عرض مشاركة واحدة
قديم 02-01-2011, 12:14 PM   #1 (permalink)
محمد العيدان
المشرف العام على الشبكة
 
الصورة الرمزية محمد العيدان
 
 العــضوية: 3420
تاريخ التسجيل: 28/05/2009
الدولة: دولة الكويت
المشاركات: 6,520
الـجــنــس: ذكر
العمر: 55

افتراضي رثاء غانم الصالح.. ورحيل زمن المسرح الجميل


منذ أسابيع ليست بالكثيرة فارقنا أحد أعلام الحركة الفنية والمسرحية الكويتية من جيل الرواد، الفنان غانم الصالح، رحمه الله، وقد أثار رحيله أحزاناً وشجوناً امتدت على مساحات عطاءاته الغزيرة وعمره الفني الطويل وجماهيرته العريضة.
ليس غانم الصالح ممن تحتاج لذكر أعماله، أو تعدادها، فاسمه وحده يستدعي في ذهن سامعه قائمة بأغلب أعماله إن لم تكن كلها، كما لو أنه يبحث في محرك البحث «غوغل».
فالراحل الذي حافظ على حضوره الفني القوي والكثيف حتى عندما غافله المرض واستفحل- على خلاف كثير من الفنانين الذين مروا بتجربة المرض الشديد قبيل رحيلهم- يستحق منا وقفة، ليس من أجل غانم الصالح بشخصه فقط، ولكن من أجل فكره وأحلامه وقناعاته.
لم يكن بو صلاح الذي قدم في العام 1981 مع عبد الحسين عبد الرضا مسرحية «باي باي لندن» ليتخيل أنه سيفارق الحياة من عاصمة الضباب، ولا كان غانم الصالح الذي قدم في العام 1966 مسرحية «الكويت عام 2000» ليتصور أن الواقع المسرحي سيكون في 2010 بهذا السوء.
فغانم الصالح، أحد رموز الفن الكويتي والخليجي الأصيل من جيل الرواد الذين أسسوا للحركة الفنية والمسرحية وحولوا الكويت إلى برودواي الخليج والعالم العربي، قبل أن تنتكس الحركة المسرحية الكويتية لدرجة أنه عندما أرادت إحدى القنوات الفضائية العربية تغطية الحدث عبر إنجاز تقرير يليق بمقام هذا الفنان الغني عن هذه الرواية، لم يجد طاقم القناة مسرحاً يبدأون من على خشبته تقريرهم.
كان فريق القناة قد خطط لأن يبدأ تقريرهم بجملة «من هنا بدأ غانم الصالح»، لكنهم عندما زاروا مسرح الدسمة ليظهروا الخشبة التي طالما أطل من عليها الفقيد، قيل لهم أن المسرح يخضع لعملية صيانة، وعليه فإن عليهم البحث عن مسرح آخر يصورون فيه تقريرهم.
وحين زار طاقم القناة المسرح «الآخر» هالهم ما رأوه من كراسي مكسرة وخلفية سوداء للخشبة ربما كانت الأكثر تعبيراً عن إهمال المعنيين للمسرح الكويتي، فما كان منهم إلا أن بحثوا يميناً وشمالاً عن مسرح مدرسة يطلقون منه تقريرهم المصور، وربما كان الأجدر بهم إعداد تقرير موسع عن المسرح الكويتي وواقع بناه التحتية.
وللحقيقة نقول، إن ما جرى يحمل دلالة خطيرة على واقع مسرحنا اليوم بالنسبة لذلك الوضع الذي انطلق منه غانم الصالح رحمه الله ورفاقه من أعمدة المسرح الكويتي.
فقد تلاقت آنذاك موهبة وجهود الرواد الأوائل بشجاعة وطموح المسؤولين عن الثقافة في تلك المرحلة للتفاعل مع شغف ومحبة الجمهور، وتكون تلك الثلاثية التي حولت الكويت إلى برودواي الخليج والعالم العربي، ووضعتها في مكانها المستحق على الخارطة المسرحية العربية.
واليوم وبعد أكثر من أربعة عقود من صعود الفقيد غانم الصالح على خشبة مسرح ثانوية الشويخ في «صقر قريش» عام 1962، فإننا نحتاج إلى الكثير من المراجعات والتفكير الهادئ والمعمق لنتمكن من استيعاب ما جرى لمسرح أراد له الرواد أن يتقدم إلى الأمام وفقاً لقوانين الطبيعة، لكنه -وبكل أسف- تقهقر وتراجع حتى وصلنا إلى مرحلة لم نعد قادرين فيها على إيجاد خشبة مسرح تليق بتصوير لقطات من تقرير عن رحيل أحد أعمدة الحركة المسرحية، فيا لها من مفارقة مضحكة ومبكية في آن معاً، ويا لها من صورة كاريكاتيرية معبرة عن واقع يستنهض فينا الإرادة وفاء لغانم الصالح ولصقر الرشود ولكل العمالقة الذين صنعوا المستحيل من أجل المسرح.
وفي النهاية، وبعدما حصل للمسرح ما حصل، فإننا نقول إن عدم وجود بنية تحتية مسرحية تجعل رثاء الفنان غانم الصالح يتحول إلى نعي لهذه القامة الكبيرة ولمسرح الزمن الجميل في ما كان يسمى يوماً ما برودواي الخليج.


http://www.alqabas.com.kw/Article.as...&date=02012011

 

 

__________________

 


للمراسلة : kak34@windowslive.com
انا مسؤول عن ما اقول .. ولكن لست مسؤولا عن ما تفهم



مع خالص تقديري احترامي

محمد العيدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 
7 9 244 247 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 289 290 291 292