موضوع للناقدة الصحفية ليلى أحمد / نقلاً عن جريدة الراي الكويتية
وقد وضع ملتقى الكويت السينمائي الدولي الشمع الاحمر على فعالياته الكثيرة جدا، في نهاية دورته الاولى فمن المفيد مراجعة ما جرى في أيامه الثلاثة، رغبة في أن يكون مهرجان العام المقبل أكثر نجاحا وتماسكا وتألقاً وهو «حقيقة» ما نتمناه للملتقى طالما ان هدفه النبيل هو دعم طاقات الشباب الواعد الموهوب العاشق للفن السابع، والذي يجد نفسه تائها بين انعدام الدعم الرسمي بعد اعلان الوفاة عن إدارة السينما بوزارة الاعلام، وبين أحلام وطموحات يريدها الجيل الفني السينمائي الجديد الذي يكتسب معارفه بقدراته الخاصة من خلال ورش سينمائية متواضعة في البلاد ومشاهداته للسينما العالمية.
بدءا... شكرا لكل من آمن بالشباب الكويتي الموهوب من القطاع الخاص الذي «ما قصر» في الصرف على إدارة انتاج فعاليات المهرجان، ووضع أمواله بيد اناس غير محترفين في إدارة الملتقى/ المهرجان وهو ما سنكتب عنه اليوم، وهي ملاحظات يمكن تفاديها في العام المقبل ونسجلها هنا حرصا على استمرار المهرجان ودعما اكبر للشباب السينمائي الواعد في البلاد.
في حفل الافتتاح، فوجئنا ان إدارة التنظيم لم تكن منظمة فلا توجد بروشورات ولا حتى ورقة فاكس تحدد بدقة.. وقت ومكان الفعاليات من عروض سينمائية للشباب تمت في سينما الكوت، أو الورش الكثيرة والمؤتمرات الصحافية للفنانين من ضيوف البلاد أو من الشباب السينمائي الواعد، فلا ذكر لمكان عقد الفعاليات ولا تحديد للوقت، وهو ما سبب ارباكا جعل القليلون يحضرون هذه الانشطة.
فبين سينما الكوت التي تعرض به افلام الشباب البعيدة عن مكان الفعليات، لا وقت... ولا تاريخ لسينما الشباب لذا لاحظنا ان الحضور مكون من اسرة الفيلم ومن بعض اصحابهم وهو ما حرمنا كمتابعين لأنشطة الشباب في متابعة انتاج الشباب الموهوب، وهو أمر يضر الطرفين كمنتجين لاعمالهم ونحن المتابعين لهم.
كما انه من المفيد في سنة اولى سينما بالكويت أن تقل الفعاليات الكثيرة فلا مانع ان يكون الملتقى فقط لعروض سينمائية فقط في سنة الملتقى الاول في تقديم أعمال الشباب و الافلام الاجنبية وفي العام الذي يليه كان من الممكن الاستعاضة عن المؤتمرات الصحافية السقيمة التي أثبتت فشلها بإقامة حوار لايف في نهاية كل فيلم، كما ان السنة الثالثة يمكن اضافة فعاليات أفضل واكثر ديناميكية وأفضل من الورش المتخصصة التي تقام طوال العام في البلاد من جهات مختلفة.
اختيار الفنانين العرب مثل سمير غانم الذي يحسب له انه ممثل مسرحي اكثر مما هو فنان سينما لم يكن له مبرره كما ان نبيلة عبيد انتهت صلاحية عطائها السينمائي وهي بلا عمل وتمثل مسلسلا تلفزيونيا كل اربعة اعوام ولم تجد صدى جماهيريا، وكان بالامكان دعوة منة شلبي التي تمثل نوعا خاصا من الاداء التمثيلي والحساسية السينمائية وربما كان حضور بلبلة لان لا عمل لديها في مصر، وحضورها لم يشكل « وهجا» خاصا مناسبا للملتقى، كما ان حضور عمرو واكد مناسب لان فيلما اجنبيا عرض له،وربما كان الاكثر توفيقا في الاختيار خالد ابو النجا لعرض فيلمه «مايكرفون» الملطوش من فيلم ايراني فائز بعدة جوائز عالمية.
الفوضى العارمة ايضا نالت كل شي، ففي حفل الافتتاح تم توجيه الحضور الى خيمة مظلمة تجلس فيها الشموع على طاولات من اضاءة زرقاء استندت على جوانب وأوتاد الخيمة وبالكاد كان المرء يرى يديه، فكيف يلتقي الناس في الظلام، وهو مكان للقاء والتعارف،وليس «لعبة لبيدة» وحين سألت احد المنظمين عن سبب الظلام الدامس في خيمة الاستقبال اجابني لكي تكون الاجواء رومانسية... ولا أدري هل هذا ملتقى سينمائي تتوافد اليه الجموع للتعارف ام انه مكان للقاءات زوجية مرتقبة.
فرقة معيوف مجلي قدمت عرضا للفنون الشعبية، في خيمة السينما، وكانت الفرقة فقيرة في تقديم هويتها الوطنية من خلال غياب تام للازياء والاكسسوارات التي تعبر عن روح الوطن واحتفالاته الشعبية.
الارباك نال عرض الافتتاح لفيلم «مايكرفون» المصري، فنصف ساعة انتظار في خيمة العرض لكي يعمل جهاز التشغيل... الم تكون الامور مرتبة قبل دخول الجمهور.. وحين عرض الفيلم كانت رؤوس الممثلون مقطوعة من الاعلى، والكادرات غلط بسبب سوء تقنيات العرض.
