عرض مشاركة واحدة
قديم 31-01-2009, 10:11 AM   #1 (permalink)
أحمد سامي
مالك ومؤسس الشبكة
 
الصورة الرمزية أحمد سامي
 
 العــضوية: 1
تاريخ التسجيل: 30/07/2008
المشاركات: 6,094
الـجــنــس: ذكر

Exclamation تقرير / الدروس العسكرية والاستراتيجية لحرب غزة!



دخان القصف الاسرائيلي يتصاعد من غزة




كتب محرر الشؤون الاستراتيجية - قاسم محمد جعفر|
توقفت العمليات القتالية ذات الطابع الشامل والواسع في غزة، بفضل إعلان كل من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي الموافقة على وقف اطلاق النار أخيراً. لكن الصراع بين الطرفين لم يتوقف، كما أن الحرب التي اندلعت بينهما لم تنته، بل انها مازالت مستمرة في إطارها العام، وان بأشكال وأنماط مختلفة.
وفي الوقت الذي شهدت فيه الأيام الماضية انتكاسات عدة للهدنة الموقتة التي أدت إلى وضع حد للمواجهات العسكرية الشرسة التي دارت على مدى الأسابيع الماضية، وكان من أبرزها تعرض دورية إسرائيلية مؤللة إلى كمين أسفر عن مقتل ضابط وإصابة عناصر عدة بجروح، ما ردت عليه إسرائيل بسلسلة من الغارات الجوية على أهداف فلسطينية، فإن وقف اطلاق النار لا يزال ساري المفعول في صورة عامة، الأمر الذي ربما عكس رغبة الجانبين بالمحافظة عليه، أقله في المرحلة الحالية.
وتستمر في هذه الأثناء الحرب بأشكالها السياسية والإعلامية، لا سيما في ضوء التعارض الكامل الذي عبرت عنه مواقف الجانبين وتقويماتهما للنتائج المفترضة للمواجهة.
فالإسرائيليون يعتبرون أن الأهداف التي شنوا حملتهم الهجومية على قطاع غزة من أجلها تحققت إلى حد كبير، ما وفر عليهم الاضطرار إلى تصعيد مستوى العمليات العسكرية، والدفع بقواتهم البرية إلى محاولة اقتحام المناطق الآهلة بالسكان، والدخول في حرب شوارع شرسة مع عناصر حركة «حماس» وغيرها من فصائل المقاومة.
«النجاح» الإسرائيلي!
ومن وجهة النظر الإسرائيلية، فإن هذه الأهداف، التي يفترض أنها تحققت، تشتمل على ما يلي:
1 - اضعاف حركة «حماس» عسكرياً، وتقليص قدراتها على التحرك والمبادأة وشن العمليات المسلحة على أنواعها، بما في ذلك القصف بالصواريخ والقذائف ضد الأهداف الإسرائيلية.
2 - منع «حماس» من إعادة تسليح قواتها، وبناء قدراتها القتالية، من خلال تدمير قسم كبير من الأنفاق المستخدمة لهذا الغرض عبر الحدود مع مصر من جهة، وتشديد الرقابة على السواحل والمياه الاقليمية لقطاع غزة، ما يزيد من صعوبة تهريب الأسلحة والمعدات العسكرية إلى القطاع من خلالها.
3 - النجاح في «توريط» الأطراف والقوى الاقليمية والدولية الرئيسية، مثل مصر وتركيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وحملها على الالتزام، ضمناً أو علناً، بالمشاركة في ضمان عدم تسرب الأسلحة والأعتدة العسكرية إلى «حماس» وغيرها من الفصائل الفلسطينية، سواء عن طريق البر أو البحر، كثمن لموافقة إسرائيل على وقف اطلاق النار، وكحافز لها على عدم العودة إلى الحرب كوسيلة لإنهاء الصراع وحسمه ضد «حماس».
4 - إعادة الاعتبار لنظرية «الردع» الإسرائيلية، وتكريس صدقية «الرادع الاستراتيجي» الذي تعتمد عليه الدولة العبرية في عقيدتها القتالية بعد اهتزاز تلك الصدقية وتقلصها، عقب حرب صيف عام 2006 التي اندلعت بين إسرائيل و«حزب الله» في لبنان، والتي ساهمت نتائجها غير الحاسمة التي أدت إليها في ابراز شكوك أساسية عدة حول فاعلية القوات الإسرائيلية وكفاءة عناصرها، وجدوى الخطط والأساليب القتالية التي اعتمدت عليها، في ما يختص بأنماط عملها ضد تنظيمات عسكرية غير نظامية، مثل «حزب الله» و«حماس».
