المقال كامل نشر في جريدة الانباء قبل سنتان
حين نتسائل عن سبب تميز الدراما الكويتية في السابق نجد هناك العديد من وجهات النظر، منهم من يعلل سبب تميزها بتوفر النصوص ومنهم يشير الى توفر الاستديوهات في ذلك الوقت لأنها تتناسب أكثر مع الأعمال التراثية وغيرها من الأسباب ولكن هناك سبب أهم من تلك الأسباب لم يشر اليه وهو سر نجاحها وتفوقها ، وحين نطرح هذا السبب المقصود سنجده يغيب عن معظم أعمالنا الحالية وهو المصداقية .
نعم لا توجد لدينا مصداقية الآن فكلما شاهدنا عمل جديد سنلاحظ أن المصداقية في الطرح معدومة والمبالغة سادت الأعمال الفنية سواء فيما يتعلق بأمور المنتج أو المؤلف والمخرج وحتى الممثل ، نجد معظم المنتجين المتواجدين في الساحة الآن يستعينون بأضعف الكتاب والمخرجين والممثلين الأقل اجرا ليوفر من الميزانية ولا ينفق على عمله لأن الهدف من ذلك الكسب المادي ضاربا كل قيم وأخلاق وعادات المجتمع والطرح الهادف والفن بالحائط ! حين نشاهد الاخراج سنلاحظ انه يخلو من الحس الفني وجمال الكادر مشابها أسلوب موجز الأخبار أو ديوانية شعراء النبط !! ومن جهة أخرى نجد العمل يخلو من خيال المخرج المبدع لعدم قدرته في صنعه مكتفيا بخيال الكاتب ان كان هناك خيال ! وحين نتحدث عن النصوص سنجد أن معظمها لا ترقى أن تعرض على الشاشة من حيث ضعف وسطحية الأسلوب ومن حيث القضايا الاباحية والشاذة التي يتم طرحها ، فنلاحظ أن العديد من الكتاب يطرحون قضايا لا تتناسب مع الذوق العام أو عديمة المنطق بتسلسل أحداثها وتخلو من الخيال الذي هو خاصية كل فنان مبدع بل على العكس نجد غالبية الأعمال الفنية كأنها تؤرخ وقائع دون خيال أو عمات عين ..بالاضافة الى تشويه الواقع .!
وحين نتحدث عن مصداقية الممثل سنجد على سبيل المثال ممثلة في مشهد من مشاهد المسلسل تصحو من النوم وترتدي فستان سهرة وكأنها في عرض أزياء والوجه يملؤه المكياج وكأنها في حفل زفاف ، والممثل يرتدي ملابس من أحدث الماركات والشَّعْر " منفوش ومطير القذله " وكأنه ذاهب لأحد المجمعات بينما هو في المنزل ، أو نشاهد ممثلة في مشهد عزاء وهي في قمة أناقتها ! وممثل يجسد شخصية في مسلسل تراثي ويرتدي ساعة فيليب شاريول !! والشعر يملؤه الجل وممقط بالسشوار ! والكل منهم يبحث عن New look وجذب المراهقين وخطف الأضواء الى جانب اهتمامهم لعمل الدعاية في استخدام تلك الاكسسوارات والكماليات ..فأي مصداقية في الأمور التي ذكرت ؟ ومن جهة أخرى نجد الكثيرين منهم حينما يقبل على عمل يكون غير مهيأ وغير مبالي للنص ويجهل أحداث العمل مكتفيا بشخصيته فقط وفي نفس الوقت مرتبط بخمسة أعمال ولا يفرق بين هذا وذاك ، متناسيا الجانب الأهم من ذلك وهو الصدق في تقديم الدور ومتابعة سير الأحداث وكل ما يتعلق بالعمل حتى يقنع المشاهد بالشخصية ويحوز على الاحترام والاشادة من الذين يمتلكون الحس الفني الصادق .
أتمنى من المعنيين في الموضوع مشاهدة الأعمال الكويتية الرائدة والجميلة التي لازالت راسخة في أذهاننا وسيجدون الصدق في الطرح وسيدركون بعد ذلك أن المصداقية سبب تميز الفن الكويتي في السابق ، في النهاية نحن لا نعتب على من يعيثون فسادا في هذا المجال ..ولكننا نعتب على المحطات الفضائية التي أتاحت لهم الفرصة ليعيثون فسادا فيه . |