غالية افلام الشباب السينمائي كانت بلا روح للسينما، فالتصوير تم بكاميرا غير سينمائية كما كان الصوت من الشاشة وليس عبر السماعات المنتشرة في كل جانب من سينما الكوت.كما كان الممثلون غير محترفين يشوب اداؤهم الكثير من الخوف والارباك وبرود الاحساس لخوفهم ربما من الكاميرا التي يقفون امامها لأول مرة، فيما يوجد معهد فنون يضم بين جنباته مئات الممثلين المبدعين العاملين في المسرح والدراما التلفزيونية وهو امر أخل بمشاهدتنا لأعمالهم.
في اطار لجنة التحكيم الموقرة لم يكن «تصنيف» الجوائز علميا ولا له علاقة بفن السينما، فكيف يتم دمج جائزة المونتاج التي تتعلق بتقطيع اللقطات والصورة بفن الصوت السمعي.. المونتاج عالم الصورة والصوت عالم آخر وكليهما فن قائم بذاته.
بالكاد علمنا من الفنانين الشباب ومنهم الشاب المخرج الواعد صادق بهبهاني الذي أعلمنا بتوقيت ومكان عرض فيلمه «محطة رقم واحد» في سينما الكوت والذي كان من بين افضل عروض المهرجان فكان يتحدث عن قضية ولادة امراض الطائفية في الخليج وطرحها بجرأة تحسب للمبدع بهبهاني الذي مس جانباً تاريخياً مهماً نعيشه في وقتنا الراهن ونرى مسوغاته وآثاره على الارض في الخليج، فعالج الفيلم الحوار الذي ينشب في تكفير الاخر بين شيخ سني وآخر شيعي يظهرون في برنامج تلفزيوني يقوده عبدالعزيز صفر الذي يحاول اسباغ طرح موضوعي على الحوار الا ان صراخ الشيخين رازي الشطي ونوار القريني اللذين ابدعا في اداء ادوارهما، يظهر لك الخلاف الذي هو ليس جوهريا، فالقرآن الكريم هو مرجعهما الاساسي الا ان خبثهما في إثاراتهما الطائفية بين الشعب الواحد يظهر سعادتهما حين يتحول الامر في المجتمع الى عراك دموي ويسعد الشيخان بمشاهدتهم للتلفزيون وهما يريان الحرب الاهلية التي تشعلها الطوائف الدينية، هذه الفكرة النبيلة التي اجاد اختيارها بهبهاني قبل حدوث ما يحدث في البحرين ودول خليجية أخرى من فرز طائفي توقعه بهبهاني في شهر نوفمبر الماضي 2010، وهذا يعني استشرافاً لعين ووعي مبدع خلاق فيما سيأتي من حاضرنا السياسي.. هذا الفيلم القيم لم يفز بأي جائزة.
لجنة التحكيم مع الاحترام لكافة عناصرها كانت بحاجة الى ضم أعضاء من كتاب نصوص سينمائية ومخرجين ممارسين للسينما كخالد الصديق ومحمد السنعوسي شفاه الله وهاشم محمد وعددا من المخرجين العرب والعالميين الذين لهم ملف في ذاكرة السينما العربية والعالمية فالمجاملات في اختيار عناصر أعضاء لجنة التحكيم لا تفيد الشباب لتكون النتائج سينمائية خالصة، فلو حجبت الجائزة سيكون لذلك حافزا أكثر للشباب لتقديم الافضل.
من الجدير ذكره ان افكار الشباب التي قدمت في افلامهم شديدة السطحية وهي تحتاج الى وعي وتثقيف ذاتي كبيرين ليس في مجال التصوير واستسهاله باي كاميره انما في قضايا انسانية تؤرق البشر في الكويت وهي كثيرة والصحافة المحلية تسلط الضوء عليها كما يفعل الكتاب المجيدون في صحافتنا اليومية، فليس من المعقول مناقشة «هلوسات» فكرية عبيطة، ففكرة الفيلم لها البطولة في اختيار الفائز ومن ثم تبنى عليها عناصر العرض السينمائي من تمثيل واخراج واضاءة وصوت وموسيقى ومونتاج سينمائي الخ
هذه بعض ارهاصات ما شاهدنا ونتمنى أن يكون مهرجان الملتقى المقبل أكثر جودة وتميزاً لكي يشكل الملتقى السينمائي رافدا لشباب موهوب يستحق العناية بثقافته وبسينماه التي يحلم بها.
* ليعذرني القراء لعدم وجود تنوع في الصور، فالمصورون الصحافيون وكذلك المحررون الصحافيون كان يتم طردهم من الملتقى مع انه تجمع فني يفترض ان يحصل على أكبر درجات التغطية الصحافية، كما لم توفر إدارة الملتقى صورا لأفلام الشباب ولا بورتريهات صور للعاملين في الافلام، فبعث لي فريق عمل «محطة رقم واحد» صوراً لفيلمهم، ولولا لطف الزميل الصحافي ياسر العيلة من جريدة وتلفزيون « الوطن» وتسهيلاته في الدخول للملتقى ماكان ليتم لنا متابعة المهرجان فله الشكر الجزيل.
تعليقي:شاهدت الفلم و كان اكثر من رائع لكن للأسف لم يفز بأي جائزه و السبب غير معلوم و للمعلومية فهو من تمثيل الفنان القدير محمد المنصور و الفنان الشاب حمد العماني !!!