28-05-2011, 12:29 PM
|
#55 (permalink)
|
خبيرة في التنمية البشرية
العــضوية: 5529 تاريخ التسجيل: 17/09/2009
المشاركات: 3,872
الـجــنــس: أنثى | للدكتور عيسى الغيث منشأ المقال
اطلعت يوم الجمعة الماضية على تعقيب منشور بجوار هذه الزاوية بقلم الأخ خالد بن سعيد آل سالم، بعنوان: (من فضائل الصحوة الإسلامية وتقويمها)، وذلك تعقيباً على مقالي السابق بعنوان: (تساؤلات ما بعد الص حوة) المنشور في هذه الزاوية يوم الجمعة 11/5/1432هـ، وقد سرني الأسلوب الجميل والأدب الكريم في كتابته والذي يجب أن يسود في حواراتنا، وبهذه الروح السامية نحقق الرقي في سجالاتنا نحو المزيد من الفائدة للمتحاورين والقراء، وجل ما ذكره من إيراد لإيجابيات الصحوة فمحل تسليم، ولكن لا يعني أننا حين ننقد السلبيات بأننا نتجاهل الإيجابيات، كما أن التسليم بالإيجابيات لا يعني التغاضي عن السلبيات لإصلاحها، مع أنه من الظلم أن نجير كل هذه الأمور لصالح الصحوة، وكأن آباءنا وأجدادنا فضلاً عن المعاصرين لم يكونوا كذلك ولم يقوموا بذلك إلا بعد أن جاءت الصحوة فنسب كل خير إليها وبرأت من كل نقيصة، حتى بلغنا حد الحساسية من نقدها، مع أن المخلص الأمين يفرح بمن يدله على الخير وينصحه فيه، ولذا فلسنا في مقام (التقييم) حتى نورد الإيجابيات والسلبيات معاً، وإنما في مقام (التقويم) ولا يُقوَّم إلا المعوج.
(2)
تركيا أنموذجاً
وكمثال على صحة نقدي الموضوعي البناء فقد ذكر أخي الكاتب مثالاً جميلاً للاحتذاء وهو عن (تركيا)، وهذا بحد ذاته ما أردت الوصول إليه، حيث ذكرت تركيا بالاسم في كثير من مقالاتي مع ماليزيا كنموذجين إسلاميين للذَين نريد الاستفادة منهما، وهو ما نرى اليوم السير عكس اتجاههما، ويكفي ما مضى من أعمارنا في أخطاء نكررها، ثم بعد فترة من الزمن نغير آراءنا بعد فوات القافلة، مع اعتقادي أن الطرح في مقالي كان معتدلاً بخلاف ما يوحي إليه التعقيب، ومن العدل الذي أشار إليه الكاتب أن نقول كل الحقيقة فضلاً عن بعضها، ولكننا في بيئة فكرية تستعصي على النقد البناء في حين أنها تمارس النقد الهدام بل والاعتداء على مصالح البلاد وحقوق العباد، وهذا من انتكاس الفطر، ولذا فأتحفظ على ما قاله الكاتب حسب فهمه حيث زعم بأن نقدي وكأنه توصيف للصحوة على أنها (كومة منتنة من الأخطاء الفادحة)، وهذا ما لم يحصل، فأنا لا أعتبر الصحوة (كومة منتنة) ولكن أعتبر أن لها (أخطاء فادحة)، وقد ذكرت شيئاً من ذلك فلم تحتمله بعض النفوس فكيف لو زدت الأمر بلا تطفيف فماذا إذن سيكون الفهم، وحسبي أن هناك العشرات من كبار العلماء والمفكرين الإسلاميين سبقوني بنقد الصحوة، وذلك كالدكتور يوسف القرضاوي والدكتور عبدالكريم بكار، ولا يمكن لأحد أن يزايد عليهما، وغيرهما كثير.
(3)
قيادة المرأة مثالاً
ولعل القضية الراهنة اليوم في مسألة حكم قيادة المرأة للسيارة يعطينا نموذجاً على ارتباك الصحوة وتخبطها تجاه قضية عادية ولها رصيد من الحقوق الشرعية، ولكن الواقع هو تعاملها مع هذا الملف بشكل مطلق وعام ومجمل بلا تقييد ولا تخصيص ولا تفصيل، وهذا دليل على أن الصحوة لا تزال تكرر أخطاءها، وحينما كتبت مقالاً بعنوان: (بل الاستبداد الديني أولاً) وجدت من امتعض منه وكأن الصحوة وكوادرها بريئين من ذلك، مع أنهم يستبدون وبما لا يملكون، وهو حق الله القائم على المسامحة والعدل والحرية والكرامة.
(4)
تأملات فقهية
لاحظ المعادلة التالية واستفت قلبك:
النموذج الأول:
منع قيادة المرأة للسيارة بهذا الشكل العام والمطلق فيه مفاسد (واقعة)، أي من فقه (الواقع) المشاهد، وذلك مثل اختلاء السائق بالنساء في المنازل والسيارات، وفيه منكرات كبيرة من السائقين الخصوصيين والعموميين، وشاهدناها وشهدت عليها الهيئة، وفي منع قيادة المرأة المستوفية للشروط والمنتفية الموانع تفويت لمصالح وجلب لمفاسد.
النموذج الثاني:
السماح للمرأة بقيادة السيارة (ربما) فيه مفاسد (متوقعة)، أي من فقه (التوقع) القابل للوقوع وعدم الوقوع.
وهنا سؤالان:
1- هل نستمر على منكر (واقع) دفعاً لمنكر (متوقع) وقد لا يقع؟.
2- هل نجزم بأن مفاسد القيادة أكثر من مصالحها قبل أن نجرب؟.
إذن: فلنجرب القيادة في مدينة واحدة وبضوابط مقننة، وحينئذ سنعرف الحق:
فإن كانت المفاسد للقيادة أرجح فنحن مع المحرمين.
وإن كانت المصالح للقيادة أرجح فنحن مع المبيحين.
مع ملاحظة: أنه لا يجوز تحريم القيادة على المرأة المستوفية للضوابط بسبب وجود امرأة تقود غير مستوفية لذلك.
فبالله عليهم: كيف انتكست الفطرة عند بعض الناس فصار المنكر معروفاً والمعروف منكراً؟!. http://www.al-madina.com/node/306034 __________________ لم يكتشف الطغاة بعد سلاسل تكبل العقول... اللورد توماس
|
| |