5 - الإسهام في إعادة تكريس «الرادع الإسرائيلي» على المستوى الاقليمي الأوسع. وربما كان ذلك الجانب الأكثر أهمية، من وجهة النظر الإسرائيلية، انطلاقاً من انها تعتبر المواجهات العسكرية التي تخوضها الدولة العبرية مع الأطراف المناوئة لها في المنطقة، سواء «حزب الله» في لبنان، أو «حماس» في غزة، بمثابة «حروب بديلة» يتم خوضها بالوكالة عن القوى الاقليمية الداعمة لهذه الأطراف، وتحديداً سورية وإيران. وبالتالي، فإن الإسرائيليين يعتبرون أن إعادة تأكيد صدقية رادعهم الاستراتيجي والعسكري ضد الأطراف المواجهة لهم ميدانياً، تشكل في الوقت نفسه تأكيداً لصدقية ذلك الرادع وفاعليته في مواجهة التهديدات الاستراتيجية الأبعد مدى والأوسع شمولية، التي قد تواجههم، في أي وقت من الأوقات، من جانب دول معادية لهم في المنطقة، مثل سورية وإيران.
واستناداً إلى هذه النتائج، التي تشدد الأوساط الإسرائيلية الرسمية على انها نجحت في تحقيقها، بفضل المواجهة الأخيرة في غزة، فإن تلك الأوساط تصل إلى استنتاج، تحاول جاهدة تسويقه حاليا لدى الرأي العام الإسرائيلي، وعلى المستوى الدولي بشكل عام، مفاده أن حملتها الهجومية ضد غزة حققت أهدافها، التي لم تشتمل في غايتها النهائية على القضاء على «حماس» أو تدمير قواتها بالكامل (حسب الرواية الإسرائيلية الرسمية طبعاً). كما يركز هذا الاستنتاج على أن إسرائيل نجحت في انتزاع زمام المبادرة، عسكرياً وسياسياً، حيث أصبحت مسؤولية منع «حماس» من التحرك ميدانيا، وإعادة بناء قدراتها عسكرياً، مسؤولية اقليمية ودولية مشتركة، بفضل القرار 1680 الصادر عن مجلس الأمن، وحيث أصبح أي إخلال ببنود هذا القرار، أو انتهاك لوقف اطلاق النار، خطوة تتحمل «حماس» مسؤوليتها، والعواقب التي قد تنجم عنها، بما يمنح الدولة العبرية الحق في استئناف العمليات الهجومية، أو حتى الاستباقية أو الانتقامية، تحت غطاء ذلك القرار وبموجب ما ينص عليه من بنود.
«الانتصار» الفلسطيني!
لكن الجانب الفلسطيني يرفض، بطبيعة الحال، هذه النظرة الإسرائيلية وتقويمها لنتائج المواجهة في غزة جملة وتفصيلا. فقيادة «حماس»، والفصائل الفلسطينية المتحالفة معها، وكذلك «حزب الله» في لبنان، والأوساط السياسية والإعلامية القريبة من دمشق وطهران، سارعت، فور إعلان إسرائيل عن وقف إطلاق النار، إلى اعتبار نتائج الحرب بمثابة «انتصار»، واضح تمكنت المقاومة من تسجيله ضد القوات الإسرائيلية، التي فشلت، حسب هذه الأوساط، في تحقيق أي من أهدافها المعلنة أو الضمنية.
وينطلق هذا التقويم لمسار المواجهة ونتائجها، في صورة أساسية، من مرتكزات سياسية ودعائية، وهو يشكل إلى حد ما، جزءًا من الحرب النفسية التي يخوضها الجانبان، والتي تعتبر في حد ذاتها جزءًا رئيسياً لا يتجزأ، من الصراع المرير المستمر بينهما.
