فنانوا النشاز !!! يستفزك جمهور حفلات المطربين العمالقة كالسيدة أم كلثوم أو "جارة القمر" فيروز أو "صوت الأرض" طلال مداح حيث تجدهم ينصتون ويطربون لما يسمعون, في حالة تفاعلية رائعة "ومحترمة" بين الجمهور والفنان.
لكن هذه العلاقة المبنية على الاحترام تكاد تتلاشى هذه الأيام بسبب الفساد الذوقي العام الذي جاء به الفنانون "النشاز" الذين شوّهوا الأغنية العربية وجعلوها مسخاً كريهاً لا يراد منه إلا "الرقص" و"الشكشكة" فساهموا بذلك في تربية جمهور "مُراهق" لا يرى في الحفلات الغنائية سوى منصاتٍ للرقص لا أكثر. ودليل ذلك ما حصل في حفلات جدة الأخيرة من أحداث مؤسفة سببها جمهور مُتمرد وغير مسؤول.
ربما تكون هناك بعض الشواهد التي رافقت المطربين الكبار كالفنان المصري عبدالحليم حافظ الذي يوصف بملك المسرح نظراً لإمكاناته الفنية العالية وإثارته للجمهور بقوة حضوره على المسرح, لذلك فمهما حصل من الجمهور فهو قادر على التحكم في ذلك, وهذا ما حصل أثناء غنائه للرائعة (قارئة الفنجان) عندما احتج على أحد المتفرجين المزعجين بقوله: "أنا بعرف أصفر.. وأزعق"!.
في ذلك الوقت الجميل لم يحصل أن تحوّلت مدرجات الجماهير إلى منصات للرقص يتقافز عليها كل متفرج لوحده في عشوائية تشبه ما يحصل في المراقص الرخيصة, كما لم يحصل أن هرب فنان من جمهوره الذي تربى على يديه!.
في ذلك الوقت كان الاحترام والحب المتبادل بين الفنان والحاضرين, أما الآن فإن الجمهور بات لا يبحث إلا عن الرقص لأنه ببساطة لم يعد يجد الطرب الذي يجعله ينتشي ويرتخي ويستمع بصفاء وهدوء, إن ما نراه الآن من جنون جماهيري هو نتيجة طبيعية لغياب الطرب الأصيل الذي لو كان موجوداً لتمكن من القضاء على داء الرقص المستمر والصراخ والتصفير والهجوم على المسرح!.
أم كلثوم لم تشهد مثل هذه الأحداث التي حصلت رغم تنوع الجمهور الذي يحضر حفلاتها من مصر والخليج أو بلاد المغرب فكلهم استرخوا وهيأوا أنفسهم للاستماع والطرب. و"صوت الأرض" طلال مداح لم يشهد مثل ذلك إلا في حفلات الأمانة التي أقيمت بالرياض عام 1405بعد عودته من الاعتزال, ولم يكن ذلك خلال غنائه, إنما بعد انتهاء الحفلة حين هجم عليه الجمهور للسلام وأخذ الصور التذكارية, حتى إنه ركب السيارة بدون "حذائه وغترته وعقاله" ولعل ذلك بسبب لهفة وشوق الجمهور له بعد أن غاب عنهم طويلاً. المهم أنه أثناء غنائه لم يجرؤ أحد على مقاطعته.. لأن الكل كان مستمتعاً بهذا الصوت الجميل.
أما الآن فهناك أحداث مؤسفة كثيرة تشهدها حفلات الفنانين خصوصا السعوديين وتتكرر باستمرار حتى مللنا من مشاهدتها, والسبب هم الفنانون أنفسهم لأنهم لم يحاولوا النهوض بفكر الجمهور وجعلوه يبحث عن الرقص بأي وسيلة لأنه تعلم وتربى على فكرة أن الفن يساوي الرقص, وهو مفهوم مؤسف كرّسه الفنانون بأغانيهم الرخيصة الخالية من أي قيمة فنية حقيقية سواء عبر ألبوماتهم أو عبر صعودهم على المسرح. إنهم فنانون "نشاز" ولا يمكن أن ينتج عنهم سوى ما رأيناه في جدة قبل أيام. السؤال هنا : لماذا لم يحصل هذا في زمن العمالقه ؟؟؟؟ __________________
v
v
v
v
v
v < سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم >
|