[نوره عبدالرحمن "سما"]

لا يختلط على أحدكم مصطلح العلم مع مصطلح العلمانية ..


فالعلم شىء اَخر وهو تراث بشرى محايد وهو خلاصة ما أنتجه المعمل والمختبر والذهن البشرى من حقائق الطبيعة والكيمياء والأحياء وطبقات الأرض والصوت والضوء وعلوم الطقس والوراثة والكمبيوتر .. الخ ..

...وهى علوم نأخذها من كل مظانها ونتتلمذ على كل أساتذتها وهى أساس من أسس التقدم لا خلاف عليه

أما العلمانية فهى مذهب فلسفى وموقف من الكون ومن المصير ومن الأديان يرفض الغيب والأخرة والحساب ويرفض فكرة الله ويقول تأدبا .. هى فكرة غير مطروحة أو غير واردة ..

ويجعل للإنسان سيادة .. مستقلة متفردة .. الإنسان فيها حر مسئول ومحكمته ضميره ولا شىء وراء ذلك الا ضمائر الآخرين وقوانينهم

وقد راينا هذا الضمير العلمانى يتسع ويتسع حتى يبتلع كل مذابح البوسنة وجرائمها ولا يرى فيها ما يدعو للتدخل .. بينما يضيق ويضيق فيصادر حريات شعب وأقواته وأرزاقه على مظنة طائرة اسقطت

وهذه عدالتهم التى لا تبصر إلا بعين واحده هى المصلحة

ولا يخطر ببالهم سيف العدل المطلق فى السماء ..

والعلمانية تضع الأديان داخل الكنائس والمساجد وتغلق عليها بالضمة والمفتاح ولا تمانع أن يصلى المصلون فيها الى طلعة الفجر .. ولكن لا اعتبار للدين وقيمه وشرائعه ووصاياه فى شئون الحكم والسياسة وقوانين التعامل .. ولا دور للدين خارج المسجد والكنيسة

والدين فى المجتمعات العلمانية مجرد اسم .. ولكن بلا سلطة وبلا أثر فهو مجرد وجود متعفى .. وأنتيكة قديمة للفرجة

والعلمانية فلسفة هزيلة مثلها مثل الوجودية والعبثية والماركسية والاشتراكية

وهى فلسفة ظنية تستبعد الغيب بدون أى سند علمى يقينى .. ومكانها الطبيعى هو المجلات المتخصصة والحوار الأكاديمى وليس الشارع السياسى ولا منابر التوجيه الثقافى

والأقلية المثقلة التى اَمنت بالعلمانية وراحت تروج لها فى بلادنا لن تصل الى شىء لأنها لا تمازج روحنا ولا تخاطب أعماقنا .. ولأن أصحابها ليسوا مفكرين وإنما مستوردون ومقلدون

والعلمانى ليس علمانيا بالأصالة وإنما هو مجرد “بقايا شيوعى”

وبدلا من شعاره القديم .. الدين أفيون الشعوب .. قد أخذ له شعارا
جديدا ..

“الدين فكرة غير مطروحة”

وهو لؤم لن يجدية شيئا

________________________

د.مصطفى محمود
29-1-1994