ومن هذه الزاوية بالذات، فإن تقويماً كهذا، لحرب غزة، ونتائجها، يصبح أمراً متوقعاً ومفهوماً، إذ ان «حماس» والأطراف المتحالفة معها، والداعمة لها، تريد من خلاله إثبات أن الحركة لا تزال موجودة وقادرة على العمل والتحرك، سياسياً وعسكرياً، كما أنها لا تزال تشكل قوة تتمتع بثقل شعبي وجماهيري، داخل المجتمع الفلسطيني، وبعمق سياسي واستراتيجي، على المستوى الاقليمي، ما يعد، في حد ذاته، دليلاً على فشل الهجوم الإسرائيلي.
غير أن أي تحليل موضوعي لهذا التقويم يشير بوضوح إلى أنه فعال كثيراً في تفاؤله، وربما إلى درجة كفيلة بأن تجعله بعيداً إلى حد كبير عن الواقع الميداني.
دروس الحرب
فالفارق بين «الانتصار» من جهة، والصمود والبقاء و«الوجود» من جهة ثانية، فارق شاسع لا يمكن تجاهله أو التقليل من آثاره. ولن يكون سهلاً على حركة «حماس»، وسائر فصائل المقاومة في غزة، الاستمرار في التظاهر بأن الوقائع الجديدة التي نشأت على الأرض، في أعقاب الحرب الأخيرة، ليست ذات أهمية، أو أنها لن تؤدي إلى فرض تغييرات حيوية في وسائل عمل المقاومة وأساليبها، تراعي المحدوديات والقيود التي فرضت الآن على تحركاتها وعلى هامش المبادأة والمناورة المتاح لها.
ويستند هذا الرأي، في تحليل نتائج الحرب وتقويم دروسها، العسكرية في الدرجة الأولى، والاستراتيجية الأوسع بشكل عام، إلى مجموعة من المعطيات التي ظهرت من خلاله متابعة سير الحرب، ثم عادت وتأكدت إلى حد كبير، في أعقاب ظهور نتائجها. وتنطبق هذه الدروس والمعطيات على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على حد سواء، وأهمها:
1 - أن القوات الإسرائيلية تمكنت فعلاً، وعلى أصعدة عدة، من الاستفادة من الدروس التي برهنت عنها عمليات حرب صيف عام 2006 ضد «حزب الله» في لبنان، وأن من بين الأولويات القصوى، التي عبرت عنها عمليات تلك القوات في حرب غزة الأخيرة ضد «حماس»، كانت تجنب الوقوع في أخطاء تكتيكية وميدانية مشابهة لتلك التي أسفر عنها أداؤها عام 2006، ما أدى آنذاك إلى تجارب قاسية ومؤلمة، من وجهة النظر الإسرائيلية، سواء في مجال فشلها في خوض مواجهات ميدانية عدة مع عناصر الحزب اللبناني المدربة والمسلحة جيدا، والتي تعرف طبيعة مسرح العمليات وتفاصيله بدقة لم تكن متوافرة للجانب الاسرائيلي، خصوصا عندما كانت تلك العناصر مؤلفة من وحدات النخبة المدعومة من قوات «الحرس الثوري» الايراني (الباسداران)، حيث نجحت هذه الاخيرة في اكثر من مناسبة في الحاق خسائر مادية وبشرية لا يستهان بها في صفوف القوات الاسرائيلية المهاجمة.
2 - حرص الجانب الاسرائيلي في غزة على تجنب اي «مفاجآت» تكتيكية او تقنية غير متوقعة، على غرار ما واجه قواته خلال حرب 2006، فزاد في صورة ملحوظة من اعتماده على المعلومات والاحداثيات الاستطلاعية، المسبقة والآنية، التي وفرتها له وسائل الرصد والتجسس والتنصت الفوتوغرافية والتلفزيونية والالكترونية، خصوصا الطائرات الموجهة عن بعد من دون طيار، وطائرات الرصد والانذار وادارة العمليات، وطائرات الهليكوبتر المخصصة لمهمات المسح الميدانية وغيرها، ما ادى إلى تخفيض كبير في احتمالات تعرض قواته للكمائن، او اصطدامها باسلحة وذخائر جديدة لم تكن تدري بوجودها لدى قوات «حماس»، كما حصل اثناء حرب 2006 في لبنان، عندما فوجئ الاسرائيليون بانواع عدة من الاسلحة التي استخدمها «حزب الله» ضدهم، حيث ادى استخدامها إلى ايقاع خسائر مهمة في صفوف جنودهم ومعداتهم، مثل صواريخ «أ. ث - 10» (كورنيت) الروسية