلدد المتحير".

وعندما يغلب التطرف في الرأي والتعصب للمنهج على المنطق والموضوعية فإننا ننحرف عن الغايات النبيلة للحوار والنقاش في قضايانا المصيرية، ويتحول الرجال إلى رموز يعرف بها الحق وليس العكس.

هذا المنهج العاطفي حرمنا من فرص كثيرة في تجاوز معوقاتنا التنموية، وابتكار حلول لمشكلاتنا الاجتماعية، وتحولنا إلى حراك مختطف بمتطرفين في الالتزام بالدين إلى درجة التشدد الذي يخرج من الملة، أو التفريط إلى حد الزندقة. وتكون الفئتان مثار اهتمام الإعلام والرأي العام فيصبح المجتمع والأمة رهناً بما تفرزه من آراء متشنجة لا تعبر عن حقيقة الدين والمجتمع والثقافة؛ ولكون الإعلام الجماهيري يبحث عن الإثارة فإن ما يقدمه المتطرفون من محتوى يعتبر بحق مائدة دسمة للتلقي والانتشار.

دعونا نأخذ مثالًا من مجتمعنا الذي يفترض أنه متدين محافظ له خصوصية تميزه عن غيره من المجتمعات. هذا المجتمع إذا تعاطينا مع خصوصيته بإيجابية وحيادية فإننا سندرك بأنه يعيش في تحد كبير، فإما أن يتمسك بخصوصيته ويعمل على إيجاد حلول مناسبة لمعوقات الانسجام مع العالم من حوله دون تفريط في الثوابت، وإما أن يتشدد في الرفض والتقوقع فيكون بذلك نشازاً في هذا العالم وتكون الخصوصية وبالًا عليه لا داعمة له.

لقد ضيعنا فرصاً كثيرة واستهلكنا عقودا من الزمن نجادل في كيفية الحجاب الشرعي، وفي حكم الاختلاط، وفي بيع الملابس النسائية، وقيادة المرأة للسيارة، وعمل المرأة، والموسيقى، والتصوير ومازال الخلاف بين فئتين على طرفيْ نقيض بينما تعيش عامة الشعب ذات الأغلبية المطلقة في حيرة بين فئة تسعى باجتهاد إلى تغريب المجتمع نحو أسوأ ما في الحضارة الغربية وليس باتجاه أفضل مافيها، وأخرى تشده ليس لعصر التنوير النبوي وإنما إلى عصر الظلمات. ولو أننا سخرنا جهدنا لإيجاد حلول لما يمكن أن يسبب مشكلا اجتماعيا مما سبق لكنا قدمنا للمسلمين في شرق الأرض وغربها نموذجا إسلاميا قابلا للتطبيق من بلد يعد مصدر ثقة المسلمين حول العالم.

مرة أخرى أعتقد أن الدفق العاطفي الذي قادنا بلا رؤية لتصديق كرامات الجهاد الأفغاني التي ألّفها عملاء المخابرات الغربية لتجييش شبابنا في مواجهة المد الشيوعي لنخوض حرباً بالنيابة عنه، هو نفسه الذي يحول بيننا وبين مناقشة قضايانا وتحقيق تقدم في إيجاد الحلول بدلًا من التفنن في اللدد والخصومة.


http://www.alriyadh.com/2011/06/21/article643626.html

 

 

__________________

 


لم يكتشف الطغاة بعد سلاسل تكبل العقول... اللورد توماس

نوره عبدالرحمن "سما" غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
طلال السدر: مسلسل «أسوار» صنّف على أنه جريء لأننا اعتدنا على التعتيم على قضايانا جنون أنثى && الـقاعـة الـكـبرى ( الفن والإعلام ) 0 09-11-2010 02:07 AM
عبود خواجة : لابد من الرشوة كي نظهر تلفزيونياً محمد العيدان الـقاعـة الـكـبرى ( الفن والإعلام ) 0 01-07-2010 09:46 PM
العاطفة عند الأسود فتى بجيلة القاعة الكبرى ( القضايا العامة وملتقى الاعضاء ) 13 07-05-2010 09:21 PM
للعقلاء فقط السعودية تنفي اتهامات إيرانية «بالتورط» في حوادث عاشوراء هيون الرياض القاعة الكبرى ( القضايا العامة وملتقى الاعضاء ) 15 04-01-2010 05:12 AM
أحمد إيراج: في الخليج قضايانا متشابهة وإذا لم نطرحها فغيرنا سيطرحها الفنون الـقاعـة الـكـبرى ( الفن والإعلام ) 2 29-10-2009 02:15 PM


الساعة الآن 12:07 AM


طلب تنشيط العضوية - هل نسيت كلمة المرور؟
الآراء والمشاركات المدونة بالشبكة تمثل وجهة نظر صاحبها
7 9 244 247 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 289 290 291 292