المضادة للدروع، وصواريخ «الكوثر» الايرانية المضادة للسفن (وهي نسخة من صواريخ «سي - 801» الصينية، التي تعد بدورها نسخة من صواريخ «إكزوسيت» الفرنسية الشهيرة)، والتي نجح احدها في اصابة فرقاطة اسرائيلية واعطابها قبالة السواحل اللبنانية، وكان الوضع مشابها ايضا في استخدام «حزب الله» صواريخ روسية الصنع مضادة للطائرات من طراز «سام - 18»، إذ تمكن بواسطتها من اسقاط، او اصابة وتعطيل اكثر من طائرة هليكوبتر اسرائيلية، ويضاف إلى ذلك بالطبع ترسانة «حزب الله» من الصواريخ ارض - ارض والقذائف الصاروخية الثقيلة والبعيدة المدى، والتي وصلت مسافات عملها إلى اكثر من 100 كلم داخل العمق الاسرائيلي.
3 - في المقابل، لم يواجه الاسرائيليون في حرب غزة مفاجآت اساسية في ما يتعلق بتسليح قوات «حماس» وادائها القتالي. وكانت المناسبات التي تمكنت فيها القوات الفلسطينية المقاومة من تسجيل بعض النجاحات، او المفاجآت الميدانية، قليلة العدد ومحدودة الاثر، كاطلاقها على سبيل المثال عددا من القذائف الصاروخية من طراز «غراد» عيار 122 ملم، واستخدامها (المحدود ايضا) لقذائف صاروخية روسية من طراز «ر . ب . ج - 18»، وهي نموذج اكثر تقدما وفاعلية من قذائف «ر. ب . ج - 7» الروسية الشهيرة والواسعة الانتشار.
4 - ادى ذلك إلى انخفاض واضح وحيوي في حجم الخسائر الاسرائيلية البشرية والمادية. فبالمقارنة مع حرب 2006، التي خسرت فيها الدولة العبرية اكثر من 100 جندي و40 دبابة وعدد غير قليل من العربات المدرعة، إلى جانب اسقاط او تعطيل عدد من طائرات الهليكوبتر، واعطاب فرقاطة، اقتصرت خسائرها في غزة على اقل من 15 جنديا (من بينهم خمسة قتلوا من جراء نيران صديقة عن طريق الخطأ)، إلى جانب اعطاب دبابة واحدة وعدد من قليل من الآليات المدرعة والمركبات الميدانية، وفيما قدرت خسائر «حزب الله» عام 2006 بنحو 650 مقاتلا، إلى جانب اصابة او تدمير جزء من ترسانه الصاروخية ومعداته القتالية ومواقعه الميدانية، اضافة إلى تدمير عدد من منشآته الحيوية ومقراته القيادية عن طريق القصف الجوي، لاسيما في ضاحية بيروت الجنوبية، فإن تلك الخسائر لم تؤثر في صورة جذرية على قدراته القتالية، مثلما كان الوضع بالنسبة إلى حركة «حماس» التي خسرت بدورها اكثر من 600 من مقاتليها، واصيب مئات عدة، وربما الاف بجروح، وتم تدمير جزء كبير ومؤثر من بنيتها التحتية ومقراتها القيادية وشبكة اسنادها اللوجستية. وعلى خلاف «حزب الله»، الذي تمتع بالقدرة على اعادة بناء وتجهيز ترسانته العسكرية بسرعة نسبية، بفضل الدعم الذي يحصل عليه من ايران وسورية، ومن دون عوائق تذكر، فإن مثل هذه الافضلية غير متاحة لحركة «حماس» والفصائل الفلسطينية في غزة، بفعل الفوارق الجغرافية والاستراتيجية التي تميز ما بين الوضعين في غزة ولبنان.
5 - اظهرت حرب غزة، مرة اخرى، ان الاولوية، بالنسبة إلى المؤسسة السياسية والعسكرية في اسرائيل، تظل متركزة في الدرجة الاولى على تجنب الخسائر المادية والبشرية في صفوف قواتها، وعدم زج تلك القوات في مواجهة برية مباشرة، لاسيما إذا ما كان ذلك ينطوي على قتال استنزافي ضد عناصر غير نظامية في المدن والشوارع والمناطق المأهولة عموما، والتركيز في المقابل على استغلال عوامل تفوقها التقليدي، اي القوة الجوية والطاقة النارية التدميرية والعمليات الالكترونية والذخائر الشديدة التأثير، حتى ولو ادى ذلك إلى خسائر فادحة ومأسوية في صفوف المدنيين.
6 - في المقابل، ادى اعتماد اسرائيل على اساليب القصف التدميري، من البر والجو والبحر، وفي صور لا تميز بين الاهداف العسكرية والمدنية، إلى آثار سلبية بالغة، ربما فاجأت القيادة الاسرائيلية في حدتها، ليس على الصعيد العربي والاسلامي فحسب، بل وعلى الصعيد الدولي ايضا، ما ادى إلى وضع الدولة العبرية في موقف محرج للغاية، ديبلوماسيا واعلاميا، وساهم في تكثيف الجهود الهادفة إلى التوصل بسرعة إلى وقف للعمليات القتالية. وفي الوقت نفسه، برهنت حرب غزة من جديد، وحتى من منظور المحللين والخبراء العسكريين في اسرائيل والدول الغربية، ان القوة الجوية وحدها، ومهما بلغت درجة تطورها وفاعليتها، لا يمكن ان تكون كافية لحسم المواجهات والحروب، بل انه يظل من الضروري، لتحقيق مثل تلك النتيجة الحاسمة والنهائية، استخدام القوات البرية والدفع بها إلى عمق اراضي الخصم، بهدف تمشطيها وتطهيرها والتأكد من خلوها من العناصر المعادية، وهو ما لم تكن القيادة الاسرائيلية راغبة في المجازفة بتنفيذه، لاعتبارات سياسية ودعائية داخلية اساسا. وليس هذا الدرس بالجديد في تاريخ المواجهات العسكرية، بل انه يعود إلى الحرب العالمية الثانية، ثم بعدها الحرب الكورية والحرب الفيتنامية وسائر الحروب والنزاعات التي شهدها القرن الماضي ومطلع هذا القرن. فالقوة الجوية قد تكون كفيلة باضعاف الخصم وتدمير منشآته ومواقعه الحيوية والتأثير على معنوياته واعاقة دورته الاقتصادية والمعيشية، لكنها ليست كافية لانهائه وشل قدراته في صورة حاسمة وشاملة، من دون ان يتم استخدام هذه القوة بالتنسيق مع القوات البرية والبحرية، في اطار عمليات مشتركة تشكل في اطارها الاجمالي ما يعرف بمبدأ «الحرب الشاملة».
إحتمالات مقبلة
وكما اصبح واضحا، فإن حرب غزة لم تصل إلى مستوى الحرب الشاملة، من حيث اهدافها ونتائجها، بل فضلت اسرائيل التوقف فيها عند مرحلة تعتقد انها استطاعت فيها تحقيق اهدافها، ولو في صورة جزئية، من خلال الوسائل العسكرية، على ان يتم استكمال تحقيق تلك الاهداف (او المعلن منها على الاقل) من خلال الوسائل السياسية، المتمثلة بالشروط والاجراءات التي سيشتمل عليها اي اتفاق شامل لوقف اطلاق النار والدخول في هدنة طويلة الاجل.
لكن مثل هذا الاحتمال يفترض التوصل فعلا إلى اتفاق هدنة ملزم وبعيد الامد، مع ما يتطلبه ذلك من تقدم مواز في مسار العملية التفاوضية نحو تحقيق تسوية سياسية.
اما في حال عدم التمكن من انجاز ذلك التقدم المفترض، فإن النتيجة غير الحاسمة التي ستسفر عن هذا الوضع ستكون بالضرورة بقاء الوضع على حالة من عدم الاستقرار، في انتظار ظروف لاحقة قد تمهد لمواجهة جديدة خلال مرحلة مقبلة. وهذا تحديدا ما يواجه الصراع في المنطقة حاليا، سواء في غزة او لبنان، او على مستوى المنطقة ككل.



مروحية إسرائيلية تغير على مواقع في القطاع






المصدر /

http://www.alraimedia.com/alrai/Article.aspx?id=108829

 

 

__________________

 


أحمد سامي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 
7 9 244 247 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 289 290 291 292